انتعاش سوق اللحم الحلال العضوي في أمريكا

المسلمون يتجهون صوب المزارع العضوية

شبكة النبأ: أخذ المسلمون الأميركيون يتجهون بصورة متزايدة نحو تناول المنتجات الغذائية العضوية أو التي يتم إنتاجها بصورة طبيعية. وتقول الشركات المختصة باللحم الحلال المنتج بصورة طبيعية عضوية إن المسلمين الأميركيين أخذوا ينضمون بأعداد أكبر لتوجه متنام على الصعيد القومي لناحية اختيار الأغذية المنتجة طبيعيا والخالية من المواد الكيميائية.

غير أنه رغم أن الميل إلى تناول اللحوم المنتجة عضويا آخذ في التزايد، فإن العاملين في هذه الصناعة الناشئة يقولون إنه لا زالت هناك حواجز قبل ترسخ هذه الصناعة بصورة كاملة في أوساط الأميركيين  المسلمين.

ولعل التحدي الأكبر لنشر رسالة اللحم الحلال المنتج عضويا يتمثل في توعية الأميركيين المسلمين حول هذه المنتجات. ويقول ياسر سيد، المؤسس المشارك لسوق اللحم الحلال على الانترنت المسمى "الذبيحة الخضراء"، إن الكثير من الأميركيين، ومنهم المسلمون، يشترون اللحوم من محلات البقالة دون التفكير في المنشأ الذي جاءت منه هذه اللحوم. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

وقال سيد: "هناك حاجة للكثير من التوعية التي ينبغي القيام بها في أوساط المجتمع الأميركي المسلم، لأن الكثير من الناس بصراحة لا يعرفون من أين تأتي اللحوم التي يستهلكونها."

ويقول سيد، الذي بدأ يسعى للحصول على اللحم الحلال العضوي لأسرته بعد ولادة أطفاله، إن معظم اللحوم في الولايات المتحدة تأتي من مزارع المصانع. والكثير من شركات اللحوم والدواجن تقوم بتغذية حيواناتها بالهرمونات والمضادات الحيوية، وهو ما يجعل هذه اللحوم التي تُنتج في هذه الظروف غير صحية.

ويبدو أن العديد من الأميركيين يتفقون معه في ذلك.

فقد جاء في أحدث المعلومات من رابطة تجارة المنتجات الغذائية العضوية التي مقرها الولايات المتحدة أن مبيعات المنتجات العضوية في الولايات المتحدة، المواد الغذائية وغير الغذائية، بلغت 24.6 بليون دولار في نهاية العام 2008، وهو ما مثل زيادة بلغت نسبتها 17.1 فى المئة عن العام 2007.

ورغم أن الأعمال التجارية في المنتجات الغذائية العضوية في تزايد، فإن زيد كردية، مربي دواجن اللحوم الحلال العضوية، يقول إن ارتفاع أسعار المنتجات العضوية يعوق زيادة نمو هذه الصناعة. ويقول كردية، الذي يملك مزرعة نورويتش ميدوز في ولاية نيويورك التي يبيع منها الدواجن العضوية، إن ارتفاع الأسعار يزيد من صعوبة المنافسة بالنسبة إليه.

ويقول: "عندما يستطيع شخص الذهاب لشراء ما نسميه الطائر الحلال في السوق العادية بـ 1.29 دولار للرطل (الإنجليزي) ونقوم نحن ببيع منتجاتنا بـ 4،5 دولارات للرطل، فإنهم يتهموننا بأننا نحاول أن نسلبهم أو أننا نحقق أرباحا غير معقولة."

ويقول كردية إن النظام الذي تقوم عليه هذه الصناعة هو منافسه الرئيسي في مجال تربية الدواجن الحلال العضوية.

ويقول: إنه بالنسبة لمزارع الدواجن العادية "هناك المباني الضخمة التي يُربى فيها ما بين 25,000 إلى 1,000,000 طير في المرة الواحدة، وهي كلها مزارع مؤتمتة بالكامل، وليس هناك سوى القليل من العمل اليدوي فيها، وهي لذلك عملية صناعية. وفي ظل هذه الظروف يمكنك إنتاج الدواجن بكلفة رخيصة حقا."

