شبكة النبأ: قطع العلماء الذين يعملون
على صناعة شكل من الحياة خطوة كبيرة إلى الأمام مؤخرا قائلين انهم
ركّبوا خريطة جينية مصطنعة واستخدموها مع خلية بكتيرية مفرغة في إيجاد
خلية عاملة، وهم يأملون في استخدام الخلية الجديدة في تعلّم كيفية
تصميم أحياء دقيقة حسب الطلب.
لكن بعض الجماعات تخشى احتمال أن تستخدم التكنولوجيا الجديدة في صنع
أسلحة بيولوجية وسارعت لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب الأمريكي
إلى ترتيب جلسة قريبة لمناقشة عواقب هذه الخطوة ما لها وما عليها.
أهداف إنسانية..
وقال كريج فنتر رائد دراسات الخرائط الجينية الذي قاد البحث "هذه
اول خلية يتم اصطناعها. هذه أول نوع من الكائنات التي تتناسخ على
كوكبنا أنجبها الكمبيوتر."وقال اعضاء من فريقه في وقت لاحق انهم ما
قطعوا الا خطوات ضئيلة نحو هدف صنع كائن حي حسب الطلب انطلاقا من ملف
رقمي.
وقال فنتر انه يود صنع بكتيريا لإنتاج الوقود أو لاستخدامها في صنع
أمصال أفضل او تصميم طحالب لامتصاص ثاني اوكسيد الكربون من الجو.
وأضاف في مؤتمر صحفي "سيصبح هذا اداة بالغة القوة لمحاولة تصميم ما
نريد استخدام علم الحياة في القيام به." بحسب رويترز.
وقال فريق فنتر في تقرير بخصوص الدراسة في دورية ساينس انه استعمل
نسخة مصطنعة من الشفرة الجينية مأخوذة من بكتيريا صغيرة وزراعها في
خلية بكتيرية أفرغت من معظم محتوياتها. وبعد عدة محاولات دبت الحياة في
الكائن الدقيق وبدأ يتناسخ في صحفة المعمل.
واستغرق العلماء سنوات لاصطناع كروموسوم يحمل توليفة جينية مصطنعة.
وبعد ان قضى العلماء 15 عاما في ذلك وانفقوا 40 مليون دولار حتى الان
كان عليهم ان يبحثوا في طريقة لنقل هذا الى خلية بكتيرية اخرى ونجحوا
اخيرا بعد محاولات استغرقت اسابيع.
وقال فنتر ان الفريق استشار عددا من خبراء الاخلاقيات قبل الشروع.
وقال دان جيبسون من المعهد انهم اطلعوا البيت الابيض على المشروع بسبب
العواقب الامنية اذ قد تستخدم التكنولوجيا على سبيل المثال في اصطناع
اسلحة بيولوجية.
وقال اريك هوفمان من جمعية اصدقاء الارض "ينبغي ان نضمن تطبيق قواعد
صارمة لحماية البيئة وصحة الانسان من هذه التكنولوجيا الجديدة التي قد
تكون خطيرة."
من جهته عمل فريق من العلماء يقودهم كريغ فنتر في مركزه العملي
الخاص في ماريلاند بالولايات المتحدة على أخذ موروثات بكتيريا سريعة
التكاثر، مكونة من مليون جين، ومن ثم تفكيكها وإضافة مكونات جديدة
إليها، في مشروع بدأ عام 1995
وشرح فنتر طبيعة إنجازه بالقول: "هذه الخلايا حية، ولكن الفارق
الوحيد بينها وبين سائر الخلايا هي أنها لا تمتلك تاريخاً طبيعياً، بل
إن الكمبيوتر هو والدها."بحسب سي ان ان
ونقلت مجلة "العالم" عن فنتر قوله إن فريقه ترك بصمته الخاصة داخل
الجينات المصنّعة للبكتيريا، وذلك عبر أربعة سلاسل من السمات الوراثية
التي تحمل شيفرة تضم أسماء العلماء المشاركين في البحث وثلاثة أقوال
تاريخية معروفة، إلى جانب عنوان بريد إلكتروني.
وشرح العالم الأمريكي أسباب ذلك بالقول إنه قرر تحدي العلماء لمعرفة
قدرتهم على تفكيك جينات البكتيريا التي ولّدها بالمختبر، داعياً كل من
يتمكن من فك الأسرار إلى مراسلته على بريده الإلكتروني الذي وضعه ضمن
الجينات.
وتحدث فنتر عن خطواته المستقبلية لاستخدام هذه التكنولوجيا التي
تسمح بخلق خلايا تقوم بكل الوظائف الممكنة، فقال إنه دخل في شراكة مع
شركة "أكسون موبيل" للتلاعب بجينات طحالب بحرية بشكل يجعلها قادرة على
امتصاص الكربون من الهواء وتحويله إلى وقود.
وكذلك فقد باشر في تطوير لقاحات بالتعاون مع شركة "نوفاتيس"
بالاعتماد على هذه التقنية، وقد تظهر تلك اللقاحات في الأسواق خلال عام.
الاكتشاف يهيمن على الساحة العالمية
وهيمنَ خبر الكشف العلمي المثير المتمثل في تمكّن العلماء من إنتاج
خلية اصطناعية حية على الاهتمام في الصحافة البريطانية.
