شبكة النبأ: أقامت محافظة المثنى،
جنوب العراق، احتفالا بمناسبة مرور الذكرى الـ90 لثورة العشرين التي
تصادف انطلاقتها يوم (30 حزيران) من هذه المحافظة، بحضور رسمي وديني
وعشائري.
حيث دعا المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي
في كربلاء بهذه المناسبة العظيمة الى الإفادة من الصفحات المشرقة في
التاريخ الجهادي للعراق الذي كان متميزاً بوحدة الكلمة والموقف والهدف.
وأحيا أهالي محافظة المثنى ذكرى ثورة العشرين مطالبين الحكومة
العراقية بإيلاء أول ثورة شعبية ضد الاحتلال في العراق اهتماماً يليق
بها. وبدعوة من أبناء العشائر في المدينة، أقامت محافظة المثنى احتفالاً
لمناسبة مرور الذكرى الـ90 لثورة العشرين.
وأُلقي خلال الاحتفال عدد من القصائد الشعرية والأهزوجات التي
استذكرت الثورة، إضافة إلى عرض مسرحي قصير، فيما أُقيم على هامش
الاحتفال معرض صور شخصية لأبرز رجال الثورة ورموزها، إضافة الى بعض
الرسومات التشكيلية التي جسدتها. بحسب صحيفة الحياة.
من جهته دعا مدير مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق
الحسيني الشيرازي في كربلاء «الى الإفادة من الصفحات المشرقة في
التاريخ الجهادي للعراق الذي كان متميزاً بوحدة الكلمة والموقف والهدف،
إذ كانت الحوزة العلمية الشريفة سباقة ومدركة لمسؤولياتها التاريخية
والشرعية الملقاة على عاتقها في تحرير البلاد».
وأكد ممثل الشيرازي في كلمة له «أن ثورة العشرين كانت بحق بالنسبة
للعراقيين حرب تحرير شعبية ووطنية، وكشفت حجم التضامن والوحدة الوطنية
وعدم المساومة على حساب الوطن، وأظهرت صعوبة استمرار الحكم البريطاني
المباشر في العراق».
ودعا في الختام «إلى استلهام الدروس والعبر من تلك الأيام الخالدة
في رفع الظلم والاحتلال عن العراق، والسير قدماً في بناء بلد مستقل
مستقر مزدهر يتمتع بسيادة كاملة غير منقوصة، وفي ظل حكومة وطنية تعددية
قائمة على أساس العدل والإنصاف واحترام حقوق المواطنة، وحقوق الأكثرية
والأقليات».
بدوره قال نائب محافظ المثنى حاكم الياسري في كلمة ألقاها خلال
الحفل الذي أقيم في قاعة الغدير وسط السماوة “نستذكر اليوم أبطال ثورة
العشرين من أبناء المحافظة الذين وقفوا وقفة رجل واحد أمام الجيش
الانكليزي الذي كان يحمل أفضل الأسلحة في حينها، الذين جسدوا أبرز
ملامح إيمانهم بقضيتهم”، مطالبا بـ”تخليد رموز هذه الثورة لتستلهم منها
الأجيال الدروس والعبر”.
وانتقد الياسري إقامة بعض الاحتفاليات المحدودة في ذكرى الثورة،
مطالبا الحكومة المركزية بإقامة “الاحتفالات المناسبة بتلك الثورة
كونها ثورة وطنية لا أن تستذكر بشكل محدود هنا وهناك”.
وأضاف “لم تأخذ ثورة العشرين الاهتمام اللازم في جانب التوثيق
والتأريخ لأحداثها ورموزها لاسيما في المناهج الدراسية وكتب التأريخ،
وهذا ما يجب الالتفات إليه من قبل السلطات العراقية”.
وتابع الياسري “نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين وبعد 90 عاما من
الثورة التي أدى فيها الشعب دوره ولازال يقدم التضحيات…والآن نطالب
المتصدين لإدارة الدولة بوضع تلك التضحيات نصب أعينهم وعدم التفريط
بدماء الشعب وتضحياته”، مطالبا الكتل السياسية بـ”الإسراع بتشكيل
الحكومة والعمل على خدمة الشعب وإنصافه”. بحسب وكالة أصوات العراق.
ومن جانبه، طالب عضو مجلس المثنى عبد الحسين محمد الظالمي بمعاملة
رسمية خاصة للمناطق التي انطلقت منها الثورة ولأهلها، وقال “تاريخ ثورة
العشرين لازال مهملا كما لازالت تعاني المناطق التي شهدت انطلاقتها من
الخدمات الأساسية”.
وأضاف الظالمي “يجب أن تجد مدينة الرميثة ونواحيها، مكان انطلاق
الثورة، رعاية خاصة وهنا لابد من الإشارة إلى أن أهالي تلك المناطق
الذين يعتمدون الزراعة يعانون الأمرين بسبب شحة المياه”.
