أفغانستان منجم مخدرات وبؤرة للمافيا الدولية

مزارعو الخشخاش بين مطرقة  طالبان وسندان التجار

 

شبكة النبأ: لم تعد مشكلة المخدرات بأفغانستان مجرد زراعة حشيش وصناعة هيروين لمزارعين فقراء فقدوا البدائل الاقتصادية لتحسين دخولهم في ظل حروب متتالية وفقر متوارث. بل أصبحت المشكلة أكثر تعقيدا من مجرد زراعة وتجارة الأفيون.

حيث أصبحت تجاره المخدرات الأفغانية تشكل مصدرا لتمويل الجريمة المنظمة والتمرد والإرهاب في جميع أنحاء العالم. والحلقة الأضعف في هذه المافيا هم مزارعو الخشخاش الأفغان الذين يبيعون إنتاجهم إلى كبرى عصابات الاتجار بالمخدرات في العالم، تحت ضغوط الطالبان والقوات الأجنبية والموظفين الفاسدين على حد سواء.

مساعي منيت بالفشل

يقول الحاجي أفضل (تم تغيير الاسم) المزارع في جرشك في ولاية هلمند جنوب افغانستان "نعرف ان الحكومة بدأت حملة لاقتلاع الخشخاص". ويضيف "البعض قلقون، حتى وان كنا نعرف ان الحملة لن تصل الى منطقتنا لان الطالبان سيقاومون ويهاجمونهم".

وتنفذ القوات الدولية في هلمند عملية "مشترك" التي بدأت بمنطقة مرجه للقضاء على التمرد وكذلك تجار المخدرات الذين يسيطرون على المنطقة وارساء سلطة الحكومة الافغانية.

ولكن المساعي التي بذلت حتى الان لهذا الغرض منيت بالفشل. فلم تتمكن الشرطة ولا الموظفون الحكوميون الافغان الذين ينخرهم الفساد، من فرض سلطتهم في الولاية. ويضيف افضل "لكننا نخشى الجنود، فلو سارت عملية مرجه كما يريدون، فلربما يوسعون انتشارهم في مناطق اخرى من هلمند".

ويخشى المزارع ان يصبح حقله بين فكي كماشة الحكومة الافغانية وحلفائها الغربيين من جهة، ومن جهة ثانية المتمردين وتجار المخدرات الذين يرغمون المزارعين على زراعة الخشخاش باستخدام لغتي التهديد والترغيب، بدفع المال لقاء انتاجهم ولي ذراعهم ان هم رفضوا.

وكما هي حال مزارعي الحبوب الأميركيين او مزارعي الأرز التايلنديين، يبيع أفضل محصوله مقابل خمسة آلاف دولار ويحصد في منتصف نيسان/ابريل نبتات الخشخاش ذات الزهور الحمراء القانية التي يتم تحويل بصيلاتها الناضجة إلى أفيون. ويتيح لهم المال الذي يتسلمونه مقدما شراء البذور والماء والأدوات، اي كل ما يلزم لقطاف مجز يتم تحويله الى هيرويين ويباع في أنحاء العالم.

ويشير انتونيو ماريا كوستا المدير العام للمكتب ومعد التقرير عن "زواج مصلحة" بين الطالبان وتجار المخدرات والموظفين الفاسدين يجعل من مرجه معقلا للجريمة المنظمة. بحسب الفرانس برس.

وفي لشقر قاه، يعمل فريق إعادة البناء الريفي الذي يديره بريطانيون ويضم خبراء دوليين في الحكومة والقضاء ومكافحة المخدرات، على توفير بديل لمزارعي هلمند عبر توزيع بذار القمح عليهم.

وتقول بريدجيت برايند، المديرة المشاركة للفريق ان "هذه المبادرات التي تسعى الى مكافحة المخدرات تقلل من تأثير المتمردين وتقوي سلطة الحكومة".

وتضيف للصحافيين إن ارتفاع أسعار القمح يعوض انخفاض أسعار الأفيون، ويسهل بالتالي التخلي عن زراعة الخشخاش. وخلال سنة تراجعت أسعار الأفيون بنسبة 30% إلى اقل من 50 دولارا للكيلوغرام. ولكن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات يأسف لفشل هذه المبادرات.

