كربلاء الحسين قلب الإنسانية وأم العالم

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: كثيرة هي مدن العالم وربما يصعب حصرها برقم واضح ومحدد، لكن المدن المتميزة قليلة حتى تكاد تعد على أصابع الكف الواحدة ومنها كربلاء الحسين (ع)، هذه المدينة التي كانت ولا تزال وستبقى قلبا نابضا بالمبادئ الانسانية التي لا تخص أحدا بعينه لأن الحسين ملْكُ الانسانية بمبادئه الخالدة التي وقفت ضد الظلم والطغيان دونما خوف او تردد او رغبة بمباهج الدنيا الصغيرة الزائلة قطعا.

كما أن كربلاء الحب والسلام والوئام والرقي والمجد الخالد ليست ملْكا لأحد، فهي مدينة الانسان أينما كان بتربتها الطاهرة المخضبة بدماء الحسين الزكية وبنكهتها الربّانية التي أُسبِغتْ عليها من لدن الله الواحد الأحد فمنحها نبضها الانساني الخالد وتميزها وعظمتها المأخوذة من عظمة وانسانية وخلود الامام الحسين.

كربلاء إذن هي أم المدن بل وأم العالم باتفاق أهل المعمورة، وكربلاء كما أراها ويراها شرفاء العالم، أرضا للسلام والمحبة، كونها الارض التي على بساطها يمكن أن تجتمع أضداد العالم أجمع فتتلاقى وتتفاهم وتتوحد بمحبة الحسين لتذوب الخلافات والصراعات في أرض الشهادة وتتوحد القلوب مهما تضادَّتْ، وتبقى أرض كربلاء مهدا أزليا للتفاهم الانساني، حيث تفتح ذراعيها أبدا للجميع وتقول لهم:

(هلموا الى قلبي الذي يكفي العالم أجمع حناناً ووئاماً ومحبةً وسلاماً وأمنا).  

إذن مدينة كهذه لايمكن أن تكون سببا في إنتاج الصراعات الصغيرة الزائلة، وهي المدينة التي تمثل أماً رؤوما للعالم أجمع، فلا يمكن أن تكون مبعث بغضاء هنا أو فتنة هناك، ولا يمكن أن تصلح (لبعضهم) كي يصفّوا حساباتهم ويخوضوا صراعاتهم الدنيوية الصغيرة على حساب مجدها الربّاني وخلودها وسماتها الفردوسية الخالدة، ولا يمكن أن تسمح كربلاء (للبعض) أن يلمّعوا وجوههم الكالحة بمائها وأرضها وسمائها الصافية.

كل كربلائي عراقي إسلامي إنساني يؤمن بهذه السمات التي تمتلكها كربلاء، لابد أنه سيرفض أي نوع من الصراع مهما كان صغيرا وتافها او كبيرا ومستعصيا، لأن هذه المدينة هي الفسحة التي هيَأها الله تعالى لنا كي تشبه (الجنة) التي تضم الجميع برحمتها وسلامها وأمانها، فتمنع صراعاتهم وتهدي قلوبهم الى الخير وتصفّي نواياهام ونفوسهم، وكل من لايؤمن بهذا الكلام والقول والتوجه، سوف تلفظه كربلاء خارج قلبها بل وسوف تفضحه أمام الملأ لكي يرعوي ويؤمن بأن كربلاء العظيمة لاتسمح للصراعات والمزايدات أن تزدهر فوق أرضها لأنها أرض الحسين شهادةً ودماً ومبادئاً وضعت نفسها في خدمة الانسان أبدا.

أقول كلامي هذا وأنا أعرف بأن أهل كربلاء يستعدون للاحتفال (بيوم كربلاء) ولِمَ لا، ومن هي المدينة التي تستحق ذلك أكثر من كربلاء الحسين؟ فهي أم العالم التي يجب أن أن يحتفل بها العالم نفسه من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه، أليس هي مدينة الانسانية جمعاء؟، أليس هي أم الانسان؟، أليس هي القلب النابض أبدا بالمبادئ الانسانية العظيمة؟، أليس هي مدينة الدم الطهور ومدينة الشهادة ومدينة الفقراء العظماء بعفتهم وايمانهم وصفاء ونقاء سرائرهم؟.

إذن كربلاء تستحق أن يحتفل بها الجميع وحين يحتفل بها الكربلائيون فهم ممثلون عن العالم أجمع وليس عن أنفسهم حصرا، ولنا الحق كما يتفق معنا الجميع أن نفرح وننشد ونحتفل بيوم كربلاء الذي تريد له (كربلاء نفسها) أن يكون يوما متوهجا بالثقافة الشعبية التي تزيد من وعي الناس البسطاء وترفع من شأنهم وثقافتهم، فكربلاء الأم لا تقبل لأبنائها الذل او المهانة او الفقر او الانشغال بالصراعات الدنيوية البائسة.

كربلاء تنظر بعقلها وقلبها وعينيها إلينا وترى ماذا نفعل، وتسجِّل بذاكرتها الكبيرة الخالدة أقوالنا وأفعالنا ونوايانا، وسيأتي اليوم الذي تظهر فيه الى الملأ الأعم فيعرف الجميع من هو الإبن البار لكربلاء ومن هو الابن العاق لها.

إنها دعوة للمسؤولين في المحافظة إبتداء من السيد المحافظ وجميع المسؤولين والاعلاميين جميعا وانتهاء بأفقر سكانها، أن نعمل بيد واحدة لما يليق بأم العالم وأرضه السمحاء الخالدة وأن نضع جانبا كل الخلافات مهما صغرت او كبرت، لأن كربلاء الحسين أرض لا تصلح للصراع من أجل مزايا الدنيا الزائلة، فهي المدينة الخالدة التي تمثل قلب الانسانية والتي كانت ولا زالت وستبقى فاتحة ذراعيها للانسان أينما كان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/حزيران/2010 - 10/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م