الكهرباء في العراق: فشل المسؤولين يؤجج غضبا شعبيا

الاحتجاجات تتسع وتزداد ووعود وتعهدات حكومية جديدة

 

شبكة النبأ: يعود شبح الفشل في مواجهة الحالة المزرية للخدمات العامة في العراق بعد سبع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ليخيم على قادة العراق ويؤجج غضبا شعبيا في تحد جديد للديمقراطية الوليدة في البلاد.

وانتشرت الاحتجاجات على انقطاع كبير للكهرباء الى مدينة كربلاء بعد مقتل شخصين في اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في البصرة والناصرية مما أجبر وزير الكهرباء العراقي كريم وحيد على تقديم استقالته.

وعلى الرغم من كون الاحتجاجات اشارة على احباط مرير فان الاحتجاجات تعتبر مؤشرا أيضا على العثرة السياسية التي يمر بها العراق منذ انتخابات غير حاسمة أجريت في مارس اذار ويستخدمها متنافسون سياسيون لتحقيق نجاح في مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وخفت حدة النزاع الطائفي وفي حين أن حركة التمرد العنيدة لا تزال تبرز أنيابها بشن هجمات مميتة فانه يمكن للعراقيين تصور حال الاستقرار ومستقبل الرخاء بعد اتفاقات لتطوير الثروة النفطية العراقية الكبيرة غير المستغلة جيدا. بحسب رويترز.

وقال حسين العزري رئيس المصرف التجاري العراقي الذي استهدفه انتحاريان يوم الاحد ولحقت به أضرار جسيمة لرويترز "اذا نظرت الى الوضع الان فان الامن تحسن. لذا يتطلع الناس الان بالطبع الى الشيء التالي وهو الخدمات والوظائف وأن يصبح بمقدورهم الحصول على التعليم والصحة وما الى ذلك."

لكن الحياة اليومية للعراقيين لازالت شاقة وزاد من صعوبتها نقص المياه والكهرباء مما يزيد من تكاليف الاعمال ويضيف الى صعوبات صيف العراق القائظ هذا العام عندما ترتفع درجات الحرارة الى أكثر من 50 درجة مئوية.

وبينما يتصبب العراقيون عرقا يتفاوض القادة السياسيون في الفيلات التي تحيط بها جدران مقاومة للانفجارات حول كيفية تشكيل حكومة جديدة بعد ثلاثة أشهر ونصف الشهر من الانتخابات وبعدما تحدى العراقيون تهديدات المتمردين والقنابل وأدلوا بأصواتهم في انتخابات السابع من مارس التي لم تسفر عن فائز واضح.

تعهدات ووعود جديدة..

ومجدداً، تعهدت الحكومة العراقية بالتصدي للنقص الحاد في امدادات الكهرباء والذي أثار احتجاجات شعبية لكنها قالت انها لا تملك عصا سحرية لزيادة الامدادات إلى أكثر من الساعات القليلة المتاحة حاليا.

وحذر وزير النفط حسين الشهرستاني الذي تولى حقيبة الكهرباء مؤقتا من أنه "لا توجد عصا سحرية او معجزة" لتحسين امدادات الكهرباء التي لا تتجاوز حاليا بضع ساعات يوميا للمنازل والشركات. بحسب رويترز.

وقال انه سيتم اتخاذ اجراءات لزيادة الامدادات في ظل وصول درجات الحرارة الى 50 درجة مئوية في البلد الذي يعاني أيضا من نقص حاد في امدادات المياه.

وتشمل تلك الخطوات خفض وتحويل جزء من الامدادات المخصصة للمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد والتي تضم حاليا مقر الحكومة.

وقال الشهرستاني إن محطتين للكهرباء استأنفتا العمل احداهما في مدينة الناصرية بالجنوب حيث استخدمت الشرطة مدافع المياه يوم الاثنين لتفريق محتجين قذفوا مكاتب المجلس المحلي بالحجارة.

وأضاف الشهرستاني في مؤتمر صحفي أن تلك الاجراءات لن تحل المشكلة ولكن ستساعد في تخفيف معاناة المواطنين.

وتعهد الجيش العراقي أيضا بكبح سرقة الكهرباء. وقال محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق وهو حليف للمالكي يوم الخميس انه بموجب الانتاج الحالي من المفترض أن تحصل كل أسرة على 15 ساعة من الكهرباء يوميا لكن سوء الاستخدام والتوزيع يخفض تلك الكميات كثيرا.