ويقول المكتب إن إنتاج الأفيون تراجع بنسبة 10% في العام 2009 الى 6900 طن. لكن العائد ارتفع بنسبة 15% لان المزارعين استخرجوا كمية اكبر من الأفيون من البصيلات.

من جهتها  قالت الأمم المتحدة مؤخرا إن أفغانستان اكبر منتج للأفيون في العالم منذ فترة طويلة أصبحت اليوم اكبر مورد للحشيش في العالم حيث تنتشر زراعته على نطاق واسع في نصف أقاليمها .

وأشارت وكالة الأمم المتحدة للمخدرات في أول تقرير لها عن إنتاج الحشيش في أفغانستان أن ما بين عشرة آلاف و24 ألف هكتار تزرع سنويا بالحشيش في أفغانستان مع تركز زراعته في 17 من أقاليم أفغانستان البالغ عددها 34 . بحسب رويترز.

وعلى الرغم من ان بعض الدول تزرع الحشيش على مساحات اكبر فان إنتاج المحصول القوي في أفغانستان والذي يبلغ 145 كيلو جراما للهكتار الواحد مقابل نحو 40 كيلوجراما للهكتار في المغرب جعلها اكبر منتج له في العالم وهو ما يقدر بما يتراوح بين 1500 و3500 طن سنويا.

وكانت أفغانستان لسنوات اكبر مصدر للأفيون في العالم وهو مادة تستخرج من الخشخاش ويعالج ليصبح هيروينا. وعلى الرغم من تناقص الأراضي المزروعة بالخشخاش بنسبة 22 في المائة العام الماضي فان الإنتاجية القياسية للمحصول تعني عدم تراجع الإنتاج إلا بنسبة عشرة في المائة فقط.

ويقال ان تجارة الأفيون غير المشروعة تشعل التمرد في أفغانستان مع حصول طالبان على ملايين الدولارات من هذه التجارة من خلال فرض ضرائب على المزارعين والمهربين مقابل ضمان المرور الآمن للمخدرات.

 وأكدت الأمم المتحدة مؤخرا إن جهود إثناء المزارعين الأفغان عن زراعة الأفيون غير المشروعة فشلت العام الماضي وتوقعت المنظمة الدولية إلا تقل أيضا هذا العام المساحة المخصصة لحقول الأفيون.

وذكر تقرير للأمم المتحدة أن تراجع زراعة الأفيون التي شهدت خفضا للمساحة زاد على الثلث في الفترة من عام 2007 حتى عام 2009 توقف فجأة.

وتنتج أفغانستان أكثر من 90 في المائة من إنتاج الأفيون على مستوى العالم الذي يستخدم في صناعة الهيروين وهي صناعة تقول الدول الغربية إنها تمول التمرد ضد قوات حلف شمال الأطلسي والحكومة الأفغانية.

وعلى مدار سنوات تمكنت أفغانستان دوما من إنتاج آلاف الأطنان الزائدة عن الطلب العالمي على المخدر المحظور رغم الجهود الدولية للقضاء على هذه التجارة. واعتبر تراجع زراعته في السنوات الماضية تقدما كبيرا.

لكن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة توقع في تقرير أولي تحقيق تقدم قليل او عدم تحقيق أي تقدم على الإطلاق هذا العام مقارنة بالمساحة التي زرعت بالأفيون عام 2009 والتي بلغت نحو 304000 فدان.

ويزرع غالبية المحصول السنوي من الأفيون قبل الشتاء ويظل كامنا تحت التربة طوال ذلك الوقت من العام حتى يجمع في شهر ابريل نيسان او مايو ايار.

واستند تقرير الأمم المتحدة على مسوح أجريت أواخر العام الماضي وقت زراعة محصول عام 2010 . بحسبب رويترز .

وقال انتونيو ماريا كوستا رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة "الرسالة واضحة.. حتى تحقق مزيدا من الخفض لاكبر مصدر لهذا المخدر المميت في العالم يجب ان يتحسن في أفغانستان الأمن والتنمية والحكم."

ويزرع غالبية الأفيون في أفغانستان في إقليم هلمند الذي يشهد أكبر قدر من أعمال العنف.

