الكهرباء في العراق: حلول جزئية ترجئ غضب الشارع

أزمة مستعصية ومواعيد جديدة

شبكة النبأ: استقال وزير الكهرباء العراقي بعد احتجاجات على حالات انقطاع التيار الكهربي التي تعاني منها البلاد والتي زادت حدة التوتر مع عدم تشكيل حكومة جديدة رغم إجراء الانتخابات العامة في مارس اذار الماضي.

وبعد ساعات من قيام متظاهرين بإلقاء حجارة على الشرطة في مدينة الناصرية الجنوبية ابلغ الوزير كريم وحيد تلفزيون العراقية الرسمي انه استقال بسبب فشل الحكومة في توفير ما يكفي من الكهرباء برغم مرور سبع سنوات على الغزو الأمريكي.

واستقالته تلبي مطلب محتجين في الناصرية وآخرين اشتبكوا مع الشرطة في مدينة البصرة السبت الماضي. ولقي اثنان من المحتجين في البصرة حتفهما بعد ان فتحت الشرطة النار.

وقال وحيد انه لان العراقيين غير قادرين على التحلي بالصبر في معاناتهم التي ستخففها المشروعات التي ذكر انها ستنهي النقص في الكهرباء ولان هذا الموضوع أضيفت له صبغة سياسية من جانب جميع الأطراف فانه يعلن أمام الجميع بشجاعة استقالته. بحسب رويترز.

وزاد الغضب بشأن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف الى أكثر من 50 درجة مئوية من التوتر المستمر منذ ثلاثة اشهر ونصف الشهر بعد انتخابات السابع من مارس اذار التي لم تثمر عن فائز واضح.

واستخدمت الشرطة العراقية خراطيم المياه لتفريق محتجين يرشقونها بالحجارة في مدينة الناصرية الجنوبية.

وقال ناصف الهاشمي المتحدث باسم مجلس بلدي الناصرية ان 14 شرطيا أُصيبوا بجروح في الاشتباكات التي أعقبت مشاهد مماثلة في مدينة البصرة السبت.

وقال مسؤولون محليون من أنصار رئيس الوزراء نوري المالكي ان منافسين سياسيين شيعة استغلوا القضية لعرقلة مساعي المالكي للحصول على فترة ولاية ثانية في المشاورات الدائرة لتشكيل حكومة ائتلافية.

ممثلو محافظات الوسط يهددون بتظاهرات حاشدة

وقال عضو مجلس محافظة الديوانية إن اجتماعا عقد، بالديوانية ضم ممثلي مجالس محافظات الوسط  تناول فيه سوء عمل وزارة الكهرباء، وطالبوا الحكومة في مذكرة مشتركة بإقالة الوزير ومحاسبته قانونيا، محذرا من إنهم سيدعون لتظاهرات حاشدة في محافظاتهم في حال عدم الاستجابة.

وأوضح باقر الشعلان لوكالة أصوات العراق ان” اجتماعا تحقق اليوم بالديوانية ضم محافظة الديوانية وممثلي مجالس محافظات (النجف وبابل وواسط) فيما اعتذرت المثنى وكربلاء عن حضور الاجتماع، وركز الاجتماع على سوء عمل وزارة الكهرباء وكثرة انقطاع التيار الكهربائي في عموم محافظات الوسط وسوء التوزيع”. وأضاف أن “المجتمعين طالبوا بإقالة وزير الكهرباء ومحاسبته قانونيا وتوضيح تبويب ما صرف خلال فترة وزارته وهي حوالي 17 مليار دولار”.

وتابع الشعلان ان” المجتمعين وقعوا على مذكرة تطالب بذلك للحكومة المركزية وفي حالة عدم الاستجابة لمطالبنا سوف ندعو الى تظاهرات حاشدة في محافظاتنا وسنكون في مقدمتها تطالب بإقالة وزير الكهرباء ومحاسبته”.

يذكر ان مدناً عديدة تشهد ترديا كبيرا في المنظومة الكهربائية في ظل درجات الحرارة المرتفعة خلال الصيف، وكانت مدينة البصرة جنوبي العراق شهدت تظاهرة امس السبت اسفرت عن مقتل مواطنين اثنين وجرح ثالث. وتقع مدينة الديوانية ، مركز محافظة الديوانية ، على مسافة 180 كم جنوب العاصمة بغداد.

ومن جانبه حذر رئيس الوزراء نوري المالكي، من ”تسييس”  أزمة الكهرباء، وقال ان الأزمة حقيقة موجودة لكنها ليست أكبر مما كانت عليه سابقا، مبينا ان تقديم الخدمات للمواطن يتخذ منه وسيلة للتسييس في ظل الأجواء الحالية، بحسب بيان صدر عن مكتبه.

ونقل البيان عن المالكي قوله، خلال لقائه رئيس الجمهورية جلال طالباني، ان “قضية الكهرباء ليست أزمة جديدة، إنما هي أزمة قديمة رغم الحلول الكثيرة والتطورات التي حصلت في حجم الإنتاج، وهي أزمة حقيقية موجودة لكنها ليست أكثر مما كانت عليه”.

