تشكيل الحكومة العراقية وإعادة تدوير الأزمة

 

شبكة النبأ: منذ انتخابات السابع من آذار مارس الماضي يدور العراق فيما يشبه الحلقة المفرغة بفعل محركات الطعون الانتخابية التي لا تنتهي وتأخر إعلان النتائج وتصديقها لدى المحكمة الاتحادية، وما يرافق ذلك من تجاذبات سياسية بين الكتل الفائزة في إطار تشكيل الحكومة التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر من اجل ملأ الفراغ الأمني والسياسي والحكومي الذي أخذ يحبط الناس ويبدد آمالهم في الاستقرار والازدهار.

تظلمات جديدة ضد نتائج الانتخابات..

وقال مسؤولو الانتخابات في العراق أنهم تلقّوا تظلمات جديدة تتصل بالانتخابات البرلمانية التي جرت في مارس آذار الماضي بيد أنهم لا يتوقعون أكثر من تأخر بسيط في اعتماد النتائج رسميا.

وفي العاصمة قال مسؤولون بمفوضية الانتخابات انهم تلقوا اربعة تظلمات جديدة من مرشحين فقدوا مقاعدهم في البرلمان الجديد والمؤلف من 325 مقعدا بعد اعادة فرز الاصوات في بغداد.

وقالت امل البريقدار نائبة رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إنهم تلقوا تظلمات من مرشحين - وليس من كتل - مضيفة أن هذا سيؤخر ارسال النتائج الى المحكمة الاتحادية (العليا) لاعتمادها."

وكان يوم الاثنين الماضي هو اليوم الاخير لتلقي التظلمات من الانتخابات على ان تصدر محكمة الاستئناف حكمها في تلك التظلمات في غضون عشرة ايام ترسل بعدها النتائج الى المحكمة العليا لتصديقها. بحسب رويترز.

وقال سعد الرواي عضو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات انه لايتوقع ان تأخذ محكمة الاستئناف وقتا طويلا في النظر في الشكاوى الاخيرة مشيرا الى ان الامر ربما يستغرق يوما وربما يومين على الاكثر.

العراقية تعتبر حيادية السيستاني مكسباً

ومن جانب آخر وصف قادة القائمة العراقية موقف المرجع الديني الاعلى للشيعة في العراق علي السيستاني تجاه الكتل الفائزة بالانتخابات التشريعية بأنه يعتبر "مكسبا" للقائمة العراقية واعترافا بحقها في تشكيل الحكومة. 

وقال قادة العراقية يتقدمهم اياد علاوي رئيس القائمة وطارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية ورافع العيساوي نائب رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي عقدوه بعد انتهاء لقاء جمعهم بالسيستاني في مدينة النجف ان المرجع الديني اكد لهم ان "المرجعية تقف على مسافة واحدة من جميع الكتل التي فازت بالانتخابات البرلمانية وليست لديها فيتو ضد احد ولا تدعم قائمة ضد اخرى."ووصف العيساوي في المؤتمر موقف المرجعية بأنه "مكسب للقائمة العراقية."

وقال "كون المرجعية تقف على مسافة واحدة من الجميع.... ولا يوجد فيتو للمرجعية على احد... هو (بمثابة) اعطاء الفرصة الحقيقية لاصحاب الحق (القائمة العراقية) لان يتحركوا (لتشكيل الحكومة)."بحسب رويترز.

وجاءت زيارة وفد العراقية في محاولة لكسب او تحييد موقف المرجعية التي باتت تتمتع بثقل ديني كبير في المجتمع العراقي وخاصة بعد احتلال العراق عام 2003 فيما يتعلق بتسمية الكتلة التي ستشكل الحكومة والتي ستفوز بمنصب رئيس الحكومة.

وكانت القائمة العراقية قد حلت في المركز الاول في الانتخابات التشريعية برصيد 91 مقعدا متقدمة بفارق مقعدين عن قائمة دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة. وعقب فوز العراقية تحالفت قائمة المالكي مع قائمة الائتلاف العراقي الوطني الذي يضم جميع الاحزاب الشيعية والذي حل ثالثا برصيد 70 مقعدا.

