الخادمات الآسيويات.. بين سندان الفقر ومطرقة الاستعباد

الانتحار أو الانتهاكات المنهجية بانتظار الخادمات في لبنان ودول الخليج

 

شبكة النبأ: تواجه الخادمات الآسيويات العاملات في الدول العربية مشاكل اجتماعية ونفسية تؤدي بهن إلى الهروب أو الانتحار في بعض الحالات، في ظل  ظروف عمل قاسية وعدم وجود قانون عمل في لبنان ودول الخليج، خاص بحماية هؤلاء النسوة اللاتي جرتهن ظروف الفقر على التغرب من اجل لقمة العيش.

وقد تنوعت هذه الانتهاكات بين الإهانة والضرب حتى الموت أو التجويع، فيما سجلت لبنان أعلى معدل لحوادث انتحار خادمات أو هروبهن.

انتهاكات منهجية

وأثارت موجة من حالات الانتحار بين خادمات المنازل الأجنبيات في لبنان، سخط منظمات حقوق الإنسان، التي قالت إن الحكومة لا تفعل شيئا لحماية العمال المهاجرين من الانتهاكات الخطيرة.

وعلى مدار سبعة أسابيع مضت، لقيت 10 خادمات على الأقل حتفهن، إما عن طريق شنق أنفسهن، أو القفز من فوق مبان شاهقة، منهن ستة قالت وسائل الإعلام المحلية إنهن انتحرن، وأربعة أخريات قيل إنهن تعرضن لحوادث "خلال العمل."

وأبلغت امرأة أثيوبية، وهي عاملة تنظيف تعمل في لبنان، شبكة ,وسائل إعلام  عبر الهاتف بأنها "تشعر بالحزن لحوادث الانتحار تلك وأن صديقتها انتحرت قبل عدة سنوات، عندما كانت خادمة في أحد المنازل."بحسب سي ان ان.

وقالت المرأة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، "إذا كانت ربة المنزل سيئة المعاملة.. فربما تشعر الخادمات بأن لا حلول (غير الانتحار).. إلا أن كل حالة لها ظروفها على حدة."

من جهته، قال نديم حوري الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن لبنان "شهد مؤخرا معدلات انتحار مرتفعة، إذ أن أهم سببين لوفاة العمال المهاجرين في ذلك البلد هما الانتحار أو الموت خلال محاولة الهروب من المخدومين."

وأضاف أن "هذا النمط (من الانتهاكات) مستمر.. فظروف العمل السيئة والعزلة والشعور بالعجز وقلة الحيلة كلها أسباب تؤدي على الإحباط والاكتئاب وتاليا تدفع هؤلاء النسوة إلى الانتحار."

وفي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، طالبت "هيومن رايتس ووتش" الحكومة اللبنانية بالتحقيق في وفاة 8  عاملات منازل في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2009، والتحقيق في أسباب هذه النسبة العالية من الوفيات في صفوف هذه الفئة من العمال.

وأشار بيان للمنظمة الحقوقية إلى إن هناك نحو 200 ألف عاملة منازل يعملن في لبنان، هن بالأساس من سريلانكا والفلبين وإثيوبيا.

خادمة مقتولة بمنزل سفير لبناني

وأعلنت الشرطة في فيينا مؤخرا العثور في الطابق السفلي من منزل السفير اللبناني في النمسا قزحيا الخوري على جثة خادمة فيليبينية قتلت طعنا بالسكين. بحسب فرانس برس.

وأوضحت الشرطة إن تحقيقا فتح وتبين إن الضحية البالغة الثلاثين من العمر تعرضت لطعنات عدة من سكين. وأن طباخة تعمل في منزل السفير عثرت على الجثة، وحينها لم يكن السفير موجودا في منزله لدى وقوع الحادث وهو في إجازة منذ أيام عدة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية بيتر لونسكي تيفنتال إن السفارة اللبنانية أبلغت الشرطة بالأمر وسمحت لها بدخول المنزل للكشف على مكان الحادث.

حقوق الإنسان الضائعة

عُلِّقت لافتة في مدخل مبنى متواضع بحي الدورة المزدحم في شمال بيروت كتب عليها "لاكسيثا" أي الحياة الكريمة باللغة السنهالية التي يتحدثها سكان سريلانكا.

وفي داخل المبنى تقيم عشرات النساء والفتيات اللاتي قدمن إلى لبنان من سريلانكا وبنجلادش ونيبال ثم لجأن إلى هنا هربا من إساءات مخدوميهن في انتظار نهاية لمحنتهن أما بالعودة إلى بلادهن أو بالعثور على بيت أفضل للعمل فيه في لبنان.

