مصر وما أدراك ما مصر!

بعيدا عن السياسة

بشرى الخزرجي

تختار الأسرة المسلمة المقيمة في بلدان الهجرة الواسعة الدول العربية أو الإسلامية وجهة لها كلما قررت السفر ابتعادا عن دوامة الحياة ورتابتها، خيار هدفه الرئيس الاقتراب من العالم الإسلامي والتواصل الذي يحتاجه المغترب، يكون دافعه الخفي الحنين لأجواء الفوضى والضوضاء والسلوكيات الغير سليمة التي تشهدها مجتمعاتنا العربية والإسلامية...ممكن! سلوكيات تبدو غريبة عن البيئة العربية ملامحها جلية في الشارع والمرافق العامة، لا يرغب البعض الجهر بسوئها لأنها تفضح برأيهم ما الله ساتره، للأسف مجتمعات تعودت التبرير وإلقاء الأخطاء على الظروف والتسليم بواقع بلغت الكوارث الاجتماعية فيه مبلغها.

توجد ظواهر مرضية جمة يستشعرها قاصد العالم العربي، تتحمل الحكومات (المعتقة) الجزء الأعظم منها، عشت بنفسي جزئيات بعضها بعد أن نغصت ظاهرة اقتناص السائحين والتحايل عليهم عطلة الربيع المرجو منها إزاحة ما أمكن من متاعب الدنيا وبلائها، اخترنا (أم الدنيا) مصر العربية وجهة لنا وفرح الأولاد بالخيار، لم نشغل التفكير بما نقله الأصدقاء من قصص النصب التي تعرضوا لها، فقط بالفسحة والتغيير فكرنا، لنكتشف بدورنا ومنذ البداية بطلان شعار (مصر البيت بيتك) من المطار حتى مكان الإقامة الفندق الذي نزلنا فيه، ندفع مبالغ مالية خارج نطاق المألوف مش عارف ليه!.. من غير ليه تدفع مقابل أي شيء..بدون شيء، وشيء لزوم الشيء عبارة خطها بعض السائقين خلف مركباتهم، تعامل فريد من نوعه يستفز مشاعر الزائرين يُرتكب بمصر من حيث يشعرون أو لا يشعرون! يلقي بظلاله على قطاع السياحة عندهم حتما، حالة من الجشع اعترت النفوس الضعيفة.. وهنا لا أريد النظر بعين واحدة ولا أعمم! فمن (ضبطنا) ومكان إقامتنا بالقاهرة والإسكندرية صديقة الوالدة الحنون المصرية المغتربة بكندا السيدة نبيلة.

 على فكرة مفردة ضبطنا أو (حنضبطك يفندم ) هي عبارة تسمعها على طول الخط وعرضه، ما دمت بمصر، وأنت ماشٍ تواجه شبابا عاطلا، قد يكون خريج جامعة وصاحب شهادة عالية، المهم يرمي شباكه قاطعا طريقك يصيح: لحظة من فضلك! حضرتك فزت معانا بسيارة، شقة، لابتوب.. أنت وحظك! يضيقون عليك لا يتركونك تفلت منهم لزکة، يبيعونك الهواء بلا شبك! تكره على أثره الساعة التي نويت السفر بها، شركات وهمية منتشرة في شوارع المحروسة، سبب ظهورها يقولون الفقر والحاجة، بينما الفساد الأخلاقي والجشع الباحث عن الربح السريع وإن بطريق الحرام هو السبب.

إشارتي الأخيرة أذكرها ولن أفصل بعدها بحرف، قام بالنصب علينا ونحن على أعتاب برج القاهرة المحاط بعيون الشرطة المحلية! شخص عرف نفسه، موظف يعمل لحساب وزارة السياحة، وانه مخول بخدمة السائحين وتقديم تخفيضات رسوم دخول المناطق السياحية.. والباقي معروف، حقا أشفق لحال المصريين الغلابة ومن سكن بلدهم مضطرا من العراقيين واسألهم برأس الحسين الشريف كيف هم فاعلون؟ أمام مظاهر النصب والسرقة المتفشية لديهم، فالمشكلة ليست بالهينة، حذر الإعلام المصري من خطرها والتحقيقات المطولة في الصحافة لامست الضرر الذي تعرض له البعض، وذكرت قصة شاب قام بوضع نهاية لحياته بعد أن سرقت شركة وهمية (تحويشة) عمره... أشياء أخرى بجعبتي خليها على الله،.. أقول فقط: وهل يساويك يا عراق بلد!

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/أيار/2010 - 19/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م