المصداقية والحيادية الإعلامية في نظر العراقيين

 

شبكة النبأ: قال عدد من العراقيين في محافظات مختلفة انهم يفضلون متابعة وسائل الإعلام المستقلة في العراق بعد عام 2003؛ وذلك “لحياديتها ومصداقيتها”، فيما وصف آخرون تعدد وسائل الإعلام بأنه ظاهرة غير صحية.

وأعتبر عبد الحسين الصرخي (49 عاما) ويعمل موظفا في وزارة التجارة ويسكن مدينة الصدر شرقي بغداد أن “وسائل الإعلام المستقلة هي الأفضل والأكثر مطالعة نظرا لحياديتها ونزاهتها في نقل الحدث دون الميول لجهة دون أخرى، وان كانت خاضعة لتعليمات الممول”.

وأضاف الصرخي “أنا شخصيا من المتابعين لقناتي السومرية والديار الفضائيتين كونهما مستقلتين، وكذلك راديو دجلة وصحف المدى والمشرق والدستور والبينة الجديدة، والسبب لان تلك الوسائل مستقلة وغير خاضعة لأحزاب أو جهات سياسية تصنع الأخبار والتقارير كيف ما تشاء دون احترام الرأي الآخر”.

وترى بتول صباح (32) عاما، ممرضة، تسكن حي الصليخ شمالي بغداد أن “ظاهرة تعدد وسائل الاعلام غير صحية نظرا لكثرتها وتضارب الأنباء فيها”.

وقالت صباح “لا أتابع بشكل مستمر القنوات التابعة للأحزاب وكذا الحال مع الإذاعات ووكالات الأنباء والصحف والمجلات، خصوصا فيما يتعلق بنشرات الأخبار بالنسبة للفضائيات والإذاعات والمواقع الإخبارية، لأنها تعطي فسحة أكثر من نصف النشرة للدعاية والترويج للحزب الداعم لها”.

وأضافت “لذلك نحن لا نثق كثيرا بتلك الوسائل على عكس وسائل الإعلام المستقلة لانها تكون عادة حيادية وتحترم الرأي والرأي الآخر”. بحسب وكالة أصوات العراق.

ومن جانبه، أعرب وليد خالد ( 28) عاما، صاحب محل قطع غيار سيارات،  يسكن حي العامل جنوب غربي بغداد عن اعتقاده من ان “وسائل الإعلام العربية والأجنبية أفضل من حيث الطرح والحيادية فيما يتعلق بالشأن العراقي، كقنوات الجزيرة والعربية والبي بي سي عربية ورويترز ووكالة الصحافة الفرنسية وصحيفة الشرق الأوسط”.

وأضاف خالد “عندما يكون هناك حدثا مهما في العراق على الصعيدين السياسي والأمني، أتابع تلقائيا قناة العربية وكذلك قناة الـ( BBC العربية)، او اتابع عبر الانترنت المواقع الالكترونية لبعض وسائل الإعلام الأجنبية، لأني اثق بها وبحياديتها ودقتها”.

ومن جانبهم انتقد مواطنون من محافظة نينوى (405 كم شمال العاصمة بغداد) عدم حيادية بعض الفضائيات، فالمواطن سعد عبد الإله مهندس حكومي، 33 عاما، قال” بعد 2003 ظهرت فورة بوسائل الإعلام المحلية قابلها دخول مفاجئ لوسائل الإعلام الأجنبية عبر الستلايت الذي كان ممنوعا”.

وأوضح “في بداية الأمر كنا نصدق كل ما نرى ونسمع، لم نكن نميز بين المعلومة والرأي وكيف ممكن ان تسوق وسائل الإعلام أفكارها علينا”.

واضاف عبد الإله “بعدها بسنوات بدأت الفضائيات العراقية تظهر بميولها الحزبية والسياسية وولائها الطائفي والعرقي، ومع الأسف حتى القنوات القليلة التي كنا نعتقد انها مستقلة ومحايدة ظهرت انها تروج لتوجه سياسي معين، قد يكون التوجه وطني لكن لا يتم فرضه علينا من خلال نشرات الأخبار التي يجب ان تكون محايدة حتى يتمكن المواطن العراقي من التمييز، بدل ان يتم استغلاله من خلال ألاعيب وسائل الإعلام”.

