بقعة النفط.. تلطخ تاريخ BP وسُمعة أوباما

التسرب يمتد لأوربا والآثار المدمرة تتجاوز التوقعات

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: انتزع الرئيس الأميركي باراك اوباما موافقة مسئولي بريتش بتروليوم، الذين دعاهم إلى البيت الأبيض، على تخصيص 20 مليار دولار للتعويض على ضحايا البقعة النفطية الآخذة في الانتشار قبالة السواحل الأميركية.

وفي هذه الأثناء يخطط ناشطون بيئيون لتنظيم احتجاجات عالمية ضد عملاق النفط البريطاني - بريتيش بتروليوم - على خلفية التسرب النفطي في خليج المكسيك، الذي يقترب من شهره الثاني، في أسوأ كارثة بيئية تشهدها الولايات المتحدة. في حين حذّر عالم أمريكي بارز من أن التأثير المدمر للتسرب النفطي الهائل في خليج المكسيك، سيمتد حتى أوربا والقطب الشمالي...

اوباما ينتزع 20 مليار دولار من BP

وقال اوباما في ختام لقاء استمر اكثر من اربع ساعات لمسؤولي المجموعة النفطية البريطانية الى البيت الابيض "يسعدني أن أعلن أن بي بي وافقت على تخصيص 20 مليار دولار لتلبية حاجات التعويض الناجمة عن هذا التلوث".

وأضاف أن "مبلغ العشرين مليار دولار هذا سيضمن الوفاء بطلبات التعويض للسكان والمؤسسات، وهذا ليس سقفا اعلى. انا اعد سكان خليج (المكسيك) بذلك، بي بي ستفي بالتزاماتها حيالهم"، واصفا الاجتماع ب"البناء".

من جهة ثانية وافقت بي بي على انشاء صندوق سقفه الاعلى 100 مليون دولار لتعويض عمال القطاع النفطي الذين تم صرفهم جراء البقعة النفطية، كما اعلن الرئيس.

وبحسب المتحدث باسم الرئاسة الاميركية روبرت غيبس فان اوباما امضى 20 دقيقة مع مسؤولي بي بي في مستهل الاجتماع الذي شارك فيه مستشاروه المقربون، ثم وفي اعقاب نهاية هذا الاجتماع استقبل في المكتب البيضاوي رئيس الشركة كارل هنريك سفانبرغ حيث اجتمع معه لمدة 25 دقيقة اخرى.

واثر اعلان اوباما اكد سفانبرغ للصحافيين خارج البيت الابيض ان مجموعته وافقت على مبدأ دفع 20 مليار دولار، كاشفا ان بي بي لن توزع هذا العام ارباحا على مساهميها، ومقدما من جهة اخرى اعتذاراته الى الشعب الاميركي على البقعة السوداء التي تسببت بها شركته. بحسب فرانس برس.

وسيشرف على هذه المليارات العشرين المحامي كينيث فينبرغ الذي كلف سابقا التعويض على ضحايا اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر. وسيدار الحساب المصرفي، الذي ستودع فيه هذه الاموال، بشكل مستقل على مدى سنوات عدة بغية تلبية طلبات التعويض الافراد والمؤسسات المتضررة من الكارثة البيئية.

وردا على هذا الاعلان قال لوكالة فرانس برس احد الصيادين المغلقة مؤسسته في منطقة فينيس بولاية لويزيانا (جنوب) منذ شهر بسبب التسرب النفطي "انها لبشرى رائعة"، مؤكدا ان "هذا الامر هو على الارجح افضل ما سمعت منذ بدأت هذه القضية. انه يمنحنا شعورا بالاطمئنان للمستقبل".

واكدت بي بي الاثنين انها انفقت حتى الان 1,6 مليار دولار بسبب الكارثة لكن بعض الخبراء يتوقعون ان تكلفها ما بين 30 و100 مليار.

وفي لندن دق رئيس الوزراء البريطاني ناقوس الخطر بخصوص المخاطر المالية المحدقة بالمجموعة، معتبرا ان بي بي "تحتاج الى ضمانات" بشأن ما ينتظر منها في الولايات المتحدة.

وقال ديفيد كاميرون ان "بي بي حريصة على ان تحصل على بعض الضمانات لناحية انه لن تكون هناك شكاوى مرتبطة مباشرة بالبقعة النفطية"، مضيفا ان "المهم هو ان لا يصبح ذلك مشكلة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ان الرئيس اوباما لا يريد ذلك، وانا لا اريد ذلك".