وكذلك فإن اللحوم العضوية هي أغلى سعرا لأن العلف الطبيعي يكلف تقريبا ضعف تكلفة العلف التقليدي. لكن وعلى الرغم من العقبات، فإن كردية يقول إن الاهتمام باللحم الحلال في ازدياد مستمر.

ويقول كردية "إنه في الوقت الراهن لا نستطيع في الواقع تلبية الطلب"، مضيفا أنه على الرغم من أن عدد الزبائن المسلمين في تزايد، فإن معظم زبائنه هم من اليهود حاليا.

وبالنسبة إلى سيد وكردية فإن اللحم الحلال هو أكثر من مجرد طريقة طقوسية لذبح الحيوانات. وقد بدأ كردية العام الماضي يقوم بتربية الماعز العضوي، والخراف والأبقار للذبح الحلال، ولكنه سرعان ما تخلى عن ذلك لأسباب إنسانية ودينية.

ويقول كردية إن "المسألة الكبرى هي أنه عندما يلاقي الحيوان خالقه، أي عندما تتم التضحية به، لا بد من القيام بذلك بطريقة سليمة والكثير من المسلمين الذين يقومون بذبح الحيوانات حاليا لا يفعلون ذلك بطريقة سليمة."

وقد رفض كردية تعليق الخراف عن طريق إدخال الأصفاد عبر كواحلها وهي حية في المسلخ قبل ذبحها.

وقال "من المفترض وضعها بسلاسة وقت وفاة الحيوان، وليس عنوة، أو في ظل ظروف قسوة شديدة."

وشأنه شأن كردية، فإن عملية تربية حيوانات اللحم الحلال بالنسبة إلى سيد تتعلق بالحياة الكاملة للحيوان. ويقول سيد إن تعاليم الإسلام تعلمنا أنه يجب علينا أن نعامل الحيوانات معاملة حسنة لأنها من خلق الله.

وقال "إن كنه هذه العملية حقا هو استعادة القدسية، إنها فكرة أن هذه الحيوانات، من وجهة نظر المسلمين، لها قدسية معينة."

الأميركيون المسلمون من مدينة بلتيمور وواشنطن العاصمة، يتجهون بأعداد كبيرة إلى مسلخ جوزيف كافنا للحم الماعز والخروف، وهو مسلخ "لامبكو أل أل سي". هذا المسلخ الصغير يوفر اللحوم للجماعات الثقافية والدينية في المنطقة، بما في ذلك اللحم الحلال للمسلمين واللحم الكوشر (المذبوح على الطريقة اليهودية) لليهود.

وعلى الرغم من أن مسلخ لامبكو ليس مسلخا للحوم العضوية بالكامل من الناحية التقنية، فإن الحيوانات التي تأتي إلى المسلخ للذبح تأتي في الأساس من مزارع محلية لا تستعمل الهرمونات أو المضادات الحيوية في تغذية الحيوانات فيها. وتوصي رابطة ترخيص اللحم الحلال/الذبيحة في الولايات المتحدة باستعمال خدماته.

ويقول كافنا: "كل شهر هو أفضل من الشهر الذي قبله، وذلك نتيجة لانتشار أخبار خدماتنا من شخص لآخر فقط."

ومع توسع أعمال كافنا محليا، فإن سوق الذبيحة الخضراء الذي يملكه سيد ينمو على الصعيد القومي والدولي. ولعل سوق سيد الجديد في الخارج هو مؤشر على إمكانات اللحم الحلال العضوي كعمل تجاري ناجح. ففي أميركا، يقوم سيد بتأسيس فروع له في ولاية كاليفورنيا من قاعدته الأساسية بولاية فرجينيا لتوفير اللحوم المحلية، بدلا من شحنها مسافات طويلة عبر البلاد.

ويقول سيد: "أقول هذا للمزارعين دائما إن 'المسلمين سيكونون أفضل الأصدقاء لهذه المزارع التي تُطعم فيها الحيوانات الأعشاب وتربى في المراعي. في تقاليدنا هناك تأكيد كبير على ضرورة أن نتناول المأكولات الحلال الطاهرة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/حزيران/2010 - 9/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م