وتابع الظالمي “كما لم يلق رجال الثورة وأبطالها أية رعاية خاصة بل
لا نشهد حتى اليوم ما يبرز بطولاتهم ويخلد ذكراهم”، مطالبا البرلمان
العراقي بـ”معاملة ضحايا ثورة العشرين معاملة الشهداء ورعاية مناطقهم”.
وألقيت خلال الاحتفالية العديد من القصائد الشعرية والهوسات (الأهزوجات)
التي استذكرت الثورة وعرض مسرحي، كما أقيم على هامش الاحتفال معرض ضم
صور شخصية لأبرز رجالات ورموز الثورة بالإضافة الى بعض الرسومات
التشكيلية التي جسدتها.
وعلى صعيد المناسبة ذاتها، يستعد أبناء شعلان أبو الجون أحد أبرز
رجالات تلك الثورة لإقامة احتفالهم السنوي الخاص بالمناسبة الذي تشهده
مضارب عشيرتهم (عشيرة الظوالم) ومضيف أبي الجون، (20 كم شمالي مدينة
السماوة).
جفات شعلان أبو الجون،60عاما، قال لوكالة أصوات العراق “إن ذكرى
انطلاق ثورة العشرين تمثل يوما أثبت تلاحم الشعب العراقي والعشائر على
وجه الخصوص، ونحن نفخر بإقامة الاحتفال السنوي في تلك الذكرى بحضور
واسع من عشائر العراق”.
وأضاف “يمثل هذا اليوم العيد الوطني الحقيقي للعراقيين ولنا بوجه
الخصوص نحن أبناء شعلان أبو الجون الذي كان سببا في انطلاق تلك الثورة،
لأنه يوم انطلاق الثورة التي اندلعت ضد الاحتلال الانكليزي بقيادة
المراجع الدينية وعلى يد أبناء العشائر لتكون ثورة شعبية عفوية عارمة
انسحب الاستعمار البريطاني على أثرها من بلدنا”.
وذكر أبو الجون أن “الظوالم يستذكرون ذلك اليوم قبل 90 عاما عندما
هبوا لإطلاق سراح الشيخ شعلان والذي كان محتجزا في السراي الانكليزي
وهم يرددون أهزوجته الشهيرة (حل الفرض الخامس قوموا له) أي الجهاد”.
ويشير الباحثون والمؤرخون أن شعلان أبو الجون أطلق تلك الأهزوجة في
25 من حزيران (يونيو) 1920 اثر الفتاوى العديدة للمراجع الدينية في
النجف، التي كانت تشرف على الثورة وتقودها، ومنها فتوى آية الله
الميرزا الشيرازي في الشهر ذاته والتي نصت على أن “مطالبة الحقوق واجبة
على العراقيين ويجب عليهم في ضمن مطالباتهم، رعاية السلم والأمن ويجوز
لهم استعمال القوة الدفاعية إذا امتنع الانكليز من قبول مطالبهم”.
حينها أرسل حاكم الرميثة البريطاني (اللفتنانت هيات) بطلب شيوخ
العشائر البارزين في المثنى ومنهم أبو الجون، ولما تسلم الشيوخ الرسالة
عرفوا غاية الحاكم وهي إرسالهم الى قائد لواء الديوانية البريطاني
الميجر ديلي، فرأى شعلان أبو الجون أن يذهب وحده وأنه إذا ما احتجزه
الانكليز فانه سيرسل إليهم ليطلب (عشر ليرات ألمانية)، أي عشرة رجال
أقوياء.
وفي يوم الجمعة 30 حزيران يونيو من العام 1920 سار الشيخ شعلان الى
الرميثة واستقبله الحاكم (هيات) في السراي الانكليزي بالتهديد والتوبيخ
فقابله شعلان بقوة في الموقف وقال له “ان هذه السياسة التي تسير عليها
أنت وحكومتك ستجر الدولة البريطانية الى عاقبة سيئة لاسيما ان
العراقيين تتغلغل النيران بين قلوبهم وتنبه عواطفهم فاعلم بأنك في
العراق لا في هندستان وان العراقيين غير الهنود”، ما أدى الى اعتقال
أبو الجون الذي أوصى إلى عشيرته، الظوالم، بإرسال الليرات العشر وهو ما
تم في اليوم ذاته اثر معركة خاضها عشر رجال مع الجنود البريطانيين في
سراي الرميثة واستطاعوا تحرير أبي الجون لتكون تلك الشرارة التي أدت
إلى اندلاع الثورة وانتشارها في العراق. وتقع مدينة السماوة، مركز
محافظة المثنى، على مسافة 280 كلم جنوب العاصمة بغداد. |