وبعد تشكيل التحالف الجديد اعلن المالكي ان الائتلاف الجديد له الحق في تشكيل الحكومة لانه بات يمثل الكتلة الاكبر عددا وهو تطور أثار حفيظة قادة العراقية الذين اعتبروه بمثابة الانقلاب على الديمقراطية.

وينص الدستور العراقي على أحقية "الكتلة النيابية الأكبر" بتشكيل الحكومة وهو تفسير اختلفت عليه القائمتان حيث تدعي العراقية بانها الكتلة الاكبر بينما تقول دولة القانون ان التحالف الجديد هو الذي يمثل الكتلة البرلمانية الاكبر.

ويعتبر قياديو القائمة العراقية ان كسب ود المرجعية او على الاقل تحييد موقفها تجاه القوائم الفائزة امر مهم للغاية وخاصة بعد تعاظم الخلافات بينهم وبين قائمة رئيس الوزراء بعد ان ادعت كل منهما الاحقية بتشكيل الحكومة. وقال علاوي ان المرجعية طالبت "بالاسراع بتشكيل الحكومة".

ووصف علاوي اهمية اللقاء بأنها تتجلى من خلال معرفة موقف المرجعية وهو " الوقوف على مسافة واحدة من الجميع وهي ليست مع قائمة ضد اخرى وانها مع الحق ومع الاسراع بتشكيل الحكومة وليس لديها فيتو ضد احد."

وفيما يتعلق بتفسير بند الكتلة النيابية الاكبر عددا قال الهاشمي ان المرجعية الدينية المتمثلة بالسيستاني أكدت أن "هذه مسالة سياسية بحتة... وعليكم (كسياسيين) ان تجدوا الحل المناسب لهذه القضية."

علمانية علاوي تخرجه خالي الوفاض..

وتوقع قيادي بارز في القائمة العراقية أن تسبب علمانية علاوي التي كانت سببا رئيسيا في فوزه بخروجه خالي الوفاض من التشكيلة الحكومية.

وقال القيادي الذي اشترط عدم ذكر اسمه ان علاوي سيكون "الخاسر الاكبر" في ظل عملية سياسية تشير معظم التوقعات الى انها ماضية باتجاه العودة الى مربع المحاصصة الطائفية.

ورغم فوز علاوي الا انه لم يتمكن من حصد ما يكفي من الاصوات لتشكيل حكومة بمفرده. وسيتعين على علاوي البحث عن حلفاء لضمان تحقيق الاغلبية المطلوبة داخل مجلس النواب القادم والبالغة مئة وثلاثة وستين مقعدا حيث سيكون عدد مقاعد المجلس القادم ثلاثمائة وخمسة وعشرين مقعدا. بحسب رويترز.

ويواجه علاوي صعوبة كبيرة في تشكيل تكتل كبير خاصة بعد ان تمكن الحليفان التقليديان وهما تحالف دولة القانون بزعامة المالكي وتحالف الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم احزابا شيعية من احياء التحالف القديم بينهما في محاولة لسحب البساط من تحت قدمي علاوي والوقوف امام تقدمه بالانتخابات الاخيرة وتشكيل الحكومة حيث ينص الدستور العراقي على احقية الكتلة النيابية الاكبر في تشكيل الحكومة.

وتواجه الكتل جميعا الان خلافات عميقة في وجهات النظر في تفسير المادة الدستورية المتعلقة بالكتلة البرلمانية الاكبر.

وقال القيادي لرويترز "اي اصطفافات طائفية ستضع علاوي في وضع حرج.... فالشيعة في القوائم الاخرى لا يعتبرونه شيعيا ويعتبرونه سنيا لانه بات يمثل الى حد ما قائمة سنية بينما ينظر اليه حلفاؤه السنة على انه شيعي لانه من اصول شيعية."

واضاف "وهكذا فان علاوي في نهاية المطاف سيخرج خالي الوفاض فالقادة السنة في العراقية يدركون ان علاوي لن يكون رئيسا للوزراء وهم في نفس الوقت لن يسمحوا بمنح علاوي ايا من المناصب التي ستوزع بطريقة المحاصصة الطائفية على اعتبار انه شيعي."