لكن السلطات الاميركية رفعت مرة جديدة الثلاثاء تقديراتها لحجم التلوث فاعلنت ان كمية من النفط تصل الى ستين الف برميل تتسرب يوميا في المحيط، بزيادة 50% عن تقديراتها السابقة التي نشرت الخميس.

وعليه يكون ما مجموعه 300 الى 500 مليون ليتر من النفط قد تسرب خلال ثمانية اسابيع من البئر النفطية اثر انفجار منصة "ديبووتر هورايزن" التي تشغلها المجموعة البريطانية قبالة سواحل لويزيانا.

الكارثة أسوأ من المتوقع..

وتقول السلطات الأميركية أن تسرب النفط الخام في خليج المكسيك أسوأ مما كانت تخشاه حتى الان في ضربة جديدة لمجموعة بريتش بتروليوم العملاقة التي يتوقع ان تعلن قريبا تعليق دفع الارباح الى مساهميها.

وتوقعت هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي ان تعلن المجموعة النفطية البريطانية التي تواجه غضب المسؤولين الاميركيين المتزايد، ذلك الاسبوع المقبل.

لكن لا يتوقع ان يعلن هذا التعليق قبل لقاء بين ادارة العملاق النفطي والرئيس الاميركي باراك اوباما الاربعاء على ما اوضحت البي بي سي.

الى ذلك استدعي نحو ثمانمئة شخص من طواقم 120 سفينة يكافحون البقعة النفطية الى اليابسة الجمعة بعد تسرب غاز سام من احدى المنصات مما ادى الى نقل 36 شخصا الى المستشفيات، كما اعلنت بريتش بتروليوم.

وقالت نيكول لاشانس من قسم العلاقات العامة في المجموعة النفطية لوكالة فرانس برس ان الطواقم "استدعيت الى اليابسة" في تدبير احترازي بعد اصطدام سفينة للتموين ترسو في منصة للغاز الطبيعي في كوكودريا جنوب غرب لويزيانا (جنوب شرق الولايات المتحدة) بصورة عرضية بانبوب غاز مما تسبب بتسرب للغاز.

ويأتي القرار اثر نقل 36 شخصا الى المستشفيات -- من اصل 42 موجودين على السفينة التي اصطدمت بأنبوب الغاز -- بينهم موظفان يشكوان من اعراض شديدة لضيق التنفس واختلال التوازن وآلام في الصدر.

وأضافت نيكول لاشانس أن تدقيقا امنيا سيجرى السبت بالنسبة للثمانمائة شخص الذين تم استدعاؤهم.

ويتسرب حتى 40 ألف برميل من النفط -- حوالى 5260 طنا -- كل يوم في خليج المكسيك بحسب أعلى تقدير للخبراء المكلفين من الإدارة الأميركية لتقييم حجم التسرب. ويشير أدنى تقدير إلى نحو عشرين ألف برميل. وكان التقدير السابق يشير إلى تدفق ما بين 12 ألف و19 ألف برميل في اليوم. وعلى سبيل المقارنة ومع الأخذ بالاعتبار التقدير الأعلى، فان الأمر شبيه بغرق اريكا كل أربعة أيام.

وكان غرق ناقلة النفط هذه قبالة السواحل الفرنسية في 1999 ادى الى تلوث 400 كلم من السواحل ونحو 150 الف طير. وقد تسرب منها حوالى 20 الف طن من النفط الخام.

وغرقت المنصة ديب ووتر هورايزون التي تستثمرها بريتش بتروليوم هلى بعد 80 كلم من السواحل الاميركية، قبل سبعة اسابيع مما تسبب باسوأ بقعة نفطية في تاريخ الولايات المتحدة.

وقد اجري تقييم السلطات الاميركية قبل وضع انبوب لشفط الخام الذي يخرج من بئر واقعة على عمق 1500 متر في الثالث من حزيران/يونيو.

وتستعيد بريتش بتروليوم حاليا 15 الف برميل من الخام يوميا بفضل هذا الانبوب الذي ينقل الى متن سفينة على سطح المياه.

وتبلغ القدرة القصوى لشفط النفط 28 الف برميل يوميا، لكن المجموعة تأمل رفعها الى ما بين 40 الف و50 الف برميل من خلال ارسال سفن الى المكان.

