التحرش الجنسي: أسباب ونتائج

 

شبكة النبأ: تبرز ظاهرة التحرش الجنسي للنساء على أشدها في مصر وبعض دول الخليج، ولم تجرّم الحكومات العربية ظاهرة التحرش بنص قانوني. إلا أنها وضعت معوقات لتقويض الظاهرة, مستعينة بتعاليم الديانة الإسلامية الحنيفة وما توفره من حماية لكرامة المرأة.

وتعتبر منظمات المجتمع المدني الحقوقية والنسوية أن التحرش الجنسي بالبنات هو شكل من أشكال العنف العام والذي يتوجب تحديده والقضاء عليه، وتطالب بتشريع قوانين لحماية النساء من التحرش.

تحرش جنسي بالأطفال

وكشفت دراسة سعودية أن حوالي 25% من السعوديات تعرضن للتحرش الجنسي، حيث تعرضت حوالي 400 طالبة من أصل 1897 للتحرش.

وقالت الدكتورة إكرام جلالي، منسقة البحث الميداني، أستاذة مساعدة بكلية طب جامعة الملك عبدالعزيز ان الدراسة التي نشرتها مجلة 'روى' على موقعها على الإنترنت، شملت 1897 طالبة أجريت عليهن الدراسة وتتراوح أعمارهن ما بين 18- 20عاماً.

وقالت جلالي إن نسبة 53.1' من آباء الطالبات أكملوا التعليم الجامعي، أما الأمهات فمنهن 39.2' أنهين التعليم الجامعي أو أكثر. وأضافت أن ' 3. 68 ' من العينة أجبن بتعرضهن للإيذاء بصفة عامة في صغرهن'. بحسب يو بي أي.

وأشارت الإحصاءات 'إلى أن45.01' تعرضن للضرب والإيذاء البدني، و50.06' تعرضن للإيذاء النفسي، في حين أن 24.09' تعرضن للاعتداء بالتحرش الجنسي من العينة وهم 400 طالبة'.

كما وجدت 'أن الآباء والأمهات والأشقاء هم الأكثر شيوعا في ارتكاب الاعتداء البدني والنفسي من داخل الأسرة، أما لمن هم من خارج الأسرة فقد وجد منهم التحرش الجنسي'.

وخلصت نتائج المسح إلى تعرض 3' من أفراد العينة لـ'الاغتصاب' في طفولتهن، أما حالات الاعتداء وانتهاك العرض والإيذاء الجنسي الأخرى فأكثر الأنواع حدوثا هو لمس عورة الطفلة من قبل شخص بالغ أو كشف عورته أمامها، وغالبا ما يكون شخصا معروفا للطفلة وأحد أفراد الأسرة أو قريبا للعائلة.

وقالت جلالي إن الهدف الرئيسي من الدراسة 'أن يعرف الجميع أن لدينا مشكلة يجب أن نواجهها ولا نخبئ رؤوسنا مثل النعام، والعينة التي أخذت للدراسة تعتبر صغيرة من مجتمع كبير، بالإضافة إلى أنها من فئة متعلمة لأن الآباء أكملوا تعليمهم بنسبة كبيرة، فما حال باقي الفئات ذوي التعليم المحدود أو المعدوم'. وأضافت 'واجهتنا صعوبات في مراحل مختلفة من التخطيط والتنفيذ وتحديد الشريحة المستهدفة من الدراسة'. وفي مصر طالبت وكيلة مجلس الشعب المصري أستاذ الشريعة الإسلامية زينب رضوان، بوضع قانون يحمي النساء من التحرش الجنسي الذي اعتبرت انه صار "هجمة حيوانية" على المرأة.

ونقلت صحيفة الدستور المستقلة عن زينب رضوان، وهي نائبة عن الحزب الوطني الحاكم في مؤتمر إقليمي عقد في القاهرة مؤخرا حول التحرش الجنسي والعنف الاجتماعي "إننا بحاجة اى قانون يحمي المجتمع المصري من الانهيار". بحسب فرانس برس.