ووصل نحو عشرة آلاف من جنود مشاة البحرية الأمريكية الى هلمند العام الماضي وسيطروا على معظم الجزء السفلي من وادي نهر هلمند قبل موسم زراعة الأفيون. وكان قادتهم يأملون ان يقلص وجودهم من زراعة الأفيون غير المشروعة بتوفير الأمن للمزارعين مما يتيح لهم فرصة الحصول على بذور زراعات أخرى والوصول إلى الأسواق.

وجاء في تقرير الأمم المتحدة إن إعادة الآمن إلى المناطق التي تسودها اضطرابات هو الحل الامثل لمكافحة زراعة المخدرات.

وقال في بيان "هناك علاقة ارتباط قوية بين التمرد والزراعة. يظهر تقدير مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ان نحو 80 في المئة من القرى التي تعيش ظروفا امنية صعبة تزرع الافيون بينما يزرع الافيون في سبعة في المئة فقط من القرى التي لا تشهد أعمال عنف."

الشرطة الافغانية

في سياق متصل افاد تقرير صادر عن جهاز تحقيقي تابع للكونجرس الامريكي ان تعاطي المخدرات يمثل مشكلة كبرى في قوات الشرطة الافغانية، اذ اثبت الاختبار ان اربعة من كل عشرة اشخاص تم فحصهم تعاطوا مواد ممنوعة في بعض المناطق.

وقالت دائرة المساءلة الحكومية ان تجارة المخدرات المحظورة تمثل تحديا كبيرا للحملة التي تقودها الولايات المتحدة للقضاء على التمرد المسلح في افغانستان التي تنتج 90% من الافيون العالمي.

وكانت ادارة الرئيس الامريكي اوباما قد تحولت عن الاجراءات السابقة للقضاء على الظاهرة التي ركزت على زراعة المخدرات في أفغانستان وعدت منفرة للمزارعين الأفغان، وذهبت مباشرة في تشديد الإجراءات في ملاحقة المهربين ومختبرات وأماكن صنع المخدرات.

وسيتم التركيز ايضا على تقديم حوافز مالية لاولئك الذين يقومون طوعيا بالتخلص من هذه المحاصيل، وكذلك مساعدة المزارعين على التحول من زراعة المحاصيل المحظورة الى محاصيل شرعية كالفواكه والقمح.

بيد ان تقرير دائرة المساءلة الحكومية الذي اعلن هذا الأسبوع اكد ان قوات الشرطة الأفغانية لديها مشكلات مع المخدرات والإدمان.

ونقل التقرير عن مسؤولين في الخارجية الامريكية قولهم ان نسبة 12 الى 41 بالمائة من المنخرطين في سلك الشرطة في مراكز التدريب المحلية اظهروا عند اخضاعهم للاختبار نتائج تؤكد تعاطيهم لمواد مخدرة محظورة، ويعتقد ان هذه النسبة اعلى مادام الافيون يطرح من الجسم بسرعة.

وقال التقرير: "إن العديد من المنتسبين الذين اظهر الاختبار خلوهم من المخدرات، اظهروا لاحقا أعراضا تؤشر تناولهم للأفيون خلال تدريباتهم".

ويشير التقرير الى انه اضافة الى حالات المخدرات التي لم توثق بشكل جيد، ثمة انتشار لنسبة امية عالية في اوساط شرطة مكافحة المخدرات في أفغانستان والقوات المتخصصة في وزارة الداخلية الأفغانية.

ويوضح التقرير نقلا عن مسئولين أمريكيين انه بشكل عام لم تقم الشرطة الأفغانية باعتقال المهربين الخطرين، كما ان عدم وجود بند في معاهدة تسليم المجرمين بين البلدين يشمل جرائم المخدرات يحذف قناة أساسية لملاحقة هؤلاء المجرمين الخطرين.

فساد ورشوة

وقال التقرير إن الفساد المرتبط بالمخدرات كان "هائلا" ، فعادة ما تكون الإدارات على المستوى المحلي أو الأقاليم ومسؤولي الشرطة والمحققين أهدافا للرشى، لأنهم يتلقون رواتب قليلة في الغالب.

