قمع الشيعة في السعودية: نمط منهجي وفظيع ومتواصل

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما يتواصل قمع الحريات الدينية للمواطنين السعوديين الشيعة من قبل سلطات النظام الذي يغلب عليه طابع الوهابية التكفيرية المتشددة، استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ما وصفتها حملة التمييز الظالمة التي تشنها السلطات السعودية ضد مواطنيها الشيعة في الآونة الأخيرة.

ودانت المنظمة التي تتخذ من القاهرة مقرا لها اعتقال المعلم حسن على المكي من مقر عمله بمدينة الجبيل بذريعة خرقه لتعهد سبق أن أجبرته السلطات على توقيعه ويقضي بعدم اقامة صلاة الجماعة بمنزله في مدينة الخبر. في حين ناشد المواطنون الشيعة في مدينة الخبر الملك عبدالله بن عبدالعزيز رفع الحظر المفروض عليهم بشأن إقامة صلاة الجماعة في مساجدهم المغلقة، وإطلاق الموقوفين بذريعة إقامتهم صلاة الجماعة في منازلهم.

وفي غضون ذلك وصفت اللجنة الأمريكية المعنية بالحريات الدينية في العالم انتهاك السعودية للحريات الدينية بأنه يجري على نمط "منهجي وفظيع ومتواصل". واعتبرت اللجنة، السعودية "دولة ذات قلق خاص" ووضعتها ضمن الدول الـ 13 الأكثر انتهاكا للحريات الدينية في العالم على صعيد مواطنيها الشيعة والعمال الأجانب والنساء.

انتهاك الحريات الدينية بشكل منهجي وفظيع

وأورد تقرير اللجنة الأمريكية المعنية بالحريات الدينية في العالم بأن المملكة السعودية تُخضع الممارسات الدينية العامة لمواطنيها الشيعة لقيود حكومية إلى جانب التمييز الرسمي في الوظائف الحكومية والتعليم وغياب التمثيل الرسمي في مجلس الوزراء.

كما رصد بروز فتاوى تكفيرية من رجال الدين السنة المتشددين والتي قال أنها تبرر ارتكاب أعمال عنف ضد المسلمين الشيعة. بحسب شبكة راصد الاخبارية.

ووصف التقرير الذي صدر مؤخرا انتهاكات الحرية الدينية في السعودية بأنها تجري بشكل "منهجي وفظيع ومتواصل" على الرغم من الإصلاحات المحدودة التي يتبناها الملك عبد الله.

وتابع بأن السلطات السعودية نفذت على مدى السنوات القليلة الماضية سلسلة من عمليات الاحتجاز القصيرة الأجل للكثير من مواطنيها الشيعة والتي استمرت على نحو متواصل خلال 2009-2010.

وأورد كذلك اعتقال العديد من الشخصيات الشيعية في المنطقة الشرقية لمدد تصل إلى 30 يوما دون توجيه اتهامات محددة بذريعة عقدهم تجمعات دينية صغيرة في منازلهم الخاصة.

وتناول التقرير اعتقال السلطات في مارس الماضي ثلاثة من الوجهاء الشيعة دفعة واحدة تحت مزاعم بعقدهم مجالس دينية خلال مناسبة عاشوراء في ديسمبر 2009 في مدينة الخبر في المنطقة الشرقية.

وأوضح أن السلطات القضائية درجت على ايقاع عقوبات أكثر قسوة على مواطنيها الشيعة لاعتبارهم "مشركين" في نظر القضاة السعوديين.

كما رصدت اللجنة اغلاق السلطات العام الماضي لعدد من المساجد الشيعية في مدينة الخبر من بينهم اثنان خلال شهر أغسطس واثنين آخرين في نوفمبر تحت مبرر عدم وجود تصاريح رسمية لها.

وفي سياق المضايقات في مجال حرية التعبير تناول التقرير اعتقال السلطات في نوفمبر 2009 الناشط الحقوقي منير الجصاص الذي قضى ما لا يقل عن أربعة أشهر في الحبس الانفرادي دون توجيه أي تهم رسمية اليه للشهر السادس من اعتقاله.

وأوصت اللجنة وزارة الخارجية الأمريكية بالتعامل مع السعودية بتركيز كبير باعتبارها دولة تفتقد للحرية الدينية إلى جانب سبع دول أخرى هي الصين، مصر، إيران، نيجيريا، باكستان، السودان وفيتنام.

