شبكة النبأ: عبّرَ نائب الرئيس
الأميركي المكلف الملف العراقي جوزف بايدن بعيد وصوله إلى بغداد في
زيارة غير معلنة عن التفاؤل بقوة بتوصل القادة العراقيين إلى تشكيل
حكومة جديدة بعد أربعة اشهر من الانتخابات التشريعية.
وأضاف "اعتقد أن البلد بات في وضع يبدو من الصعب جدا بموجبه تشكيل
الحكومة من جهة، لكن هذه هي السياسة المحلية من جهة أخرى". وتابع بايدن
أن "الأمر لا يختلف كثيرا عن أي حكومة أخرى، فالأطراف تجري محادثات. ما
أزال متفائلا بشدة بالنسبة لتشكيل حكومة تتمتع بصفة تمثيلية".
وكان السفير الأميركي كريستوفر هيل وقائد القوات الأميركية الجنرال
راي اوديرنو ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في استقبال بايدن
لدى وصوله الى مطار بغداد برفقة زوجته جيل.
وتاتي الزيارة التي يترقبها العديد من المسؤولين العراقيين في ظل
الانقسامات الحادة في الطبقة السياسية حيال تشكيل الحكومة ومنصب رئيس
الوزراء الذي يتمتع بصلاحيات واسعة جدا في بلد متعدد القوميات.
يشار الى ان بايدن يصل عادة الى العراق عندما تبلغ الامور مرحلة من
التعقيدات كما حدث ابان الفترة السابقة لاقرار قانون للانتخابات
التشريعية التي جرت في السابع من اذار/مارس الماضي.
والزيارة هي الثانية لبايدن منذ اواخر كانون الثاني/يناير الماضي
وتتزامن مع زيارة يقوم بها وفد من الكونغرس الاميركي للعاصمة العراقية.
يذكر انها المرة الثانية التي يمضي فيها بايدن العيد الوطني الاميركي
في العراق. بحسب رويترز.
وتأتي الزيارة في وقت تواصل فيه الوحدات القتالية الاميركية
انسحابها ليصبح عديدها أواخر اب/اغسطس، خمسين ألفا فقط مقابل 77 ألفا
حاليا.
وفي واشنطن، اصدر البيت الابيض بيانا حول الزيارة يشير الى ان "بايدن
سيعيد تاكيد الالتزام الاميركي الطويل الامد في العراق كما سيبحث اخر
التطورات السياسية" في هذا البلد. وأكد أن بايدن سيتفقد الجنود
الاميركيين ويمضي برفقتهم عيد الاستقلال الذي يصادف الاحد.
وأوضح أن نائب الرئيس الاميركي سيلتقي رئيسي الجمهورية والحكومة
المنتهية ولايتيهما جلال طالباني ونوري المالكي ورئيس الوزراء الاسبق
اياد علاوي ومسؤولين آخرين بالإضافة إلى آد ميلكرت ممثل الأمين العام
للأمم المتحدة في العراق.
وأدى الاخفاق في الاتفاق على تشكيل الحكومة العراقية القادمة حتى
بعد مرور أربعة أشهر على الانتخابات والهجمات المستمرة للمسلحين الى
اثارة تساؤلات بشأن خطط الولايات المتحدة لانهاء العمليات القتالية
الشهر المقبل قبل انسحابها العام القادم.
ومن المتوقع أن يعقد بايدن الذي عينه الرئيس الامريكي باراك اوباما
لمتابعة الشؤون العراقية لواشنطن محادثات مع القيادات العراقية ومن
بينهم رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الذي
حصلت قائمته على أكبر عدد من مقاعد البرلمان.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ "الولايات المتحدة
أكثر الدول قلقا وأقلها تدخلا بالشأن العراقي." واضاف الدباغ لرويترز "هي
تريد أن تقدم النصيحة ولكن تأثيرها في حل المشكلة سوف يكون محدودا."
وهون بايدن من قلق الولايات المتحدة قائلا ان اجراء محادثات مطولة
لتشكيل ائتلاف حاكم امر شائع في كل مكان مثلما حدث في هولندا فيما قال
مسؤولون أمريكيون انهم ليسوا في العراق للضغط على قادته.