وعبر المالكي عن أسفه لما يحدث، مبينا ان تقديم “خدمات للمواطن عادة ما يتخذ وسيلة للتسييس في ظل أجواء سياسية تتقبل مثل هكذا فكرة، ونحن نحقق فيما حصل من هجوم على مؤسسات الدولة، وهي لم تكن قضية إعلان” عن احتجاج على قلة الكهرباء، مشيرا الى انه من “حق المواطن أن يعلن عن حاجته”.

وأضاف “نحن اتخذنا إجراءات في هذا الأمر، وبعثنا لجنة وزارية للتخفيف من حدة النقص الحاصل في شبكات كهرباء البصرة، لكن الموضوع استخدم كوسيلة شغب وهجوم على مؤسسات الدولة، وفيه تحريض سياسي”، بحسب البيان.

وحذر المالكي الجهات السياسية من “لعب هذه اللعبة”، وقال “نحن نشترك جميعا في ضرورة معالجة الوضع ومحاسبة المقصرين إذا ثبت تقصيرهم في نقص الطاقة الكهربائية”.

المرجع النجفي يدعو لتحقيق مطالب الشعب

من جانب آخر قال مرجع ديني في النجف، ان من حق الشعب التظاهر السلمي والاعتصام ضد نقص الخدمات، داعياً الحكومة العراقية إلى إيجاد حل لهذا الملف المتفاقم ومحاسبة المسؤولين.

وقال المرجع الديني بشير النجفي، في بيان صدر عن مكتبه، إن “من حق الشعب المطالبة بتحسين الخدمات عبر التعبير السلمي والقانوني، كما يمكنه اللجوء إلى التظاهر والاعتصام”.

وأعلن النجفي تأييده “لمطالب الشعب المشروعة”، قائلا “نحن نراقب أداء مختلف دوائر الدولة”، مطالبا الحكومة العراقية “بتحقيق مطالب الشعب، ورعاية مصالحه وضرب بيد من حديد كل مسؤول مقصر في توفير الخدمات”، وفق ما جاء في البيان. بحسب وكالة اصوات العراق.

وشدد النجفي في الوقت ذاته على أهمية مطالبة الشعب بحقوقه “بطريقة سلمية وقانونية بعيدة عن الشغب والعنف”، مبينا أن “اللجوء الى مثل هذه الأعمال (العنف والشغب) تعد غير شرعية وغير حضارية وتفسح المجال أمام الإرهابيين والمخربين لتحقيق أهدافهم”.

كما دعا الأجهزة الأمنية الى “عدم الاستهانة بدم الشعب العراقي المحرم”، عادا ذلك “خطا أحمر”، مطالبا “بمحاسبة المسؤولين عن أي قطرة دم تسفك”.

واشنطن بوست: الإحباط يتفشى في العراق

وفي سياق آخر قالت صحيفة واشنطن بوست أن الإحباط يتفشى في العراق بسبب شكوى السكان من عدم حصولهم إلا على ساعات قليلة من الكهرباء في اليوم الواحد، مشيرة إلى انشغال المسؤولين بكراسي السلطة اكثر من اهتمامهم بالخدمات العامة.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، ان “الكثير من العراقيين يقولون ان المسؤولين يصبون عنايتهم على كراسي السلطة اكثر من اهتمامهم بالخدمات العامة”.

ونقلت الصحيفة عن مواطنين عراقيين قولهم ان “ما حدث في البصرة هو بسبب الوعود الكاذبة التي قدمتها الحكومة في تحسين الخدمات الاساسية”، مشيرين الى ان “هذه ليست مشكلة البصرة لوحدها، بل مشكلة العراق كله”.

وذكرت الصحيفة انه طبقا لمعهد بروكنغز، فان “انتاج الكهرباء اليوم في العراق اكثر مما كان عليه قبل الغزو الامريكي. الا ان الطلب يفوق التجهيز ضعفين تقريبا. وتحصل معظم البيوت في العاصمة على حوالي 4 ساعات من الكهرباء يوميا”.

وأشارت الصحيفة الى ان “الصحف العراقية نشرت اليوم كاريكاتورات سياسية تسخر من وضع البنى التحتية”.

وفاة ثاني مدني بالبصرة متأثراً بجراح المظاهرة

وذكر مصدر في محافظة البصرة ان احد المصابين في التظاهرة التي شهدتها المحافظة السبت الماضي توفي متأثرا بجراحه.

وأضاف المصدر لوكالة أصوات العراق ان “احد جرحى التظاهرات التي حدثت (السبت) احتجاجا على تردي الكهرباء في المحافظة توفي في احدى مستشفيات البصرة متأثرا بالجراح التي اصيب بها”.

وأشار إلى أن “مبنى محافظة البصرة يشهد إجراءات أمنية مكثفة من قبل قوات الجيش تحسبا لخروقات امنية نتيجة الاحداث التي شهدتها المدينة”. وتقع مدينة البصرة، مركز محافظة البصرة، 590 كم إلى الجنوب من العاصمة بغداد.