دعوات لتظاهرات عالمية..

وفي هذه الأثناء يخطط ناشطون بيئيون لتنظيم احتجاجات عالمية ضد عملاق النفط البريطاني - بريتيش بتروليوم - على خلفية التسرب النفطي في خليج المكسيك، الذي يقترب من شهره الثاني، في أسوأ كارثة بيئية تشهدها الولايات المتحدة.

ويشارك في "يوم الاحتجاج العالمي على بي بي" ناشطون مدافعون عن البيئة في أكثر من 60 مدينة حول العالم.

وتقول الإعلانات الداعية للمسيرات الاحتجاجية، والتي رمزت إلى حرفي الشركة "بي بي" (BP)  بـ"البريطاني المفترس" British Predator "دعوا العالم يعرف بأنكم تهتمون..نحن بحاجة لأن نطلع "بي بي" بأننا لا نوافق على ما تضخه في محيطاتنا."

وتأتي الاحتجاجات وسط ضغوط رسمية وشعبية تتعرض لها الشركة البريطانية لوقف التسرب النفطي في الخليج وتعويض المتأثرين.

وبدأ التسرب النفطي بعد انفجار منصة بحرية تابعة لبريتيش بتروليوم في 25 إبريل/نيسان، مما أدى لمقتل 11 شخصاً، وتسرب كميات من النفط، اختلف الجانبان في تحديد كميتها.

 وأعلنت الشركة البريطانية حينئذ أن أكثر من 5 آلاف برميل نفط تتسرب يومياً، إلا أن علماء أمريكيين حددوا التسرب بما بين 15 ألف برميل إلى 19 ألف برميل، وتضاعف الرقم مؤخراً إلى قرابة 40 ألف برميل يومياً (1.7 مليون غالون) وفق باحثين أمريكيين.

ووجهت رئيس مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، انتقادات عنيفة للشركة البريطانية قائلة: ذكرت بي. بي. أنها تمتلك التقنية للتنقيب في الأعماق، ومنع وقوع انفجارات كما قالوا أن لديهم التقنية للتنظيف، وأيا من هذا الأمور لم تكن حقيقة. بحسب سي ان ان.

وكان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون قد أعرب عن قلقه من المخاطر البيئية للتسرب النفطي، في حديث  مع رئيس مجلس إدارة "بريتيش بتروليوم" كارل-هنريك سفانبيرغ، وفق الناطق باسم الحكومة البريطانية، الذي شدد على الأهمية التي تمثلها الشركة النفطية للاقتصاد البريطاني، ودول أخرى.وأضاف قائلاً: "مصلحة الجميع تقتضي بأن تكون شركة "بي. بي" في وضع اقتصادي قوي ومستقر."

وقوبلت دعوة نائب رئيس الحكومة البريطاني، نيك كليغ، التي دعا فيها إلى وقف الانتقادات للشركة بشأن التسرب الذي أدى لتوتر سياسي ودبلوماسي بين لندن وواشنطن، بانتقادات لاذعة.

وقال بيل نانغسر من ولاية أرزيونا: سنصاب بالشلل على مدى العشرين عاماً المقبلة.. هذا المنطقة في حكم الميت.. وهم يتحدثون عن كوننا قساة."

وتزاد  المخاوف حيال تأثر اقتصاد المنطقة الذي يعتمد على النفط والسياحة والصدي بالتلوث النفطي، ورغم إعلان "بريتيش بتروليوم" عن استعدادها لتقديم عويضات عن "المطالب المعقولة."

وأشارت الشركة إلى تقليها 42 ألف طلب تعويض وتسديد 20 ألف منها بما قيمته 53 مليون دولار، فيما تكبدت 1.43 مليار دولار، في سياق محاولات لوقف التسرب.

ويسعى  النواب  الأمريكيون للحصول على ضمانات امتلاك الشركة الأموال الكافية لتنظيف التلوث النفطي وتعويض الجهات المتأثرة منه، علماً أن للعملاق النفطي سيولة نقدية تتجاوز 30 مليار دولار، العام الماضي.

الخسائر تصل لـ 100 مليار دولار

ويستمر تضارب الأرقام حول المبالغ التي ستتكبدها "بريتيش بتروليوم" لإصلاح أضرار التسرب النفطي في خليج المكسيك،  بالإضافة إلى الخسائر التي تكبدتها المنطقة جراء التسريب التي تفلح جهود احتوائه حتى اللحظة.