وقال مسؤول كبير بالادارة الامريكية يرافق بايدن للصحفيين "دعوني
اكون واضحا جدا.. لا توجد خطة أمريكية..لا توجد خطة سرية. ليس لدينا
نفوذ على المرشحين..لا نفضل اشخاصا معينين... هذا يعود الى العراقيين."
وكانت المرة الاخيرة التي زار فيها بايدن العراق قبل انتخابات مارس
اذار بفترة قصيرة عندما ثار الجدل بشأن محاولات ساسة شيعة حظر مشاركة
مرشحين أكثرهم من السنة بزعم وجود علاقات بينهم وبين حزب البعث المحظور.
وكان العراقيون يأملون أن تؤدي الانتخابات الى تحقيق الاستقرار
والتعافي الاقتصادي بعد سبع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات
المتحدة على العراق للاطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين والذي
فجر حربا مريرة بين السنة والشيعة.
وتراجع معدل العنف في العراق بشكل عام بحدة بعد أن كان قد وصل ذروته
في عامي 2006 و2007 لكن هجمات المسلحين السنة تتواصل بشكل شبه يومي.
وبدلا من أن تضع الانتخابات العراق على الطريق نحو المزيد من الامن
والتقدم تبعت الانتخابات أربعة أشهر من عدم اليقين السياسي بعد أن
انتهت الانتخابات دون فائز واضح ولم تتوصل أطراف العملية السياسية
العراقية الى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وسعى المسلحون السنة ذوو الصلة بتنظيم القاعدة الى استغلال الفراغ
السياسي من خلال التفجيرات الانتحارية وأعمال القتل.
واحتلت كتلة غير طائفية برئاسة علاوي المركز الاول في الانتخابات
بفارق مقعدين عن كتلة المالكي بفضل دعم قوي من السنة الذين ينظرون الى
علاوي وهو شيعي علماني على انه رجل قوي قادر على الدفاع عن حقوقهم.
ولكن من المتوقع ان يؤدي اقامة تحالف بين الكتل الشيعية ومنها كتلة
دولة القانون بزعامة المالكي الى هزيمة كتلة العراقية بزعامة علاوي في
التنافس على نيل الاغلبية اللازمة لتشكيل حكومة ائتلافية.
وقال أسامة النجيفي العضو السني البارز في قائمة العراقية "نحن نريد
أن تحل المشاكل عراقيا. ومسألة تشكيل الحكومة تتم من خلال الكتل
العراقية وضمن الاطار الدستوري وما نتج عن الانتخابات مع التأكيد على
استحقاق العراقية."
وأضاف النجيفي في مقابلة عبر الهاتف "المساعي الاخرى سواء من
الامريكان أو من أي جهة أخرى تكون ضمن اطار النصيحة وأن لا تكون هي
المحرك لبوصلة التفاوض والتحالفات."
ومن الممكن أن يستجيب السنة برد فعل عنيف اذا لم يصبح علاوي رئيسا
للوزراء مما قد يقوي شوكة تمرد جريح لكنه ما زال قاتلا.
ومن شأن أي زيادة في العنف أن تضع ضغطا على ادارة اوباما للابطاء من
الانسحاب من العراق وأعادة نشر القوات والموارد في افغانستان حيث تصعد
طالبان من تمردها.
وقال مسؤولون أمريكيون ان خططهم العسكرية ليست مرتبطة بتشكيل حكومة
جديدة في العراق. وقال المسؤول الذي يرافق بايدن "طبيعة تدخلنا تتغير.
ففي الوقت الذي يتقلص فيه وجودنا العسكري تتزايد فيه جهودنا
الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية."
واشنطن بوست: الزيارة تأكيد للالتزام
الأمريكي
ومن جهتها ذكرت صحيفة واشنطن بوست ان زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو
بايدن الى بغداد، قد تكون اشارة الى ان الولايات المتحدة ما تزال
ملتزمة بالعراق في وقت يعتقد فيه قادة عراقيون ان اهتمام ادارة اوباما
يتحول عنه.
