المسح الضوئي للجسم: متطلبات الأمن والحقوق الشخصية

من أمن المطارات إلى البنوك والمعاملات

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بعد تزايد الحديث عن تركيب أجهزة المسح الضوئي في المطارات لتحسين الإجراءات الأمنية في أعقاب المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية، كشفت أنباء ألمانية أن معهد فراونهوفر لفيزياء الذبذبات العالية في بون طورَ ماسحاً ضوئياً جديداً لمراقبة الأشخاص عن بعد.

وفي غضون ذلك أكد عماد ملحس، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أيرس غارد، التي طورت برامج للتعرف على هوية الشخص عبر قزحية العين أنه ينظر نحو فرص واعدة لتطبيق البرنامج على مشاريع أخرى غير أمنية، تتعلق بالمعاملات الرسمية الخدمات الحكومية والمصرفية.

وفي جانب من المشاكل التي يمكن أن تحدثها تقنية الماسح الضوئي للجسم، ألقت الشرطة الأمريكية القبض على أحد العاملين في القسم الأمني بمطار ميامي الدولي، وذلك بعد توجيهه تهديداً بالقتل لزميل له عرضه لمضايقات متكررة منذ فترة، بعدما اكتشف صغر حجم قضيبه مستخدماً بيانات حصل عليها من أجهزة الماسح الضوئي...

ورأى عماد ملحس، وهو أردني الأصل، كان قد أسس الشركة عام 2000، قبل أن تتحول إلى مؤسسة عالمية بعد انتشار نظمها في مطارات مهمة، إن الوصول لمرحلة إنتاج كاميرات مزودة بخاصية التعرف على القزحية بأسعار رخيصة وبمتناول المستهلكين العاديين يحتاج لأمرين، الأول مواصلة تطوير التقنية والثاني زيادة الطلب من الناس.

وذكر ملحس، في حديث لبرنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" أن التوقيع العادي باستخدام الأقلام هو عبارة عن "أمر من التاريخ يعتمد على وضع علامات على ورقة، مع إقرار المرء بأن هذه الإشارات تمثل توقيعه،" وهو أمر من وجهة نظره "لم يعد صالحاً للقرن الحالي، فماذا لو أن التوقيع لم يكن لصاحبه أو أن المرء نسي أسلوب توقيعه."

وتابع ملحس: "كل الناس تبحث عن الأمن بعد أحداث 11 سبتمبر، وهذا أمر مفهوم ويمكن للتقنية الإفادة فيه، ولكن هناك شق آخر يتمثل في الخدامات التي تقدمها الحكومة للإفراد ولا يجب تجاهلها، وأشعر أن اليوم الذي سيصار فيه إلى استخدام برنامج أيريس في الانتخابات مثلا بات قريباً."

وكانت شركة "أيريس غارد" قد اختارت منذ تأسيسها عام 2000 تطوير مسح قزحية العين لأسباب أمنية، وتوفيرها في تطبيقات في مشاريع تجارية تتراوح بين أمن المطارات وحماية أجهزة الصراف الآلي.

ويقول أندرو هولند، المدير التقني للشركة: "دقة مسح قرنية العين يصل إلى 99.9 في المائة،" مضيفاً أنه يقود حالياً مجموعة من الباحثين الذين  يطورون الجيل الجديد من أجهزة المسح البيومترية.

ويبدو أن المصارف هي في طليعة زبائن الشركة، فبنك "القاهرة عمان" عرض التكنولوجيا ضمن دعاياته المصورة على قنوات التلفزة، وهو يطبقها في فروعه وفي أجهزة الصراف الآلي للتعرف على الزبائن عوض استخدام بطاقات الاعتماد العادية.

ولكن الفرصة الأساسية للشركة جاءت من عالم أمن المطارات، وتحديداً في الإمارات العربية المتحدة التي وضعت أنظمة الشركة في كل مطاراتها، وتمكنت عبرها من منع دخول 300 ألف عامل ممنوعين من العودة إلى البلاد، ولكنهم حاولوا الدخول بتأشيرات مزيفة، وتضم ذاكرة البيانات الإماراتية اليوم 30 مليون شخص.

أمريكي يسخر من عضو صديقه!

