العنف الأسري وآثاره الاجتماعية والصحية

ضعف الوازع الديني والإحباط والضغوط أهم الأسباب

 

شبكة النبأ: العنف الأسري هو أشهر أنواع العنف البشري انتشاراً في زمننا هذا، ورغم أننا لم نحصل بعد على دراسة دقيقة تبين نسبة هذا العنف في مجتمعنا إلا أن آثاراً له بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح مما ينبئ بأن نسبته في ارتفاع وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرك بصفة سريعة وجدية لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه..

أن ظاهرة العنف الأسري جاءت نتيجة للحياة العصرية، فالضغط النفسي والإحباط، المتولد من طبيعة الحياة العصرية اليومية، تعد من المنابع الأولية والأساسية لمشكلة العنف الأسري.

والعنف سلوكٌ مكتسبٌ يتعلمه الفرد خلال أطوار التنشئة الاجتماعية. فالأفراد الذين يكونون ضحية له في صغرهم، يُمارسونه على أفراد أسرهم في المستقبل.

مسببات العنف الأسري

وتبيَّن عدد من الدراسات التي تجريها الدول العربية على ظاهرة العنف الأسري في مجتمعاتها أن الزوجة هي الضحية الأولى وأن الزوج بالتالي هو المعتدي الأول.يأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات كضحايا. فبنسبة 99% يكون مصدر العنف الأسري رجل.

وعلى مستوى العالم العربي حسب مقال في جريدة الوطن السعودية مؤخرا، اثبت أن ابرز المسببات انتشاراً هو تعاطي الكحول والمخدرات. يأتي بعده في الترتيب الأمراض النفسية والاجتماعية لدى أحد الزوجين أو كلاهما.ثم اضطراب العلاقة بين الزوجين لأي سبب آخر غير المذكورين أعلاه.

واضافت الصحيفة ان دوافع العنف تكمن في ذات الانسان فتسمى دوافع ذاتية. اما الدوافع التي تكون بدافع الحاجة والفقر وتدفع الاب لاستخدام العنف تسمى دوافع اقتصادية.

وتعني الدوافع الاجتماعية تلك العادات والتقاليد التي اعتادها مجتمع ما والتي تتطلب من الرجل  قدراً من الرجولة في قيادة أسرته من خلال العنف.

وتحدثت الصحيفة عن آثار العنف على الشخص الذي يقع عليه العنف (المعنف) والتي تسبب نشوء عقد نفسية كثيرة وتتفاقم الى حالات مرضية وعدائية. فضلا عن تفكك الروابط الأسرية وانعدام الثقة وتلاشي الاحساس بالأمان وربما نصل إلى درجة تلاشي الأسرة.

الارشاد الديني لحماية المجتمع

وأكدت صحيفة الوطن الكويتية على اهمية الوعظ والإرشاد الديني المهم لحماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري، إذ أن تعاليم الدين الإسلامي توضح أهمية التراحم والترابط الأسري وتقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر المتضررة.

واكدت على وجوب تدخل الدولة في أمر نزع الولاية من الشخص المكلف بها في الأسرة إذا ثبت عدم كفاءته. واشار البحث أن العنف الأسري يشمل عنف الزوج تجاه زوجته، وعنف الزوجة تجاه زوجها، وعنف الوالدين تجاه الأولاد وبالعكس، كما أنه يشمل العنف الجسدي والجنسي واللفظي وبالتهديد، والعنف الاجتماعي والفكري،ويؤثر ضعف الوازع الديني وسوء الفهم. في ميول الاشخاص نحو ثقافة العنف.

 واردفت ان للعنف أنواع كثيرة وعديدة، منه المادي المحسوس والملموس النتائج، الواضح على الضحية، ومنه المعنوي الذي لا نجد آثاره في بادئ الأمر على هيئة الضحية، لأنه لا يترك أثراً واضحاً على الجسد وإنما آثاره تكون في النفس.