ففي حين تشير تقارير إلى أن التكلفة قد تتراوح بين ثلاثة و14 مليار دولار، وضع مصدر مسوؤل الرقم عند 100 مليار دولار.

ويعود الفارق الكبير في هذه التقديرات إلى صعوبة تحديد أمرين أساسيين: متى يتم التحكم بالتسرب النفطي بشكل كامل،  وكميات النفط التي ستبقى في القاع، مقارنة بما سيلفظه المحيط نحو الشاطئ. وسيكون من المستحيل تحديد تكلفة الأضرار الحقيقية قبل الإجابة عن هذين الأمرين.

ويدر النفط والسياحة وقطاع الصيد والسفن في خليج المكسيك نحو 234 مليار دولار سنوياً، نصيب الولايات المتحدة منه الثلثين (2/3) والباقي للمكسيك، طبقاً لدراسة أعدها أكاديميون من المنطقة عام 2007.

ويذكر أنه لو كان خليج المكسيك دولة مستقلة بذاتها، لاحتل المترتبة الـ29 ضمن أكبر اقتصادات العالم.

ويساهم قطاع النفط والغاز بـ124 مليار دولار، أي 53 في المائة من إجمالي ذلك المبلغ، وفق جيم كاتو، بروفيسور اقتصاد سابق بجامعة فلوريدا شارك في إعداد البحث.

وحتى الخميس الماضي، توقفت كافة عمليات التنقيب البحرية الجديدة في المنطقة منذ انفجار المنصة النفطية التابعة لبريتيش بتروليوم في 20 إبريل/ الماضي، في حادثة أودت بحياة 11 من العاملين، وبدء تسرب ما لا يقل عن 5000 برميل النفط الخام يوميا في الخليج. بحسب سي ان ان.

ويتخوف مراقبون من إصابة السياحة في المنطقة بالشلل جراء المخاوف من الكتل النفطية، ويساهم القطاع بنحو 46 في المائة من اقتصاد المنطقة، أي ما يفوق 100 مليار دولار سنوياً.

ويهدد التسرب الذي يمكن أن يصبح الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة بكارثة اقتصادية وبيئية في سواحل خليج المكسيك السياحية ومواطن الحياة البرية ومناطق الصيد فيه.

ويؤكد باحثون وعلماء، بأن آلاف براميل النفط التي مازالت تتدفق في الخليج، تتسبب بكارثة بيئية لا تعرف أبعادها الحقيقية حتى اللحظة.

وربما يكون أكثر المتضررين حتى الآن الصيادون حيث أن الحكومة الأمريكية أقفلت حتى الآن أكثر من 20 في المائة من مواقع صيد الأسماك وتركت الصيادين دون عمل.

ووجه العالم انتقادات عنيفة لشركة النفط البريطانية، "بريتيش بتروليوم" المسؤولة عن التسرب النفطي الذي بدأ منذ انفجار منصة نفطية تملكها في خليج المكسيك، في حادث  بإبريل/نيسان الماضي، أدى لمقتل  أكثر من 11 شخصاً، وتسرب كميات كبيرة من النفط الخام في الخليج، فشلت كافة جهود وقفه.

أوباما يواجه النتائج السياسية..

ومن جانب آخر عمل الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الآن للحيلولة دون أن يتحول تسرب نفطي من بئر تابعة لشركة بي بي الى كابوس لادارته مماثل للكابوس الذي سببه الاعصار كاترينا لادارة سلفه جورج بوش ولكن من المرجح أن تتزايد النتائج السياسية والمتعلقة بصنع السياسة المترتبة على التسرب النفطي مع ازدياد التسرب.

وتجنب أوباما بالقائه اللوم مرارا على الشركة النفطية العملاقة وتركيز الغضب على الوكالة الحكومية المسؤولة عن التنقيب عن النفط في البحار الانتقادات بأن ادارته كانت بطيئة في استجابتها الاولية للتسرب النفطي في خليج المكسيك. ولكن ذلك الافلات من الانتقاد قد لا يستمر.

فبعد مرور شهر على انفجار وغرق منصة حفر تابعة للشركة أسفر عن مقتل 11 شخصا وتلف بئر نفطية مما أدى الى تسرب نفطي لم يتوقف منذئذ فان الكارثة البيئية التي يخشى من حدوثها تصبح واقعا ماثلا على نحو متزايد. بحسب رويترز.

