شبكة النبأ: في هذا القسم من كتاب
المرجع الديني الراحل الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قده)
الموسوم بـ (الى العالم) نواصل الاطلاع على رؤاه وأفكاره التي تقدم
خطوات عملية وفكرية لانقاذ العالم من حالة التدهور التي يتعرض لها بسبب
السياسات الرأسمالية والإلحادية وغيرهما مما يعبث بالعالم من افكار
وافعال تتنصل عن الجذور الانسانية التي تضع الانسان كقيمة عليا ولا تضع
المادة نصب أعينها.
أي أن جميع الرؤى التي ينطوي عليها هذا الكتاب الثمين تحاول أن
تنبّه الانسان وكبار الامم الى أهمية الجانب الانساني ومراعاة حرمة
الانسان وحقوقه في أية خطوة يُقدم عليها السياسيون او الاقتصاديون أو
غيرهم سواء في المجال الفكري التخطيطي او في المجال العملي.
إننا إذ نضع هذه الرؤى المختصرة من كتاب (الى العالم) بين أيدي
المعنيين وغيرهم إنما نتوسم بالجميع بذل الجهود الكافية من اجل
الارتفاع بالعالم الى الدرجة التي تليق بالانسان وتحافظ على حقوقه
وتحمي كرامته وحريته من الانتهاك، ونواصل في النقاط التالية ما قدمناه
في القسم الاول من رؤى وافكار الامام الشيرازي في كتابه القيّم الذي
يحمل عنوان (الى العالم).
التلقين
إن أعضاء الجماعة بحاجة إلى تلقين أنفسهم دائماً: بإمكان وصولهم إلى
الإنقاذ العالمي، وإلى تلقين الآخرين الذين يريدون اشراكهم في تيار
الحركة.
تحمل الآلام
إن آلام التغيير كثيرة جدّاً، وأقلّها آلام القول المعادي وتحطيم
العمل، فاللازم تحملها، وهو ما يسمى بالصبر والحلم. كما ان أخطاء
الحركة مؤلمة، فإن الإنسان قد يشتبه في الفعل أو الترك، وهذا يؤخذ عليه،
ومن المعلوم أن أخطاء الكبار كبار، وأضرارها كثيرة، والمخطئ وإن كان
مخلصاً في عمله لكنه يتحمل الآثار الوضعية، فإنه يُهاجم ويتحمل إثم
خطئه في نظر الاجتماع، وإن كان معذوراً عند الله سبحانه، فإن الناس لا
يغفرون وإن كان الله سبحانه يغفر.
إيقاف
المعتدي
هناك في العالم الإسلامي خاصة، وفي العالم الثالث عامة، وفي البلاد
الديموقراطيّة بصورة أعم، معتدون إما من الحكّام ومن القوانين الموضوعة
بسبب مال الرأسمالييّن وبسبب المجرمين كعصابات القتلة والمافيا ومروّجي
المخدرات، وما إلى ذلك. ومن أهم ما يخدم البشريّة أن تصنع الحركة
الإنقاذية جماعات لأجل صدّ هذه الاعتداءات والتقليل منها حسب الإمكان.
علاج النقص
اعتاد كثير من الناس أو الحركات على ذكر نقائصهم ونواقصهم بشكل سلبي،
لكن هذا بالإضافة إلى أنه شكوى بلا فائدة، وتلقين لأنفسهم في السلبيات،
وكشف لعوراتهم مما يحزن الأصدقاء، ويفرح الأعداء. لذا يلزم على الحركة
الإنقاذيّة، أن تهتم بعلاج النقص لا أن تذكره، إن الإنسان ـ غالباً ـ
هو الذي يكشف عن سوءاته، مما يدل العدو على مواضع الضعف ومكامن النقص،
وهل في ذلك فائدة؟!.
المعقّدات
إن بعض الأمور، سواء الجزئية منها أم الكليّة، لها طرق خاصة معروفة
عند ذوي الخبرة، فإذا سلكها الإنسان وصل إليها، كالتجارة والزراعة
والعمارة وما أشبه، وسلوك هذه الطرق المعروفة للحركة العالميّة واضحة.
بخلاف بعض الأمور الأخر حيث تتعقد بما لا يعلم الطريق إليها.
سعة الصدر
يلزم على الحركة أن تعي هذه الحقيقة، وإلاّ بائت بالفشل، وحتى إذا
فرض المقايسة بين الأمرين، فوت الهدف، أو فوت الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر، كان عدم فوت الهدف أهم، إذ عدم الهدف يحتوي على ألف منكر ومنكر،
بينما النهي عن المنكر الفعلي، يكون إحرازاً لإصلاح أقل.
الرجاء والطمأنينة
إن الإنسان له قدرة كبيرة، كما سبق الإلماع إليه، فإذا صرفه بكل
حكمة وحزم لأجل الهدف، لا لأجل سيادة نفسه ــ كما أنه كثيراً ما يشتبه
الأمر على العاملين حيث يعملون لأجل سيادتهم، وإن زعموا أنه للوصول إلى
الهدف الواقعي ــ تمكن من الوصول إلى الهدف أو قريباً منه.
التشجيع
للتشجيع أثر غريب في تقدم الإنسان الذي شُجّع وكذلك عكسه. مع أن
التشجيع لا مؤونة له إطلاقاً، إلاّ باللسان أو القلم، أو هو خفيف
المؤونة بإعطاء جائزة رمزيّة أو نحوها، وعكسه في التأخر والتأخير،
والتثبيط والخذلان.