والحياة الزوجية وانطباعات الطفولة

إن الحياة الزوجية مسرح يمثل عليه الأزواج ما تعرضوا له في طفولتهم، فمن شب على عداء لا شعوري لوالديه، كان أدنى أن يصب عداءه على شريكه في الزواج، من شاهد أمه تهين والده وتذله شب وفي نفسه شيء ضد المرأة، والطفلة إذا شاهدت والدها يهين أمها ويضربها، غرست تلك المناظر وتعمقت في نفسها وكرهت الرجل، فإذا كبر الطفل والطفلة وكون كل منهما أسرة، كانت تلك المناظر التي تعيش في لا شعورهما (العقل الباطن) حتى إذا ما حدث أي خلاف أو مشكلة وهذا طبيعي أن يحدث داخل الأسرة ظهرت على مسرح الأحداث تلك الشخصيات التي ما زالت تعيش في العقل الباطن، فالزوجة ترى في زوجها شخصية والدها الذي كان يضرب أمها، والزوج يرى في زوجته شخصية والدته التي كانت تهين والده، وقد يكون العكس صحيحا، ومن هنا يبدأ كل منهما في التهيؤ للدفاع عن نفسه، وما زالت تلك المناظر من الماضي البعيد ماثلة أمام عينيهما، فهي لا تريد أن تُضرب مثل أمها، وهو لا يريد أن يهان مثل أبيه، كل ذلك إذا ما وصلت المناقشات إلى حد الصياح ورفع الأيادي.

كما أن الأسرة المبنية على الأسس الصحيحة لتكوين الأسرة الإسلامية لن يحدث فيها العنف، لأن الزوج الموصوف والمتسم بالأخلاق والدين لن تمتد يده لزوجته وأبنائه، وتلك الزوجة التي اختيرت على أساس دينها لن تمتد يدها لتضرب زوجها، ولن ينطق لسانها بما يؤذي زوجها، وسيمنعها حياؤها ودينها ومن ذلك، وقد قال رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم): (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

صمت الضحية..

وكشف استطلاع للرأي قامت به الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن 36% من حالات العنف الأسري نابعة أساساً من ضعف الوازع الديني.

ورأى ناشطون حقوقيون يهتمون بظاهرة العنف الأسري ان الاستطلاع كشف عن حقائق لا يريد البعض الاعتراف بها، إذ دوّن المصوتون في الاستفتاء السبب الأول في ضعف الوازع الديني لدى مرتكبي العنف، فيما رأى 31% من انتشار ظاهرة العنف الأسري يعود لأسباب اقتصادية، أما الأسباب الاجتماعية فلم تتجاوز نسبتها 25%، فيما سجلت الأسباب الأخرى حوالي 7%. . بحسب جريدة الرياض.

واعتبرت الناشطة الحقوقية زينة علي " 34عاماً" ان الاستطلاع قدم حتى اللحظة نتائج مهمة تعبّر عن الواقع المرير الذي تعيشه بعض الأسر.

وقالت صحيفة الرياض ان معظم حالات العنف التي تردها يصاحبها عنف جسدي مؤذ، كحلق الشعر بالنسبة للفتيات، وضرب بعضهن بأدوات تترك آثاراً على أجسادهن، ما يدخلهن في حالة مرضية من الناحيتين الجسدية والنفسية.

وكما ان الحال بالنسبة لمن مورس بحقهن العنف داخل أسرهن تنتهي بهن للانطواء القسري، إذ يعمد بعض الآباء إلى حبس الضحية لئلا تتمكن من مخالطة الناس، ما قد يؤدي لاكتشاف ما مارسه من عنف تجاه ابنه أو ابنته، وتتحاشى ضحايا العنف الأسري من جانب آخر البوح بمشكلتهن لأطراف قادرة على حل مشكلتهن كجمعية حقوق الإنسان، أو جمعيات تعمل على حل مشاكل العنف الأسري، ما يسبب تأزماً نفسياً للضحية.