فالنفط الثقيل يصل الى مستنقعات ولاية لويزيانا. ويجري انقاذ حيوانات ملوثة بالنفط وتنظيفها. وتعاني اقتصادات ساحل الخليج وتستعد لضرر سيستمر طويلا.

ويقول محللون ان الازمة البيئية تستحوذ على الاهتمام وان الناخبين سيعاقبون الرئيس بغض النظر عن المسؤول عن الازمة وهو اعتبار مهم بالنسبة لاوباما قبل انتخابات الكونجرس التي ستجرى في نوفمبر تشرين الثاني القادم.

وقال اريك شيكلر أستاذ العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا ببركلي "هناك ميل قوي لدى الجمهور لمعاقبة الموجودين في السلطة حتى عن الكوارث الطبيعية اذا لم تكن هناك وجهة نظر حكومية جديرة بالتصديق - بغض النظر عما اذا كانت الحكومة تقاعست عن التجاوب مع الازمة على نحو ملائم."

ومضى يقول "اذا كان للتسرب النفطي تأثير كبير على اقتصاد ساحل الخليج - وعلى الاقتصاد الامريكي ككل نتيجة لذلك فمن المحتمل أن يؤدي على الاقل الى بعض الضرر للرئيس وحزبه."

ومن المتوقع أن يخسر الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه أوباما والذي يسيطر على مجلسي الكونجرس الامريكي بعض المقاعد في الانتخابات ويرغب في تجنب انتقال السلطة للجمهوريين الذين سيجعلون تحقيق الاهداف السياسية للرئيس أمرا أكثر صعوبة.

وأوباما على وعي بمسألة وجهة نظر الحكومة في الازمة وأوضح تماما استيائه من جهاز ادارة المعادن وهو الوكالة المسؤولة في الجهة الوزارية عن تنظيم عمليات التنقيب عن النفط في البحار.

وتجري في الوقت الحالي اعادة هيكلة للوكالة ولكن تلوح نتائج أخرى مرتبطة بالسياسة أهمها جهود الرئيس للحصول على موافقة الكونجرس على تشريع للطاقة سيقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ويزيد من الانتاج المحلي للوقود المعتمد على الطاقة المتجددة وتوسيع عمليات التنقيب في البحار وهي مسألة دقيقة في ظل الظروف الراهنة.

وقال جون ليشي الذي عمل مستشارا عاما لوزارة الداخلية في عهد الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون ان التسرب قد يضر فرص أوباما لاصلاح قطاع الطاقة في الاجل القريب.

وتابع ليشي الذي يعمل الان أستاذا في كلية هاستنجس للحقوق في جامعة كاليفورنيا "من الواضح أن التسرب أضفى طابعا مثيرا على تكلفة الوقود الحفري - الفحم والنفط والغاز لاسيما النفط. وعليه فانني اعتقد أنه عزز الى ذلك الحد فكرة أن هناك حاجة لاصلاح قطاع الطاقة."

واستطرد قائلا "ولكن في الاجل القصير لابد من كسب تأييد 60 عضوا في مجلس الشيوخ." وأضاف "اعتقد أن التسرب جعل ذلك أكثر صعوبة."

وسيضعف مشروع قانون للطاقة قدمه السناتور الديمقراطي جون كيري والسناتور المستقل جو ليبرمان في الهيئة التشريعية التي تضم 100 عضو. وكان الهدف من البنود المتعلقة بالتنقيب البحري هو كسب تأييد الجمهوريين لمشروع القانون.

وخطة أوباما لدفع مشروع قانون الطاقة ليست واضحة ولكن استراتيجيته للتعامل مع التسرب النفطي كانت التحرك سريعا.

وأوباما المنتبه للضرر السياسي الذي لحق بادارة بوش بسبب بطء استحابتها للاعصار كاترينا في عام 2005 لم يضع أي فرصة لاظهار أنه يتحرك بسرعة ويحدد المسؤولية.

وقال كين مدلوك وهو باحث في مجال الطاقة في جامعة بهيوستون "الاعصار كاترينا كان كارثة طبيعية. وهذه كارثة من صنع البشر." وتابع قائلا "وفي هذه الحالة المحددة كان خفر السواحل في الموقع منذ اليوم الاول. والحكومة الاتحادية كانت موجودة بالتالي منذ اليوم الاول."

