عالم الحيوان: حياة موازية للبشر مُتخمة بالأسرار والمخاطر

 

شبكة النبأ: يستكشف الإنسان الفضاء بصورة كبيرة بحثاً عن مخلوقات قد تكون موجودة على بعد آلاف أو ملايين السنين الضوئية، غير أنه يغمض عينيه عن عالم يعيش معه على الأرض.. إنه عالم البحار والمحيطات، حيث توجد حياة حافلة في أعماق المحيطات السحيقة.

إذ تستضيف الأعماق المعتمة عدداً من أكثر المخلوقات الغريبة المظهر على كوكب الأرض، وربما أكثرها شراسة وتنوعاً. وتشكل أعماق المحيطات جزءاً من منظومة بيئية وإيكولوجية أوسع، وهي معرضة للخطر بسبب التغير المناخي والتلوث وزيادة درجة حموضة المياه.

معرض الأعماق السحيقة

وأقيم في لندن معرض بعنوان "الأعماق" وذلك في متحف التاريخ الطبيعي، ويعرض فيه بعض من ذلك التنوع الاستثنائي الغريب من الحياة التي تنبض بها الحيوانات على أعماق تصل إلى 11 ألف متر تحت سطح البحر.

بعض تلك الحيوانات يمكن وصفها بالعمالقة، مثل السلطعون العنكبوت الياباني بسيقانه الأربعة التي يصل طولها إلى 4 أمتار، والذي يتقاسم الأعماق مع مخلوقات صغيرة مثل السمكة الغريبة التي تتمتع برؤية مجهريه تغير موضع رأسها لالتقاط الفرائس، إضافة إلى كونها قادرة على إطلاق ألوان مختلفة من الضوء كالأحمر والأزرق الأخضر، والتي يطلق عليها اسم Stoplight Loosejaw.

من جهته قال أليكس غافيكن، مسؤول تطوير المعارض في المتحف: "يأتي هذا المتحف بالتزامن مع السنة الدولية للتنوع الإحيائي، ونحن أردنا معرضاَ من شأنه أن يلقي الضوء على بعض جوانب هذا الأمر."

في وسط المعرض يوجد هيكل عظمي حقيقي لحوت العنبر، لم يعرض من قبل، ويروي هذا العرض حكاية حول كيفية استفادة باقي مخلوقات الأعماق من موته عندما تستقر جثته في الأعماق، حتى بعد مرور 50 عاماً على موته في بعض الحالات. بحسب سي ان ان.

يقول غافيكن إن غرق الحوت بعد موته واستقرار جثته في قاع المحيط يستغرق نحو ساعتين، وخلال هاتين الساعتين، تستمتع أسماك القرش وأسماك أخرى يطلق عليها اسم الزبالون Hagfish بلحم الحوت الميت.

وما أن يتم تجريد الحوت من لحمه، تبدأ استفادة مخلوقات أخرى من بقاياه العظمية، حيث يوفر هيكله العظمي الغذاء لمخلوق يسمى "الدودة المزهرة آكلة العظم" Osedax mucofloris، وهي عبارة عن دودة متناهية الصغر، يصل طولها إلى ملليمترين فقط، وتتغذى على زيت عظام الحوت طوال سنوات بعد موته.

وفي أعماق سحيقة من المحيطات، مثل المنطقة المعروفة باسم "خندق ماريانا" في المحيط الهادئ حيث المياه قاتمة والباردة والمعتمة، وبضغط يزيد بنحو 1000 مرة على الضغط الجوي على سطح الأرض، ثمة حياة مزدهرة.

وتشكل أعماق المحيطات السحيقة ملاذ للتنوع الإحيائي، حيث توجد قناديل البحر العملاقة التي يصل قطرها إلى 30 متراً، والتي تعتبر أكثر المخلوقات المفترسة نجاحاً في الأعماق، وكذلك ذلك النوع من السمك "الخشن البرتقالي" والبشع، الذي يعيش لنحو 150 عاماً.

ومن بين أكثر المعروضات المرعبة وأكثرها غرابة، سمكة  يطلق عليه اسم السمكة ذات الناب Fangtooth، واسمها العلمي Anoplogaster cornuta.

وهذه السمكة تتسم بكونها مفترسة نشطة وشرسة للغاية، إذ يقول جيمس ماكلين، أمين قسم الأسماك في متحف التاريخ الطبيعي، إنها تستطيع الغوص لأعماق تصل إلى 2000 متر وهي تتغذى على القشريات.

القرَدة وتقليد البشر..