قاسم جاسم طالب جامعي 23 عاما قال “بالنسبة للصحف أولا هي الأخرى اغلبها مملوكة لأحزاب سياسية، وتصل متأخرة لمدينة الموصل فتفقد قيمتها في تغطية الأخبار، إضافة إلى ضعف مقالات الرأي في تشخيص الحالات السلبية، وإظهار الايجابيات”.

وعن وسائل الإعلام مثل الجزيرة والعربية والبي بي سي، يقول جاسم  انها “تتعامل هي الأخرى وفق ميول مالكيها او مموليها مع قضايا العراق، وبالنسبة لي لا اتابعها إلا عندما يكون الحدث عالميا لان وسائل الاعلام المحلية تكون تغطيتها ضعيفة”.

ويقول بشار اكرم 46 عاما صاحب محل لبرمجيات الحاسبة في مدينة الموصل “بعد العام 2003 كان انفتاح العراق على القنوات الفضائية شيء جديد وكان العراقيون يتابعون أوضاع بلدهم بشغف على قنوات أجنبية مثل العربية والجزيرة لعدم وجود قنوات محلية في حينها، الان الانفتاح الاعلامي الذي شهده العراق وتعدد القنوات الفضائية دفع المواطن العراقي الى الاستغناء عن هذه القنوات الاجنبية ومتابعة قنواته العراقية المحلية والتي تختص بشأنه الداخلي”.

وأضاف بان المواطن “بدأ يعي سياسة كل قناة والقناة الأجنبية تقدم ما يحلو لها وليست مثل القنوات العراقية”. وتابع “انا اعتقد بان القنوات العراقية اكتسبت ثقة المشاهد العراقي وسحبته من تلك القنوات لتدعه يتابعها على مدى الوقت”.

مواطنو اقليم كردستان العراق كان لهم رأيهم حيال وسائل الاعلام، فالمواطن طه عبد الله 33 سنة من اربيل (349 كم شمال بغداد) قال لوكالة اصوات العراق إن “المرحلة الحالية جيدة جدا والصحافة في العراق تمكنت من اثبات وجودها بسبب حرية التعبير والتعددية الحزبية، وارى ان الصحافة في العراق تتمتع بحرية كبيرة مقارنه بباقي دول العالم وخصوصا العربية”.

واستدرك “لكن مع كل هذا التعبير المفتوح من الصحافة، ثقة المواطن العراقي بالإعلام المستقل اكثر من الحزبي مع العلم ان الاعلام المستقل قليل جدا في العراق.. فضلا عن ذلك هنالك احساس وطني عراقي بمتابعة الصحافة وخصوصا الاخبار لان البلد دائما في اجواء مختلفة”.

وأضاف “أنا أرى ان الاهتمام من قبل المواطنين وخصوصا بكردستان بالاعلام المحلي اكثر من العربي لأسباب متعددة أبرزها اللغة”.

وقال مصطفى كريم 40 عاما من اربيل لوكالة أصوات العراق إن “حرية التعبير في العراق موجودة وهنالك أبواب متعددة مفتوحة امام الصحافة العراقية لكن السؤال هنا، ما مدى سماع الرأي؟ وكيف يتم التعامل مع صحفي على سبيل المثال نشر مقالة انتقد بها شخصية سياسية رفيعة قانونيا؟. هذا الامر جعل المواطن الكردستاني لا يثق نهائيا بالاعلام الحزبي المحلي لانها قليلة المصداقية و تنقل الايجابيات فقط”.

وذكر “بصراحة هنالك ازمة ثقة بالاعلام الحزبي.. فيما الاعلام المستقل او المعارض المتواجد ينقل الحقيقة ناقصة مما يولد شك عند المواطن… انا اعتقد ان هنالك اهتمام كبير بالاعلام العربي الذي نال ثقة اكبر من الإعلام المحلي وخصوصا الفضائيات الاخبارية كالجزيرة والعربية والبي بي سي.. تنقل الحدث بكل مصداقية ودون انحياز لأي طرف .. هذا ما جعل اغلب المثقفين في كردستان يشاهدون هذه المحطات”.