وأبلغ المالكي العراقيين بأن المشكلة لن تحل قبل عامين عندما تتضاعف الطاقة الانتاجية من الكهرباء مع تنفيذ اتفاقين بمليارات الدولارات مع جنرال الكتريك وسيمنس.

قيود على التظاهر..

وبعد مسيرات تخللتها أعمال عنف احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي، قررت وزارة الداخلية العراقية وضع قيود على التظاهرات عبر حصر منح تراخيصها بوزير الداخلية والمحافظين، وهددت باستخدام "الوسائل المعروفة" في حال المخالفة.

واوضح بيان للوزارة ان "الدستور كفل للعراقيين حق التعبير عن الرأي والمطالبة بالحقوق بكافة الوسائل السلمية المشروعة التي لا تستخدم فيها وسائل العنف (...) ولكي تؤمن الوزارة الوسائل الضرورية لاحترام هذا الحق يجب الالتزام" بعدة شروط.

واكد ضرورة ان تقدم "الجهة المنظمة طلبا الى الوزارة (...) يكون مشفوعا بموافقة وزير الداخلية والمحافظين قبل ثلاثة ايام" من التظاهرة التي "يجب ان تكون سلمية خالية من اعمال العنف". بحسب الـ فرانس برس.

وقد لقي شخصان مصرعهما واصيب اثنان اخران بجروح خلال تظاهرة صاخبة في البصرة السبت الماضي احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي في ظل قيظ خانق ودرجات حرارة مرتفعة قاربت الستين درجة مئوية. وهاجم المتظاهرون مبنى ديوان المحافظة عبر رشقه بالحجارة.

كما سارت تظاهرة مماثلة الاثنين في الناصرية، كبرى مدن محافظة ذي قار، اصيب خلالها 17 من عناصر الشرطة بجروح، في حين تظاهر مواطنون في محافظات النجف وبابل وواسط والانبار وديالى.

وطالب المتظاهرون باقالة وزير الكهرباء كريم وحيد، الذي استقال الاثنين الماضي. وتحول انقطاع الكهرباء الى مادة للسجال الحاد والاتهامات بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي وخصومه.

وطالبت الوزارة كذلك ب"الا تحرض الشعارات التي تطلق اثناء التظاهرة على العنف الطائفي" وبان "تعرف الجهة القائمة بالتظاهرة عن نفسها" وان تحدد "حجم المتظاهرين التقريبي" و"حظر السلاح بما فيه المرخص". وختم البيان محذرا انه "اذا تحول مسار التظاهرة الى العنف فسوف تستخدم الوسائل المعروفة لتفريق المتظاهرين".

وغداة التظاهرات، قدم المالكي شرحا مسهبا لاوضاع القطاع الكهربائي مشيرا الى صعوبة المعالجة السريعة للازمة قائلا "بصراحة، لا يتوقع احد ان مشكلة الكهرباء ستحل قبل عامين الى حين انتهاء جنرال الكتريك الاميركية وسيمنز الالمانية وشركة صينية من عملها".

وندد ب"تسييس" التظاهرات قائلا "هناك فرق بين تظاهرة وشغب مثلما حصل في البصرة، هذا كان شغبا، هناك فرق بين خروج المواطنين في تظاهرة مطلبية، وان يتم تسييس الملف ويتحول الى اعمال شغب". واضاف "لا نسمح بان تكون (التظاهرات) فرصة للذين يريدون تحريكها لاغراض سياسية".

ومنذ سنوات يعاني قطاع الكهرباء في العراق عموما من نقص في انتاج الطاقة جراء تعرض المحطات وشبكات النقل الى اضرار كبيرة عند اجتياح البلاد العام 2003، وما اعقبه من اعمال تخريب. ويعتمد العراقيون، وخصوصا في بغداد، على مولدات للطاقة لمعالجة النقص المستمر الذي يصل الى حوالى 18 ساعة في اليوم.

المالكي يدافع عن الوزير المستقيل

ودافع رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي عن قرار وزير الكهرباء كريم وحيد تقديم استقالته مؤكدا في الوقت ذاته ان حل مشكلة انقطاع التيار ما تزال بحاجة الى سنتين.