ووصل بايدن في وقت يطرح البعض فيه اسئلة عما إذا كانت سياسة
الولايات المتحدة في العراق “تسير على غير هدى”، كما ترى الصحيفة.
ويقولون “انهم يشعرون بالقلق من أن يتحول التركيز نحو حرب أمريكا
الأخرى (أفغانستان) وايلاء اهتمام أكبر بالانسحاب النهائي للقوات
الامريكية، فالولايات المتحدة تركز فقط على خروجها وليس على نجاح
الديمقراطية في العراق التي لا تزال هشة للغاية”.
وتعد زيارة بايدن هذه هي الرابعة الى العراق منذ توليه منصب نائب
الرئيس الأمريكي. وقد زار الرئيس الأمريكي أوباما العراق مرة واحدة منذ
ان أصبح قائدا عاما للقوات المسلحة.
ونقلت الصحيفة عن وزير الصناعة العراقي فوزي الحريري، قوله ان
“السياسة المبتعدة في هذا البلد تعتبر ضعفا وتعتبر أيضا بمثابة فشل”،
مضيفا ان هكذا سياسة “تبعث برسالة خاطئة الى سوريا وايران، وسوف تبعث
برسالة خاطئة لطالبان”.
وتعتقد الصحيفة ان “زيارة بايدن قد تكون اشارة للعراق بان الادارة
الاميركية لا تزال ملتزمة هنا. فقد قال بيان صدر عن البيت الابيض ان
بايدن سيحتفل بالعيد مع القوات الامريكية ويؤكد التزام الولايات
المتحدة طويل الأمد في العراق”.
وقالت الصحيفة انه “كان في استقبال بايدن وزوجته جيل، السفير
الأميركي كريستوفر هيل وقائد القوات الامريكية في العراق الجنرال
رايموند اوديرنو، ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، واثنان من
كبار القادة العسكريين”.
وذكرت الصحيفة ان السناتور جون ماكين، وجوزيف ليبرمان، وليندسي
غراهام، وصلوا أيضا الى العراق في وقت لاحق في زيارة غير متصلة بزيارة
بايدن؛ وكان في استقبالهم نائب الرئيس، قبل أن يتوجه الى اجتماعاته.
وذكرت الصحيفة ان بايدن “سيتلقى ايجازا من اثنين من كبار المسؤولين
الامريكيين وسيلتقي مبعوث الامم المتحدة الخاص اد ميلكرت، وسيلتقي يوم
غد الأحد رئيس الوزراء السابق اياد علاوي ورئيس الوزراء نوري المالكي،
اللذان يتنافسان على اعلى منصب في الحكومة العراقية”.
وتشير الصحيفة الى ان “لقاء نائب الرئيس الامريكي مع كل من علاوي
والمالكي سيدومان ساعة واحدة”.
وتذكر الصحيفة ان “البعض يقول ان الاثنين يوشكان التوصل الى اتفاق
يمكن ان يشكل مخرجا من الطريق المسدود، لكن آخرين يقولون أنه من دون
المزيد من الضغوط الاميركية، لا يمكن التوصل الى تسوية”.
تخوفات كردية..
ومن جانب آخر قال عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف القوى الكردستانية
محمود عثمان، ان الأمريكيين يقولون ان زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو
بايدن الى العراق تأتي للاحتفال بعيد الاستقلال الامريكي، متوقعا ان
يتباحث بايدن مع المسؤوليين العراقيين مسألة تشكيل الحكومة.
وأوضح عثمان لوكالة اصوات العراق ان “الأمريكيين يقولون أن هدف
زيارة بايدن هو الاحتفال مع القوات الأمريكية في العراق بعيد الاستقلال
الامريكي، لكن من المتوقع ان يبحث مسألة تشكيل الحكومة ويحث اللأطراف
العراقية على الاسراع بتشكيلها”.
وأشار عثمان الى ان الأمريكيين “يرغبون في ان يتحالف زعيم ائتلاف
دولة القانون نوري المالكي مع زعيم ائتلاف العراقية اياد علاوي لحل
الأزمة”.