وفي محافظة الانبار (110 كم غرب بغداد) اعتبر التدريسي محمد عبد الله، 32 عاما ان “مدى مصداقية وسائل الاعلام في العراق تأتي بحسب المهنية التي تعمل عليها خصوصا وان عدد من وسائل الإعلام للأسف هي منابر لأحزاب وكتل سياسية تتحدث باسمها ولكن الجزء الكبير منها نأمل فيه المصداقية والعمل الصادق في نقل الخبر اليقين”.

وأضاف ان” العديد من وسائل الإعلام وخصوصا العاملة في الرمادي يختلف نقلها للخبر منها موثوق فيها ولكن نعتمد على الوسائل الإعلامية الأخرى العاملة في بغداد ووكالات الانباء الحرة مثل أصوات العراق كونها غير مسيسة لجهة ما”.

اما المواطن علاء عبد الله (29 عاما) فقال ان “مصداقية وسائل الإعلام العراقية أكثر من العربية والأجنبية كونها بعضها لا يحمل مصادر موثقة لكن ما موجود من وسائل اعلام عراقية أفضل بكثير وهي تحمل مصداقية في نقل الخبر”.

واضاف ان” اعتمادي على معرفة ما يحدث في الانبار والعراق عامة في وسائل الاعلام العراقية الغير متحزبة لجهة سياسية وفي حالات قد استمع واشاهد اكثر من وسيلة اعلام بعدها اعرف من الصادق ومن الكاذب”.

اما المواطنة زينة احمد (35 عاما) فذكرت ان “كثرة الوسائل الإعلامية في العراق حالة صحية لكن القليل منها يحمل المصداقية والدليل على ذلك بعضها يحاول نشر اخبار غير موثقه والتطبيل لغرض ما وقد يؤثر في امن واستقرار البلاد”.

وأضافت “ثقتي عالية في الاخبار التي تنشر في وسائل الاعلام العراقية كونها تنشر مراسليها في كل مكان عكس القنوات العربية والأجنبية التي تسمع من الغير”.

وفي محافظة كربلاء ( 110 كم جنوب العاصمة بغداد) قال أمجد علي (موظف) “إنني اشعر حقا بان هناك حرية صحافة وحرية للصحفيين وان الحياة الصحفية والإعلامية أصبحت غزيرة حتى لا نكاد نلتقط الأنفاس من انهمار الأخبار والتقارير ومن الصحف والإذاعات والفضائيات”.

وأضاف لوكالة أصوت العراق”هذا يعني إننا في زمن آخر غير ذلك الزمن الذي كان موجها مايكروفونه باتجاه واحد هو السلطة”.

وأشار علي “لكن المشكلة بالمصداقية التي اعتقد أن اغلب المؤسسات الإعلامية ما دامت هي تابعة فان ذلك يعني أن هناك توجها يأخذ منحى عقائديا تارة أو أيديولوجيا تارة أخرى وثالثة منحى مدمرا للحياة”.

وبين “لذلك فخلال السنوات الثماني استطعنا بشكل ما من إفراز القنوات والصحف والإذاعات الموجهة عن المستقلة التي من خلالها يمكن لنا أن نعتمد عليها في نقل الخبر ومصداقيته لأنها مستقلة”.

وتابع “ما ينقص وسائلنا الإعلامية لكي تكون بمستوى الوسائل العربية والعالمية هو نضج التجربة للإعلاميين فقد نرى مراسلا لا يفقه من اللغة شيئا فهذا يجعلنا نمتعض حتى لو كان الخبر صادقا وبعضها تستهل عملية نقل الخبر وكأنها تريد أن تقول لمجرد القول وهذا نابع من قلة التجربة”.

ونوه إلى ان “الوسائل الإعلامية العالمية كالإذاعة البريطانية بي بي سي أمضت عقودا لكي تصل وعلينا أن نصبر على إعلامنا كما نصبر على السياسيين لكي نصل إلى مستوى يدعونا إلا ندور رؤوسنا عنهم باتجاه آخر”.