بين ثقة الأحرار وتشكيك العراقية..

وقال عضو بكتلة الأحرار، المنضوية في كتلة الائتلاف الوطني، إن مراهنات بعض الكتل السياسية على فشل تحالف ائتلافي الوطني العراقي مع دولة القانون “باطلة ولا أساس لها”، في حين عد عضو في ائتلاف العراقية تحالف الائتلافين “هشا ويمكن أن يتمزق” حال الجلوس على طاولة الاتفاق على المرشح لرئاسة الوزراء.

وذكر فلاح حسن شنشل أن ائتلافي الوطني ودولة القانون “لهما التوجهات السياسية والجذور الفكرية نفسها”، مشيرا إلى أن التحالف بينهما “سيسهل عملية وضع برنامج للحكومة المقبلة”.

واعتبر أن مراهنات بعض الكتل السياسية على فشل تحالف الائتلافين “لا أساس لها من الصحة”، لافتا إلى أن إعلان بيان التحالف بينهما “ليس هو الاتفاق نفسه الموقع بين أعضاء الائتلافين”. بحسب تقرير اصوات العراق.

ووصف عضو كتلة أحرار (التيار الصدري) ائتلاف العراقية بأنه “غير موفق لأن الركائز الخمسة التي يستند إليها غير متوافقة فيما بينها”، مبينا أن الشخصيات التي تترأس القوائم داخل العراقية “تسعى كلها وراء المناصب”.

من جهته قال عضو ائتلاف العراقية عمر الجبوري إن تأجيل اجتماع لجنتي تحالف ائتلافي دولة القانون والوطني لوضع آلية اختيار مرشح لرئاسة الوزراء “مؤشر على بداية تمزق التحالف بينهما”، عادا أن الاتفاق بينهما على هذا الموضوع “مستحيل”، بحسب رأيه.

وأوضح الجبوري أن أساس تشكيل التحالف بين الوطني ودولة القانون “محاولة لاستبعاد الكتلة الأحق بتشكيل الحكومة المتمثلة بالعراقية التي حصلت على مقاعد أكثر من بقية الكتل في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من آذار مارس الماضي”، لافتا إلى أن القوى في ائتلافي دولة القانون والوطني العراقي “تتقاطع في أهدافها وتوجهاتها بسبب الصراعات التي حدثت بينهما خلال المدة الماضية”.

وأفاد الجبوري الذي حصل على مقعد في مجلس النواب المقبل عن القائمة العراقية في مدينة كركوك، أن العراقية “لا تزال متمسكة باستحقاق تشكيل الحكومة ولن تتنازل عن حقها الدستوري”، لافتا إلى أن العراقية “ستلجأ إلى الطرق القانونية كافة في حال نكران ذلك الحق من قبل الكتل الأخرى”.

الصدر سيعود من قُم ويُعلن مرجعيته الدينية

ويواجه مشروع توحيد الائتلافين الشيعيين مصاعب كثيرة، وأجل الائتلافان اجتماعاً كان لاختيار لجنة الحكماء، وإيكال مسؤولية اختيار رئيس الوزراء إليها.

وفشلت سلسلة اجتماعات عقدها الطرفان في مكتب القيادي في الائتلاف الوطني إبراهيم الجعفري، في التوصل إلى اتفاق على تشكيل لجنة قيادية مكونة من 14 عضواً، بواقع 7 أعضاء من كل ائتلاف، فيما شكلت أربع لجان هي: لجنة البرنامج الحكومي، واللجنة الإعلامية، ولجنة العلاقة مع رئاسة الوزراء، ولجنة الحوار مع الكتل الأخرى.

وجاء في بيان لمكتب الجعفري أن المجتمعين من قيادتي الائتلافين قرروا تشكيل لجان فرعية لإنضاج الرؤى ووضع مسودات عمل مستقبلية.