استنكار الحملة الأمنية ضد المواطنين الشيعة

واستنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ما وصفتها "حملة التمييز الظالمة" التي تشنها السلطات السعودية ضد مواطنيها الشيعة في الآونة الأخيرة.

ودانت المنظمة التي تتخذ من القاهرة مقرا لها اعتقال المعلم حسن على المكي من مقر عمله بمدينة الجبيل بذريعة خرقه لتعهد سبق أن أجبرته السلطات على توقيعه ويقضي بعدم اقامة صلاة الجماعة بمنزله في مدينة الخبر.

كما استنكرت إجبار العديد من المواطنين الشيعة على امضاء تعهد "جائر وشديد التمييز" بعدم إقامة الصلاة في منازلهم واعتقالهم لاحقا بذريعة خرق التعهد.

ومن هؤلاء إلى جانب المعلم المكي الحاج حسن صالح المهنا، مهدي احمد الخضير وعبدالله فهد المكي الذين لا يزالون رهن الاعتقال للاسبوع الرابع على التوالي.

كما رصدت الشبكة كذلك اعتقال الأجهزة الأمنية السعودية في مطار الملك فهد الدولي بالدمام الأسبوع الماضي المعلم محمد باقر الشرفاء أثناء مغادرته إلى للخارج مع عائلته وحرمانه من زيارة عائلته أو الاستعانة بمحام.

وكان وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز قد أمر باغلاق تسعة مساجد شيعية في المنطقة الشرقية ذات الكثافة الشيعية واعتبرها مسألة "غير قابلة للنقاش".

وقال جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان "ما يمارسه وزير الداخلية السعودي ضد المواطنين الشيعة هو تمييز جائر يعاقب عليه القانون الدولي والنظام الأساسي السعودي نفسه".

وطالبت الشبكة وسائل الإعلام المستقلة العربية والدولية والمؤسسات المدنية الداعمة لحرية الاعتقاد "أن تفضح هذه الممارسات الظالمة دعما لحقوق المواطنة والمساواة التي أوشكت أن تستثني الشيعة في السعودية".

مناشدة الملك عبد الله إطلاق السجناء الشيعة

وناشد المواطنون الشيعة في مدينة الخبر الملك عبدالله بن عبدالعزيز رفع الحظر المفروض عليهم بشأن اقامة صلاة الجماعة في مساجدهم المغلقة وإطلاق الموقوفين بذريعة إقامتهم صلاة الجماعة في منازلهم.

وجاء في المناشدة التي حصلت شبكة راصد الاخبارية على نسخة منها "نرفع إلى مقامكم الكريم يا والدنا مناشدتنا هذه بأن تصدر اوامركم الكريمة ليرفع عنا هذا الحيف ويطلق اخواننا من السجن وأن يسمح لنا باقامة الصلاة جماعة في مساجدنا ".

وأضاف الأهالي في مناشدتهم الملك "ومع ما تقدم لمقامكم من ريادة سطرتموها في ساحة التسامح الديني والقبول بالآخر، هناك على الجانب الآخر صورة مؤسفة.. تمثلت في انتقاص الحقوق الدينية لفئة من مواطني البلاد وهم نحن أتباع المذهب الاسلامي الشيعي".

وناشد الأهالي الملك عبدالله رفع الحظر المفروض عليهم حول اقامة صلاة الجماعة في مساجدهم المغلقة واطلاح سراح المعتقلين على خلفية اقامتة صلاة الجماعة في منازلهم.

والمعتقلون الذين يمضون اسبوعهم الثالث في السجن حتى الآن هم الحاج مهدي أحمد الخضير (72 عاما)، الحاج عبدالله فهد المكي (64 عاما)، الحاج حسن صالح المهنا (50عاما) والأستاذ حسن المكي (30 سنة).

وتتزامن المناشدة مع توقع وصول الملك عبدالله في الساعات المقبلة إلى المنطقة الشرقية قادما من البحرين في اختتام زيارة رسمية.

