أزمة تلوث المدن والعودة الى احضان الطبيعة

خمس دقائق في بيئة خضراء تعزز الثقة بالنفس

 

شبكة النبأ: أثبتت البحوث والدراسات العلمية والطبية ان اخطر الأمراض التي يمكن ان تصيب الإنسان وفي مقدمتها أمراض القلب والمجاري التنفسية والدماغ والسرطان, يشكل التلوث البيئي في المدن أول وأقوى أسبابها.

ويبحث الإنسان عن بدائل طبيعية وساحات خضراء ومياه متحركة للتخلص من آثار التلوث البيئي في المدن.

وقد اضرب مؤخرا طلبة كويتيون احتجاجا على تلوث مدينتهم بسب قربها من مصادر تصفية البترول مما سبب ارتفاع في معدل إصابة سكانها  بأمراض الربو وأمراض أخرى بسبب عادم المصانع ونفاياته.

أزمات قلبية بسبب التلوث

وأكدت الرابطة الأمريكية لأمراض القلب إن الأدلة تزداد قوة على ان التلوث الناجم عن الصناعة والسيارات ومولدات الطاقة يمكن ان يؤدي إلى الإصابة بأزمات قلبية وجلطات.

وقالت الرابطة مؤخرا ان جسيمات متناهية الدقة ناجمة عن حرق الوقود الأحفوري مثل البنزين والفحم والنفط هي العنصر الأساسي الذي يتحمل أكبر مسؤولية في إصابة القلب بهذه العلل وطلبت من المواطنين تفادي التواجد في الأجواء الملوثة. بحسب رويترز.

من جهته قال الدكتور روبرت بروك من جامعة ميشيجان في إن اربور الذي رأس الفريق الذي كتب التقرير "مادة دقيقة يبدو إنها تزيد الخطر بإطلاق تفاعلات في الأشخاص المعرضين للمرض وذلك خلال ساعات أو أيام من تعرضهم لمستويات عالية (من التلوث) حتى بين من ظلوا أصحاء لسنوات."

وكشفت مراجعة استمرت ست سنوات لبحث طبي عن أدلة قوية على ان التلوث يمكن ان يسد الشرايين كما رصدت المراجعة أيضا صلة " وان كانت صغيرة إلا إنها مستمرة" بين التعرض لتلوث الهواء لفترة قصيرة والموت في سن صغير.

وقال بروك "الرسالة المهمة لتلك المجموعات المعرضة أكثر للخطر ستظل مداومة العمل على السيطرة على عوامل الخطر التقليدية وهي ضغط الدم والكولسترول والسكري والتدخين."وذكرت الرابطة إن تلك الجسيمات الدقيقة يمكن ان تعمل بعدة طرق منها التسبب في حالة التهاب.

وقال بروك "من الممكن إن مجموعة من الجسيمات الدقيقة او المواد الكيماوية التي تتحرك معها قد تصل إلى الدورة الدموية وتحدث ضررا مباشرا وهذا قد يزيد من تجلط الدم ويرفع ضغط الدم ويعطل النشاط الكهربائي المنتظم للقلب وهو ما قد يتسبب في النهاية في الإصابة بأزمات قلبية وجلطات بل الموت."

مواد بناء من الطبيعة  

كان البناء باستخدام المواد الطبيعية كالقش وأعواد البامبو والأخشاب أمر معتاد في الماضي. واليوم تسعى العديد من شركات التشييد لاستخدام مواد البناء الطبيعية المتجددة مرة أخرى.

يقول فيرنر إيكه هيننج، الخبير بمعهد المنازل والبيئة بمدينة دارمشتات الألمانية، إنه من بين العوامل المحورية التي تدعم وجهة النظر في النقاش الدائر حول أهمية استخدام هذه المواد الطبيعية المستدامة الاهتمام بالقضايا البيئية مثل تأثير الاحتباس الحراري وزيادة كمية المخلفات ومحدودية الموارد القائمة على المصادر الأحفورية التي في طريقها إلى النضوب.