من جانب آخر اكتشف باحثون أن قردة "البونوبو" لها الكثير من الخواص التي تجعلها أقرب للإنسان مما كان يعتقد.

وخلص باحثون من معهد ماكس بلانك في مدينة لايبزج الألمانية إلى أن قردة البونوبو، التي تنتمي لفصيلة القردة العليا، تقوم بهز رأسها بشكل يعني "لا" عندما تريد التعبير عن رفضها لشيء ما. وأوضح الباحثون أن مثل هذه اللفتات لم تكن معروفة حتى الآن، سوى لدى الشمبانزي.

وراقب العلماء من معهد ماكس بلانك وجامعتي برلين الحرة وبورتسماوث البريطانية، قردة البونوبو بحدائق الحيوانات في لايبزج وبرلين وحديقة حيوان بلانكيندال في بلجيكا.بحس الالمانية.

وأثبت العلماء أن الأم في قردة البونوبو تعرب لصغارها عن عدم رضاها عن بعض تصرفاتهم من خلال إيماءة الرأس، فإذا كان قرد صغير، على سبيل المثال، يلعب بأحد النباتات وأمه غير راضية عن هذا التصرف فإنها تنظر في عينه مباشرة وتبدأ بهز رأسها.

وخلص العلماء إلى أن قردة البونوبو أكثر قدرة على التعاون مقارنة بأنواع أخرى من القردة مثل الشيمبانزي والغوريلا وإنسان الغاب كما أن التنوع في طرق التواصل بين قردة البونوبو أكثر منه بين القردة الأخرى. يمكن لإناث قردة البونوبو تولي دور القيادة. يذكر أن قردة البونوبو تعيش غالبا في الكونغو، وتفضل الغابات الاستوائية المطيرة.

ومن جهة أخرى ذكرت دراسة  نشرت في دورية "بلوس وان" مؤخرا وأعدها باحثون في جامعة إيموري في أتلانتا وجامعة سانت أندروز في اسكتلندا وكلية بيلويت في ولاية وسكنسون الأميركية أشارت إلى أن قردة الشامبانزي تتقاسم مع البشر في الكثير من الأمور ومن بينها محاولتها تقليد سلوك قردة أخرى هامة في القطيع، ومن ذلك حل المشاكل التي قد تعترضها.

وكان العلماء يعتقدون حتى فترة قريبة أن تقليد المشاهير مثل الفنانين وكبار السياسيين أمر مقتصر على البشر ولكن تبين أن هذه الميزة تشارك فيها قردة الشامبانزي البشر أيضاً.

وقالت الباحثة فكتوريا هورنر من مركز إيموري يركيس الوطني للبحوث عن القردة "تبين لنا أن قردة الشامبانزي تفضل تقليد القردة صاحبة الهيبة أو النفوذ أكثر من غيرها"، مشيرة إلى وجود "سلوكيات ثقافية" تميل لتقلديها. بحسب موقع هلث داي نيوز.

ويحاول الباحثون التوسع في هذا الموضوع وإجراء دراسة أخرى عن الدور الذي يلعبه عمر القرد وقوته وهيمنته داخل القطيع ومركزه في جذب الآخرين إليه ومحاولة تقليده.

الناسك البني القاتل..

من جانب آخر استعادت سيدة في الولايات المتحدة وعيها مؤخرا، بعد 11 يوماً أمضتها في غيبوبة، أعقبت خضوعها لعملية جراحية صعبة، استأصل خلالها الأطباء أحد ثدييها، بعدما تعرضت للدغة سامة من عنكبوت صغير من نوع "الناسك البني" الطويل الساقين، الذي يعيش في الكثير من البيوت حول العالم.

ويبدو أن السبب الرئيسي في الحادث غير العادي، الذي تعرضت له فيكتوريا فرانكلين، هو إهمال مكان اللدغة دون تنظيف، مما أدى إلى حدوث التهاب وتعفن داخلي، تطور إلى "غرغرينا" هددت حياتها.

وقالت فرانكلين، بعد استيقاظها، إنها كانت لاحظت قبل ثلاثة أسابيع وجود تورم صغير على ثديها الأيسر، ولكنها تعاملت مع الموضوع بشكل عادي، ولكن بعد أيام بدأت تنتابها نوبات ألم كبيرة في الصدر.