وفي جانب من المشاكل التي يمكن أن تحدثها تقنية الماسح الضوئي للجسم، ألقت الشرطة الأمريكية القبض على أحد العاملين في القسم الأمني بمطار ميامي الدولي، وذلك بعد توجيهه تهديداً بالقتل لزميل له عرضه لمضايقات متكررة منذ فترة، بعدما اكتشف صغر حجم قضيبه مستخدماً بيانات حصل عليها من أجهزة الماسح الضوئي للأشخاص الموجودة لمواجهة العمليات الإرهابية المحتملة.

وقال الموظف الموقوف، رونالدو نيغرين إنه "فقد صوابه ولم يعد بوسعه تحمل المضايقات" التي يتعرض لها من قبل زميله، وقد شهد أحد العاملين في المركز أنه سمع نيغرين وهو يهدد زميله، الذي طبع له صورة من الجهاز تظهر حجم عضوه، بالقول: "عليك الركوع على ركبتيك والاعتذار وإلا سأقتلك."

وقالت إدارة النقل الأمريكية إنها ترفض تبادل تهديدات عنيفة داخل بيئة العمل بين الموظفين، ولكنها وعدت بإجراء تحقيقات حول إمكانية وجود "خروقات لمناقبية العمل" في إشارة إلى الصورة المفترضة لنيغرين.

واعتبرت الإدارة أن الحادث محدود التأثير  ولا يتجاوز كونه قضية داخلية، وأضافت أن المسافرين غير معرضين لهذا الخطر لأن الشخص الذي يراقب الصور موجود في مكان بعيد عنهم ولا يمكنهم رؤية هوياتهم الحقيقية.

ولفتت الإدارة إلى أن الحادث وقع خلال تدريب بين الموظفين على كيفية استخدام الأجهزة، مضيفة أن الصور التي تلتقط في المطارات حالياً تحذف من ذاكرة الكمبيوترات ولا يمكن استعادتها.

وسارعت الجهات التي كانت قد اعترضت على نشر هذه الأجهزة في المطارات إلى اعتبار الحادث أحد الأدلة الواضحة على تأثير الماسحات الضوئية السلبي والمهدد للخصوصيات، وقال جون فردي، كبير مستشاري مركز الخصوصية المعلوماتية: "هذا يظهر دقة الصور والأجزاء التي يمكن أن تكشفها في الجسم."

يذكر أنها ليست الحالة الأولى من نوعها بما يتعلق بالماسحات الضوئية، ففي مارس/آذار الماضي، وجهت الشرطة البريطانية إنذاراً إلى أحد العاملين في مطار "هيثرو" بدعوى تلفظه بتعليق بذيء على إحدى زميلاته في العمل عندما وقفت في جهاز مسح ضوئي لكامل الجسم، عن طريق الخطأ.

ويذكر أن الماسح الضوئي لكامل الجسم، من الأجهزة الأمنية المستحدثة في المطارات البريطانية منذ مطلع العام الحالي، وبعد محاولة تفجير طائرة أمريكية في رحلة إلى "ديترويت" في رحلة من أمستردام بهولندا في عطلة أعياد الميلاد.

الماسح الضوئي والتحرش الجنسي

وفي بريطانيا وجهت الشرطة إنذاراً إلى أحد العاملين في مطار "هيثرو" بدعوى تلفظه بتعليق بذيء على إحدى زميلاته في العمل عندما وقفت في جهاز مسح ضوئي لكامل الجسم، عن طريق الخطأ.

ونقلت وكالة الأنباء البريطانية، بريس أسوسيشن، عن ناطقة باسم الشرطة قولها" تلقت الشرطة مزاعم حادث في القاعة الخامسة بمطار هيثرو، وأصدر تحذير تحرش من الدرجة ضد ذكر في الخامس والعشرين من العمر."

أشارت متحدثة باسم "إدارة المطارات البريطانية، القائمة على إدارة مطار هيثرو، إلى تحقيقات جارية، وأن "إجراءات مناسبة" ستتخذ"، فور التأكد من المزاعم.

وأضافت: "نتعامل بمحمل جد بالغ مع أي مزاعم عن سلوك غير لائق أو إساءة استخدام الأجهزة الأمنية، هذه المزاعم يجرى التحري عنها بدقة وعمق."

ويذكر أن الماسح الضوئي لكامل الجسم، من الأجهزة الأمنية المستحدثة في المطارات البريطانية منذ مطلع العام الحالي، وبعد محاولة تفجير طائرة أمريكية في رحلة إلى "ديترويت" في رحلة من أمستردام بهولندا في عطلة أعياد الميلاد. بحسب سي ان ان.