وقال المالكي للصحافيين "رغم ما قيل عنه اشيد بدوره وكتاب الاستقالة ما يزال على مكتبي وسانظر فيها لاتخاذ قرار مناسب"، مؤكدا انه "ربما سيتبعها قرارات بالنسبة لوزارة الكهرباء لتحسين الوضع الاداري" في اشارة الى احتمال اقالة عدد من مساعديه. واضاف "لا اعرف اكثر منه كفاءة فنية في العراق (...) لقد تعامل مع الارهاب ليل نهار".

وكان وحيد اعلن تقديم استقالته اثر تظاهرات صاخبة تخللتها اعمال عنف بسبب انقطاع التيار عن مناطق عدة في ظل درجات حرارة قاربت الستين في جنوب البلاد.

وقال المالكي "بصراحة، لا يتوقع احدا ان مشكلةالكهرباء ستحل قبل عامين الى حين انتهاء جنرال الكتريك الاميركية وسيمنز الالمانية وشركة صينية من عملها".

وعمت تظاهرات صاخبة البصرة السبت الماضي سقط خلالها قتيل وجريحان، كما اصيب 17 من عناصر الشرطة بجروح في الناصرية الاثنين اضافة الى تظاهرات في النجف وغيرها.

وطالبت التظاهرات في الجنوب وبغداد باقالة وحيد وكبار المسؤولين، ضمن سلسلة من الاحتجاجات انطلقت خلال الايام الماضية تنديدا بانقطاع الكهرباء وسط درجات حرارة مرتفعة قاربت الستين درجة مئوية في نواحي البصرة.

لكن المالكي ندد ب"تسييس" التظاهرات قائلا "هناك فرق بين مظاهرة وشغب مثلما حصل في البصرة، هذا كان شغبا، هناك فرق بين خروج المواطنين في تظاهرة مطلبية، وان يتم تسييس الملف ويتحول الى اعمال شغب". واضاف "لا نسمح بان تكون (التظاهرات) فرصة للذين يريدون تحريكها لاغراض سياسية".

محافظ الديوانية السابق يعتبر المالكي المقصّر الأول

واعتبر محافظ الديوانية السابق والعضو الجديد في البرلمان، المالكي المقصر في تردي الخدمات وخاصة الكهرباء خلال الأربع سنوات الماضية.

وأوضح الشيخ حامد الخضري القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى العراقي لوكالة أصوات العراق ان “رئيس الوزراء نوري المالكي هو المقصر الرئيسي في تردي الخدمات وخاصة الكهرباء لأنه لم يحرك ساكنا طيلة الأربع سنوات الماضية في تحسين الخدمات للمواطنين”.

وأضاف ان “إعادة ترشيح المالكي لولاية ثانية خطأ تاريخي فضلا عن انتخابه”، مبينا ان “دفاعه عن وزير الكهرباء المستقيل الذي فشل طيلة فترة وزارته يثير الاستغراب والشكوك وعلى مجلس النواب الجديد ان يجعل حل أزمة الكهرباء من أولى أولوياته وان يرشح لوزارة الكهرباء وزير كفوء ونزيه”.

محافظ كربلاء: تجهيز الكهرباء سيشهد تحسنا

ومن جهته قال محافظ كربلاء، إن التظاهرة التي شهدتها المدينة هي حق مشروع وقد جرت في اجواء سلمية وهذا هو عهدنا بأبناء كربلاء مشيرا في الوقت نفسه إلى إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في زيادة ساعات التشغيل الكهربائي ستصل إلى ساعتين ونصف مقابل ثلاث ساعات ونصف انقطاع.

وأوضح المهندس آمال الدين الهر لوكالة أصوات العراق ان “التظاهرة التي قام بها أبناء مدينة كربلاء حق طبيعي لهم للتعبير عما في داخلهم، والشيء الذي يفرحنا هو إنها جرت في اجواء سلمية لم تخرج عن نطاقها الأمني”.

واضاف ان “هذا هو عهدنا بأبناء كربلاء الذي يدركون ان الكهرباء لا تعود إلى الحكومة المحلية لكي تتم زيادتها بل هي تابعة إلى وزارة الكهرباء رغم إننا كنا نود لو جاء من نظم التظاهرة وقادها إلى الجلوس مع الحكومة المحلية لكي يتبين الأمر”.

