الرئيس التركي السيد عبد الله غول, قالها بالحرف الواحد ومرة تلو
المرة "اننا لانريد بناء دولة دينية بل نريد المزيد من الحريات
الدينية", لكن البعض جهلا او عن قصد, لا يزال يصر على ان الرئيس التركي
غول ورئيس وزرائه السيد أردوغان وحزبهم حزب العدالة والتنمية التركي
حزب اسلامي, لا بل اكثر من ذلك, وصل الامر ببعضهم إلى وضع حركة حماس
وحزب العدالة والتنمية التركي في خانة واحدة, كالاستاذ أحمد يوسف وكيل
وزارة الخارجية في حكومة حماس المقالة, عندما قال صراحة في احدى
محاضراته, "اننا ننتهج سياسة أردوغان وليس طالبان".
ربما من الاجحاف لوم السيد أحمد يوسف على موقفه هذا, والغالبية
العظمى من الكتاب والساسة والمثقفين العرب وحتى اصحاب الاختصاص منهم في
الشأن التركي, يعتبرون حكومة أردوغان حكومة اسلامية, ولو اكتفى السيد
يوسف وقال اننا لسنا كالطالبان لم نكن لنختلف معه, لكننا قطعاً لن
نوافقه الرأي وهو يقول انه وجماعته مثل أردوغان وحزب أردوغان, والا صدق
من قال" كله عند العرب صابون".
الحكومة التركية الحالية من اكثر الحكومات علمانية في تاريخ تركيا,
سواء اليمينية منها او اليسارية وحتى من العسكر التركي نفسه, وذلك
لسببين: لانها اولا حكومة تعتمد في سياساتها الداخلية والخارجية على
البراغماتية الغربية التي تقوم على تحقيق اكبر مصلحة اقتصادية, وثانياً
لانها حكومة تسعى بالفعل لاجراء تغييرات ديمقراطية حقيقية في الحياة
السياسية التركية, والتعديلات الدستورية المزمع اجراؤها في سبتمبر
المقبل, بالاضافة الى تجربة الاعوام السبعة من حكم حزب العدالة
والتنمية التركي, تقطع الشك باليقين بعلمانية الحزب لا اسلاميته, وحتى
اذا سلمنا برأي السيد احمد يوسف ومن لف لفه وذلك على باب المجاملة
والافتراض لا المنطق والواقع, فالحكومة التركية الحالية هي حكومة
اسلامية من طراز خاص جداً, ولا تشبه باقي الحكومات والانظمة الاسلامية
على وجه المعمورة, وخاصة سلطة حماس في قطاع غزة.
قطعا لا يوجد وجه شبه لا من قريب ولا من بعيد بين حركة حماس وحزب
اردوغان, وحركة حماس هي أقرب للطلبان منها "لحركة"أردوغان, ولو كان
السيد أردوغان رئيساً للوزراء في قطاع غزة بدلاً من السيد هنية, لما
تعرضت غزة للحصار والحروب المدمرة, ولما تعرض اهل غزة للجوع والحرمان,
ولكان قطاع غزة اليوم رأس حربة في حرب اقتصادية شرسة يقودها اردوغان ضد
اسرائيل في مجال الاصطياف والسياحة.
d.mehma@hotmail.com |