ورأت الناشطة الحقوقية زينة علي ان السكوت على العنف الممارس من قبل الأب يعد جريمة ترتكبها الضحية في حق نفسها، وقالت: "تعتقد الضحية ان صمتها سيحل المشكلة لكن ما سيحدث لها العكس، إذ سيتعود من يمارس العنف ضدها بتكرار ما يفعل لأنه يأمن العقاب، أو لوم أقاربه له في الحد الأدنى".

العنف الأسري ظاهرة عالمية..

والعنف الأسري في بريطانيا هو ظاهرة منتشرة، بقي حجمها الضخم في ظل الكتمان مدة طويلة، والآن أصبح يصل للشرطة بلاغ كل دقيقة عن حالة! ووصل عدد جرائم العنف الأسري العام الماضي إلى 501 ألفٍ، أي أكثر من نصف مليون، انتهت 70% منها بإصابات، 77% منها ضد النساء. هذا فقط العدد المبلغ عنه. يعتبر القانون كل ما يحدث جريمة، ولكن لا يستطيع أن يوقفها لانهيار منظومة القيم الاجتماعية، وفساد العلاقة بين الرجل والمرأة، وتقهقر الدين عن معترك الحياة. أدهى من ذلك أن المرأة تقوم أيضاً بالاعتداء على الرجل حيث تتسبب المرأة في 5% من حالات الاعتداء عليه، ويموت منهم بسبب الخلافات الأسرية 30 رجلاً كل عام.

تعنيف الأفغانيات بلا رادع

كانت "جميلة والي" تتعرض للضرب بشكل متكرر على أيدي زوجها حتى حين كانت ضابطة شابة بالشرطة.

والآن هي في الخمسينات من عمرها وتجلس في الصف الأمامي من فصل به نحو 35 شرطيا و15 شرطية من الأفغان في أكاديمية الشرطة بكابول وتنصت كيف يهدف قانون اليوم بأفغانستان الى حماية النساء من العنف الأسري.

وقالت جميلة "زوجي لم تعجبه وظيفتي. كان يضربني كثيرا. لم تأت الشرطة لمساعدتي قط لكنني لم أرغب في طلب مساعدتها ايضا.

وذكر تقرير للأمم المتحدة العام الماضي أن العنف ضد النساء في أفغانستان متأصل ومستفحل على نطاق واسع وتعقده مشكلة خوض البلاد حروبا لنحو ثلاثة عقود من الزمن فضلا عن كونها احدى أفقر دول العالم. بحسب رويترز.

وقالت جميلة خلال فترة راحة "هناك الكثير من العنف الأسري في أفغانستان... مسؤولية الشرطة مساعدة النساء الأفغانيات والدفاع عن حقوقهن.

وفي أفغانستان المحافظة التي يغلب على سكانها المسلمون حيث لم يكن للنساء دور في الحياة العامة في ظل حكم طالبان والتي تشيع فيها مشاكل الزواج الإجباري وجرائم الشرف فإن فكرة أن من الخطأ أن يضرب الرجل زوجته لا تزال غير مقبولة بالنسبة لبعض رجال الشرطة.

وأوضحت جميلة مقارنة قوة الشرطة الحالية بالمؤسسة التي انضمت اليها للمرة الأولى "قوة الشرطة تقهقرت الى الخلف. رجال الشرطة الذكور لا يعلمون شيئا عن العنف وهم أنفسهم يمارسونه ضد النساء. هذا نضال عظيم بالنسبة لكل النساء.

وتوقفت جميلة عن العمل فجأة لست سنوات حين كانت طالبان تحكم البلاد منذ عام 1996 الى عام 2001. وتقول إن زوجها توفي قبل عشر سنوات وترك لها ذكرى هي إصبع صغير ملتو بشدة في يدها اليمنى كسره في شجار.

ومن جهتها تحاول قوة الشرطة في افغانستان التوسع بسرعة لتلبية متطلبات تمرد متفاقم. وهي تقع تحت ضغط لتكون في وضع جيد يسمح بتوليها المسؤولية الأمنية مع اقتراب الموعد النهائي المحدد لبدء انسحاب القوات الأمريكية من البلاد في منتصف 2011 .

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيار/2010 - 2/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م