ولفت رئيس الوزراء البريطاني، غوردون براون، إلى أن الماسحات ضرورة لمكافحة "نوع جديد من التهديدات"، غير أن المنتقدين رأوا فيها تعدي على حق الخصوصية.

وشددت سوزي أوبال، من مفوضية حقوق الإنسان والمساواة في المملكة المتحدة، على أن الحادثة تعكس ما تمثله تلك الماسحات الضوئية من تجاوز على حق الخصوصية وامتهان لكرامة البشر."

وأضافت أوبال: "تحتاج الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لضمان عدم تكرار هذا النوع من الحوادث."

"ويذكر أن المشرعين البريطانيين أشاروا في تقرير نشر الأربعاء إلى أن مخاوف التعدي على الخصوصية حيال المساحات الضوئية "مبالغ فيها."

وجاء في تقرير "لجنة الشؤون الداخلية" بمجلس العموم البريطاني: " المسافرون بالجو يبدون بالفعل تسامحاً تجاه الغزو الكبير للخصوصية، ولا نشعر بأن المساحات الضوئية لكامل الجسم ستضيف الكثير في هذه الحالة... الإنشغال حول الخصوصية يجب أن لا يحول دون نشر تلك الأجهزة."

قانونية المسح الضوئي..

وقد يكون استخدام آلات مسح الجسم الإلكترونية في المطارات انتهاكا للقانون، حسب تحذير لجنة المساواة والحقوق البريطانية.

وقالت اللجنة إن آلات المسح التي أقيمت بالفعل في مطاري هيثرو اللندني ومانشستر، قد تكون انتهاكا لقانون مكافحة التمييز، ولحق المسافرين في الخصوصية. كما كتبت هذه الهيئة رسالة في هذا الشأن إلى وزير النقل البريطاني اللورد أدونيس.

وقال رئيس اللجنة تريفور فيليبس: إن حق الحياة، هو أسمى حق من حقوق الإنسان، ونحن نؤيد قرار الحكومة مراجعة السياسات الأمنية. إن تدابير حكومية من قبيل ضبط الحدود، والمسح الجسدي إجراءات تستند إلى دواع مقبولة. بحسب رويترز.

وأوضح فيليبس قائلا: بدون حيطة، قد ينتهي المطاف بمثل هذه السياسات إلى التمييز الطائفي وإلى الإضرار بالعلاقات الطيبة داخل المجتمع.

وأيد الناطق باسم حزب الليبراليين الديمقراطيين المكلف بالشؤون الداخلية النائب البرلماني كريس هون موقف اللجنة، وقال: يبدو أن الحكومة مصرة على المضي قدما في استخدام المسح الإلكتروني للجسم دون معالجة مسائل الحماية والوقاية التي أثارها الليبراليون الديمقراطيون وآخرون. وأضاف قائلا: إن اللجنة محقة في الإشارة إلى أن التدابير الأمنية لا يمكن اعتمادها دون مراعاة القانون.

وقالت الحكومة البريطانية إن الهاجس الأمني جعل من المسح الإلكتروني للبشر ضرورة فورية، وإنها تعمل على بحث تأثيره على مبدإ المساواة. وأعربت اللجنة عن تشككها القوي من المعايير المعتمدة لاختيار من سيخضعون للمسح الإلكتروني. وسبق للجنة أن حذرت من انتهاك مثل هذه التدابير لحق الفرد في الخصوصية بموجب قانون حقوق الإنسان.

ماسح ضوئي لمراقبة الأشخاص عن بعد

 بعد تزايد الحديث عن تركيب أجهزة المسح الضوئي في المطارات لتحسين الإجراءات الأمنية في أعقاب المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة أمريكية، كشفت أنباء ألمانية أن معهد "فراونهوفر" لفيزياء الذبذبات العالية في بون طورَ ماسحاً ضوئياً جديداً لمراقبة الأشخاص عن بعد.

وبحسب المعهد الألماني، فإن طريقة عمل الجهاز الجديد  للمسح الضوئي للجسم تشبه عمل كاميرا الفيديو، أي أنه يمكن تركيبه مثلاً في سقف أحد المطارات ويلتقط صوراً لصالة المغادرين والموجودين فيها، بحيث يمكن عند الضرورة تقريب العدسة لتكبير صور أشخاص معينين بين جموع الناس أو لتصوير تجمع ما.