ويقيم زهاء 200 ألف أجنبي في لبنان يعملون بالخدمة في المنازل معظمهم نساء جئن من إفريقيا واسيا. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن الكثير منهن يتعرضن لاعتداءات جسدية أو جنسية وان أخريات يحرمن من أبسط الحقوق ومنها الراحة الأسبوعية. بحسب رويترز.

وذكرت خادمة من بنجلادش أنها عملت في ثلاثة منازل خلال عامين ولم تحصل على أي أجر. وقالت باكية إن رب عملها حرمها من راتبها الشهري الذي يبلغ مئة دولار وكان يضربها إذا طلبته منه. وأضافت إنها كانت بالكاد تحصل على طعام يقيم أودها ولا تنام إلا قليلا.

وقالت خادمة أخرى من نيبال إنها تعرضت لاعتداء جنسي من ابن الأسرة التي كانت تعمل لديها وتعرضت للضرب حين استغاثت وعندما لجأت إلى الشرطة أعادتها إلى مخدوميها.

وأضافت مشترطة أيضا عدم ذكر اسمها إن سيدة المنزل ضربتها وتعرضت لتحرش جنسي من سيد المنزل. وأضافت "ذهبت إلى الشرطة لكن السيد جاء يأخذني."

من جهتها ذكرت نجلا شهدا التي تدير مركزا لإيواء العاملات الأجنبيات أنشأته جمعية كاريتاس الخيرية غير الحكومية إن المشاكل التي تتعرض لها كثير من الخادمات الأجنبيات في لبنان ترجع إلى عدم وجود قانون يحفظ حقوقهن ويحدد واجباتهن.

ويبحث المركز حالات الخادمات الأجنبيات الهاربات مع القضاء والشرطة. ولا تستطيع كثيرات منهن العودة إلى بلادهن لان جوازات سفرهن صادرها أرباب عملهن أو لان أرباب العمل قدموا شكاوى إلى الشرطة الأمر الذي يؤدي إلى منعهن من مغادرة لبنان لحين البت في الشكاوى.

وعلى صعيد ذي صلة جاء في تقرير صدر عام 2009 عن منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان إن خادمة أجنبية تلاقي حتفها في لبنان أسبوعيا في ظروف غير واضحة. وتنتحر كثيرات منهن أو يلاقين حتفهن أثناء محاولة الهرب. ودعا نديم حوري المتحدث باسم هيومان رايتس ووتش في لبنان الحكومة إلى سن قانون لتحسين أوضاع العمال الأجانب في لبنان.

احتجاج على سوء المعاملة

إلى ذلك بدأت خادمات المنازل الأجنبيات في لبنان إسماع أصواتهن للسلطات القضائية شيئا فشيئا لشرح ما تتعرضن له من ضرب وإذلال وحتى حرمان من الطعام، وفي بعض الحالات يسجلن فوزا.

الكثير من هوءلاء الخادمات يعاملن معاملة حسنة في المنازل فيما تتم معاملة أخريات معاملة "العبيد" مما دفع بدول مثل إثيوبيا والفيليبين ومدغشقر إلى منع رعاياها من السفر للعمل في بلاد الأرز.

نندا مواطنة سريلانكية في الثانية والعشرين من عمرها وصلت إلى لبنان عام 2009. وقد تشجعت مؤخرا وتقدمت بشكوى ضد مسؤول في مكتب الاستخدام التي استقدمها لأنه ضربها.

وتقول نندا " كنت اشعر دائما بالجوع، فخلال الشهرين الأولين كانت ربة المنزل تعطيني كسرة خبز يوميا فقط، وأحيانا بعض فضلات الأطعمة".

وتتذكر هذه الفتاة السمراء المقيمة في مقر رعاية الأجانب عند منظمة كاريتاس لبنان "كانت تقول لي أنت سمينة ولا يجب أن تاكلي كثيرا". وتهتم كاريتاس برعاية الخادمات اللواتي يتعرضن للاستغلال واللاجئين وطالبي اللجوء. بحسب فرانس برس.

وقعت منذ كانون الثاني/يناير عام 2005 اتفاقا مع جهاز الأمن العام يسمح لها باستضافة الخادمات اللواتي يتعرضن لسوء المعاملة في ملجأ حيث تقدم لهن المساعدة الطبية والقانونية. وأسوة بنحو مائتي ألف خادمة أجنبية تعمل في لبنان، حجزت ربة المنزل جواز سفر نندا التي تعمل سبعة أيام في الأسبوع.

