الثعابين... وإسرار حياتها

الصيد الجائر وأمراض فطرية وراء انقراض الثعابين

 

شبكة النبأ: تشير دراسات علمية جديدة إلى انخفاض عدد الثعابين في جميع أنحاء العالم، خلال العقد الأخير لأسباب غامضة، والثعبان الملكي أحد ابرز هذه  الأنواع التي تتناقص أعدادها بدرجة كبيرة.

وقد درس الباحثون 17 سجلا لأعداد الثعابين تغطي ثمانية أنواع منها على مدى العقود الأخيرة، ووجدوا أن معظمها قد انخفض بشكل ملحوظ.

 وفي ذات السياق أفاد مختصون إن الصيد الجائر للثعابين يهدد بانقراض فصائل منها أيضا فضلا عن ظاهرة الاحتباس الحراري والمؤثرات البيئية الأخرى والتي تؤدي الى انقراض عدد كبير من الحيوانات البرية ومنها الثعابين.

ووصف الباحثون في مجلة "رسائل علم الأحياء رسائل" هذه النتائج بأنها "مزعجة" ولكنهم قالوا إن هناك حاجة إلى المزيد من العمل لفهم الأسباب.

حياة الثعابين

وقال الدكتور كريس ريدنج المشرف على دراسة علمية بشأن الثعابين: "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تحليل البيانات بهذه الطريقة، وما أثبتناه هو أن هناك انخفاضا حادا في عدد الثعابين في مناطق مختلفة من العالم".

وأضاف خلال تصريحاته لبي بي سي نيوز "لقد أصابتنا الدهشة عندما أدركنا ما هو كائن أمامنا. ليس لدينا أدنى فكرة عما كان عليه الوضع في تلك الفترة (من عام 1998)."

قام بالبحث فريق يرأسه الدكتور ريدينج في مركز علوم البيئة والهيدرولوجيا في بريطانيا بالتعاون مع مؤسسات علمية في استراليا وفرنسا وايطاليا ونيجيريا.

وتتمثل المشكلة الرئيسية التي تواجه كل من يريد إجراء مسح عالمي مثل هذا في غياب البيانات.

ومن أجل رصد ومتابعة حياة الثعابين يقتضي الأمر وضع علامات تدل على الثعابين بشكل فردي وجداول تحدد أنماط سلوكها وترصد نموها أو تناقصها، أو زرع شرائح إلكترونية دقيقة في أجسامها تسجل حركتها. وهذه الأبحاث الميدانية قد تستمر لعدة أشهر، ويجب أن تتكرر سنويا. بحسب سي أن أن.

ويعتقد الباحثون أنهم جمعوا معظم، إن لم يكن كل، البيانات التي تلزم الدراسة على المدى الطويل، على الرغم من أن البعض يرى أنه يتعين العودة الى الوراء لأكثر من عقد من الزمان، وفي بعض الحالات أكثر من عقدين، لجمع وتحليل المعلومات.

ومع ذلك، وضمن هذا الإطار الزمني القصير نسبيا، لوحظ أن ثمانية أنواع من بين 17 آخذة في الانخفاض بشكل ملحوظ ، أحيانا بنسبة تزيد على 90 في المائة، بينما لوحظ زيادة العدد في نوع واحد من الثعابين.

ومن بين الأنواع الآخذة في الانخفاض ثعابين من آسيا ومنطقة المحيط الهادئ وثعبان الفايبر من الجابون، وفايبر وحيد القرن في غرب أفريقيا، والثعبان الملكي.

وقد تقلص عدد الثعابين حتى في المناطق المحمية، مما يدل على أن الفقدان التدريجي لأماكن إيواء الحيوانات البرية في جميع أنحاء العالم ليس السبب الوحيد.

وقد لوحظ أن الانخفاض الحاد المماثل في عدد الضفادع وسمندل الماء في فترة سابقة يعود إلى مرض فطري يدعى chytridiomycosis.

ويثير الانخفاض الذي وقع في عدد الثعابين في العالم حول عام 1998 التساؤل حول ما إذا كانت هناك علاقة بين هذا التناقص وبين العوامل المناخية، بعد أن ساهمت الظروف المصاحبة لظاهرة النينو القوية في جعل المناطق التي تعيش فيها الثعابين في تلك السنة الأكثر سخونة في العصر الحديث.

