لا يحتفظ السيد علاوي رئيس الوزراء الاسبق والمنافس العنيد على ذات
المنصب للدورة القادمة، بالكثير من مواهب الكتابة، وبرغم أنه سياسي
محنك وخبر طوال عقود السير في حقول الألغام إلا إنه أثبت لأكثر من مرة
عدم قدرته على منافسة كتاب أعمدة الرأي في الصحف البارزة التي تنشر
أعمدة ومقالات رأي تعالج مختلف شؤون السياسة والأمن والأقتصاد.
طلبت إلي بعض وسائل الاعلام تقديم تعليقات على اراء محددة وردت في
بعض ما كتبه السيد علاوي متناولا القضية العراقية في الأسبوع الفائت.
وكان التركيز على إتهام علاوي بالسعي الى تدويل القضية العراقية من
خلال إستخدام فقرات البند السابع الذي ما زال العراق يرزخ في ظل طائلته
منذ إنسحابه من الكويت عام 1991.
كان تعليقي مصاحباً لقراءتي لمقال السيد علاوي الذي أراد ان يقول:
ان التدويل أمر أصلي وليس عارضاً في الموضوع العراقي، والحقيقة أني قلت
في التعليق: إن حل القضية العراقية لا يتم عبر الصفقات الدولية التي
وإن وجدت لكنها لن تكون ذات قيمة ما لم يتوفر العدد الكاف من الاشخاص
والجهات في الداخل تتبنى طروحات ورغبات الاطراف الدولية التي تعمل في
الأساس لتأمين مصالحها الحيوية على حساب المصلحة الوطنية. علاوي تحدث
عن رفضه لبناء تشكيل سياسي بالاعتماد على الخارج ورأى ان الحل يكون في
الداخل..
السيد المالكي الذي لايحتفظ بذات المهارة في الكتابة تحدث عن ضرورة
الاتفاق الوطني وعدم الانجرار الى طروحات الخارج وهاجم حتى بعض حلفاؤه
بالقول: لا أسمح لنفسي بإنتظار ما يقوله العامل الخارجي، رغم إن العامل
الخارجي زحف على العامل الوطني الذي أصبح معطلاً عن اتخاذ أي قرار وهذه
ظاهرة خطيرة.
السيد علاوي يقول : لقد تحدثنا بإستمرار منبهين ومؤكدين ان أي قرار
له علاقة بالشأن الداخلي يجب ان يكون عراقيا وطنيا، وليس بإرادات
إقليمية او دولية..
الحقيقة اني لا أجد إفتراقا بين ما قاله السيد علاوي وما قاله السيد
المالكي فكلاهما امتلكا القدرة في مناسبات عدة على اغضاب الخارج
والداخل من خلال اتخاذ مواقف متصلبة أثارت حنق أطراف داخلية، وإقليمية،
وربما دفعا ثمناً باهظاً نتيجة لذلك، وهناك من يرى أنهما قريبان الى
بعض لولا ما يحيط بهما من تعقيدات مرتبطة بإيمان كل واحد منهما بعقيدة
سياسية وتحالفات قديمة وببعض المبادئ المتقاطعة..
علاوي يعتقد إن الدور الامريكي الذي جعل من العراق ساحة لتجاذبات
دولية وإقليمية يجب أن لا ينتهي بمجرد الإستسلام لوقائع محددة وعلى
واشنطن أن تفي بالتزاماتها كاملة قبل انسحابها نهاية 2011، لأنه يعتقد
أن المشهد العراقي يعاني من التخبط والفوضى ويؤمن باحقيته في تشكيل
الحكومة.
ليس من العدل إتهام علاوي بالعمل لحساب دول إقليمية كالسعودية. كذلك
لا يمكن القبول باتهام المالكي بالموالات لإيران، لكن حسابات السعودية
غيرها عند الإيرانيين، وإذا تقاطع المالكي مع السعودية فهذا ليس دليلا
كافياً على تبعيته لإيران، مثلما إن انتقاد علاوي للدور الإيراني في
العراق لا يعني بالضرورة التبعية للموقف السعودي.
هنالك شخصيات عراقية ظهرت الى الساحة يمكن الإفادة من وجودها لبناء
توافق وطني وتحتفظ برصيد شعبي متفاوت.. علاوي، المالكي، عبد المهدي،
الجعفري، الهاشمي.. عدا عن بعض الشخصيات الصاعدة،، وشخصيات كردية
تقليدية وناشئة لها دور مهم في حال توافقت لاعلى المحاصصة وتغليب
المصلحة الحزبية، والقومية، او الطائفية، انما التوافق على معاناة
الوطن وألم الانسان العراقي الحائر والمهممش وحاجاته الأساسية.
هل يمكن تخيل إجتماع طارئ يحضره (السيد جلال الطالباني، والسيد نوري
المالكي، والسيد عادل عبد المهدي، والسيد طارق الهاشمي، والسيد اياد
علاوي، والسيد ابراهيم الجعفري، لمناقشة واقع الكهرباء المتردي... ؟
وهل ان النقاشات السياسية الباهتة تتقدم على حاجات الناس الذين
يفتقدون الى الوظائف، والخدمات العامة، كالكهرباء والماء والصحة؟
في المحصلة النهائية ليس أمام القادة الكبار سوى أن يقتربوا اكثر من
حاجات الناس ومعاناتهم.
منذ مدة قال أحد النواب المهمين في تصريح صحفي، لو أن السياسيين
عانوا من الحرارة العالية لفهموا معاناة الناس وحاجتهم إلى الكهرباء..
وهذا صحيح. برغم إن سياسيينا يصرخون وهم يتعرضون لأبشع هجمات وموجات
الهواء البارد المنبعث من أجهزة تكييف تحتل مكانها اللائق في مكاتبهم،
كغانية عارية تحتل مكانها في مخدع باضاءة خافتة حمراء، تثير المشاعر.
أعان الله سياسيينا على تحمل برودة الاجواء في مكاتبهم، وقلة ذوق
مواطنينا الذين لا ينفكون ينتقدون ذلك.
hadeejalu@yahoo. com |