هيبة الفاتيكان والضياع في مستنقع الفضائح الجنسية

 

شبكة النبأ: باتت الكنسية تعاني من كابوس مرعب بعد جملة من الفضائح التي ألمت بها، خصوصا فيما يتعلق بالتحرشات الجنسية التي أقدم على ارتكابها عدد من الرهبان في بعض دول العالم.

وتظهر الاستطلاعات الميدانية في العديد من الدول الأوربية تراجع كبير في ثقة مجتمعاتها برجال الدين المسيحيين والكنسية بشكل عام، فيما أظهرت بعض الدراسات أيضا رغبة الكثير منهم الخروج على الدين المسيحي كردة فعل على ما وقع خلال الفترة الماضية.

ثقة الايطاليين بالبابا

فقد أفاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة لا ريبوبليكا ان ثقة الايطاليين بالكنيسة الكاثوليكية وبالبابا، قد انهارت في السنوات السبع الماضية، وقد تزايد هذا الاتجاه مع الفضائح الاخيرة لاعتداء رجال دين على اطفال.

وكتبت هذه الصحيفة اليسارية ان ثقة الايطاليين "الكبيرة جدا او الكبيرة" بالكنيسة تراجعت من 62,7% في 2003 الى 47,2% في نيسان/ابريل 2010، فيما تراجعت شعبية البابا من 77,2 الى 46,6% في الفترة نفسها. وكتبت الصحيفة في عنوانها "خلال سنة كانت رهيبة على الفاتيكان، تراجعت الثقة بالبابا الى ادنى مستوى".

وتحدث عالم الاجتماع الذائع الصيت ايلفو ديامانتي الذي حلل استطلاع الرأي هذا، عن "سلسلة الفضائح الطويلة" في الاشهر الاثني عشر الاخيرة والتي بلغت ذروتها "من خلال التجاوزات الجنسية التي تورط فيها رجال دين ضد قاصرين". وقال ان "تراجع الثقة خلال السنة المنصرمة لا يشكل اي مفاجأة". وخلال سنة، تراجعت نسبة الثقة بالكنيسة من 50,4% في حزيران/يونيو 2009 الى 47,2% في نيسان/ابريل 2010. بحسب فرانس برس.

واوضح هذا الاستطلاع، ان الكاردينال جوزف راتسينغر الذي انتخب بابا في 2005 على اثر وفاة يوحنا بولس الثاني، بلغ ذروة شعبيته في 2008 بحصوله على 55,5%.

وكتب ديامانتي ان "الكنيسة والبابا ما زالا يشكلان مرجعيات مهمة للمجتمع الايطالي لكن قدرتهما على الاجتذاب ضعفت على ما يبدو لاسباب تتخطى الفضائح الاخيرة حتى لو انها ارخت بثقلها عليهما". واضاف الاستطلاع ان 62% من الايطاليين يعتبرون بالتالي ان الكنيسة سعت الى "تقليل اهمية او اخفاء" حالات الاعتداء على الاطفال.

واعربت اغلبية من الايطاليين من جهة اخرى، عن تأييدها انهاء عزوبة الكهنة، وقال 65,9% انهم "يؤيدون كثيرا او الى حد معقول" هذه الفرضية. وقد اجرت الاستطلاع من 14 الى 21 نيسان/ابريل مؤسسة ديموس لحساب صحيفة لا ريبوبليكا على عينة من 2058 شخصا.

الخروج على الكنيسة

كما اظهر استطلاع للرأي اجرته جريدة «بيلد» الالمانية واسعة الانتشار بالتعاون مع معهد فورسا لقياس مؤشرات واتجاهات الرأي «ان ربع المسيحيين الكاثوليك الالمان يفكرون في الخروج على الكنيسة وذلك في اعقاب الكشف عن فضائح اعتداء جنسي على اطفال داخل الكنيسة».

ويتضح من الاستطلاع «ان %23 من الكاثوليك الالمان ينوون الخروج على الكنيسة من بينهم %19 من الاشخاص الذين يصفون انفسهم بـ )شديدي التدين)».

