ارتدادات الأزمة المالية على سوق الصحافة والإعلام

صحف ومجلات عالمية تُعرض للبيع وأخرى تعلن إفلاسها

 

شبكة النبأ: الأزمة المالية التي تفاقمت في 2009 ألقت ظلالها السلبية على سوق الصحف والمجلات العالمية. والتي كانت في السابق تحقق أعلى الأرباح من مبيعاتها.

ورغم انخفاض عدد القراء لهذه الصحف الا إنها لم تكن تعتمد بإيراداتها عليهم بل اعتمدت على تكاليف الإعلانات المدفوعة ومصادر أخرى مستمرة، وعندما اختفت الإعلانات تعرضت صحف للخسارة الفادحة واشهر بعضها إفلاسه، مثل مجموعة الواشنطن بوست والاسوشيتد برس وصحف عربية أخرى.

تراجع في مبيعات أكشاك الصحف

وكانت قد تراجعت مبيعات المجلات في أكشاك بيع الصحف بنسبة نحو 10% في الولايات المتحدة بين تموز/يوليو وكانون الأول/ديسمبر 2009 والاشتراكات بنسبة 1,1%، وفق الأرقام المنشورة الاثنين من قبل مكتب مراقبة توزيع.

وكان مجمل توزيع المجلات سجل تراجعا عاما بنسبة 2,23% مع نحو 328,4 ملايين نسخة ل472 عنوان مجلة مختلفة وزعت في نصف السنة الأخير من العام 2009، على ما أفاد مكتب "اي بي سي" لمراقبة التوزيع.

وقد حدد المكتب ان نحو 35,7 مليون نسخة من المجلات المعروضة في أكشاك بيع الجرائد قد بيعت (-9,1%، مقابل -11,12% في الفترة عينها من العام 2008) و278,9 مليون نسخة أخرى بفضل الاشتراكات المدفوعة. بحسب فرانس برس.

وكان لتراجع نسبة القراء اثر لافت خصوصا على مجلة "ريدرز دايجست" التي وضعت في حماية المحاكم تجنبا للإفلاس، مع تسجيلها تراجعا في التوزيع بنسبة 13,09% مقابل 7,09 مليون نسخة مجلة مباعة.

من جهتها سجلت مجلة "ناشونال جيوغرافيك" تراجعا بنسبة 11,15% الى 4,5 مليون نسخة فيما تراجعت مجلة "تايم" بنسبة 0,91% الى 3,3 مليون نسخة. الا ان مجمل هذه الصناعة لم تواجه ازمة.

فمبيعات "اميركان ريفليمن" شهدت نموا بنسبة تزيد عن 20% الى 1,72 مليون نسخة كما عرفت مجلة "وومنز هيلث" التي باعت 1,45 مليون نسخة بين تموز/يوليو وكانون الاول/ديسمبر.

محنة اسوشيتد برس

من جانب آخر أعلنت وكالة اسوشيتد برس الأميركية للأنباء التي تعمل على شكل تعاونية صحف، تراجع أرباحها بنسبة 65 في المائة في 2009 عند 8,8 ملايين دولار ولم تنقذها من السقوط في الخسارة إلا خدمتها الألمانية. ودرت الخدمة الألمانية للوكالة أرباحا بلغت قيمتها 13,2 مليون دولار.

وبلغ حجم تعاملات الوكالة الأميركية 676,1 مليون دولار مقابل 747,7 مليون دولار قبل ذلك بعام، ما يعني تراجعا بنحو 10 في المائة، بحسب أرقام نشرت أثناء الجلسة العامة السنوية للوكالة في نيويورك.

وهي المرة الأولى منذ 1993 تتراجع فيها عائدات هذه الوكالة التي تشكل مع مجموعة طومسون رويترز ووكالة فرانس برس اكبر وأقدم وكالات الأنباء في العالم. وقبل 17 عاما لم يتعد تراجع عائدات الوكالة نسبة 6 في المائة.

وبحسب برقية بثتها مؤخرا، توقعت الوكالة ان يتواصل تراجع حجم تعاملاتها في 2010 لتكون تلك المرة الأولى منذ 1932 و1933 التي تشهد فيها عامين متتالين من التراجع.

وقال دين سينغليتون رئيس مجلس إدارة اسوشيتد برس ان الوكالة اضطرت الى ان تأخذ في الاعتبار صعوبات وسائل الإعلام الأعضاء في التعاونية عبر إجراء تخفيضات لمصلحتها بلغت قيمتها 30 مليون دولار في 2009. وأضاف ان هذه التخفيضات ستبلغ في 2010 ما قيمته 35 مليون دولار. كما تم خفض كلفة الأجور بنسبة 10 في المائة عبر إلغاء وظائف.