وأضافت "هناك هجمة حيوانية ضد الفتاة المصرية في الطرقات وصار التحرش الجنسي أكثر ضراوة وبلغ أقصى حدوده وهي التحرش بالأطفال". وتابعت إن "التحرش تحول من سلوك فردي إلى سلوك جماعي ما يؤدي إلى اختفاء الجاني وسط المجموعة وبالتالي صعوبة الوصول إليه".

المعاكسة في المجتمعات المحافظة..

وتنتشر ظاهرة المعاكسة حتى في المجتمعات العربية المحافظة وتكثر عادة في الأسواق والمراكز التجارية وبطرق مبتكرة لتخفي "نواياها الشريرة" وتأخذ هذه الظاهرة أبعاداً أكبر كلما كان المجتمع محافظاً كالمجتمع السعودي أو الإماراتي.

ونشر في العام الماضي تقريراً وفق إحصائيات رسمية للعام 2008 أظهرت انتشار هذه الظاهرة في المجتمع الإماراتي المحافظ أيضاً، واحتل الباكستانيون والهنود حينها الدرجة الأولى في الأكثر "معاكسة للنساء والفتيات". بحسب اربيان بزنس.

كما نشر مؤخرا تقريراً حول العاكسات يقول فيه إنه لم تعد الكثير من النساء يتفاجأن من وجود حقيقة تتردد على لسان بعضهن من أن هناك شهامة كبيرة تصدر من المعاكسين الذين عادة مايرتادون الأسواق والأماكن العامة، بغرض محاولة إيقاع الفتاة في شباكهم، إذ يبدو أن المعاكس أدرك أن المرأة بثقافتها الشعبية تحب الرجل المقدام الشهم الذي يتمتع بصفات النبل والأخلاق الكريمة وربما بالرومانسية فلا يتوانى عن الاتصاف بتلك المواصفات إذا كان الثمن في اعتقاده ووهمه استجابة الفتاة له أو تجاوبها بأي شكل كان.

واختلفت أقاويل النساء المتعرضات لمختلف المعاكسات والسلوكيات السيئة التي أتفقن جميعاً بأنها أصبحت "معاكسات عصرية" وبطرق جديدة تختلف كلياً عن الزمن الماضي، حيث أصبح الشاب من منطلق مفاهيم رخيصة يتفنن في طرق إغواء الفتاة بل ربما اضطر لإقناعها بسلوكياته الحميدة من أجل أن يصل إليها حسبما يتصور.

ووفقاً لصحيفة الرياض، قالت موضي عبد المحسن (20 عاماً) إنها دهشت كثيراً حينما كانت تسير بالسوق مع شقيقاتها حينما لاحظت وجود شاب يلاحقهن من مكان لآخر، وحينما أرادت التخلص منه أخذت تحذره من اللحاق بهن وإلا ستطلب مساعدة موظف الأمن الذي كان متواجداً، ولكن ذلك باء بالفشل حيث أخذ يتحدث بسخرية، ويصر عليها أن تأخذ الرقم الخاص به حتى شد حقيبتها ودسه في جيبها الأمامي، ودون أن تشعر هب أحد شبان المجمع وضرب ذلك المعاكس، وطلب منه ترك الفتيات في حالهن وحينما انتهى الأمر بسلام، تقدم إليهن وقال بصوت حازم "الله يستر عليكن إذهبن في طريقكن".

وتضيف موضي قائلة، لقد شعرت بالأمان والاحترام الكبير لذلك الشاب الذي سعدت بوجود نماذج منه في المجتمع.. وما هي لحظات حتى سمعت أحداً يناديها وحينما ألتفتت إلى الخلف وجدت الشاب "الشهم" يمد يده بورقة صغيرة، ويطلب منها أن تأخذها، وتتصل به في حالة وجدن معاكساً آخر يلاحقهن وقد شعرت بابتسامته وطريقته بأنه معاكس آخر يتصيد السمك في الماء العكر، كما عبرت بذلك فأسرعن بالفرار بعد أن علق قائلاً "يعني فزعة بدون مقابل" وتشير موضي إلى أن المعاكسين أصبحوا يتفننون في الأساليب الجديدة التي لا يمكن أن تخطر بذهن الفتاة وذلك من أجل الوصول لأهدافهن.

