استبداد الآباء+عجز الأبناء= أنظمة مستبدة

تحقيق: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعكف السيدة أمل ماضي الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل خلال اجتماعاتها الدورية مع بعض المجاميع النسوية على إيصال فكرتها التي تنم عن قناعتها الراسخة بتفشي ظاهرة استبداد الآباء في المجتمع، وضرورة مكافحتها عبر تضافر الجهود للتوعية بمساوئ تلك الظاهرة الخطيرة.

وتوضح السيدة ماضي لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "دائما ما نلحظ تلك الظاهرة في تعامل الآباء مع أبنائهم أو زوجاتهم، والتي يتوارثها الأبناء تدريجيا عبر ممارسة ذلك السلوك الخاطئ مع الإخوان الأصغر سنا أو الأصدقاء المقربين لهم في المدرسة أو محل سكناهم".

وترى ماضي، "المرأة العراقية أو الأم تحديدا تتشارك مع الأب في ظاهرة الاستبداد عندما تكون جاهلة بضرر تلك الظاهرة، أو من خلال تقبل ممارسة تلك الظاهرة تجاهها".

وتضيف، "يجمع علماء النفس والاجتماع على إن شخصية الإنسان وسلوكياته ترتبط ارتباط وثيقا في اغلب الأحيان بنوع وطبيعة نشأته العائلية. حيث تلعب الحياة الأسرية دورا رئيسيا في ذلك".

توارث السلوك

من جهته يقر احمد التميمي وهو أب لثلاثة أبناء إن طريقة تعامله مع أبنائه لا تخلو من الإجبار بعض الأحيان فيقول، "أحيانا افرض على أبنائي بعض الأشياء لكن غالبا ما تكون من باب الحرص والحذر على سلامتهم لا أكثر".

ويستشهد التميمي، "رغم منعي لهم لا أجد نفسي في معظم الأحيان مضطرا إلى توضيح سبب ذلك، اعتقد إنهم سيتفهمون الأمر عندما يكونوا آباء".

أما الأستاذ قحطان محسن فيرى إن تعامله مع أبنائه لا يختلف مع الأسلوب الذي نشأ عليه عندما كان طفلا حيث يقول، "لا اعتقد إن طريقة تربيتي لأبنائي كانت تختلف عن تربية والدي لي، فمنذ نعومة أظفاري وحتى الآن لا أجرؤ على مناقشة أبي أو مخالفته الرأي حتى إن كنت مصيبا في ذلك، سيما إنني نشأت على الطاعة والاحترام المطلق لوالدي".

ويسترسل محسن خلال حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، "أجد ذلك انعكس على أبنائي وأسلوب تربيتي لهم، رغم اختلاف الزمن والسلوكيات عن الوقت الحاضر". 

من جانبه حذر دكتور علم النفس في جامعة لندن حسون عبد اللطيف بلال من الآثار النفسية المترتبة من ظاهرة الاستبداد الأبوي، فيقول، "غالبا ما تفتقر علاقة الأب والابن في مجتمعنا لثقافة النقاش الحر والصريح، حيث يعاني الأبناء من التهميش ومصادرة الرأي والكبت أحيانا".

ويضيف بلال لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "اجتماع هذا السلوك مع العوامل البيئية المحيطة للطفل يسبب تراكم المشاعر السلبية لديه، والتي تترجم الى سلوك غير طبيعي في المستقبل".

الأثر المجتمعي

بدوره اعتبر الدكتور خالد العرداوي أستاذ القانون الدولي في جامعة كربلاء إن ظاهرة استبداد الآباء إحدى أكثر الظواهر السلبية المتفشية في اغلب المجتمعات الغربية وبدرجات متفاوتة وهي إحدى الأسباب الرئيسة لتأسيس النظم الديكتاتورية والمجتمعات الخانعة حيث يقول: نلحظ إن اغلب دول المنطقة تعاني من أنظمة مستبدة، تشكلت في سياق مجتمعاتها التي غالبا ما تكون هي السبب الرئيس لذلك دون شعور منها، بعد أن تتفشى في سلوكيات وثقافات أفراده.

ويوضح العرداوي، "إنها أشبه بسلسلة متصلة تبتدئ بالمواطن البسيط ثم المسئول والإداري والوزير وتنتهي بأعلى قمة الهرم السلطوي".

ويشير العرداوي لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "الاستبداد لا ينشأ بصورة عفوية، فهو ينطلق من رحم الأسر والمجتمعات، وغالبا ما يكون في مجتمعاتنا على هذا الحال".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيار/2010 - 21/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م