ووفقا للصحيفة فإن هذا يعني ان الكنيسة الكاثوليكية قد تخسر نحو خمسة ملايين من اتباعها البالغ عددهم في المانيا نحو 25 مليون شخص. بحسب صحيفة الوطن.

ووفقا للاستطلاع فإن نسبة كبيرة من اتباع الكنيسة غير راضين عن طريقة تعاملها مع الاتهامات بالاعتداء الجنسي، اذ قال %77 منهم ان لديهم انطباعا بأن الكنيسة ترغب في اخفاء بعض الامور كما يشك %91 من اتباع الكنيسة في المرحلة العمرية بين 18-29 عاما في رغبة الكنيسة في الكشف عن جميع الملابسات في هذه الوقائع.

منصب الاسقف

الى ذلك مضت كنيسة انجلترا خطوة الى الامام نحو ترسيم المرأة في منصب الاسقف مما يمهد لجدل مع التقليديين الذين يؤيدون بقاء السلك الكهنوتي للكنيسة الانجليكانية حكرا على الرجال.

وقالت مسودة التشريع المقدمة ان النساء يجب أن يكرسن كأساقفة على نفس الاساس الذي عليه يكرس الرجال مما يثير خيبة الامل لدى الاجنحة الانجلو كاثوليكية والانجيلية في الكنيسة الذين يرغبون في نظام مزدوج الصف.

ومن المتوقع أن يفكر البعض الان في العرض الذي قدمه البابا بنديكت في أكتوبر تشرين الاول الماضي بتسهيل تحول الانجيليين الى الكاثوليكية. بحسب رويترز.

ومن المقرر أن يزور البابا اسكتلندا في سبتمبر أيلول في زيارة يخيم حولها الجدل بالفعل. ورحب الجناح الليبرالي في الكنيسة الانجليكانية الذي يدعو لتولي المرأة منصب الاسقف منذ تولت اول امرأة منصبا كهنوتيا قبل 16 عاما بمسودة التشريع.

اضطهاد الكنيسة

من جهته اكد البابا بنديكتوس السادس عشر في مستهل زيارته للبرتغال ان اكبر معاناة للكنيسة لا تنبع من "اعداء خارجيين" بل من "خطيئة" الكنيسة نفسها، في اشارة الى فضيحة التحرش الجنسي التي تهز الكنيسة الكاثوليكية.

وقال البابا في الطائرة التي كانت تقله الى لشبونة "كنا نعلم دائما لكننا نرى اليوم في شكل اكثر رعبا بكثير ان الاضطهاد الاكبر للكنيسة ليس مصدره اعداء خارجيين بل يولد من خطيئة الكنيسة".

واضاف امام الصحافيين ان "الهجمات على الكنيسة والبابا لا تاتي فقط من الخارج. المعاناة تاتي من داخل الكنيسة من الخطيئة الموجودة في الكنيسة".

وشدد بنديكتوس السادس عشر على ان الكنيسة "تحتاج بشكل كبير" الى "ان تتعلم الصفح وكذلك ضرورة العدالة"، مؤكدا ان "الصفح لا يمكن ان يكون بديلا من العدالة".

وكان يرد على سؤال حول كشف جرائم اعتداء جنسي ارتكبها كهنة ورجال دين وتهز الكنيسة في اوروبا واميركا الشمالية واللاتينية منذ اشهر عدة.

ووصل البابا ظهر الى لشبونة، المحطة الاولى في رحلة "حج" الى البرتغال تستمر اربعة ايام. ويامل بنديكتوس السادس عشر ان يجد في هذا البلد الذي يختزن تقليدا كاثوليكيا عريقا دعما وتاييدا للكنيسة في ظل ما تواجهه.

وبمعزل عن زيارة خاطفة في منتصف نيسان/ابريل لجزيرة مالطا، فانها المرة الاولى التي يختبر فيها بنديكتوس السادس عشر حماسة المؤمنين خارج الفاتيكان.