تحويل الكذب إلى
الصدق
إن الرسول الأعظم (ص) أسّس الإسلام على الصدق والواقعيّة، ولذا
تقدّم ذلك التقدّم الهائل..
تحويل الضار نافعا
إن من سمات المتقدمين: تحويل الضار نافعاً، بينما من سمات المتخلفين
أشد التخلف عكسه، وقد صار المسلمون من هذا القبيل حيث انحرفوا عن سنن
الله سبحانه. ومن تلك المنافع التي استفادوا منها ضرراً وتخلفاً،
الوسائل الحديثة والأنظمة الجديدة.
التغيير العام
والتغيير يكون بالإضرابات والمظاهرات السلمية، وهي ميسورة وممكنة
وعملية في بلاد الأحزاب الحرة أو شبه الحرة، مما لاتحكم فيها قبضة
الديكتاتور، ولا تفتح سجونه للاعتقال، ولا أجهزته للقمع.
الاستياء ضد
الدكتاتورية
يلزم أن تتدرب الحركة العالمية على إثارة أمواج من الاستياء في قبال
الديكتاتورية، في كل عمل يعمله، وإن عُدّ عند العرف حسناً، سواء في
الديكتاتورية الابتدائية أم في الديكتاتورية الاستمرارية، وذلك لإسقاط
الديكتاتور ومشاريعه بكل صورة وعلى أي حال.
عمق النظر
تلزم على الحركة الإصلاحية العالمية، أن تكون عميقة النظر، تلاحظ
ليس ظاهر المفاسد فحسب بل من ورائها وما وراءها، وإلاّ لم تتمكن من
الإصلاح.
بعد المدى
إن الخطط الارتجالية، وملاحظة النفع العاجل، وتصور أنه لابد من
الحركة للحركة، لا للهدف، والاقتناع بالتصفيق والتهريج والمدح والثناء
وعدم الإتقان في الأمور، لها عواقب سيئة، وإن اعتادها حكّام المسلمين
مع الأسف، وسبّب ذلك تقدم غير المسلمين عليهم، مما أفقد المسلمين عزتهم
وشوكتهم واستقلالهم، ودينهم ودنياهم.
معرفة مواضع
الاستعمار
على الحركة الإصلاحية أن تتبع الاستعمار فتضرب مواضعه موضعاً موضعاً،
وتقلّل من غلوائه وتغل حدّه، مع وضوح أن معرفة مواضع الاستعمار صعب.
الكفاءات الدينية
والدنيوية
ومَن لا خبرة له يضرّ بالحركة ولا يوصلها إلى الهدف، كمن يسلّم
السيارة إلى من لا يعرف القيادة، فإنه يسبب اصطدام السيارة بما يوجب
هلاك نفسه والركاب وتحطم السيارة.
الجنوح إلى الإدارة
والتخطيط
فالتخطيط عبارة عن قياس الزمان والمكان والكمية والنوعية للحركة،
مبدءً ووسطاً وهدفاً، فكم من الأفراد يحُتاج إليهم؟ وكم من الزمان
يُنجز فيه العمل؟ وكم قدر المال المحتاج إليه؟ وكم وكم؟ وكيف وكيف؟
والإدارة عبارة عن أسلوب الممارسة بحيث يرفع الحركة عمودياً، ويوسعها
أفقياً.
إزالة السواد أولاً
لقد صوّر بعض الحركات المدّعية للإسلام الإسلام بأبشع الصور، من سفك
الدماء، والتمثيل والتشويه للأجسام، ومصادرة الأموال، وإهانة غير
المسلمين، وتكفير أو تفسيق بعض المسلمين الذي لا يصافقونهم ولا
يوافقونهم الطريقة، والترف لأنفسهم، بينما كثير من الناس يعيشون في فقر
مدقع ومقابر موحشة لايجدون حتى لقمة العيش.
ما هي مهمة الحركة
؟
يلزم أن لا تجعل الحركة الإنقاذية همّها إيجاد المؤسسات، إذ ليس ذلك
في طريق الهدف، وإن كانت حسنة في نفسها. فإنه ليس للإنسان وقتان
ونشاطان ومالان، يصرف أحدهما في الهدف والآخر في شيء جميل لا يرتبط
بالهدف.
جمع الكلمة
من الأمور المهمة بالنسبة إلى الحركة العالمية الإصلاحية: محاولة
جمع الكلمة بين الجميع. فلا يحق لمسلم أن يكفّر المسلم الآخر ـ مهما
كان بينهما من خلاف عقائدي ـ إن الرسول الأعظم (ص) وهو المشرّع الأول
والأسوة، لم يكفّر المنافقين.
الخروج عن النطاقات
الضيقة
إذا كانت الحركة صادقة في إرادتها لتطبيق حكم الله في الأرض، وإنقاذ
الناس من الاستعمار والكبت والمرض والفقر والجهل والفوضى وما إلى ذلك
من المشاكل، فاللازم أن تخرج عن النطاقات الضيقة.
التربية الصحيحة
إن التربية الصحيحة وانتخاب الكفؤ مضافاً إلى التعددية، من مقومات
بقاء تيار الحركة صحيحة مستقيمة من الابتداء إلى الانتهاء، وبتوسع
الحركة كيفاً، واطرادها كمّاً.
الجسد والعقل
على الحركة أن تهتم غاية الاهتمام بآراء الناس، والمشورة معهم، حتى
يحس كل فرد أنه شريك في القرار، فإن المستبد لا يريده الناس، أما
الاستشاري فهو محبوب وإن أخطأ أحياناً. إن الديكتاتور يسقط بلعنة
الناس، والاستشاري يبقى بمدح الناس. |