وأكدت الوكالة الأميركية إن اشتراكات الصحف الأميركية لم تعد تمثل إلا ربع عائداتها، ويأتي الباقي من الانترنت ووسائل الإعلام السمعية البصرية ومن مبادرات تجارية مثل خدمة قواعد البيانات الإحصائية الرياضية.

خسائر مجموعة واشنطن بوست

على صعيد ذي صلة أعلنت مجموعة واشنطن بوست الصحافية الاميركية مؤخرا انها تعرض للبيع اسبوعيتها الجامعة نيوزويك التي لم تتمكن من وقف خسائرها المالية منذ 2007.

وقال دونالد غراهام رئيس مجلس إدارة المجموعة "ان خسائر نيوزويك بين 2007 و2009 معروفة. ورغم الجهود البطولية للإدارة والعاملين في نيوزويك، فاننا نعتقد انها ستخسر المزيد من الأموال في 2010". وأضاف في بيان "نحن نستكشف إمكانات تسوية هذه المشكلة"، لكن "المجلة قد تجد في ضوء المناخ الحالي موقعا أفضل في مكان آخر".

ونيوزويك التي تأسست في 1933 والمملوكة لواشنطن بوست منذ 1961، هي إحدى مؤسسات الصحافة الأميركية. وعلى غرار منافستها تايم التابعة لمجموعة تايم وورنر، فقد تأثرت بشدة من انهيار سوق الإعلان وتنامي الانترنت ما ادى الى تراجع مبيعاتها.

وبين 2008 و2009، فقدت المجلة نحو 15 بالمئة من قرائها وبقيت مبيعاتها في حدود مليونين و316 الف نسخة. وترتيبها 26 بين المجلات الأسبوعية التي تباع في الولايات المتحدة، بحسب جمعية الناشرين الاميركيين بعيدا جدا عن تايم التي حلت في المرتبة ال13 مع ثلاثة ملايين و350 الف نسخة مباعة (تراجع بنسبة 0,7 بالمئة). بحسب فرانس برس.

وفي شباط/فبراير، نشرت مجموعة واشنطن بوست التي تجني القسم الأكبر من عائداتها من مجموعة كابلان لطبع الكتب المدرسية، أرقاما أشارت إلى ارتفاع إرباحها بنحو 39 بالمائة إلى أكثر من 91 مليون دولار.

لكن رقم أعمال نيوزويك تراجع بنسبة 27 بالمائة من سنة إلى أخرى وتضاعفت الخسائر تقريبا لتبلغ 29,3 مليون دولار، رغم تسجيل ربح بسيط في الفصل الرابع من العام الماضي بلغ 400 ألف دولار.

من جهتها  أعلنت شركة "واشنطن بوست" انها تعاقدت مع شركة " ألن أند كو" للخدمات المصرفية والاستثمارية لبيع مجلة "نيوزويك" التي تملكها منذ عقود بسبب استمرار تكبدها خسائر مالية .

وأضافت  " واشنطن بوست" إنها كلفت شركة "ألن أند كو" بالبحث عن جهة لشراء المجلة التي صدرت في عام 1933 واشترتها في ما بعد شركة واشنطن بوست في عام 1961 .

وتحظى المجلة " نيوزويك" بسمعة دولية جيدة وتوفر لقرائها مجموعة من الأخبار الفريدة والمتنوعة عدا عن التعليقات والتحليلات السياسية لما يدور في الولايات المتحدة وكافة أنحاء العالم.

الاندبندندت معروضة للبيع..

وينوي الثري الروسي والجاسوس السابق في الاستخبارات السوفييتية (كي.جي.بي) الكسندر ليبيديف شراء صحيفة "الاندبندنت" التي تعاني من مشكلات مالية مع نسختها التي تصدر الاحد "اندبندنت اون صنداي" بجنيه رمزي (1,12 يورو) على ما افادت الشركة التي تنشر الصحيفتين. بحسب فرانس برس.

واوضحت شركة "اندبندنت نيوز اند ميديا" (اي.ان.ام) ومقرها دبلن، في بيان ان العملية ستتم في ايار/مايو المقبل بعد الحصول على موافقة الشركة السابقة المالكة، في ايرلندا.

وقد اعرب ليبيديف (50 سنة) الذي تقول وسائل الاعلام البريطانية ان ثروته تناهز 2,2 مليار جنيه، في نيسان/ابريل 2009 عن رغبته في شراء تلك الصحيفة.

لكن المناقشات بين ليبيديف واي.ان.ام انقطعت الصيف الماضي لاتاحة الفرصة امام الشركة لاعادة التفاوض حول ديونها الضخمة (1,3 مليار يورو) قبل ان تعلن في كانون الاول/ديسمبر انها تجري مفاوضات "حصرية" مع الثري الروسي.

ويذكر ان عدد النسخ التي توزعها الاندبندنت التي صدرت سنة 1986، قد تراجع مع مر الزمن مما دفع بمالكيها الى تسريح عدد من الموظفين.