إطلاق سراح سجين الشعائر الدينية في الخبر

وأطلقت السلطات الأمنية السعودية سراح شخصية شيعية رابعة ممن عرفوا بسجناء الشعائر الدينية في مدينة الخبر بعد اعتقال دام شهرا واحدا بذريعة اقامة صلاة الجماعة بمنزله.

وذكرت مصادر مطلعة لشبكة راصد الاخبارية أن السلطات أطلقت ظهر الثلاثاء المعلم حسن علي المكي بعد قضائه حكما اداريا بالسجن مدة شهر واحد.

وكانت السلطات احتجزت المكي برفقة ثلاثة من الوجهاء "اطلقوا الأسبوع الماضي" بذريعة كسرهم حظرا رسميا يمنعهم من اقامة صلاة الجماعة في منازلهم بمدينة الخبر اثر اغلاق السلطات المساجد الشيعية هناك.

وكان عناصر من البحث الجنائي اعتقلوا المعلم المكي من مقر عمله بمدرسة هجر الابتدائيه في مدينة الجبيل الصناعية ونقل فور ذلك لقضاء فترة السجن في مدينة الخبر.

ويعد الأربعة المفرج عنهم والذين عرفوا بسجناء الشعائر الدينية من أبرز الوجهاء الشيعة وأوائل القاطنين في المدينة منذ تأسست في أربعينات وخمسينات القرن الماضي.

وكان 70 من رجال الدين والمثقفين السعوديين الشيعة دعوا السلطات في العاشر من الشهر الماضي إلى اطلاق المعتقلين. واعتبروا منع الأهالي الشيعة من إقامة صلاة الجماعة "تمييز واضح.. يتعارض مع أبسط حقوق الإنسان".

وتحظر السلطات السعودية على مواطنيها الشيعة بناء المساجد والحسينيات وإحياء الشعائر والاحتفالات الدينية خارج مناطقهم التاريخية في الأحساء والقطيف ونجران والمدينة المنورة.

وكان وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبدالعزيز أعرب الشهر الماضي عن رفضه اعادة فتح المساجد الشيعية المغلقة في المنطقة الشرقية معللا ذلك بنواحي أمنية ومذهبية لم يحددها.

الشيخ الحبيل: منع صلاة الجماعة سلب لأبسط الحقوق

ومن جانبه انتقد الشيخ عبد الكريم الحبيل السلطات السعودية لاستمرارها اعتقال نشطاء شيعة في الخبر معتبرا منعهم من الصلاة جماعة سلبا لأبسط الحقوق الإنسانية.

وقال في خطبة الجمعة ببلدة الربيعية بمحافظة القطيف أن أبسط حق للمواطن الشيعي هو "ممارسته لأموره العبادية".

ووفقا لمواقع محلية تسائل الحبيل بالقول عن ما أسماه بالتمييز الطائفي وعده دخيلا على أبناء المنطقة الشرقية محذرا في الوقت نفسه مما وصفه بالتأجيج الذي يأخذ أبناء البلد الواحد إلى مالا يحمد عقباه بحسب تعبيره. ووصف في حديثه اي شخص يريد أن يدخل العداوة والبغضاء بين أبناء المنطقة فهو "غريب".

واسترسل قائلا انه عندما بنيت "المساجد السنية" في مختلف مناطق المنطقة الشرقية تلقاها الشيعة بحسب قوله "بكل رحابة صدر ولم يمنعوا أو يؤذوا أحدا في ذلك بل حملوا مبدأ التعايش السلمي بين أبناء البلد الواحد".

ودعا الحبيل في الوقت نفسه السلطات إلى التأسي بالبلدان الإسلامية الأخرى دون ان يسميها مؤكدا ان المسلمين يتعايشون فيها على "مختلف مذاهبهم متحابين متآلفين".

ومن جانب آخر أشار إلى التعايش الموجود في المنطقة تاريخيا قائلا "لقد عاش آباؤنا وأجدادنا هنا في المنطقة الشرقية متحابين منسجمين شيعة وسنة".

وأكد الحبيل أن "كثيرا من مشائخ السنة تتلمذوا على يد المشائخ الشيعة ودرس الشيعة والسنة سوية في مدارس المنطقة الشرقية وتبادل كل منهما العلاقات الإجتماعية كالتجارة وغيرها".

وأضاف "لقد كان القاضي شيعيا إبان الحكومة العثمانية وفي الفترة التي حكم فيها الملك عبد العزيز وكان يحكم للشيعة والسنة على حد سواء".