وترى مجموعة البحث التي يرأسها الدكتور ريدنج أن الأسباب قد تكون كثيرة، وناشدت الباحثين الآخرين تقديم بياناتهم التي ترصد أحوال الثعابين على المدى الطويل والتي يمكنها أن تساهم في وضع صورة أكثر شمولية.

 من جانبها أظهرت بيانات منظمة الصحة العالمية، أن نحو مائة ألف شخص يموتون سنوياً بلدغات الثعابين، في حين يتعرض أكثر من 205 ملايين إنسان للتسمم كل عام بسبب الأفاعي.

وقالت المنظمة في بيان إن نحو 300 ألف شخص أيضاً يتعرضون لحالات بتر الأطراف وغيرها من حالات العجز الدائمة سنوياً، بسبب الثعابين، وبسبب نقص مضادات السموم، في عدد من البلدان.

وقالت المنظمة إنها تعمل حالياً على نشر دلائل إرشادية جديدة لإنتاج تلك المضادات وتنظيمها ومراقبتها، وتتيح موقعاً على الإنترنت يورد تفاصيل عن أماكن انتشار الثعابين السامة، ومختلف أشكال تلك الثعابين، والمضادات المناسبة لمكافحتها، والمواقع التي تُتاح فيها تلك المضادات.

ونسب بيان المنظمة إلى كاريسا إيتيين، المدير العام المساعد للمنظمة: "لا تُتاح لكثير من البلدان فرص الحصول على مضادات السموم التي تحتاجها. وهناك بلدان أخرى تستعمل مضادات لم تخضع قط لأيّ اختبار يثبت نجاحها في إزالة سموم الثعابين المستهدفة. وستساعد هذه الوسائل الجديدة على وضع حدّ لتلك الممارسة."

ووفقاً للمنظمة، فيمكن أن تتسبّب لدغات الثعابين السامة في الإصابة بشلل قد يعيق التنفس، واضطرابات نزفية يمكنها أن تؤدي إلى نزف مميت، وفشل كلوي يتعذّر تداركه، وضرر وخيم في النُسج يمكنه إحداث عجز دائم وقد يسفر عن بتر الأطراف في بعض الأحيان.

يذكر أنّ معظم الضحايا هم من النساء والأطفال والمزارعين الذين يعيشون في المجتمعات المحلية الريفية حيث تعاني النُظم الصحية من نقص المعدات وحيث تشحّ الموارد الطبية.

ودعت المنظمة إلى إتاحة مضادات السموم الناجعة والمأمونة من الأمور التي تقتضي إقامة تعاون دولي، وطالبت الهيئات التنظيمية والمنتجين والباحثين والأطباء والسلطات الصحية الوطنية والإقليمية والمنظمات الدولية والمجتمعية بالعمل سوية من أجل تحسين توافر البيانات الوبائية الموثوقة بخصوص لدغات الثعابين والرقابة التنظيمية لمضادات السموم وسياسات توزيعها.

حياة سرية..

تتميز الأفاعي بنمط متفرد من الحياة في غاية السرية، ويصعب على الإنسان تتبعها إلا في حالات محدودة. وقد عبد الإنسان الأفاعي في معظم الحضارات القديمة، ففي مصر القديمة مثلا كانت تمثل الإله نتر غنخ وأُوتو، كما رمزت إلى الميلاد الجديد والحماية من الخطر أو المرض. وفي حضارة بابل وبلاد الشام أطلقوا على الأفاعي اسم الآلة ننغشزيدا للطب والشفاء، أما في اليونان وروما القديمة فعرفت بالآلة أسكليبيوس، وكان يرمز إلى الشفاء. كما زين الإنسان تاج الملك بالأفاعي لتحميه من الأعداء. وما تزال الأفاعي رمزا للشفاء حيث نراها على واجهات الصيدليات وعربات الإسعاف حتى يومنا هذا.بحسب الإذاعة الألمانية .