وتضيف نندا "كنت ابدأ العمل في الخامسة والنصف صباحا ولا أتوقف إلا عند منتصف الليل بدون احتساب أي ساعات إضافية" رغم إن عقد العمل الذي وقعته ينص على ثماني ساعات عمل يوميا وعلى راتب شهري بمعدل 180 دولار.

"لم تسمح لي بالاتصال مرة واحدة بعائلتي"، تقول باسى نندا وهي أم لطفلة في الثامنة من عمرها تركتها مع والدها الجندي في سريلانكا. كما كان أبناء ربة المنزل الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والثانية عشرة يضربون خادمتهم عندما لا تستجيب لنزواتهم.

في هذا المنزل تعرضت نندا بانتظام للإساءة والإذلال اللفظي. وتقول وقد اغرورقت عيناها بالدموع "لم أكن افهم اللغة العربية وكانوا غالبا ما ينعتونني بانني عاهرة وهذا ما فهمته بعد فترة".

حاولت ننداى عبثا استعادة جواز سفرها. وعندما استدعاها مكتب الاستخدام تلقت فقط صفعة على وجهها من ربة المنزل. أرسلت نندا إلى منزل آخر لكن سيدته كانت "عنيفة" فهربت، ثم عثر عليها مكتب الاستخدام ولمعاقبتها انهال عليها احد الموظفين بالضرب بعصا من الخشب.

لجأت إلى كاريتاس وكانت البقع الزرقاء تغطي جسدها وقررت تقديم شكوى ضد الموظف الذي ضربها. وتقول ديما حداد المساعدة الاجتماعية في كاريتاس حيث ينكب سبعة محامين على تقديم المشورة القانونية "نأمل بان يستمع القضاء لشكواها".

كويتية تقتل خادمتها

وعلى صعيد ذي صلة حكمت محكمة الاستئناف الكويتية على مواطنة بالسجن سبع سنوات بتهمة ضرب خادمتها الأسيوية وتركها تعاني عشر ساعات في الحمام قبل أن تفارق الحياة.

وكانت محكمة البداية حكمت على الكويتية بالسجن 15 عاما مع الإشغال إذ إدانتها بتهمة "القتل العمد"، إلا إن محكمة الاستئناف برأتها من هذه التهمة وحاكمتها بتهمة ضرب أفضى إلى الموت.

وبحسب صحيفة الوطن الكويتية، انهالت المتهمة على خادمتها بالضرب بواسطة "عصا حديدية وأخرى خشبية" ودفعتها حتى ارتطم رأسها بحوض الحمام. وأضافت الصحيفة إن المتهمة تركت خادمتها "عاجزة عن الحركة قرابة عشر ساعات دون أن تتداركها بالعلاج حتى توفيت".

ويعمل حوالي 600 ألف آسيوي كخدام منازل في الكويت وغالبا ما تشير تقارير إلى أن بعضهم يشتكون من سوء المعاملة وعدم دفع رواتبهم فضلا عن ظروف عمل صعبة للغاية. ويلجأ بعضهم أحيانا إلى سفارات بلادهم.

من جهتها قالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلي مؤخرا في السعودية انه "غالبا ما يتعرض العديد من المهاجرين" إلى دول الخليج حيث يعيش 12 مليون أجنبي، "للتمييز والعنف والاستغلال وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان".

وأشارت أيضا إلى "إن وضع عاملات المنازل المهاجرات مقلق بصفة خاصة بسبب عزلهن داخل حرمة المنازل ما يجعلهن أكثر عرضة للعنف الجسدي والنفسي والجنسي. وقد يتعرضن أيضا لظروف معيشية وعمل غير لائقين وانتهاكات لحقوقهن الصحية".

انتحار في تايوان

وفي تايوان ذكرت صحيفة "يونايتد" أن واصية (30 عاما) قفزت من شرفة شقة مخدومها التايواني بعدما تلقت مكالمة هاتفية من زوجها الذي يقيم في إندونيسيا.

ونقلت الصحيفة عن الشقيقة الصغرى للمخدوم والتي كانت تستخدم جهاز الكمبيوتر في حجرة المعيشة وقت وقوع الحادث القول:" تشاجرت (الخادمة) مع زوجها عبر الهاتف. وعندما انتهت من المكالمة الهاتفية، انطلقت إلى الشرفة وسمعت صوت قيئ. رأيتها على وشك القفز وهرعت إلى الشرفة لمنعها ولكن الوقت كان قد فات".