بعض الفتيات يحفزنَ الشباب..

من جهتها تنتقد لمياء الزعاقي بعض الفتيات التي ترى بأنهن من يحفزن الشباب المعاكس على المبالغة معهن ومحاولة التحرش اللفظي بهن حينما يقمن بالرد على تعليقاتهم والدخول معهم في مهاترات كلامية غير لائقة حيث لا يحدث ذلك مع الشابات البالغات بل أصبح شائعاً كثيراً مع الفتيات المراهقات اللواتي لايقدرن أبعاد مجاراتهن لهؤلاء مما يعرضهن "لتفاهات" المعاكسين، محملة الأسرة المسؤولية في حماية بناتهن وتوعيتهن بشكل جيد وتلك المسئولية ملقاة على عاتق الأم أكثر من غيرها، فالفتاة لاتترك بمفردها في الأماكن التي من المتوقع وجود شباب فيها، خاصة المجمعات والأسواق. 

ونقلت صحيفة عن أحمد مسلم الخليفة الذي ينتقد بعض الفتيات اللواتي يدفعن ويحفزن الشباب المعاكس على التطاول عليهن خاصة حينما تخرج الفتاة دون محرم أو ربما خرجت بهيئة غير محتشمة، متنقلة بين الأسواق برفقة صديقاتها متحدثات بصوت مرتفع، أو ربما تجاوبن مع ذلك الشاب المعاكس بالكلام، فذلك يغري الشاب على الاستمرارية واللحاق بالفتاة، فالكثير من الشباب المعاكس يعتقد بأن جزءاً من الدلال "سب" كما يقول المثل الشهير، ويضيف أحمد قائلاً، إن على الفتاة أن تحذر من أي وضع قد يجعلها عرضة للمعاكسات التي ستوقعها في حرج كما عليها خاصة المراهقات منهن أن لايصدقن قصص الحب التي تصور في المسلسلات الرومانسية والتي تأتي بقصة حب خالدة تولد من لحظة خلاف أومن فكرة الحب من أول نظرة فتلك جميعاً أكاذيب لايصدقها العاقل.

أسباب بيئية وذاتية

ويوضح الاختصاصي الاجتماعي بشير اللويمي بأن الأمور التي تساعد على تهيئة وخلق ابن معاكس تنقسم إلى قسمين الأولى منها بيئية والأخرى ذاتية، فالبيئية تعتمد على الصحبة السيئة في المدرسة أو الشارع أو الحي فيصاحب الابن صديقاً يدخله إلى عالم المعاكسات من باب التجربة، فيعتاد ذلك الأسلوب وربما وجد ذلك الابن أيضاً أباً بعيداً عن السمات الخلقية الحميدة، فيقوم بالمعاكسة، ويتحول ذلك الأب إلى قدوة سيئة بالنسبة للابن حتى يتحول إلى مثال وقدوة له.

ويضيف اللويمي قائلاً، ربما وجود فجوة أسرية بين الابن وبين الوالدين تكون السبب خلف انحدار سلوكيات الشاب، والتي قد تكون جزءاً منها المعاكسات فالوالدان لايتحملون مسؤولية مصاحبة الأبناء والتقرب إليهم بالحديث عن اهتماماتهم والتعرف على مشاكلهم، والقرب منهم بشكل يمكن من خلاله ملاحظة جميع سلوكيات الأبناء الخاطئة بما يواكب سن المراهقة خاصة ارتداء بعض الثياب التي تحاكي الثقافة الغربية وتطويل الأظافر ونكش الشعر وتطويله وهي السمات التي تظهر على الابن، فتدل على وجود انحراف أو خلل في سلوكياته، فهناك استخفاف في تقييم جميع تلك المظاهر.