في أحد مكاتب متحف بحوث الحيوان في مدينة بون الألمانية، الذي يشبه المعرض الخاص لأنواع مختلفة من الأفاعي، تم وضع الأفاعي في زجاجات ممتلئة بالكحول ومحكمة الغلق. السيد فولفجانج بومه، الذي يعمل منذ 40 عاما في مجال بحث وجمع أنواع مختلفة من الحيوانات يوضح "أن الأفاعي لا تشكل خطرا في العادة، وهي لا تهاجم إلا الذين يحاولون الهروب منها"، ويؤكد بومه أنه لم يُلدغ من ثعبان قط رغم أنه يعمل في هذا المجال منذ عقود".

أفاعي ليست سامة

من ناحية أخرى يوجد حوالي 2800 من الأفاعي، عشرة بالمائة فقط منها سامه. كما تختلف درجات خطورة سم هذه الأفاعي، ويوضح بومه أنه" توجد أنواع شديدة الخطورة من الأفاعي، وأخرى لا تمثل أية خطورة". فعلى سبيل المثال لدى ثعبان البحر درجة عالية من السمّية، إلا أنه لا يظهرها

على الرغم من أنه يلدغ. وعندما يحاول الإنسان صيد ثعبان البحر تظهر خطورته، وتكون لدغته قاتلة، كما يشرح بومه. إلا أن بومه يوضح أن ثعبان البحر وبالرغم من خطورة سمه، إلا أن البيئة البحرية الني يعيش فيها جعلته لا يميل إلى العنف. أما ثعبان المامبا، فتظهر عدوانيته على العكس من ثعبان البحر حيث يتسلق الأشجار في حالة تنقل ويقظة دائمة ليقتنص فريسته.

ويذكر ان الثعبان لا يقتل فريسته بغرض القتل في المقام الأول. فبومه يشرح أن "الوظيفة الأساسية لسم الثعبان هي المساعدة علي عملية الهضم، فالكمية الضخمة لكرات الدم البيضاء التي يفرزها جسم الثعبان تدفعه للتخلص منها". فالسم ما هو إلا إفراز للغدد السامة الموجودة في رأس الثعبان، كما أن نوع السم يتكون داخل الثعبان حسب نوع الأكل الذي يتناوله.

فثعبان الساندراسلوتر الذي يعيش في المغرب يفرز نوعا من السم يختلف عن نوع السم الذي يفرزه الساندراسلوتر في شمال الهند، فالأول يأكل الخنافس والثاني يأكل الفئران.

و"عندما نأخذ ثعبان الساندراسلوترا من غرب أفريقا ونصنع من سمه مصلا مضادا لعلاج مريض لدغه ثعبان من باكستان، سوف نكتشف أن تأثير المصل صفر" كما يوضح بومه.

وينقسم تأثير سم الأفاعي إلى مجموعتين: الأولى تلك التي تهاجم خلايا الدم مباشرة، والثانية تهاجم الجهاز العصبي مباشرة. والتسمم الدموي الذي يسببه سم الأفاعي هو عبارة عن تدمير لكرات الدم الحمراء أحد أهم مكونات الدم لدى الإنسان، كما ينتج عنه غيبوبة كاملة يقع فيها المريض. و ينصح فولفجانج بومه "بفتح جرح في مكان لدغة الثعبان، عندئذ يخرج الدم مصحوبا بالسم". وفي الحالات الحرجة لا يكون هناك حل سوى بتر العضو المصاب. أما التسمم العصبي الذي ينتج عن لدغة ثعابين المامبا والكوبرا وثعبان البحر فهي أكثر فتكا من التسمم الدموي، إذ أن له تأثير مباشر على الجهاز المركزي العصبي، فهو يقوم بقطع جميع عمليات الاتصال بين الخلايا العصبية، ما يسبب الوفاة بعد وقت قصير، إثر الإصابة المباشرة بضيق التنفس. وتفيد منظمة الصحة العالمية بأن ما يقرب من 300 ألف حالة بتر تحدث كل عام في العالم نتيجة لدغات الأفاعي. كما أن نحو مائة ألف يموتون من لدغاتها.

الأفعى المنتقمة

وانتقمت حية من نوع "الكوبرا" من جزار صيني في محافظة "هينان" قام بقطع رأسها بأن قفزت الرأس المفصولة وقامت بلدغه.

