حرب النقاب... استهداف لذاته أم للوجود الإسلامي؟

بلجيكا تجرم المنقبات وفرنسا تحضر لقانون مماثل

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: من يطلع على الاحتدام المتصاعد في أروقة السياسة الأوربية حول جدلية حظر النقاب يعتقد انه لم يعد في أوروبا أو المجتمع الدولي أي مشاكل تستحق الأولية أو الاهتمام تسبق معضلة النقاب التي باتت تؤرق ساسة المجتمعات الأوربية الجدد.

فنرى إن برلماني وحكومات اغلب تلك الدول تسعى إلى تعميم قوانين حظر النقاب وتوليها أهمية مفرطة قد لا تقل شئنا عن اتفاقيات حظر الأسلحة النووية أو القوانين السيادية والمصيرية ذات التأثير المباشر.

حيث اقر مؤخرا مجلس النواب البلجيكي مشروع قانون لحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة وهو إجراء يمكن ان يجعل بلجيكا أول دولة تجرم ارتداء النقاب. وأيد 136 من أعضاء مجلس النواب الاجراء وامتنع عضوان فقط عن التصويت.

ومن المرجح ان يصبح مشروع القانون الذي يحظر جميع الملابس التي تغطي الوجه بشكل كلي او جزئي قانونا في الشهور القادمة اذ ليس من المتوقع ان يعرقله مجلس الشيوخ.

فيما تبحث فرنسا التي يوجد بها اكبر عدد من المسلمين في اوروبا حظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة ومن المقرر ان تراجع الحكومة مشروع قانون بهذا الصدد في مايو ايار. وقد يصبح قانونا ايضا خلال بضعة اشهر.

وجادل الليبراليون الناطقون بالفرنسية في بلجيكا والذين اقترحوا قانون حظر النقاب بأن عدم القدرة على تحديد هوية الاشخاص الذين يخفون وجوههم يمثل مخاطر امنية ووصفوا النقاب بانه "سجن متنقل" بالنسبة للمرأة!

وأدانت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الانسان قرار البرلمان البلجيكي وقالت في بيان انه انتهك حقوق حرية التعبير والاعتقاد ووضع سابقة خطيرة.

ويمكن أن يؤدي ارتداء النقاب الى غرامة تتراوح بين 15 و 25 يورو (اي نحو 20 و33 دولارا) والسجن لما يصل الى سبعة أيام.

ويدفع سياسيون عبر أوروبا رغبتهم بسن قوانين حظر النقاب أو الحجاب باعتباره اجراء يهدف الى تهدئة القلق العام بشأن تنام متصور للتشدد الاسلامي!

وقال دانيال باكيلان كبير المروجين لمشروع القانون ان رؤساء البلديات المحليين قد يعلقون تطبيق الحظر خلال احتفالات مثل المهرجانات التي يرتدي خلالها الناس عادة ملابس تشمل الاقنعة.

وقد أثارت توجهات تجاه حظر ارتداء النقاب احتجاجات من زعماء مسلمين في أوروبا لا يرى الكثير منهم النقاب فرضا لكنهم يستاءون من القوانين التي تستهدف المسلمين.

وقالت ايزابيل براي نائبة رئيس ادارة شؤون مسلمي بلجيكا "يجب أن ندين فكرة الفرض وفكرة الحظر."

وقالت برايل التي اعتنقت الاسلام قبل 26 عاما "ليس لدينا انتشار للنقاب في بلجيكا كما هو الحال في أفغانستان" مضيفة "عشرات فقط من النساء يرتدين النقاب" في بلجيكا.

وفي باريس قال محمد حنيش رئيس مجموعة مدنية تدعى (اتحاد الجمعيات الاسلامية 93) لمسؤولين ان الحظر المقرر في فرنسا يثير "فزعا" في الضواحي الشمالية الحساسة للعاصمة الفرنسية. وأضاف "يشعر الناس بأنه مثل الاغتصاب."

وقال جون دالهويزن من منظمة العفو الدولية "تمثل خطوة بلجيكا لحظر ارتداء النقاب وهي الاولى في أوروبا سابقة خطيرة... يجب أن تكون القيود على حقوق الانسان دائما تتناسب مع هدف قانوني. ولا ينطبق هذا على الحظر الكامل لارتداء النقاب."

ويمكن أن يؤدي ارتداء النقاب في بلجيكا الى غرامة تتراوح بين 15 و25 يورو (اي نحو 20 و33 دولارا) والسجن لما يصل الى سبعة أيام.

وأفادت صحيفة لو فيجارو الفرنسية بأن باريس تعتزم فرض غرامة تصل الى 150 يورو على المنتقبات وفرض عقوبات أكثر صرامة على من يجبر النساء على ارتداء النقاب.

وقالت الصحيفة ان مسودة القانون والتي لم تعرض بعد على مجلس الوزراء والبرلمان تفرض غرامة تصل الى 15 ألف يورو على من يستخدم "العنف والتهديد واستغلال السلطة والنفوذ" لاجبار النساء على تغطية وجوههن.

ونقلت لو فيجارو البند الاول من مسودة القانون الفرنسي والذي ينص على أنه "لا يجوز ارتداء ثوب في الاماكن العامة يهدف الى تغطية الوجه." ويقول البند الثاني ان "التحريض على تغطية الوجه بسبب النوع" جريمة.

ويرى مسؤولون فرنسيون أن القانون قد يشمل فترة تمهيدية تستمر ستة شهور تستوقف خلالها الشرطة المنتقبات في الشوارع وتشرح لهن القانون دون أن تفرض عليهن غرامة.

ووصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي النقاب بأنه اهانة للمرأة. ويؤيد غالبية الفرنسيين حظره - على الاقل في بعض الاماكن العامة - مثل مباني المجلس البلدي.

الى ذلك اقترحت عضو الكنيست الاسرائيلي عن حزب "كاديما" مارينا سولوديكين مشروع قانون يحظر ارتداء النقاب والبرقع ومنع النساء المسلمات واليهوديات من تغطية اجسادهن بشكل كامل او اخفاء وجوههن تحت النقاب.

وذكرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية, أن مارينا سولوديكين بادرت إلى صياغة مشروع القانون هذا وتسعى إلى حشد الدعم لصالح اقراره في الكنيست.

ونقلت الصحيفة عن سولوديكين قولها "انا من مواليد احدى جمهوريات ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي, وما فهمته اوروبا الآن ادركه السوفيات في عشرينات القرن الماضي, حينها حظروا على النساء المسلمات ارتداء هذا اللباس لادراكهم باستحالة الحديث عن مساواة النساء من حيث فرص العمل والتعليم وهن يرتدين البرقع والنقاب والحجاب ولهذا قرروا منعه".

ورأت سولوديكين أن "الوقت حان لمنع النساء في اسرائيل, من مختلف الأديان والطوائف, من ارتداء البرقع او النقاب, انني لست معادية للاسلام لذلك اقصد ان يطبق القانون المقترح على النساء اليهوديات ويمنعن من ارتداء اللباس اليهودي الذي يغطي كامل اجسادهن".

وأضافت "يجب أن لا تتخلف اسرائيل في نضالها ضد البرقع عن فرنسا وبقية الدول الاوروبية, لذلك انوي فتح نقاش جماهيري حول الموضوع وتحويله إلى النقاش العام, وأريد ان تصدر عن الكنيست رسالة واضحة مفادها ان تغطية كامل جسد المرأة واخفاء وجهها لا علاقة له بالاحتشام وانما وبكل بساطة اهانة ومس شديد بجسد المرأة وبمكانتها وحقوقها اضافة الى سبب امني يستوجب منع النساء من اخفاء وجوههن".

وفي جاكرتا, رفض مجلس العلماء المسلمين (أكبر جهة اسلامية بأندونيسيا) خطة حكومتي بلجيكا وفرنسا بشأن حظر ارتداء البرقع.

وقال رئيس مجلس العلماء المسلمين أميدهان إن "الدولتين ستنتهكان حقوق المرأة في حال اصرارهما على حظر ارتداء البرقع", مشددا على ضرورة احترام الحريات الدينية.

وعلى صعيد متصل قالت صحيفة ألمانية ان وزير الداخلية الالماني رفض مطالب تدعو لفرض حظر على النقاب في الاماكن العامة وذلك بعد ايام من موافقة برلمان بلجيكا على حظر مماثل. وقال وزير الداخلية توماس دي مايتسيره لصحيفة لايبزجر فولكس تسايتونج اليومية ان الحديث عن حظر في ألمانيا "غير مناسب ومن ثم غير ضروري".

ودي مايتسيره عضو بالحزب الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي يحكم بائتلاف مع الحزب الديمقراطي الحر.

ويقيم في ألمانيا أكثر من أربعة ملايين مسلم وسوف تعقد "مؤتمرا عن الاسلام" في 17 مايو أيار يستهدف تعميق الفهم للعقيدة الاسلامية في البلاد.

غرامة لارتدائهن النقاب

وفي سابقة هي الاولى من نوعها حكم للمرة الاولى على مسلمة في ايطاليا بدفع غرامة قدرها 500 يورو لارتدائها النقاب، مخالفة بذلك أمرا اصدره رئيس بلدية نوفارا في شمال ايطاليا، كما اعلنت البلدية.

وقال مورو فرانتزينيلي رئيس الشرطة في بلدية نوفارو في بيمونتي معقل حزب رابطة الشمال المناهض للهجرة ان "شرطة البلدية سلمتها المحضر وعليها ان تدفع غرامة بقيمة 500 يورو. وهي المرة الاولى في ايطاليا على حد علمي". بحسب فرانس برس.

وكانت المسلمة التي تحمل الجنسية التونسية في الشارع مع زوجها امام مكتب بريد عندما حاولت دورية من الدرك التحقق من هويتها.

وكان في حوزة الزوج بطاقتي هوية له ولزوجته، لكنه رفض ان يفتش رجال زوجته، حتى وصلت دورية ثانية من شرطة البلدية كان بين عناصرها امرأة فأجرت التفتيش في نهاية المطاف.

واوضح فرانتزينيلي المسؤول المحلي عن رابطة الشمال ان "البلدية اقرت في نهاية كانون الثاني/يناير المذكرة التي تحظر البرقع في الاماكن العامة وعلى مقربة منها، ولقد اعتمدناها آخذين في الاعتبار تعليقات وزارة الداخلية التي ارسلنا اليها مشروع المذكرة". وتتضارب الاراء داخل الحكومة الايطالية حول حظر النقاب في البلاد.

وليس هناك قانون في ايطاليا خاص بالنقاب، غير ان قانونا صدر في 1975 ضمن "اجراءات حماية النظام العام" يحظر حجب الوجه بالكامل في الاماكن العامة، ما ينطبق على الحجاب كما على خوذات سائقي الدراجات النارية.

وقد تذرع رؤساء بلدية ينتمون الى رابطة الشمال بهذا النص في السابق لاصدار اوامر في بلدياتهم تحظر البرقع والنقاب والاستحمام بالملابس.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/أيار/2010 - 23/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م