السلطات تمنع المدوّن الجصاص من توكيل محام

ورفض جهاز المباحث السعودية إتاحة الفرصة للمدوّن المعتقل منير الجصاص لتوكيل محام يتولى الدفاع عنه بعد مرور أكثر من ستة أشهر على اعتقاله دون توجيه تهم واضحة.

وذكرت مصادر عائلية لشبكة راصد الإخبارية، أن المعتقل الجصاص طالب مؤخرا إدارة سجن المباحث بإتاحة الفرصة له لتوكيل محام للدفاع عنه غير أن طلبه جوبه بالرفض دون ابداء أسباب.

وجاءت مطالبة الجصاص بتوكيل محام بعد مرور أكثر من ستة أشهر على اعتقاله دون توجيه تهم رسمية له خلافا لنظام الإجراءات الجزائية.

ووفقا لقانونيين درجت السلطات على تجاهل المادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية والتي تنص على إطلاق أي محتجز ما لم يحال إلى المحاكمة خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ اعتقاله.

وكانت منظمة "فرونت لاين" المدافعة عن نشطاء حقوق الإنسان في العالم اعتبرت الشهر الماضي احتجاز السلطات المدوّن الجصاص اعتقالا تعسفيا وثيق الصلة بعمله المشروع والسلمي في الدفاع عن حقوق الإنسان.

وسبق اعتقال الجصاص في نوفمبر الماضي ملاحقة أمنية إجبر خلالها على التعهد بالامتناع عن الكتابة على شبكة الانترنت.

ويشرف المدوّن الجصاص على منتدى "الطاهرة" الالكتروني وينشر بانتظام مقالات وتعليقات على شبكة الإنترنت حول الاوضاع الحقوقية للمواطنين الشيعة في المملكة.

وحث الجصاص على القيام بنشاطات سلمية بعد حوادث فبراير 2009 عندما هاجمت الشرطة الدينية السعودية الزوار الشيعة في المدينة المنورة وما أعقبها من تظاهرات تضامنية في المنطقة الشرقية.

إطلاق سراح المعلم محمد باقر الشرفاء

وأطلقت المباحث السعودية في القطيف سراح المواطن الشيعي محمد باقر الشرفاء، بعد اعتقاله شهرا واحدا دون توجيه تهم واضحة تبرر اعتقاله.

وعلمت شبكة راصد الاخبارية أن الشرفاء (40 عاما) وصل لمنزل عائلته في بلدة الخويلدية بعد اطلاق سراحه الذي صادف إكماله شهرا كاملا قيد الاحتجاز.

وكانت سلطات مطار الملك فهد الدولي بالدمام اعتقلت الشرفاء في ظروف غامضة في 21 ابريل أثناء مغادرته للخارج لقضاء إجازة مدرسية برفقة عائلته.

وكان الشرفاء الذي يعمل معلما للغة العربية في إحدى مدارس المنطقة متوجها لمدينة مشهد الإيرانية برفقة عائلته المكونة من زوجته وابنته وثلاثة أولاد لقضاء إجازة تستمر أسبوعا.

وبحسب المعلومات المتوفرة فقد خضع المعلم المعتقل لتحقيقات مطولة في سجن المباحث في مدينة القطيف قبل ان تعمد السلطات إلى تفتيش منزله في اليوم التالي لاعتقاله دون ورود أي معلومات حول دواعي التفتيش.

وعادة ما تلوذ الهيئتان الحقوقيتان الرسميتان في المملكة بالصمت ازاء حالات الاعتقال التعسفي المشابهة والمتكررة رغم تلقيها مئات الشكاوى في هذا السياق.

وعرف عن المعلم الشرفاء وقوفه خلف العديد من الفعاليات الثقافية والدينية والاجتماعية على مستوى البلدة الأمر الذي دفع مقربين منه إلى ربط اعتقاله بتلك الأنشطة.

وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في القاهرة تناولت الشهر الماضي اعتقال المعلم الشرفاء ضمن بيان استنكار لما وصفتها "حملة التمييز الظالمة" التي تشنها السلطات السعودية ضد مواطنيها الشيعة في الآونة الأخيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/أيار/2010 - 12/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م