وقال لاري ساباتو مدير مركز السياسة في جامعة فرجينيا ان أوباما وعى الدرس من الاعصار كاترينا وأوضح أن بي بي تتحمل المسؤولية عن كارثة التسرب النفطي في خليج المكسيك.

ولكن الغضب الجماهيري من التسرب لم يساعد أوباما على اقناع الكونجرس بزيادة سقف مسؤولية شركات النفط عن التسرب النفطي الكبير.

كما أنه أعطى الجمهوريين الذين يحتاج أوباما الى تأييدهم لتحقيق اصلاح الطاقة ذخيرة محتملة ضد الادارة اذا ثبت أن جهاز ادارة المعادن كان مقصرا.

وقال ميتش مكونيل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ لشبكة ان بي سي يوم الاحد "الرئيس أمضى الوقت كله في توجيه أصابع الاتهام لشركة بي بي ويجب توجيه الاتهام لشركة بي بي وشركات أخرى متورطة."

ومضي يقول "نحن أيضا مهتمون بمعرفة ماذا فعلت الادارة. وهل جهاز ادارة المعادن هو القطاع من هذه الادارة الذي وافق على هذا الموقع. هل صادق أيضا على خطة الاستجابة للتسرب النفطي. وأي نوع من الاشراف قدمته الادارة أثناء سير عملية التنقيب؟"

ويعتزم أوباما تشكيل لجنة حكومية للاجابة على أسئلة كهذه وتحديد أسباب التسرب النفطي.

وسيعتمد الوقت المتاح له على مدى سرعة شركة بي بي لاغلاق البئر والى أي مدى سيصل تدفق النفط المتسرب والى اي مدى سيظل تركيز الجمهور الامريكي منصرفا الى دور الشركات بدلا من التركيز على دور الحكومة في هذه الازمة البيئية.

تأثير التسرب المدمِّر قد يمتد لأوروبا

ومن جهة أخرى حذر عالم أمريكي بارز من أن التأثير المدمر للتسرب النفطي الهائل في خليج المكسيك، سيمتد حتى أوروبا والقطب الشمالي.

ولفت باحثون وعلماء آخرون، خلال موجز أمام لجنة التجارة والطاقة بمجلس النواب الأمريكي، إلى أن آلاف براميل النفط التي مازالت تتدفق في الخليج، ستسهم في كارثة بيئية محتملة لا تعرف أبعادها حتى اللحظة.

وقال كارل سافينا، رئيس "معهد المحيط الأزرق": "هذه ليست مجرد مشكلة إقليمية للحياة البرية،" خاصة وأن الكثير من الفصائل تهاجر من جانب إلى آخر في المنطقة، كما أن أشكالاً متعددة من الحياة البحرية تفد من كافة أنحاء المحيط الأطلس للتزاوج في الخليج." بحسب  سي ان ان.

ووجه العالم انتقادات عنيفة لشركة النفط البريطانية، "بريتيش بتروليوم" المسؤولة عن التسرب النفطي الذي بدأ منذ انفجار منصة نفطية تملكها في خليج المكسيك، في حادث  بإبريل/نيسان الماضي، أدى لمقتل  أكثر من 11 شخصاً، وتسرب كميات كبيرة من النفط الخام في الخليج، فشلت كافة جهود وقفه.

وأضاف قائلاً إن "بريتيش بتروليوم" تسببت في كارثة هائلة، وللأسف، يتوجب علينا نحن اليوم تحديد ماهية الخطوة المقبلة."

وهاجمت سيلفيا أيرل، من "جمعية ناشيونال جيوغرافيك"، بدورها عملاق النفط البريطاني قائلة إن الطلب من الشركة لعب دور رائد في جهود احتواء التسرب كمثل "الاعتماد على الثعالب لرعاية قن الدجاج".

وأضافت: "عدم معرفة [حجم التسرب والضرر] هو الشيء الذي ينبغي أن نتخوف منه.. هناك عدم إدراك في فهم عواقب هذا الشأن الذي قد يرتد علينا لاحقاً."

ويجادل خبراء بشأن تأثير ضخ مواد كيميائية نحو النفط المضغوط الذي يتسرب في قاع الخليج، وحذرت أيرل بالقول:" لا نعرف تأثير تلك المواد عند استخدامها على مساحة ميل تحت المياه، فلم يسبق أن أجرينا مثل هذه التجارب في المختبرات."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/حزيران/2010 - 7/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م