وقال القيادي في الائتلاف الوطني نصار الربيعي إن «الاجتماع الذي كان مقرراً عقده أُجل، وأضاف أن الائتلافين لم يناقشا أو يطرحا في اجتماعهما الاخير الأسماء للمناصب، مشيراً الى أن «ما يعنينا الآن الاهتمام والتركيز على طبيعة وصلاحيات رئيس الوزراء المقبل وكيفية إدارته للملفات وحدود المهام التي يقوم». بحسب صحيفة الحياة.

وفي مقابل تأكيد قياديين في ائتلاف المالكي تقدم حظوظ زعيمهم في تولي رئاسة الوزراء مرة أخرى، يصطدم هذا الإعلان بموقف تيار الصدر الرافض تسميته.

وأكد الأمين العام لـ كتلة الأحرار أمير الكناني في تصريح نشره «الموقع الإلكتروني للائتلاف الوطني، أن الكتلة لن تعطي أصواتها إلى نوري المالكي ليكون رئيس الوزراء المقبل، موضحاً أن التيار الصدري لديه الكثير من التحفظات على أدائه خلال الفترة المنصرمة وبالتالي لن يصوت لمصلحته.

ويبدو أن التيار الصدر يربط بين تغيير المالكي وعودة زعيمه مقتدى الصدر الى العراق. وكشف قيادي في مكتبه في النجف نية الصدر العودة الى العراق من قم وإعلان نفسه مرجعاً خامساً.

وقال المصدر إن السيد مقتدى الصدر قطع مراحل متقدمة من الدراسة الحوزوية وهو على أبواب الحصول على شهادة المرجعية.

وتابع إن موعد عودته من مدينة قم الإيرانية الى النجف سيكون بعد تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. وقال إن التحضيرات لقدومه بدأت من الآن بتهيئة المكاتب والمنزل الذي سيقيم فيه وكذلك الجماهير لاستقباله.

وأشار الى انه ستكون هناك احتفالات جماهيرية واستقبال مليوني يبدأ فور دخول الصدر الأراضي العراقية. ولفت الى أن الحماية الأمنية للصدر ستكون خاصة من مكتبه ولا نسمح بأي قوات أخرى، عراقية أو جهات دولية بالتدخل في حماية السيد.

العراقية متمسكة بحق تشكيل الحكومة

ومن جهته قال طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي والقيادي في القائمة العراقية الفائزة بالانتخابات التشريعية إن نتائج الفرز الاخيرة التي جرت في بغداد جعلت قائمته اكثر تمسكا بحقها في تشكيل الحكومة واصفا هذا الامر بانه "استحقاق انتخابي ودستوري."

وقال الهاشمي وهو احد نائبي رئيس الجمهورية في مقابلة مع رويترز يوم الاثنين "بعد الاعلان عن نتائج العد والفرز اليدوي لمدينة بغداد... نحن الان في القائمة العراقية اكثر اصرارا على الشرعية الدستورية وعلى الاستحقاق الانتخابي."

واضاف "الكتلة العراقية هي الكتلة الفائزة وعلى هذا الاساس نحن نعتقد ان من حقها الدستوري والانتخابي تشكيل الحكومة القادمة وتسمية رئيس للوزراء لهذه الحكومة."

وقال الهاشمي ان عددا من القوائم واحزاب منضوية في قوائم لم تحسم امرها حتى الان من مسالة التحالفات وان الجميع بانتظار المصادقة النهائية على الانتخابات والتي يتوقع ان تقوم المحكمة الاتحادية العليا بالانتهاء منها خلال ايام. بحسب رويترز.

وقال "برأيي ان هناك العديد من الكتل السياسية مازالت مترددة وتنتظر قرار المحكمة الاتحادية في المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات وتنتظر ايضا قرار رئيس الجمهورية في تسمية الكتلة النيابية المؤهلة لتشكيل الحكومة والموقف السياسي لهذه الكتل في تصوري سوف يتغير في ضوء هذين الاعلانين."

ودستوريا فانه يتعين على رئيس الجمهورية تسمية رئيس للحكومة وتكليفه بتشكيل الحكومة بعد ان يلتئم المجلس النيابي وينتهي من تسمية رئيس له وهي عملية يتوقع انها سوف تستغرق بضعة اسابيع من الان وخاصة في ظل هذا التناحر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/أيار/2010 - 12/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م