وتشهد الساحة السياسية العراقية خلافات بين الكتل السياسية الفائزة
في الانتخابات النيابية التي جرت في آذار مارس من العام الحالي، ويحتدم
التنافس بين ائتلاف العراقية الذي حصل على 91 مقعدا وائتلاف دولة
القانون الذي حصل على 89 مقعداً، للفوز بمنصب رئاسة الحكومة القادمة،
وقد تحالف الأخير مع الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم مشكلا
التحالف الوطني (159 مقعدا) لتكوين الكتلة الاكبر برلمانياً، وهو الأمر
الذي اعتبره ائتلاف العراقية التفافا على الديمقراطية معتبراً كتلته هي
الفائزة في الانتخابات والتي يجب ان تكلف بتشكيل الحكومة.
الضغط لاختيار رئيس وزراء موالِ..
وقالت النائبة السابقة زينب الكناني، إن نائب الرئيس الأمريكي جوزيف
بايدن “سيضغط” على الساسة العراقيين لاختيار رئيس وزراء “موال”
للولايات المتحدة، مبينة أن رئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي هو من
“فتح الباب للتدخل الأمريكي” في هذا الشأن المحلي.
وأضافت الكناني التي مثلت كتلة الأحرار في التيار الصدري بمجلس
النواب السابق، أن زيارة بايدن ووفد الكونكرس الأمريكي “تهدف للضغط على
الساسة العراقيين في سبيل اختيار شخصية موالية للولايات المتحدة لرئاسة
الوزراء”، مرجحة أن يكون بايدن “حاملا لمشروع أمريكي جديد بشأن اختيار
رئيس الوزراء المقبل”.
وانتقدت الكناني رئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي لمطالبته بـ”تدخل
الولايات المتحدة في حل أزمة تشكيل الحكومة الجديدة”، مشيرة إلى أن هذه
المطالبة “فتحت الباب للتدخل الأمريكي بهذا الشأن المحلي”، بحسب رأيها.
بحسب وكالة أصوات العراق.
فيما قال عضو القائمة العراقية عز الدين دولة، إن الزيارات التي
يقوم بها المسؤولون الأمريكان للعراق من جملة عوامل ضغط إقليمية
ودولية للإسراع بتشكيل الحكومة العراقية، منوها الى ان هذه الزيارات
للعراق هي جزء من الوجود الامريكي فيه.
وأوضح الدولة “انطلاقا من الوجود الأمريكي في العراق ووجود 150 ألف
جندي فيه فبالتأكيد إن زيارات المسؤولين الأمريكيين للعراق هي جزء من
هذا الوجود وجزء من العملية السياسية كونهم قريبون جدا منها”.
وأضاف “لذا أنا لا استغرب هذه الزيارات”.
يذكر ان وفدا من الكونغرس الأمريكي برئاسة جون مكين وصل للعراق
والتقى كل من رئيس الوزراء المالكي، ورئيس الجمهورية طالباني، ورئيس
القائمة العراقية اياد علاوي وبحث معهم مسالة تشكيل الحكومة.
وكان مكين قال في مؤتمر صحفي عقده (السبت) ان وفد الكونغرس الأمريكي
حث القادة العراقيين خلال لقاءات معهم على الإسراع بتشكيل حكومة تشترك
فيها كل الأطراف.
وفيما اذا كان يعتقد الدولة بان زيارة المسؤولين الأمريكان للعراق
هي جزء من ممارسة الضغوط على الساسة العراقيين من اجل الإسراع بتشكيل
الحكومة، قال “اعتقد إن الأمر ليس هكذا”.
واستدرك الدولة في هذا السياق بقوله أن “العراق يؤثر ويتأثر بالمحيط
العربي والإقليمي، والوجود الأمريكي يؤثر بكل تأكيد بالقرار السياسي
العراقي، شأنا أم أبينا، من بعيد أو من قريب”. وأضاف “لذا فان جملة هذه
العوامل تكون ضاغطة في طريقة تشكيل الحكومة”. |