وتهلل صحيفة الاندبندنت في تغطيتها الموسعة لهذا الكشف العلمي الذي
تفرد له صفحتها الاولى وعددا من صفحاتها الداخلية، وبعنوان واسع" ان
نتائجه على مستقبل البشرية ستكون هائلة ويصعب تخيلها".
ويرى محررها العلمي ستيف كونور ان هذا البحث يعد بثورة في مجال
التكنولوجيا الحيوية (البيو تكنولوجي) فهو يفتح الباب للعلماء لتصنيع
اشكال جديدة من الحياة التي يمكن برمجتها جينيا لتأدية وظائف
محددة،كانتاج وقود خال من الكاربون او انتاج لقاحات او انتاج اشكال
جديدة من الاطعمة والمياه النظيفة، ويصفه بالقفزة العملاقة في العلم
ويمكن ان تكون اكبر في المستقبل بالنسبة للبشرية عموما.
بيد انه يستدرك بان البحث يثير مخاوف اخلاقية بشأن امكانية وقوعه
بايدي خاطئة، كان يستخدم على سبيل المثال في صنع اسلحة بيولوجية.
كما تنفرد الصحيفة باجراء حوار موسع مع رائد دراسات الجينوم (الخريطة
الوراثية) كريج فينتر الذي وقف وراء البحث يشرح فيها كشفه العلمي بقوله
" انها المرة الاولى التي يتمكن فيها امرؤ من بناء ما مجموعة 1.08
مليون قاعدة من ازواج الكروموسومات (الصبغيات)، وزرعت في خلية مضيفة
حيث يمكن للكروموسوم الجديد ان يستولي على هذه الخلية ويتحكم بها
ويحولها الى نوع جديد يحدد بخصائص الكروموسوم الجديد ".
ويضيف:" انها المرة الاولى التي نحصل فيها على خلية يتحكم فيها
بنسبة 100% كروموسوم اصطناعي.
ويتابع لا نعتبر ذلك (خلقا للحياة من العدم) بل نحن نخلّق حياة
جديدة من حياة موجودة باستخدام حمض نووي (دي ان أي) اصطناعي لبرمجة
الخلية لتكوين خلايا جديدة يحددها الحمض النووي الاصطناعي.
لحظة حاسمة..
ويرى المحرر العلمي لصحيفة التايمز مارك هندرسن الذي كتب مقالا تحت
عنوان" العلماء يخلّقون حياة اصطناعية في المختبر" ان هذه التجربة تدفع
الحدود امام قابلية الانسان على التلاعب في العالم الطبيعي.
بيد انه ينقل في الوقت نفسه عن بين ديفس الذي عمل في مجال
البيولوجيا التركيبية في جامعة اوكسفورد قوله:" ما زلت اعتقد اننا
بعيدين جدا عن الحياة الاصطناعية.. يمكنك ان تأخذ هذا الجينوم
الاصطناعي وتكتب بمورثات (جينات) جديدة ذات وظائف معروفة بيد ان ذلك
ليس شيئا مختلفا عن علم الاحياء الجزيئي في هذه اللحظة".
الفاتيكان يرحب..
من جهتهم رحب مسئولو الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا
مؤخرا بقيام علماء أمريكيين بتخليق أول خلية صناعية ولكنهم أكدوا إن
تلك الإكتشافات العلمية يجب في النهاية أن تفيد الجنس البشري.
وقال الأسقف رينو فيسيشيلا لبرنامج إخباري بثه التليفزيون الإيطالي
الرسمي" إذا استخدمت (الخلية) لصالح الخير ومعالجة الأمراض في هذه
الحالة يمكن ان يكون موقفنا ايجابيا تجاهها".
وأضاف فيسيشيلا الذي يرأس الأكاديمية البابوية للحياة "إذا لم تكن
مفيدة في إحترام كرامة الإنسان حينئذ سيتغير حكمنا عليها". بحسب د ب أ.
وفي الوقت الذي أعترف فيه الأسقف أنجيلو باجناسكو كبير الأساقفة
ورئيس مؤتمر أساقفة إيطاليا بأنه لم يطلع على تفاصيل الإكتشاف، أشاد به
بوصفه "علامة أخرى على الذكاء الذي منحه الله ليسمح للجنس البشري بفهم
الخلق وتنظيمه بطريقة أفضل".
عالمة بريطانية: البكتيريا الاصطناعية مضرّة بالإنسان
من جهة أخرى أعربت عالمة بريطانية متخصصة في علم الجينات عن قلقها
إزاء تمكن علماء في أمريكا من إنتاج أول خلية اصطناعية حية في العالم،
مشيرة إلى أن البكتيريا الاصطناعية مضرّة بالإنسان إذا ما أسيء
استخدامها الجديد في إنتاج الخلية الصناعية الحية بالتقليل من المخاطر
والعيوب المحتمل أن تخلَّفها الكائنات التي يعكف علماء على إنتاجها.
وقالت الدكتورة هيلين ووليس من مؤسسة جينيتشووتش البريطانية التي تعنى
بمراقبة ورصد التطورات في مجال تقنيات الجينات في معرض حديثها عن إنتاج
خلية اصطناعية حية،» إن البكتيريا الاصطناعية قد تكون خطيرة خاصة إذا
ما أطلقت الكائنات الحية الجديدة في البيئة، ويمكن أن تتسبب في الضرر
أكثر مما قد تجلب من فوائد، بل هذا نوع جديد من التلوث». |