الحديث طويل عن الوجود الامريكي في العراق. وقد أخذ أشكالا عدة.
ودفع الى جدل واسع حول اهميته وظروف زواله أو إحتمالية الحاجة اليه من
اطراف عراقية كانت لوقت قريب تعده كابوسا ومصدرا للبلاء. ثم هاهي تلح
في ضرورة بقائه لضمان عدم الانفراد بالسلطة ومنع التدخلات الاقليمية.
وبعبارة احد الزملاء، وهي عبارة تتردد هذه الايام: عندما رفضناكم دخلتم
عنوة. وعندما نحتاجكم تنسحبون..
وبالعكس ايضا فالقوى التي كانت تدعم الوجود الامريكي تحولت الان الى
المناداة بتقنينه او المطالبة بإنهائه أو تحويله الى وجود محدود للغاية
في اطار دعم الجهد العسكري المحلي لمواجهة مخاطر محتملة.
في هذه المرحلة يحتاج العراق الى خطاب مغاير ولابد من التركيز على
اهمية ان يتزامن سحب القوات وإنهاء الوجود العسكري الامريكي مع إجراءات
مثلى لتكثيف الجهد السياسي والاقتصادي والتقني ودفع الشركات الكبرى
الامريكية للاستثمار الجاد في حقول الطاقة المختلفة من نفط وكهرباء
ومصانع عدا عن تقديم الارشادات والاستشارات وتطوير القدرات المحلية
وتدريب الكوادر المختصة في شؤون التدريب التقني والعسكري واستقبال
البعثات الدراسية في كافة الحقول التي يمكن ان تساعد الولايات المتحدة
في توجيه العمل بها بقدرات خاصة. ومن المهم ان تتحول الولايات المتحدة
الامريكية من دولة احتلال الى دولة شريكة وصديقة كحالها مع بقية دول
العالم وتوضيح ان ماحصل من تجارب قاسية في الماضي يمكن ان يكون مفتاحا
لتفاهمات مستقبلية تحافظ على كرامة العراق ولاتقلل من شانه..
وكنت منذ مدة التقيت مستشارا للسيناتور ريتشارد لوغار وهو احد اعضاء
الكونغرس عن الحزب الجمهوري.. وقلت له. ان حضرة السيناتور من ملاك
الاراض الزراعية وهو على دراية بالشان العراقي من ايام بوش الاب ولديه
مزارع في انديانا ويمتلك خبرات هائلة في التطوير الزراعي. اتمنى ان
تنقل له رغبة بان يكون له دور في دعم الزراعة في العراق التي تعاني من
الجفاف وعدم توفر التقنيات الحديثة ووعدني بذلك.
لكن ليس مهما انه فعل ذلك ام لا مع اني اعلم انه ابلغه الرسالة، لكن
المهم ان تتوفر لدينا ثقافة التركيز على الحاجات الضرورية لبناء البلاد
التي تعاني من مشاكل على جميع الصعد واستمرار الضغط على جهات القرار في
واشنطن لتساعد في تحويل الوجود العسكري الى وجود اقتصادي واستثماري لان
العراق ليس لديه أية ملاحظات على الكفاءة الامريكية في الادارة
والتخطيط والبناء التقني.. ويبقى التحفظ الاساس على طبيعة الاجراءات
التي رافقت الوجود العسكري والاصرار على اتباع خطوات اضرت بالمصلحة
العراقية على مدى سنوات.
وبدلا من دبابات برامز وعجلات همفي وطائرات القصف. ننتظر التحول الى
الاقتصاد لتدخل شركات السيارات والطائرات والقطارات وتقنيات الاتصال
والتدريب ونظم التعليم الحديثة ووسائل تطوير الزراعة والاستكشافات
المعدنية وبناء محطات الطاقة والمصافي والمستودعات ودعم الجهد الصحي..
وبمعنى آخر نريد ان نرى جنرال الكتريك وجنرال موتورز بدلا من جنرال
بترايوس!
hadeejalu@yahoo. com |