وكانت الولايات المتحدة قد خصصت مبلغ حوالي 2.5 مليار دولار للقضاء على إنتاج واستهلاك وتهريب المخدرات غير القانونية في أفغانستان، حيث تمثل صناعة المخدرات هناك حوالي ثلث الاقتصاد القانوني وتشكل مصدرا كبيرا لتمويل التمرد فيها.

وفي العام الماضي، أشير إلى إن معظم الأفيون يزرع في المناطق الجنوبية والغربية التي تمثل مرتعا للمتمردين.

الجيش الأمريكي يتجاهل زراعة الخشخاش

من جابها اتهمت صحيفة نيويورك تايمز الجيش الأمريكي بتجاهل القضاء على زراعة الخشخاش المنتشرة بكثرة فى أماكن متفرقة من أفغانستان ويعتمد عليها كثيرون فى الحصول على قوت يومهم، وقالت إن الجهود الأمريكية الرامية إلى الفوز على الأفغان فى معركتهم الضارية ضد طالبان فى مارجة، التى كانت تعتبر أكبر عملية عسكرية ضد طالبان منذ بداية الحرب، وضعت القادة الأمريكيين وزعماء الناتو فى موقف غير معتاد حيث يرفضون الآن القضاء على زراعة الأفيون والخشخاش، الأمر الذي يثير من قلق المسئولين الأفغان الذين يرغبون فى تدمير هذه الزراعة.

وقالت الصحيفة إن موقف الجيش واضح تماما فى هذا الصدد، فمن أكبر القادة أمثال الجنرال ستانلى ماكريستال إلى أقلهم شأنا يدركون جيدا أن "القوات الأمريكية لن تقضى على الزراعة"، كما يضعها مسئول فى قوات الناتو، فالخشخاش يعد مصدر الرزق الرئيسي لقرابة الـ60 إلى 70 % من المزارعين فى مارجة، التي استحوذت عليها قوات الجيش الأمريكي من متمردى طالبان الشهر الماضي فى عملية عسكرية كبيرة.

وأضافت الصحيفة أن قوات مشاة البحرية، الذين تخضع المنطقة لسيطرتهم، لديهم أوامر بعدم الاقتراب من حقول المزارعين، ونقلت نيويورك تايمز عن القائد الأدميرال جيفرى إيجرز، وهو عضو فى الفريق الاستشارى الاستراتيجى، قوله "مارجة تعتبر الآن حالة خاصة، فنحن لا ندوس على مصدر رزق هؤلاء الذين نريد أن نكسبهم".

ويتفق مسئولو الأمم المتحدة المهتمين بهذه الزراعة مع الأمريكيين، رغم أنهم يدركون جيدا عواقب ذلك، فصور جنود الناتو وهم يتجولون بجانب حقول الخشخاش لن تلقى استحسان الأمريكيين.

من جانب آخر  رفض حلف شمال الأطلسي مؤخرا دعوات روسيا إلى إبادة حقول الخشخاش في أفغانستان قائلا إن أفضل سبيل إمام روسيا للمساعدة في مكافحة المخدرات هو أن تقدم مزيدا من المساعدة في محاربة التمرد.

واجتمع فيكتور ايفا نوف رئيس جهاز مكافحة المخدرات في روسيا مع سفراء حلف الأطلسي في بروكسل واقترح إعطاء قوات حلف الأطلسي تفويضا من الأمم المتحدة لإبادة حقول الخشخاش الأفغانية التي ينتج منها الأفيون وتتسبب في مقتل 30 ألف روسي كل عام.

غير أن المتحدث باسم حلف الأطلسي جيمس أباثوراي قال أن مشكلة المخدرات يجب معالجتها بحذر لتجنب التسبب في نفور السكان المحليين. وقال أن التحالف يواصل جهوده لمحاربة زعماء المخدرات ومعامل المخدرات.

واستدرك المتحدث بقوله "لسنا في وضع يمكننا فيه ازالة مصدر الوحيد للدخل لاناس يعيشون في أفقر ثاني بلد في العالم دون أن يكون بوسعنا توفير مصدر دخل بديل لهم."