أما الفرق بينهما فهو أن كاميرا الماسح الضوئي ليست مجهزة بأجهزة استشعار بصرية، وإنما تلتقط الموجات الكهرومغناطيسية كتلك التي تنبعث عن جسم الإنسان، وفقاً لما ذكره موقع "دويتشه فيله" الألماني.

وقد طور الباحث هيلموت إسِن، من معهد فراونهوفر المختص بفيزياء التردد العالي في بون، جهازاً يستطيع التقاط هذه الإشعاعات الصادرة عن جسم الإنسان وتقييمها. بحسب سي ان ان.

وأوضح إسن أنه يمكن التقاط هذه الإشعاعات أثناء حركة الأشخاص ومن مسافات مختلفة قد تصل إلى عشرين أو خمسين متراً، وعندما يلاحظ المراقب قدوم شخص يبدو "شريراً" يوجه عدسة الكاميرا عليه لتقريب صورته ومراقبته بشكل دقيق ذلك أن "الابتكار الجديد يمكننا من فحص الشخص من على بعد."

وكشف إسن عن ميزات الابتكار الجديد مشيراً إلى أنه بدونه يصبح من الضروري  فحص الشخص المشتبه به عن طريق لمس جسمه وعندما يتم الاقتراب منه "ربما يكون الأوان قد فات."

ولدى توجيه كاميرا الماسح الضوئي الجديد على الأشخاص تظهر ملامحهم الإطارية على الشاشة كأشكال سوداء، ويمكن تمييز حركات الوجه، إلا أنه لا يمكن رؤية الجسم عارياً ولا الأعضاء الجنسية، وفقاً لدويتشه فيله.

ووفقاً للباحث دينيس نوته، الذي ساهم في تطوير الجهاز، فإنه يمكن للجهاز تمييز أشياء عديدة بوضوح ، مشيراً إلى أن الخبرة تساعد على تمييز نوع الجاكيت الذي يرتديه الشخص ومكان السحاب الذي يبرز كمعدن، ويمكن أيضاً رؤية الأشياء المحظورة مثل المسدس الموضوع في الجيب.

وأضاف نوته أن الجهاز يمكنه تمييز وجود حزام متفجرات بوضوح،  فهو يبرز أمام الجسم، أي "بصرف النظر عن نوعية الألبسة التي يرتديها الشخص فوق الحزام  نتمكن من اكتشاف ذلك بواسطة الماسح الضوئي الجديد."

مسلمتان ترفضان المرور عبر آلة المسح..

ومُنعت مسلمتان من الصعود إلى الطائرة في رحلة من بريطانيا الى باكستان بعد رفضهما المرور عبر الة المسح الجسدي لأسباب دينية وطبية، على ما أعلن مسؤولو المطار.

وهما اول حالتين حيث يتعذر على مسافرين الصعود الى الطائرة منذ الالزام باستخدام الات المسح الجسدي في الاول من شباط/فبراير لمختلف المسافرين في المطارات المجهزة بها.

وكان يفترض ان تغادر المسافرتان معا في 19 شباط/فبراير من مطار مانشستر (شمال غرب بريطانيا) باتجاه اسلام اباد في باكستان. بحسب رويترز.

واوضح متحدث باسم مطار مانشستر "رفضت مسافرتان يفترض ان تتجها الى المحطة الثانية الخضوع لالة المسح الجسدي لاسباب طبية ودينية". وتابع "تطبيقا لتعليمات الحكومة حول الات المسح، لم يسمح لهما بالصعود الى الطائرة".

واضافت سلطات المطار ان عناصر الامن امضوا نصف ساعة مع المسافرتين لتفسير كيفية عمل الات المسح، لكنهما اختارتا عدم الصعود الى الطائرة.

ومطارا هيثرو اللندني ومانشستر هما الوحيدان المجهزان بالات مسح جسدي. ولم يشهد المطار اللندني اي حالة رفض الخضوع للتفتيش بتلك الالات.

وتشكل الات المسح احدى الاجراءات التي فرضت لتعزيز امن النقل الجوي غداة المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة اميركية اثناء رحلة بين امستردام وديترويت يوم الميلاد. واوقف المنفذ النيجيري الذي حمل متفجرات لم يتم رصدها في عمليات التفتيش المعتادة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/حزيران/2010 - 10/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م