كربلائيون: الحكومة منعتنا من التظاهر وننتظر نتيجة وعودها

وفي كربلاء قال مواطنون، انهم لم يحصلوا على إذن بالتظاهر احتجاجا على تردي الكهرباء وقامت الأجهزة الأمنية بإزالة اللافتات التي دعت لذلك، فيما قال مسؤول محلي إن المنع جاء حفاظا على ارواح المواطنين من المندسين الذين يريدون أثارة العنف.

وقال المواطن احمد غازي لوكالة أصوات العراق “قدمنا منذ يومين طلبا للحصول على موافقات أمنية لانطلاق مظاهرة سلمية تطوف شوارع كربلاء، للتنديد بالخدمات والمطالبة بإقالة وزير الكهرباء، وإعلان وقوف أهالي كربلاء مع أهالي محافظتي البصرة والناصرية”.

وأشار الى ان” الكثير من المواطنين عبروا عن استعدادهم للمشاركة وتم تعليق العديد من اللافتات في شوارع المدينة تطالب بتحسين الخدمات، لكن اللافتات أزيلت من قبل رجال الشرطة الذين قالوا أن الموافقة لم تحصل على التظاهرة، وان كل من يخرج يعد خارجا عن القانون”.

واستدرك “وهذا لا يمنعنا من التظاهر، لكن سمعنا أيضا ان هناك اجراءات اتخذتها الحكومة المحلية لزيادة ساعات الكهرباء ونحن سننتظر مدة أسبوع لنقرر بعدها العودة الى التظاهر وبطريقة سلمية تماما”.

واتفق مواطنون مع ما قاله غازي، مشيرين الى ان التظاهرة الاحتجاجية على واقع الكهرباء المتردي سيتم تأجيلها الى حين معرفة ما ستؤول اليه الاوضاع.

من جهته، قال عضو مجلس محافظة كربلاء ورئيس لجنة الطاقة زهير الدعمي لوكالة أصوات العراق ان “مجلس المحافظة ليس ضد حق التظاهر وقد شهدت كربلاء العديد من التظاهرات السلمية في هذا الموقف او ذاك مع الحكومة او ضدها، لكننا نخاف من استغلال التظاهرات في هذا الوقت من قبل بعض المندسين الذين يريدون تحويلها الى حمامات من الدم يذهب ضحيتها المواطنون الأبرياء، كما حدث في اليصرة والناصرية وهذا ما لا ترضاه الحكومتين المركزية والمحلية، لأن دم المواطن أغلى من كل شيء”.

وأشار الدعمي إلى أن “الحكومة المحلية اتخذت خطوتين مهمتين خلال اليومين الماضيين أولهما قطع جميع خطوط الطوارئ عن دوائر المحافظة غير الخدمية، وهذا سيوفر بحدود 25 ميكا واط، إضافة إلى زيادة ساعات تشغيل المولدات الأهلية من سبع ساعات إلى تسع ساعات يوميا، على أن تتحمل الدولة زيادة حصة المولدة الواحدة من مادة الكاز”.

وفي وقت لاحق شهدت مدينة كربلاء، الثلاثاء، تظاهرة شارك فيها العشرات من الأهالي طافوا فيها شوارع المدينة، مطالبين بتحسين خدمة الكهرباء وإلغاء الاجور الجديدة.

وقال احد المتظاهرين ويدعى حسين حيدر لوكالة (أصوات العراق) إن “هذه التظاهرة وان بدت صغيرة إلا أنها رد فعل على تردي خدمات الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة”، مضيفا “لم يشارك في هذه التظاهرة العديد من المواطنين لأنهم متخوفون من تعرضهم إلى رد فعل قد يذهب ضحيته العديد من الأبرياء”.

وتابع “طالبنا من كل من يشارك في التظاهرة أن يبقيها سلمية ولا يحمل حجارة أو يتصدى لأي عنصر امني وهذا ما حدث”، مضيفا “ما نريده هو أن تقوم الحكومة المحلية بوقف العمل بالتسعيرة الجديدة للتعرفة الكهربائية أو تلغيها وزارة الكهرباء لأنها عالية على العوائل الفقيرة”.

الى ذلك قال المتظاهر نوفل حميد” التقينا كممثلين عن المتظاهرين بأعضاء الحكومة المحلية في كربلاء وقد وجدنا التفهم العالي منهم واخبرونا إن الأمر ليس بيد الحكومة المحلية بل هو بيد وزارة الكهرباء والحكومة المركزية”، مضيفا ان “كربلاء ليست فيما مشروع لإنتاج الطاقة وهذا ما يجعل المحافظة عرضة لاجتهادات الوزارة”.

واضاف ان الحكومة المحلية “وعدت بان يستمر التحسن الكهربائي خلال أشهر الصيف المتبقية وان يستمر قطع خطوط الطوارئ عن الدوائر الحكومية كافة لتوفيرها للمواطنين”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 24/حزيران/2010 - 11/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م