وفي خطاب القاه في المطار، ذكر الرئيس البرتغالي انيبال كافاكو سيلفا ب"العلاقات العريقة" بين بلاده والكنيسة، مؤكدا ان "الفصل بين الكنيسة والدولة يتعايش مع البصمات العميقة للارث المسيحي".

كما شدد البابا على ان القضايا الاخلاقية والروحية ليست "مجالا خاصا"، في وقت تستعد فيه البرتغال للسماح بالزواج المثلي بعد ثلاثة اعوام من الغاء العقوبة بحق من يمارسون الاجهاض.

واعلن امام الرئيس البرتغالي الكاثوليكي الذي سيصادق قبل 17 ايار/مايو على قانون يبيح الزواج المثلي تم التصويت عليه في شباط/فبراير الفائت ان "الاعتبار الاساسي للبعد الانساني للحياة ليس محصورا في مجال خاص".

مراقبة الجمعيات الكنسية

الى جانب ذلك أعلن الفاتيكان السبت أن البابا بنديكتوس السادس عشر سيعين مبعوثا للرقابة على جمعية جنود المسيح التي أتهم مؤسسها المتوفى الكاهن المكسيكي مارسيال ماسيال بارتكاب تجاوزات جنسية.

وقال الفاتيكان في بيان إن لدى الكنيسة التصميم لمواكبة ومساعدة الجمعية على طريق التطهر الذي ينتظرها وإن البابا سيعلن قريبا إجراءات هذه المواكبة إبتداء من تسمية موفد لدى هذه الجمعية.

وتابع البيان أنه تم إرسال بعثة لبحث النظام الداخلي لهذه الجمعية وارسال موفد لدى الفرع العلماني لجمعية جنود المسيح المعروف باسم حركة رينيوم كريستي .

وأشار إلى أن التصرفات الخطيرة جدا وغير الاخلاقية التي قام بها مارسيال ماسيال والتي أكدتها شهادات موثوقة تصنف أحيانا في خانة الجرائم الفعلية وتكشف عن حياة لا علاقة لها بالمشاعر الدينية .

وسيطر مارسيال ماسيال بقبضة من حديد على هذه الجمعية المحافظة المتشددة منذ تأسيسها عام 1941 في المكسيك حتى العام 2006 عندما أمر بالتقاعد.

كما كشفت الجمعية في 2009 بعد وفاة مؤسسها عن وجود ابنة من علاقة جنسية سرية إثر صدور مقالة بهذا الصدد في صحيفة نيويورك تايمز.

وتوفي رجل الدين المكسيكي في يناير كانون الثاني 2008 عن87 عاما في الولايات المتحدة ويتهمه أبناء آخرون له مع ثمانية طلاب بالإعتداء عليهم جنسيا.

ويأتي الإعلان عن تسمية مراقب إثر اتصالات قام بها خمسة أساقفة في الفاتيكان لإطلاع المسؤولين هناك وخاصة البابا على نتائج مهمة التفتيش لدى الجمعية التي قاموا بها من يوليو تموز حتى مارس آذار 2009.

وقال المتحدث باسم الفاتيكان الأب فديريكو لومباردي إن اسم الموفد البابوي سيعلن خلال أسابيع مشددا على أن البابا يتعاطى مع هذه المسألة بكثير من الجدية .

واعلن الفاتيكان في بيانه ان عددا كبيرا من اعضاء الجمعية لم يكونوا على علم بالتجاوزات التي كان يرتكبها مؤسسها.

واصدرت الجمعية في نهاية مارس آذار الماضي بيانا طلبت فيه الصفح على الاعمال القبيحة التي قام بها مؤسسها.

صحفية تتحرش براهب

على صعيد متصل تفاعلت قضية التحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية في الكنيسة إلى حد رفع قضايا ضد بابا الفاتيكان واستقالات لقساوسة في هذا البلد أو تلك، وبينما عادة ما يكون المتهم بالتحرش الجنسي هو الرجل، إلا أن ما حدث في بلدة إيطاليا خالف التوقعات والعادة.