وقالت الصحفية دعاء باسل انه “بالرغم من الانفتاح الملحوظ الذي شهده البلد منذ سقوط النظام السابق والى هذه اللحظة وكثرة الفضائيات والصحف والإذاعات لكن وللأسف الشديد باتت أغلبية الصحف العراقية ووسائل الإعلام الأخرى تميل إلى الأخبار والإحداث التي تجعل المواطن يسأم من تصفحها”.

وأضافت” المواطن اليوم بات يتذمر من عدم صحة الخبر خصوصا إن هناك وسيلة تؤكد وأخرى تنفي بالإضافة إلى كثرة الوسائل الإعلامية التي تمولها أحزاب وجهات وأخرى لرجال أعمال فكل جهة تنشر الموضوع الذي يناسب سياستها”.

وتابعت “لكن لا ننكر إن حرية التعبير موجودة جعلتنا نتكلم ونعبر عما بداخلنا ونأخذ بآراء المواطنين وبدون خوف خصوصا وان العراق كان محروم من حرية التعبير أكثر من خمسة وثلاثين سنة”.

وأشارت إلى انه “رغم ذلك يبقى الإعلامي محروما من عدة أمور أهمها مواكبة الحدث بسهولة ويسر وتعاون الجهات المسؤولة معه واحترام مهنته خصوصا انه من أفراد السلطة الرابعة أما الاعتماد عليها فلا نستطيع أن نغبن حق الكل هناك وسائل تسعى وراء المعلومة الصائبة وأخرى من اجل مصلحتها مع العلم إن هناك إمكانيات صحفية موجودة قادرة على أن تكون أفضل من الجزيرة والبي بي سي”.

مواطنو البصرة (590 كم جنوب بغداد) لم يكونوا بعيدين عن اراء العراقيين، فالمواطن حسين عبد علي موظف 44 عاما “اعتقد أن أهم ملامح المرحلة الجديدة من الناحية الثقافية، هو وجود الكثير من القنوات الصحفية والإعلامية التي نطلع عليه عبر الفضائيات والجرائد وغيرها، وهذا ما لم يكن موجودا أو نحلم به سابقا”.

وأضاف “فرحنا كثيرا بهذا الوضع الجديد، لكن بعد مرور فترة ليست بالطويلة تسيدت فيها الصحف والقنوات الإعلامية الحزبية والحكومية، التي تعكس أجندات معينة، انصرفت أنا شخصيا للقنوات والنوافذ الإعلامية الأجنبية، سواء تلفزيون أو راديو أو وكالات”. وأشار إلى أنه “شديد الثقة بمحطة البي بي سي واتابعها دائما”.

عبود لفتة طالب 21 عاما قال “لم أتذكر جيدا وضع الصحافة قبل رحيل النظام السابق فقد كنت صغيرا، وكانت المحطات المحلية هي نافذتنا الوحيدة على العالم، تلفزيون الشباب خصوصا، وكان حلم الحصول على (ستلايت) إذ كنا نسمع بذلك، بعيد المنال”.

وأضاف “وبعد هذا أي بعد رحيل النظام السابق تدفقت الأجهزة التي تنقل ما تبثه الفضائيات وأصبح الحلم حقيقة ، وصرنا نشاهد كل العالم من خلال التلفزيون، وبالمقارنة مع المحطات الفضائية العراقية وما تبثه من مواد إخبارية أو غيرها والتي يعرف الجميع انها مرتبطة بأجندات محلية أو إقليمية”.

واستطرد “لذلك فأن ثقتنا اتجهت إلى المحطات والقنوات المستقلة التي تنقل ما يجري دون أجندات او سياسيات محددة”، مستدركا “هناك محطات عربية ومنها الجزيرة نراها محطات غير حيادية وتسعر الوضع العراقي وتنقل الكثير مما يجري في العراق بعيدا عن الحقيقة”. وتابع “لذلك نتجه الى المحطات او الوكالات التي اكتشفنا بالتجربة وبمرور الايام انها جهات حيادية”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/حزيران/2010 - 10/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م