وقال اباثوراي أن حلف الأطلسي يتفهم مخاوف روسيا بالنظر إلى وجود ما يقدر بنحو 200 ألف مدمن للهيروين والمورفين ووفاة عشرات الآلاف كل عام في روسيا.

وقال المتحدث "نحن نشاركهم الرأي انه يجب معالجة هذه المشكلة ولكن يوجد اختلاف طفيف في الرأي. ونسمع الكثير من الدعوات التي تنطلق من موسكو تطالب بالإزالة. ورأي الحكومة الأفغانية حتى ألان هو أن الإزالة ليست السبيل للمضي قدما ...بالرش بالمبيدات من الجو."

وأضاف قوله "يوجد 120 الف نسمة على الارض يقاتلون التمرد وهو اكثر السبل فعالية لمعالجة مشكلة المخدرات."

وقال اباثوراي ان الامين العام لحلف الاطلسي اندرز فوج رامسوسين طلب من روسيا زيادة ما تقدمه من مساندة في أفغانستان بما في ذلك في تدريب مسؤولي مكافحة المخدرات ومروحيات للجهود العامة لمحاربة التمرد.

موسكو تتهم امريكا

على صعيد متصل اتهمت روسيا الولايات المتحدة مؤخرا بالتواطؤ مع زراع المخدرات الأفغان لرفضها إتلاف محصول الأفيون وذلك في ثاني مرة خلال أسبوع تنتقد فيها موسكو سياسات الغرب بخصوص المخدرات.

وتوغلت قوات مشاة البحرية الامريكية منذ فبراير شباط في اقليم هلمند أحد المناطق الرئيسية لزراعة الافيون في أفغانستان لكنها أبلغت سكان القرى بأنها لن تتلف محصول الافيون الذي يزهر خلال الشهر الجاري.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية في موسكو وزعته السفارة الروسية في كابول "نعتقد أن مثل هذه التصريحات تناقض القرارات التي اتخذت داخل الامم المتحدة ومنتديات دولية أخرى بخصوص مشاكل المخدرات الافغانية."

وأضاف البيان "القلق المؤثر على الزراع الأفغان يعني في واقع الأمر التواطوء مع منتجي المخدرات ان لم يكن على نحو مباشر فبالقطع بشكل غير مباشر."

وطالب فيتالي شوركين سفير روسيا لدى الامم المتحدة في مجلس الأمن الأسبوع الماضي بأن يواصل القادة العسكريون الامريكيون والتابعون لحلف شمال الأطلسي إتلاف محصول الأفيون. بحسب رويترز.

ورفض حلف الأطلسي الانتقاد الروسي وقال ان أفضل وسيلة تستطيع بها موسكو المعاونة هي المساعدة في قتال المتمردين.

ودأبت روسيا التي خسرت حربها المريرة في أفغانستان في الثمانينات على انتقاد حملة حلف الأطلسي العسكرية هناك.

وسيطرت قوات مشاة البحرية الأمريكية الشهر الماضي على مرجه المعقل السابق لحركة طالبان خلال ما وصف بأنه أكبر هجوم خلال الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات. وقالت قوات مشاة البحرية انها لن تتلف الأفيون لكنها ستدفع للزراع مالا ليتلفوه بأنفسهم ثم ستمدهم ببذور ليزرعوا محاصيل أخرى العام المقبل.

وجاء في البيان الروسي أن الموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة وحلف الأطلسي "تجاهل أن الآلاف يموتون بسبب الهيروين.. بما في ذلك في أفغانستان." وأضاف أن قوات الحلف اذا لم تتلف المحصول فينبغي لها أن توفر حماية للأفغان ليتولوا الأمر.

حذر مسؤولون وخبراء من أن إنتاج أفغانستان للأفيون والحشيش يلحق أضراراً متزايدة بالأفغان أنفسهم فضلاً عن إضراره بصحة الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم.

فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد متعاطي المخدرات في أفغانستان من 920,000 شخص إلى أكثر من 1.5 مليون نسمة، حسب تصريح المتحدث باسم وزارة مكافحة المخدرات، زلماي أفضلي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين). كما أفاد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أنه لا يوجد أي بلد في العالم ينتج نفس كميات الهيروين والأفيون والحشيش التي تنتجها أفغانستان. 