وشهدت مدينة كربلاء تظاهرة كبيرة شارك فيها العشرات وطافت شوارعها رافعين لافتات تندد بتردي الخدمات الكهربائية والمطالبة بإلغاء التسعيرة الجديدة للتعرفة الكهربائية التي قالوا إنها ترهق كاهل العوائل الفقيرة.

وتابع المحافظ “اتخذنا جملة من الخطوات منها قطع خطوط الطوارئ عن جميع الدوائر التابعة للدولة التي لا تقدم خدمات مباشرة كالمستشفيات ومشاريع الماء والمجاري وهذا سيؤدي الى حصول المواطن على ساعتين ونصف الساعة تجهيز مقابل ثلاث ساعات ونصف قطع”. ويقع مركز محافظة كربلاء على مسافة 110 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة بغداد.

تظاهرة في الانبار..

وفي محافظة الأنبار انطلق مئات الاشخاص وسط مدينة الرمادي، مطالبين بتوفير الخدمات وعلى رأسها نقص التيار الكهربائي، بحسب عضو مجلس محافظة الانبار.

وقال مزهر حسن وهو أحد المشاركين في التظاهرة ان “مئات الاشخاص من مواطني مدينة الرمادي وعدد من وجهاء وشيوخ عشائر المدينة ومنظمات المجتمع المدني وبحضور عدد من مسؤولي اعضاء مجلس محافظة الانبار شاركوا في التظاهرة التي انطلقت من تقاطع الزيوت (وسط مدينة الرمادي) وصولا الى مبنى المحافظة  احتجاجا على العديد من المشاكل واهمها نقص الكهرباء والبطالة”.

واضاف ان المتظاهرين دعوا الى “ان يكون هناك دور رقابي في دوائر الدولة بما يخص محاربة الفساد”.

واضاف حسن ان “اجراءات أمنية مشددة من قبل أجهزة الشرطة والجيش رافقت التظاهرة”، مشيرا الى “عدم حدوث أي خرق أمني أو اعمال شغب”.

وتعاني مدن عديدة من تردي في المنظومة الكهربائية في ظل درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف، مما حدا بخروج تظاهرات في مدينتي البصرة والناصرية في جنوبي العراق بداية الأسبوع الجاري للتنديد بتردي الخدمات والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي.

خطة لتأهيل جميع المحطات خلال عام

من جانب آخر قال نائب عن الكتلة الصدرية، ان التيار الصدري لديه خطة عمل تتضمن إعادة تأهيل جميع محطات الطاقة الكهربائية خلال عام واحد.

وأوضح النائب كاظم الصيادي لوكالة أصوات العراق ان “التيار الصدري لديه خطة عمل تتضمن إعادة تأهيل جميع محطات الطاقة الكهربائية في العراق خلال عام واحد ضمن الامكانيات المحدودة”.

وأضاف “اننا ككتلة برلمانية نطالب بمحاسبة المسؤولين في وزارة الكهرباء والذين يثبت تورطهم في تفعيل ازمة الكهرباء ابتدءا من الوزير ولغاية اصغر موظف في هذه الوزارة”.

وتابع “سأكون أول المشاركين في التظاهرة الشعبية التي ستنطلق الأسبوع المقبل في مدينة الكوت للمطالبة بزيادة حصة المحافظة من التيار الكهربائي”.

وتستعد محافظة واسط شأنها شأن المحافظات العراقية الأخرى للخروج بتظاهرة كبيرة مطلع الأسبوع المقبل للمطالبة بزيادة حصة المحافظة من التيار الكهربائي.

وتابع الصيادي “طالبنا مجلس المحافظة بحجب جميع مغذيات الطوارئ التي تزود منازل المسؤولين والدوائر الحكومية بالتيار الكهربائي ضمن خطوط الطوارئ باستثناء التسفيرات والمستشفيات ومديريتي الماء والمجاري”.

وقرر مجلس محافظة واسط في وقت سابق قرارين الأول إلغاء جميع خطوط الطوارئ التي تغذي دور المسؤولين والدوائر الحكومية، والثاني منع التحكم عن بعد من قبل وزارة الكهرباء على الطاقة المجهزة من التيار الكهربائي للمحافظة.

واعلنت محافظة واسط بان المحافظة ستحصل على ما نسبته 65 ميكا واط إضافية للشبكة ناتجة عن 40 ميكا واط من وزارة الكهرباء و 25 ميكا واط جراء تشغيل 16 مولدة ديزل تابعة للمحافظة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/حزيران/2010 - 15/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م