وأكد "هيو"، 58 عاماً، الذي يعمل في ذبح الثعابين منذ أكثر من عقد، إنه تعرض للدغ الحية، ويبلغ طولها متراً واحداً،  بعد أكثر من عشرة دقائق من "جز عنقها" حسب "تشاينا ديلي." وهرع "هيو" إلى المستشفى حيث سارع الأطباء لإنقاذ حياته.

ويشار إلى أن حمى أكل الثعابين التي اجتاحت الصين في وقت سابق هددت بانقراض أنواع كثيرة من الثعابين والتحذير من تأثير تراجع أعدادها على المزارع.

وحسب التقاليد الصينية الشائعة فإن جلد الأفعى وأجزاء أخرى منها تعود بالنفع على الصحة وتقوي القدرات الجنسية. بحسب سي ان ان .

ونقلت تقارير محلية  أن 43 نوعاً من ثعابين الصين البالغ عددها 209، مدرج في القائمة الحكومية للحيوانات البرية المهددة بالانقراض، تحديداً الثعبان المعروف بملك الكوبرا وأفعى الحفرة وأنواع أخرى قد تنقرض تماما إذا لم توفر لها الحماية.

اكتشاف أضخم أفعى

وعلى صعيد ذي صلة عثر فريق من العلماء على حفرية لما يُعتقد أنه "أضخم" أفعى عاشت على وجه الأرض قبل ما يقرب من 60 مليون سنة، في أحد مناجم الفحم بشمال كولومبيا، في قارة أمريكا الجنوبية.

وبحسب العلماء، فإن طول الأفعى "العملاقة"، التي أطلقوا عليها اسم "تيتانوبوا كوريخوننسي"، أو "أفعى البوا العملاقة في كوريخون"، نسبة إلى قرية "كوريخون" حيث عُثر عليها، يبلغ حوالي 13 متراً (أي ما يعادل 42.7 قدماً)، كما أن وزنه أكثر من 1140 كيلوغرام (2500 باوند). بحسب سي ان ان.

وقبل اكتشاف حفرية هذه الأفعى "الأضخم" على الإطلاق حتى اللحظة، فإن أطول ثعبان تم اكتشافه يبلغ طوله عشرة أمتار، ولا يتجاوز أكثرها وزناً 250 كيلوغرام، كما أن أطول أفعى معروفة من نوع "أناكوندا" يصل إلى ستة أمتار (19.5 قدم).

ويعتقد العلماء أن أفعى "تيتانوبوا" عاشت في الغابات الاستوائية المطيرة بشمال شرقي كولومبيا قبل فترة تتراوح بين 58 و60 مليون سنة، حيث تم العثور في نفس المنطقة على حفريات تعود إلى تماسيح وسلاحف وحيوانات أخرى، يُعتقد أنها كانت طرائد ذلك النوع من الأفاعي في ذلك الوقت.

وأوضح الخبير الجيولوجي ديفيد بولي، من جامعة "إنديانا" الأمريكية، والذي تمكن من تحديد موقع الحفريات، أنه تم التوصل إلى الحجم المحتمل لأفعى "تيتانوبوا"، من خلال مقارنة فقرياتها مع فقريات أطول الثعابين المعروفة.

وقال بولي: "مع ذلك العرض الكبير، فإن الأفعى قد يصل حجمها، في بعض مناطق جسمها، إلى نفس حجم جسم الإنسان في منطقة الوسط أعلى الفخذين"، وأضاف أن "الحجم مذهل إلى حد كبير."

ومن شأن هذا الاكتشاف أن يدفع العلماء إلى إعادة النظر في دراساتهم حول طبيعة المناخ في تلك الفترة من العصور السحيقة، حيث أشار الخبير الجيولوجي الأمريكي إلى أن العلماء بدأوا يتساءلون عن درجة حرارة الأرض آنذاك، والتي جعلت الأفعى تنمو إلى هذا الحجم.

وفي ذات السياق اكتشف علماء بقايا أحفورية لثعبان هائل الحجم، عاش على الأرض قبل  67 مليون سنة مضت، وكان يقتات على صغار الديناصورات.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/حزيران/2010 - 6/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م