وتستخدم المواد الطبيعية في جزء صغير فقط من مشروعات التشييد بشكل عام، ومن بين البيوت الصغيرة التي تأوي أسرة أو اثنتين في ألمانيا تشكل المواد الطبيعية ما نسبته 17 في المائة من مواد البناء وحوالي 5 في المائة من المواد العازلة كما يوضح إدموند لانجر من منظمة ألمانية بالقرب من ميونيخ تعمل في تطوير وتسويق المواد الخام اللازمة للبناء.

وتشير المنظمة إلى اتساع نطاق مجموعة منتجات مواد البناء المصنوعة من موارد طبيعية لتتجاوز قائمة الألياف الخشبية والمواد العازلة التي تستخدم ألواح الفلين.

يوضح لانجر أنه إلى جانب الأخشاب، صارت هناك مجموعة أخرى من المواد العازلة ومواد التشطيب وأنظمة الطلاء تنتج من مواد مستدامة متجددة، ويقول إنه سواء تم تشييد المنزل بأكمله أو الأرضيات وحدها من الأخشاب أو كان الطلاء يحتوي على مواد معدنية طبيعية فإن الشخص الذي يبني المنزل سيستفيد من قدرة هذه المواد على الدوام والتحمل كما سيستفيد من خصائص العزل الطبيعية التي تتميز بها.

وبالإضافة إلى الخصائص الإيجابية للمواد الطبيعية التي تستخدم في البناء فإنها بصفة عامة لا ينتج عنها أية ملوثات للبيئة مما يجعلها مناسبة بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من الحساسية.

يؤكد إيكهارد كلوب، من وكالة متخصصة في إنتاج المواد الخام المتجددة بولاية ميكلنبرج فوربومرن الألمانية، أن البناء باستخدام المواد الطبيعية يشهد عصر نهضة في ألمانيا، ويقول إن ثمة أسباب عديدة تدعو لإعادة التفكير المتدرج في كيفية تشييد المباني، بينها تنامي الوعي بالحفاظ على البيئة وسهولة استخدام كثير من المنتجات الطبيعية والإقبال على الأشياء الطبيعية والأصلية وكذلك الميزات الصحية التي تتيحها المواد الطبيعية.

ولمواد البناء الطبيعية إمكانات تمنحها للحفاظ على البيئة، فكقاعدة عامة نجد أن تصنيع هذه المواد يحتاج إلى قدر أقل من الطاقة كما أن عملية التخلص من المخلفات الناتجة عنها غير معقدة بشكل عام، وفقا لما يقوله كلوب، غير أن هناك ميزة تفوق كل ذلك وهي أن جميع مواد البناء المشتقة من النبات تحد من الإنبعاثات الكربونية.

ويوضح ريتشارد أدريانز، وهو من منظمة بولاية راين فستفاليا الألمانية، معنية بتشجيع البناء الاخضر أو "البيئي"، باستخدام الأخشاب أنه من بين الأشياء الأخرى التي ينبغي وضعها في الاعتبار كمية الطاقة اللازمة لصناعة مواد البناء وصيانة المنزل، وكذلك عملية هدمه.

تنطبق معايير الاستدامة أيضا على اختيار الأقسام الفرعية لمشروع البناء، وعلى سبيل المثال، تمت مناقشة استخدام القطن كبديل للمواد العازلة، كما يوضح إيكه هينيج، غير أن المنتقدين لاستخدام القطن أشاروا إلى عيوب في هذه الوسيلة تتمثل في استخدام المبيدات الكيماوية في زراعة القطن، وكذلك إلى حقيقة أنه من الضروري استيراد القطن إلى ألمانيا من مناطق بعيدة وبالتالي فقد أوصوا بعدم استخدامه. بحسب الالمانية.

وبالتالي فإنه يجب على الأشخاص الذين يتطلعون إلى بناء منازلهم باستخدام المواد الطبيعية أن يبحثوا عن المشورة بشأن استخداماتها، وإمكانات شرائها قبل البدء في تنفيذ مشروعاتهم.

الماء والخضراء...

وأشارت دراسة نشرت مؤخرا إلى إن القيام بتمرينات لمدة خمس دقائق فقط في بيئة خضراء في الهواء الطلق يمكن أن يحسن الصحة العقلية وانه يتعين على صناع السياسة تشجيع عدد اكبر من الناس على قضاء وقت في المتنزهات والحدائق.