هذه المرة المتهمة بالتحرش الجنسي هي صحفية إيطالية من ميلانو في الثلاثين من عمرها، حيث تحرشت براهب (32 عاما) أثناء خدمته في رعية "أريجيتانو" ببلدة فيرارا القريبة من ميلانو بشمال إيطاليا، وفقاً لما نقلته وكالة "آكي" الإيطالية للأنباء.

وحسب تقرير نشرته جريدة فيرارا المحلية، فإن الصحفية "المفتونة" حولت حياة الراهب إلى جحيم على مدى العامين الماضيين.

وأشار التقرير إلى أن الصحفية، التي لم يذكر اسمها، صارت تطارد الراهب في كل مكان، بل أصبحت تذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد أثناء إلقاءه عظته الأسبوعية.

وعلى حد تعبير صحيفة فيرارا، صارت الصحفية تترك له رسائل على جواله، وصفتها بأنها "غير روحية." بحسب السي. ان. ان.

وأضاف التقرير أن مطاردات الصحفية قسمت البلدة إلى قسمين أحدهما مؤيد للراهب والثاني للصحيفة.

وأشار التقرير إلى أن هناك من يقول أن الراهب ضحية للصحفية، بينما يراه آخرون بأنه كان راغباً في إقامة علاقة معها.

هذا الانقسام بين سكان البلدة دفع الراهب في نهاية المطاف إلى تقديم بلاغ عن طريق محاميه إلى النيابة العامة، التي حفظت القضية بعدما سحب الراهب شكواه تلبية لطلب القاضي، الذي قال له "إنها امرأة عبرت عن مشاعر ولدت من إيمان عميق" حسب ما نقلته الصحيفة.

وهذه هي المرة الأولى تقريباً التي نسمع بها عن تحرش امرأة برجل دين، رغم أننا سمعنا عن تحرشات ارتكبتها نساء ضد رجال أو معلمات تحرشن جنسياً مع تلاميذهن

بريطانيا تعتذر

من جانبها تقدمت الحكومة البريطانية باعتذار إلى بابا الفاتيكان، بنديكتوس السادس عشر، عن "وثائق سخيفة" كشفت صحيفة محلية تفاصيلها الأحد.

وتتضمن "الوثائق السخيفة" تهكم موظفين في وزارة الخارجية بأن البابا، وخلال زيارته المقررة إلى المملكة المتحدة في وقت لاحق هذا العام، قد يدشن خط إنتاج واقيات ذكرية تحمل اسمه أو قد يبادر لمباركة زواج مثليين.

وجاء في بيان الخارجية البريطانية أن "العديد من الأفكار المطروحة في الوثيقة "ساذجة ولا تدل على احترام"، دون أن تكشف عن ماهية تلك المقترحات التي وردت في المذكرة. وأشارت إلى معاقبة كاتب الوثيقة "ونقله إلى مهام أخرى، وتوبيخه كتابياً وشفاهة."

وكانت صحيفة "صندي تلغراف" البريطانية قد كشفت في عددها الأحد عن تلك الوثائق وتتضمن مقترحات رفعها موظفون في الحكومة ووزارة الخارجية حول زيارة البابا القادمة إلى بريطانيا. بحسب السي. ان. ان.

وذكر التقرير أن الوثيقة التي جاءت تحت عنوان "الزيارة المثالية ستشهد.."  تضمنت السخرية من تعاليم الكنيسة الكاثوليكية بما في ذلك معارضتها للإجهاض، والمثلية، ووسائل منع الحمل، وكانت أشبه بالاستفزاز المتعمد عن محاولة جادة للتخطيط للزيارة المقررة في في سبتمبر/أيلول"، وفق الصحيفة.

ويعرف عن الفاتيكان معارضته القوية لاستخدام الواقيات الذكرية، وهو ما عرضه لانتقادات شديدة من قبل الجهات المعنية بمكافحة إنتشار الأيدز والأمراض الجنسية، كما أنه يعارض زواج المثليين.

ومؤخراً، تصاعدت في بريطانيا دعوات لاعتقال البابا أثناء زيارته الرسمية إلى بريطانيا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيار/2010 - 6/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م