سيارات أجرة خاصة بالنساء

وتجوب أساطيل من سيارات الأجرة "الوردية" اللون تقودها النساء، شوارع مدن الشرق الأوسط لتوفر بيئة آمنة وتنقلا مريحا للنساء اللائي يخشين ركوب سيارات الأجرة التي يقودها الرجال، وقالت نهى محمد، ربة منزل مصرية محجبة، إنها واجهت العديد من المشكلات مع سائقي سيارات الأجرة الرجال الذين كانوا يتصرفون بأسلوب غير لائق.

وأضافت أنها عندما أبلغت زوجها، رفض السماح لها بركوب سيارات الأجرة إلا أنه لم يكن موجودا دائما في المنزل لتوصيلها إلى الأماكن التي ترغب في الذهاب إليها، ولذلك أضطرت للبقاء في المنزل، لكنها أكدت أنها تحمست بشدة عندما سمعت عن بدء عمل سيارات أجرة تقودها نساء.

وقد أطلقت إيران خدمة سيارات الأجرة للنساء فقط في أواخر عام 2006 وأضافت دولة الإمارات العربية المتحدة ولبنان وسوريا والكويت ومصر هذه الخدمة أيضا.

ويقول مؤيدو هذه الخدمة أنها تساعد المرأة على التنقل في المجتمعات المحافظة في الشرق الأوسط بأمان وتحد من مخاطر التحرش الجنسي. إلا أن المنتقدين لها يحذرون من أن هذه الخدمات قد تزيد من انعزال النساء وتقوض التقدم الذي تحقق بصعوبة على صعيد المساواة بين الجنسين.

من جانبها قالت نوال ياغي فخري، مالكة شركة "بنات تاكسي" إنها أطلقت خدمة سيارات أجرة للنساء فقط في بيروت في آذار/مارس 2009، كبديل آمن وملائم لسيارات الأجرة العادية. وتخدم سيارات الشركة الوردية من طراز "بيجو" السيدات اللائي يتنقلن بمفردهن أو مع أسرهن.

وأكدت فخري إن النساء أكثر حرصا في قيادة السيارات من الرجال كما أن عملاء الشركة من النساء قد يشعرن بمزيد من الراحة لأسباب أخرى.

وتشمل تلك الأسباب الأخرى الخوف من التحرش الجنسي والاغتصاب في ظل الإبلاغ عن عدد كبير من الحالات التي تتعلق بسيارات الأجرة والنقل العام . وقد نصحت الشرطة النساء بتجنب التنقل بمفردهن، خاصة خلال الليل. كما خصصت بعض دول الشرق أقساما في الحافلات والقطارات للراكبات الإناث.

من جانبها، قالت نهاد أبو القمصان، مديرة المركز المصري لحقوق المرأة ، إنه في حين أن هناك حاجة إلى المزيد من الجهد لحماية النساء من التحرش الجنسي والاعتداء، فإن النقل الخاص بالمرأة فقط هو "حل ساذج" لمشكلة معقدة.

وأضافت إن هذه الخدمات تمثل انتكاسة للحركات من أجل المساواة بين الرجل والمرأة وأضافت أنها تعزل المرأة عن المجتمع دون معالجة الأسباب الجذرية لمشكلات مثل التحرش الجنسي كما أنها تقلل من مشاركة المرأة في الحياة العامة.

ويرى البعض أن النقل الخاص بالمرأة يساعد على احترام القيم الثقافية مع تمكين المرأة من المشاركة على نحو أكثر حرية واستقلالية.

من جهته قال محمد حسن، الموظف في هيئة الطرق والمواصلات في دبي التي تشرف على خدمة سيارات الأجرة للنساء فقط، إن هذه دولة عربية تقليدية وليس من السهل للسيدات ركوب سيارة أجرة عادية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/أيار/2010 - 9/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م