ووجد باحثون من جامعة اسيكس إن ممارسة "نشاط في بيئة خضراء" كالمشي أو ركوب الدراجات أو الزراعة لوقت قليل مثل خمس دقائق يمكن أن يعزز الحالة المزاجية والثقة في النفس. بحسب رويترز.

وقال جو باترون الذي قاد هذه الدراسة في بيان بشأن الدراسة التي نشرت في دورية العلوم البيئية والتكنولوجيا "نرى إن هناك ميزة كبيرة محتملة للأفراد والمجتمع ولتكاليف الخدمة الصحية إذا زادت كل المجموعات من العلاج الذاتي بالتمرينات في بيئة خضراء."

وأظهرت دراسات كثيرة إن ممارسة تمرينات في الهواء الطلق يمكن أن تحد من خطر الإصابة بأمراض نفسية وتزيد من الشعور بالسعادة ولكن جوليس بريتي وباترون قالا انه حتى الآن لم يكن أحد يعرف كم من الوقت يتعين على الإنسان أن يقضيه في ممارسة تمرينات في بيئة خضراء لتحقيق هذه الفوائد.

وراجع باترون وبريتي بيانات 1252 شخصا من أعمار وأجناس وحالات عقلية مختلفة من عشر دراسات موجودة في بريطانيا.

وقام الباحثان بتحليل أنشطة مثل المشي والبستنة وركوب القوارب وركوب الدراجات وصيد السمك وركوب الخيل والزراعة.

وقالا إن كل البيئات الطبيعية مفيدة بما في ذلك المتنزهات في البلدات أو المدن ولكن المناطق الخضراء التي بها ماء لها تأثير ايجابي اكبر على ما يبدو.

وعلى الصعيد ذاته اشار باحثون الى ان قضاء خمس دقائق في اداء التمارين في فضاء اخضر كالحدائق العامة يمكن ان يعزز الصحة العقلية.

وثمة ادلة متنامية الى ان ترافق نشاطات مثل المشي او قيادة الدراجات مع الطبيعة يمكن ان يعزز الصحة العامة.

وفي آخر هذه التحليلات في هذا الصدد، أجرى باحثون بريطانيون تجارب على 1250 شخصا توزعوا في عشر دراسات ووجدوا تحسنا سريعا في مزاجهم وتقييمهم لأنفسهم. وأوضحت الدراسة التي نشرت في مجلة علم الطبيعة والتكنولوجيا إن التأثير الأكبر كان على الشباب.

ونظر البحث في عدد مختلف من النشاطات التي تقام في الطبيعة كالتمشي ورعاية الحدائق وركوب الدراجات والصيد ورياضة القوارب وركوب الخيل والزراعة في مواقع كالمتنزهات والحدائق العامة والمواقع الطبيعية.

ووجدت الدراسة انه اذا زادت فترة التمرين في البيئة الخضراء بدا التأثير الايجابي واضحا ولكن ليس بشكل كبير جدا (عن الفترة الأولى).

وبعد النظر في رجال ونساء من مختلف الأعمار، وجد الباحثون إن تغيرات الصحة –العقلية والجسدية – كانت اكبر بشكل خاص لدى الشباب أو المرضى العقليين.

ويظهر التأثير الأكبر عندما تكون التمارين في مناطق تحتوي على المياه، مثل بحيرة او نهر.

ويقول رئيس فريق البحث جوليس بريتي، الباحث في جامعة ايسكس: من المحتمل ان يستفيد كثيرا من التمارين الخضراء الخاملون أو المجهدون أو المصابون بمرض عقلي.

وأضاف ويمكن أن يشجع أصحاب الأعمال،على سبيل المثال، العاملين في بيئات عمل مرهق على القيام بنزهة تمش قصيرة في وقت الغداء في اقرب حديقة عامة لتحسين صحتهم النفسية.

وقال أيضا إن مناهج التمرين في الفضاءات المفتوحة قد تفيد الشباب العدوانيين.