وتدحض الزيادة المطردة في عدد متعاطي المخدرات من الأفغان مزاعم بعض الأفغان بأن استهلاك المخدرات مشكلة لا تطال المواطنين وأن تجارة المخدرات تجلب الأموال للبلاد.

وفي هذا السياق، أفاد جان لوك ليماهيو، ممثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في أفغانستان أن "هناك علاقة بين إنتاج المخدرات واستهلاكها والإدمان عليها. فالعرض يؤدي لا محالة إلى خلق الطلب... كما أن التمييز بين البلدان المنتجة والمستهلكة لم يعد واضحاً. فقد أصبحت الدول المستهلكة بدورها مصنعة للمخدرات الاصطناعية. في المقابل، أصبحت الدول المنتجة دولاً مستهلكة أيضاً. إن [مكافحة المخدرات] مسؤولية دولية مشتركة ولا ينبغي أن يترك أي بلد وحده".

وقال أفضلي أن "أفغانستان معرضة لأن تصبح أول دولة مستهلكة للمخدرات في العالم، إذا استمر الاتجاه الحالي للإدمان على ما هو عليه وفشلنا في وضع حد له".

تسونامي صامت

ويرى طارق سليمان، مدير مركز النجاة لإعادة تأهيل متعاطي المخدرات، أنه إذا "أنفق كل مدمن دولاراً واحداً في اليوم على المخدرات، فإن ذلك سيهدر حوالي 45 مليون دولار شهرياً". وأضاف أن المدمنين الباحثين عن العلاج في المركز الذي يديره يأتون من جميع مناحي الحياة ولكن معظمهم من الشباب الذين كان بإمكانهم أن يفيدوا أسرهم وبلدهم لولا إدمانهم على المخدرات.

وأفاد مسؤولون في وزارة مكافحة المخدرات أن للإدمان على المخدرات تأثير مدمر، حيث قال أفضلي أن "إدمان المخدرات يزيد من انعدام الأمن والجرائم الاجتماعية والأمراض المعدية ويقوض جهود التنمية في أفغانستان". وأضاف أن توفير العلاج المجاني وخدمات إعادة التأهيل للمدمنين يشكل عبئاً مالياً لا ضرورة له.

كما أن انتقال الفيروسات المعدية، خصوصاً فيروس نقص المناعة البشري، بين متعاطي المخدرات عن طريق الحقن يعتبر من المخاطر الصحية الكبيرة، في ظل انخفاض حاد جداً في الوعي حول الأمراض الجنسية.

فايروس نقص المناعة

وكانت دراسة صادرة عن البنك الدولي في 2006 في كابول قد أفادت أن ما لا يقل عن 3 بالمائة من متعاطي المخدرات في كابول مصابون بفيروس نقص المناعة البشري. وقال سليمان من مركز النجاة أن "الإدمان على المخدرات وفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز يشكلان معاً تسونامي صامت في أفغانستان".

ويذكر أن هناك 40 مركزاً لعلاج الإدمان في البلاد ولكن معظمها صغير جداً ويعاني من نقص الموارد.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية قامت الجهات المانحة بصرف مئات الملايين من الدولارات لمواجهة مشكلة المخدرات في أفغانستان. غير أن المسؤولين يعترفون بأن جهود مكافحة المخدرات تركزت في القضاء على زراعة الخشخاش ومنع تداوله ولم تحظ أزمة تزايد الإدمان سوى بالقليل من الاهتمام. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

وأوضح ليماهيو أن "المانحين تبنوا سياسات مكافحة المخدرات على أساس مصالحهم الوطنية"، ولكنه أشار إلى أن هناك المزيد من الاعتراف من قبل الجهات المانحة والحكومة بمشاكل الإدمان وفيروس نقص المناعة البشري في أفغانستان.

وأشاد أفضلي بدعم الولايات المتحدة لجهود مكافحة المخدرات ولكنه قال أن الجهات المانحة الأخرى، وخاصة الدول الأوروبية، لم تفهم بشكل صحيح مشاكل المخدرات في البلاد.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيار/2010 - 6/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م