وقالت إنها لا تعلم سبب الشجار لأن واصية كانت تتحدث بالإندونيسية "ولكنها كانت تصيح في حديثها عبر الهاتف"، وسقطت واصية على سيارة متوقفة ما أسفر عن تهشم زجاج النافذة الخلفية للسيارة، ثم تدحرجت لتسقط على الأرض. ونقلت إلى مستشفى جون إي ولكنها توفيت متأثرة بجروحها.

وكانت الخادمة قد جاءت إلى تايوان في أبريل للعمل لدى أسرة تايوانية عن طريق مكتب لتوفير العمالة, واستبعدت الشرطة وجود عمل إجرامي وراء الحادث وأبلغت أسرة الخادمة في إندونيسيا.

خادمات في قفص الاتهام  

وفي السعودية تقضي خادمة من شرق آسيا عقوبة السجن فيما تنتظرها 200 جلدة لخلط بولها في طعام أسرة سعودية تعمل لديهم وممارستها لأعمال السحر.

وقد أصدرت المحكمة الجزئية في محافظة جدة غرب البلاد حكما بسجن الخادمة عقب ادانتها وجلدها 200 جلده اثر وضعها بولها وخلطه مع الأكل الذي تقوم بإعداده وطبخه يوميا للأسرة التي تعمل لديها.

وقالت صحيفة “المدينة” التي نشرت الخبر أن أحد المواطنين قدم للشرطة شكوى ضد خادمته الآسيوية يتهمها بأنها تمارس أعمال سحر لأفراد أسرته وتضع فضلاتها على الأطعمة التي تقدمها للأسرة.

وأثبتت التحقيقات مع الخادمة أنها كانت تضع قذارتها على الأكل الذي تقدمه لأسرة كفيلها نتيجة لحقدها عليهم من المعاملة السيئة نافية نيتها بذلك القيام بأعمال سحرية.

وعلى اثر اعترف الخادمة بجرمها تم إحالة القضية إلى المحكمة الجزئية في جدة حيث اصدر ناظر القضية حكمه ضد الخادمة بالسجن سنة وجلدها 200 جلدة، وأبدت الخادمة قناعتها بالحكم وتقرر إحالتها لجهة الاختصاص لتنفيذ الحكم.

من جهتها ضبطت وزارة الداخلية الإماراتية خلال حملات متلاحقة ألفا و94 خادمة هاربة في ابوظبي والعين والشارقة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وذلك وفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإماراتية.

وأكد اللواء ناصر ألعوضي المنهالي الوكيل المساعد لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ بالإنابة في وزارة الداخلية في تصريح له على استمرار حملات ضبط الخادمات المخالفات وجميع المخالفين والمتسللين ومن يقوم بإيوائهم وتقديمهم إلى العدالة.

وأضاف أن الداخلية تنسّق حالياً مع سفارات وقنصليات الدول التي ينتمين إليهن الخادمات لدى الدولة وهن من الجنسيات الآسيوية من أجل تسهيل إجراءات ترحيلهن إلى أوطانهن أولاً بأول لافتاً إلى تعاون تلك السفارات والقنصليات مع الوزارة بشكل كبير لإنهاء الإجراءات في أسرع وقت ممكن.

من جانبه أعلن العقيد سعيد بن راكان الراشدي مدير إدارة متابعة المخالفين والأجانب التابعة لشؤون الجنسية والإقامة والمنافذ في وزارة الداخلية أن فرق التفتيش ضبطت في أبوظبي خلال الأشهر الأربعة الأولى تقريباً من العام الجاري 582 خادمة هربت من كفيلها و242 خادمة هاربة في العين و270 خادمة في الشارقة أي بإجمالي ألفاً و94 خادمة هاربة على مستوى الأمارات . بحسب فر انس برس.

وأكد أن ضبط هذا العدد من الخادمات خلال هذه الفترة الزمنية يعتبر مؤشرا على بقايا ظاهرة هروب الخدم وأن حملات التفتيش الدورية ستبقى مستمرة للقضاء عليها وعلى من يقوم بإيوائهم أو تشغيلهم داعياً المواطنين والمقيمين إلى الإبلاغ عن المتسللين والمخالفين عن طريق الاتصال على رقم ساهم المجاني 80080 على مدى 24 ساعة متوقعاً أن تختفي هذه الظاهرة أو تقل نسبتها بعد تعاون جميع أفراد المجتمع مع المؤسسة الشرطية وصولاً لأمن وسلامة المجتمع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/أيار/2010 - 19/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م