وأضافت: "رأيت صدري وقد تحول إلى اللون الأسود، وانتفخ بشدة مع مرور الوقت، حتى بات أكبر من أن يتسع داخل حمالة الصدر، وفي أحد الأيام استيقظت وأنا أشعر بألم شديد واشتم رائحة كريهة جداً من صدري، عندها اتصلت بصديقتي لنقلي إلى المستشفى."وختمت بالقول: لم أكن لأظن، ولو بعد مليون سنة، أن عنكبوت صغير قادر على فعل ذلك." بحسب سي ان ان.

ولكن لدى وصول فرانكلين إلى المستشفى، اكتشف الأطباء وجود تعفن داخلي "غرغرينا" لم تعد الأدوية العادية تنفع معها، مما اضطرهم إلى استئصال الثدي للحفاظ على حياتها، على أن يجرون لها لاحقاً عملية لإعادة ترميم الصدر.

يذكر أن عنكبوت "الناسك البني" يتراوح طوله بين سنتيمترين وست مليمترات، وهو نادراً ما يلدغ أو يستخدم سمه إلا في حالة الخطر الشديد، ولا تشكل لدغته أي خطر في معظم الأحيان، لكن العنكبوت قد يلجأ في بعض الأوقات إلى توجيه أكثر من لدغة إلى بقعة واحدة، الأمر الذي قد يهدد الأطفال أو أصحاب المناعة الضعيفة.

الديناصورات لا تمضغ طعامها!

وعلى عكس الثديّات، كانت الديناصورات الضخمة آكلة العشب تميل لابتلاع طعامها كما هو دون مضغ، شانها في ذلك شأن الطيور.

وقد تفسر تلك النظرية التي خلص إليها فريق من الباحثين الألمان، سر تمتع ديناصور مثل برونتوصوروص الذي كان وزنه يصل إلى مئة طن برقبة طويلة ورؤوس ضئيلة نسبيا مقارنة بحجمه.

وحتى الآن يسود اعتقاد بأن الطيور تبتلع طعامها كاملا دون مضغ، وذلك لتجنب أي هجوم من قبل الضواري المفترسة. وفيما قد يكون ذلك حقيقيا بشكل جزئي، فإن الشواهد الجديدة تشير إلى أنها تتبع في تلك العادة الغذائية أسلافها من الديناصورات العملاقة، التي كانت تلتهم كميات هائلة من الغذاء بأسرع وقت ممكن فقط كي تبقى على قيد الحياة بحسب استنتاجات العلماء.

ويذكر إن الفيلة والحيوانات المعاصرة الضخمة التي تأكل وتمضغ كميات ضخمة، تحتاج لرؤوس ضخمة تتسع لعضلات الفكين والضروس. غير ان الحيوان الذي يبتلع طعامه دون مضغه ليس بحاجة لهذا الرأس الضخم.

وساعدت الرقبة الطويلة ولا شك الديناصورات الضخمة في الحصول على الغذاء دون الحاجة للتحرك من موقع ما، وهو عنصر من شأنه أيضا توفير الوقت.

وفيما تحتاج الفيلة لقضاء 18 ساعة في تناول الطعام لإرضاء شهيتها، فإن الديناصورات العملاقة كانت ستحتاج إلى 30 ساعة يوميا -وهو المستحيل بعينه طبعا-إذا كانت تتناول طعامها بالطريقة المعتادة، والمتمثلة في مضغ الطعام قبل ابتلاعه.

ويعتقد الباحثون أن الديناصورات تغلبت على مشكلة الوقت تلك بابتلاع طعامها ليصل المعدة في أسرع وقت ممكن.

من جهتهم قال العلماء الألمان إن جزءا ثابتا من النظام الغذائي لدى الديناصورات كان يتمثل في أكل النباتات ذات الأوراق الطويلة الخشنة التي تشبه ذيل الحصان والتي كانت متوفرة بكثرة في مستنقعات ما قبل التاريخ، والتي كانت تتمتع بقيمة غذائية مرتفعة للغاية. عدد محدود من الحيوانات الآن يميل لتناول هذا النوع من النباتات، ذلك لاحتوائها على الكثير من مربات السيليكا المعدنية والتي تضر الأسنان.

غير أن تلك المشكلة لم تكن تعني شيئا للديناصورات التي كانت تبتلع النبات دون مضغ. بالإضافة إلى أنه معروف عن فصيلة الصربوديات-ضرب من الديناصورات-أنها كانت تجدد أسنانها بشكل متواتر ، وأحيانا مرة كل شهر. بحسب الوكالة الألمانية.

ويعتقد الباحثون أن أحشاء الديناصور الضخمة والقوية ساعدته ولا شك في التعامل مع هذه الكميات الهائلة من الطعام غير الممضوغ.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/حزيران/2010 - 29/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م