حزام اخضر للمحطات

واتضح أن وضع حواجز نباتية من حول محطات القطار في القرى والأرياف له فوائد كثيرة، بحسب تجربة فرنسية رائدة في هذا المجال.

ومن أهم التجارب التي تقوم بها  شركة السكك الحديدية الفرنسية واحدة تهدف إلى إحاطة محطات القطار في القرى والأرياف بحواجز نباتية بدل الحواجز المعدنية ذات الأسلاك الشائكة.

ويتم التوصل إلى إقامة هذه الحواجز عبر غرس نباتات على حافتي أرصفة هذه المحطات بنباتات ذات أشواك حادة وأغصان صلبة ومتشابكة مع بعضها البعض.

 وتحاط  هذه النباتات بدورها بأخرى غير شائكة تسمح بتجنيب الذين يقتربون من النباتات والأشجار الشائكة أكثر من اللزوم حوادث ناتجة عن ملامسة الأشواك أو الارتطام بها لسبب أو آخر أو محاولة اقتحامها بالقوة.

 واتضح من خلال هذه التجربة أن فوائدها كثيرة, منها أن هذه الحواجز النباتية تنسجم بسهولة وبسرعة مع البيئة الطبيعية المحلية وتقدم للمسافرين والسكان محطات يحيط بها الاخضرار لا الأسلاك المعدنية الشائكة.

وتسمح بامتصاص كثير من الغازات المتسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري. وأيضا تسهم في الحد من الضجيج الذي يحدثه مرور القطارات بالمحطات في القرى والأرياف. 

إضراب في الكويت

وفي الكويت بدأ الآلاف من الطلاب في منطقة علي صباح السالم جنوب العاصمة الكويت اضرابا عن الدراسة لمدة يومين احتجاجا على ارتفاع معدلات التلوث الناجم عن منشات نفطية تحيط بمناطقهم السكنية.

من جهته قال رئيس لجنة حماية البيئة في المنطقة احمد الشريعان  إن الاضطراب كان كاملا اليوم، وبقي كل الطلاب الـ15 ألف في بيوتهم. بحسب كونا.

وتقع منطقة على صباح السالم على بعد 55 كيلومترا جنوب العاصمة في منطقة غنية بالنفط وتحيط بالمنطقة السكنية مئات المنشات والمصانع، ومن بينها مصافي التكرير الكويتية الثلاث.

وفيما اضرب الطلاب تجمع حوالي 200 من السكان المحليين أمام إحدى المدارس مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات سريعة لحل مشكلة التلوث البيئي.

حيث اقر الشريعان: هناك زيادة كبيرة في نسب الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتلوث بين سكان المنطقة البالغ عددهم 45 ألف نسمة.

وأشار إلى أرقام تقرير رسمي أظهرت انه في عام 2005 كانت هناك 1399 حالة ربو في المنطقة، مقابل 150 حالة فقط في منطقة قريبة يزيد سكانها عن سكان هذه المنطقة خمسة أضعاف.

ويضيف: في العام الماضي ارتفع العدد إلى 8 آلاف، او نسبة 18 في المائة من السكان، وعدد الإصابات بالأمراض الصدرية يزيد 19 ضعفا عما هو عليه في اي منطقة اخرى.  وحذر من وجود حالات كثيرة لأمراض خطيرة مثل السرطان متهما الحكومة بالتغطية على الأمر.

وكانت الحكومة اعترفت بان التلوث شديد في المنطقة، وأوصت لجنة حكومية عام 1994 بعدم بناء المساكن هناك، لكن الحكومة أقامت مساكن انتقل أليها الناس عام 2001.

وكان ثلاثة نواب حذروا من استجواب رئيس الحكومة ما لم يغلق 20 مصنعا للمواد الكيماوية. وأغلقت الحكومة بعض المصانع مؤقتا وضغطت على مصانع أخرى من اجل الالتزام بالمعايير البيئية.

ويقول الشريعان إن الحل هو إما نقل السكان إلى أماكن أخرى، أو إغلاق المصانع، مضيفا ان السكان سيزيدون من الضغط على الحكومة إذا لم يؤثر إضراب الطلاب غير المسبوق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 31/أيار/2010 - 15/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م