ووزعت الصحيفة 183547 نسخة في شباط/فبراير 2010 حسب تقييم مكتب النشر، اي بتراجع نسبته 10,88% مقارنة بشباط/فبراير 2009 (205964 نسخة).

وتخلفت الصحيفة كثيرا مقارنة بدايلي تلغراف (685177 نسخة) وتايمز (505062) والغارديان (284514).

وتصدر مجموعة اندبنت نيويز اند ميديا اكثر من 200 صحيفة ومجلة حول العالم بما فيها "دينيك جغران" الهندية، وهيرالد النيوزيلندية واندبنت الايرلندية.

توقف صحف عربية عن الصدور

من جانب آخر أعلنت يوميتان مستقلتان تصدران باللغة العربية في الكويت والبحرين انهما ستتوقفان عن الصدور بسبب صعوبات في التمويل.

ففي الكويت قالت صحيفة "اوان" انها لن تصدر وذلك بعد 30 شهرا من وجودها في الاكشاك. واوضح ناشرها محمد الرميحي في مقال بعنوان "وقفة وداع" في الصفحة الاولى "تتوقف أوان عن النشر لأسباب اقتصادية قاهرة".

وبغياب هذه الصحيفة تبقى في الكويت 14 صحيفة يومية ناطقة باللغة العربية وثلاث صحف باللغة الانكليزية. وكانت الكويت شهدت العام الماضي غياب يومية اخرى ناطقة باللغة العربية "اصوات" ايضا لاسباب اقتصادية.

وكانت صحيفة "الوقت" اليومية في مملكة البحرين أصدرت إعلانا مماثلا موضحة ان قرارها يعود الى عجزها عن العثور على شريك استراتيجي او مشتر لمعاودة الصدور.

وكانت هذه الصحيفة بدأت بالصدور في 2006 غير انها عانت في الاونة الاخيرة من آثار الازمة المالية التي ادت الى شح الاعلانات. وبذلك تبقى في البحرين ست صحف يومية ناطقة بالعربية اضافة الى صحيفتين يوميتين باللغة الانكليزية.

وقال صحافيون عاملون في الصحيفة إن "العاملين في جميع أقسام التحرير والأقسام الإدارية قرروا تنفيذ الإضراب بعد لقاء مخيب للآمال مع الرئيس التنفيذي للمؤسسة" حسب تعبيرهم.

وقال احد الصحافيين مفضلا عدم الكشف عن هويته "كان الاجتماع مع الرئيس التنفيذي مخيبا للآمال حيث لم يخرج باي نتيجة (...) كان من المقرر ان ننفذ الإضراب لكننا وإزاء ردة فعل الإدارة المخيبة للآمال قررنا تأجيله".

وتابع هذا الصحافي "الإضراب سيستمر لان الوضع بات غير محتمل (...) العاملون لديهم التزامات لا حصر لها ومعظمهم ملتزم بقروض مع المصارف (...) لقد صبرنا طويلا على الإدارة وأبدينا إحساسا عاليا بالمسؤولية لكنهم حتى لم يقولوا لنا شكرا على موقفكم وتفهمكم بل إن رد فعلهم كان غاية في عدم التقدير".

وخلص إلى القول "هذه صحيفتنا ونحن احرص عليها من اي شخص آخر ولقد صبرنا طيلة عام تقريبا على هذه المشكلة لكن للأسف أنهم لا يقدرون صبر العاملين ولا إحساسهم بالمسؤولية تجاه صحيفتهم".

وبدأت المشكلات المالية لهذه الصحيفة التي تعد ليبرالية ومستقلة منذ أيار/مايو من العام الماضي عندما بدأت تتأخر في دفع رواتب العاملين فيها اثر مصاعب مالية عانتها منذ نشأتها تقريبا. لكن الأزمة المالية وحالة الركود التي تخيم على سوق الإعلان محليا وخليجيا ضاعفت من مصاعب الصحيفة.

وانطلقت هذه الصحيفة في آذار/مارس 2006 واستقطبت كتابا مميزين محليا وعربيا ونالت عام 2007 جائزة الصحافة العربية عن التحقيقات السياسية. لكن الصحيفة، وهي سادس صحيفة يومية عربية تصدر في البحرين، ظلت تعاني من صعوبات في التمويل واستقطاب المعلنين وسط سوق إعلاني صغير ومكتظ بالصحف والوسائل الإعلامية الأخرى.

وتصدر في البحرين سبع صحف يومية عربية هي "أخبار الخليج"، "الأيام"، "الوسط"، "الميثاق"، "الوطن"، "الوقت" وأخيرا "البلاد" إضافة إلى صحيفتين يوميتين باللغة الانكليزية هما "غالف ديلي نيوز" التي تصدر عن مؤسسة الهلال و"بحرين تيبيون" عن دار "الأيام" للصحافة والنشر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/أيار/2010 - 12/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م