الخبر الأول: كَشفتْ مديرية المرور العامة في ورقة عمل قدمتها خلال
ندوة مناقشة الزحام المروري في العاصمة التي نظمتها جامعة بغداد إن
الإحصائيات المسجلة عن الحوادث المرورية في العراق هي الأخطر بين دول
العالم بنسبة 2108 ضحية لكل مئة حادث !
الخبر الثاني: قال مرصد الحقوق والحريات الدستورية، إن شهر نيسان
الماضي شهد وقوع 2048 ضحية مع تسجيل أعلى نسبة اغتيالات منذ مطلع 2010.
اشارة الحمراء.. أضاءت هذه المرة وهي ليست خطوطاً حمراء وضعها
السياسيون على تحالفات بعضهم البعض أو أشخاصاً وسمو بها.. الإشارة
الحمراء الآن هي التقارب الكبير والواضح بين عدد ضحايا العمليات
الإرهابية وضحايا الحوادث المرورية.. انها إشارة خطر محدق، فإذا كان
شهداء العمليات الإرهابية هم قتلى العمليات العشوائية والمنظمة التي
تستهدف الأبرياء من أبناء الوطن دون تمييز أو رحمة.. فهل ممكن أن يكون
قتلى الحوادث المرورية هم ضحايا العشوائية في تنظيم الطرق والتخلف في
أنظمة المرور أو التهاون تطبيقها أم هي أسباب تتبع شخصية سائقي
المركبات شوارع العراق أما أن هناك خللاً جوهرياً في أساس التخطيط
الحضري لمدن العراق !
لقد تابعت في ليلة أمس موضوعاً بثته أحدى القنوات الفضائية العراقية
عن شارع يدعى شارع الموت في محافظة المثنى، وما تسميته بهذا الاسم إلا
لكونه يفتقر الى أبسط مقومات الطرق الخارجية العالمية.. لقد كانت له
قصة طويلة ومضت عليها فتره ليست بالقليلة وهو يخطف أرواح مرتاديه من
مختلف الأعمار.. ترى كيف نجيز للشوارع أن تخطف أرواح العراقيين دون
رادع من السلطات المختصة وحكومة المحافظة، ونتعقب الإرهابيين أينما
وجدوا مع أن كلاهما له نفس العمل، مع أن حل مشكلة الشارع أسهل من تعقب
الإرهابيين في الصحارى والجبال.
وما الذي يجعل أرواح العراقيين بهذا الرخص، علينا أن نضع هدفاً
واضحاً نعمل من أجله.. الوصول الى تقليل الحوادث.. وهذا بحاجة الى نظرة
موضوعية علمية تتناول حتى الحالة النفسية لسائقي العجلات مع دراسة
مستفيضة لجدوى إغلاق الطرق المختلفة لكونها داخل نطاق عمليات أمنية
محددة، نحاول أن نستعرض أسباب تلك الحوادث:
1. السرعة الفائقة: من أهم عناصر حصول الحوادث المرورية وبالأخص في
الطرق التي تحتوي على مسارين متعاكسين، لنحاول أن نحدد أهم تلك الطرق
للبدء بمعالجتها وفق أسهل الطرق والتي تتمثل بوضع مطبات إجبارية،
لتخفيف السرعة، وضع جزرة وسطية بعرض محدد لتجنب عبور المركبات بأتجاه
بعضها البعض مع وضع الإشارات المرورية المختلفة والتي تحدد المسارات
وتحدد مخاطر تلك الشوارع.. وضع بعض العجلات التي دمرتها الحوادث كنُصب
على جانبي الطريق للتذكير بمخاطر السرعة مع المراقبة الالكترونية
للعجلات التي تتجاوز السرعة المحددة وفرض الغرامات المرورية التي
تتناسب وطبيعة الخطر.. أرى أن كل ما جاء أعلاه لا يتطلب مبالغ هائلة.
2. سوء تنظيم الشوارع: أغلب الشوارع غير نظامية أطلاقاً فهي تحتوي
على الكثير من الحفر العميقة التي تتسبب في بعض الحوادث لكونها تجبر
السائق على تخفيف سرعته العالية فجأة ليتسبب ذلك باصطدام العديد من
العجلات بقسوة بسبب العطل الميكانيكي الذي سببته العجلة الأولى.. وهذه
مسؤولية أخرى يتطلب معالجتها بجدية وهي ليست مكلفة فتلك الحفر لا
تتجاوز مساحتها نصف متر مربع وهي تتربع على أكثر الطرق المهمة مثل طريق
محمد القاسم السريع في بغداد.
3. الإسراع بمنح أجازات السوق مع الاهتمام باختبارات تلك الأجازة
لتكون متناسبة مع حجم الحوادث، التي تطال حياة الأبرياء على أن تشمل
اجازات السوق حتى الدراجات النارية.
4. زيادة التوعية بمخاطر الحوادث من خلال الإعلانات المرئية
والمقروءة والأفلام القصير حول تلك الحوادث على أن تنشر بصورة مستمر في
القنوات الفضائية العراقية الأكثر مشاهدة.
5. منع من هم دون سن 20 سنة من قيادة العجلات على اختلاف أنواعها
وعدم قيادة عجلات الحمل لمن هم دون سن الأربعين.
6. إعادة النظر بموضوع تشغيل الإشارات الضوئية وضبط عملها بدقة.
أن هذا العمل والذي يلقى بالدرجة الأساس على عاتق مديرية المرور
العامة لكونها صاحبة الثقل الأساسي في تنظيم شوارعنا على الرغم من
التداخل في العمل مع السيطرات الأمنية المنتشرة.. ولايخفى علينا
الحوادث الكثيرة التي أدوت بحياة الأبرياء بسبب تغيير وإضافة حواجز
كونكريتية جديدة بحكم الوضع الأمني وعلى عجالة وبدون علامات دالة على
هذا التغيير.
على مديرية المرور العامة أن تدخل في عمل مشترك مع المراكز
الاستشارية الخاصة بالتخطيط الحضري في جامعات القطر لغرض وضع دراسة
شاملة لحالة الطرق في القطر والاستفادة من خبراتهم في طريق معالجتها..
كما وعلى الحكومات المحلية أن تساهم في دعم مديريات المرور في
محافظاتهم بما يستلزم من قدرات مالية وإدارية وفنية والمساهمة في حل
مشاكل الطرق بصورة جذرية... علينا وضع حد نهائي لاستنزاف أرواح
العراقيين.
zaherflaih@yahoo.com |