أزمة تشكيل الحكومة تفرخ أزمات أكبر

جهات تسعى للتدويل وأخرى ترفض التنازل

 

شبكة النبأ: انتقد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي منافسه الرئيسي في الانتخابات غير الحاسمة التي أجريت الشهر الماضي اياد علاوي لرغبته في التدخل الخارجي واستنكر ما أسماها برغبة القوى الاجنبية في شن انقلاب عن طريق صناديق الاقتراع.

وأضافت تصريحات المالكي الغاضبة المزيد الى الازمة السياسية التي تزايدت بسبب محاولات الجماعات الشيعية ومن بينها الائتلاف الذي يتزعمه المالكي لقلب التقدم بفارق بسيط الذي حققته قائمة العراقية متعددة الطوائف والتي حصلت على دعم السنة في انتخابات السابع من مارس اذار.

ودعت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي السابق علاوي هذا الاسبوع الى انشاء حكومة مؤقتة تحت رقابة دولية بعد أن هدد قرار اعادة الفرز في بغداد ومحاولة تنحية مرشحين عنها تقدمها في الانتخابات بفارق مقعدين.

واتهمت القائمة العراقية حكومة المالكي التي يقودها الشيعة بمحاولة تهميشها وقالت ان على المجتمع الدولي أن ينظم انتخابات جديدة.

وأدى التوتر السياسي والطريق المسدود بعد الانتخابات الى ترك استقرار العراق الهش في مهب هجمات المسلحين. وأدت تفجيرات في نقاط تفتيش أمنية ومحل للخمور وفي بعض المناطق الشيعية في بغداد الى مقتل العشرات الاسبوع الماضي. وقال المالكي يوم الجمعة ان موقف القائمة العراقية سيضر بسيادة العراق. بحسب رويترز.

وقال المالكي في مدينة كربلاء المقدسة عند الشيعة "هذا يعطينا وضوحاً أن هناك مشروعاً اقليمياً دولياً أراد أن يحدث انقلاباً عبر صناديق الانتخابات ولماذا هذه الضجة والاصطفاف والشكوى والبكاء والتباكي في العالم لاعادة عملية العد والفرز."

وكان العديد من العراقيين يأملون أن تساعد الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي على تحقيق الاستقرار في بلدهم الذي دمرته الحرب وتساعده على التحرك لاعادة البناء بعد سنوات من الحرب والعنف الطائفي الذي اندلع بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.

وقال المالكي خلال كلمته التي ابتدأها بدعوة المجتمع الدولي الى عدم التدخل في قرار اعادة العد والفرز، إن “ضجة كبيرة حصلت عندما تقرر اعادة عد وفرز الاصوات، وهو شأن عراقي داخلي”، معتبرا ان المواقف التي اعقبت صدور القرار هو “ضجة كبرى ضد القضاء العراقي، وضد ارادة القوى السياسية التي قدمت طعونها فيما يتعلق بنتائج الانتخابات”، متسائلا “لماذا لم تحدث ضجة مثل هذه عندما اعيد عد الاصوات في الولايات المتحدة”، قبل عشرة اعوام تقريبا.

ودعا المالكي “الشعب العراقي، الى رفض تدخل الآخرين بشؤونه الداخلية”، مضيفا “لن يكون لأي أحد “خارج العراق دور في تشكيل الحكومة العراق، ويجب احترام ارادة العراق وسيادته”.

واعتبر المالكي أن ما وصفه بـ”المشروع الاقليمي للانقلاب ضد الانتخابات العراقية”، سببه بعض المسؤولين العراقيين، متابعا “لماذا هذه الشكوى والبكاء من قبل البعض (…) ماذا يعني أن تذهب الوفود الى الدول العربية ليقولوا لهم أنقذونا”، متابعا أن “هنالك خطرا على مستقبل العراق (…) والأخطر من هذا انهم يتحدثون عن اعادة العراق الى المربع الاول، فأين ذهبت الوطنية”.

وكشف المالكي اثناء كلمته أنه تعرض للاغراء والتهديد ايضا، من قبل جهات لم يسمها، وقال إن “البعض قالوا لنا: سنقصف المنطقة الخصراء بالصواريخ اذا تم اعادة فرز الاصوات”، مضيفا ان هذا يعني “اننا وضعنا الاصبع على الجرح حينما قلنا أن هنالك تلاعبا في النتائج”.

العراقية تدعو لتشكيل حكومة مؤقتة

ومن جانبها دعت الكتلة العراقية التي تصدرت نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة، المجتمع الدولي الى الاشراف على تشكيل حكومة تصريف اعمال واعادة الانتخابات لحماية العملية السياسية من الانحراف.

واكدت الكتلة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي في بيان بعد اجتماع "بحكم كون العراق تحت طائلة الفصل السابع فان العراقية تدرس خيار اللجوء الى مطالبة المجتمع الدولي والدول دائمة العضوية في مجلس الامن والاتحاد الاوروبي ومنظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية بممارسة مسؤولياتهم القانونية والاخلاقية لحماية العملية السياسية من الانحراف عبر تشكيل حكومة تصريف اعمال واعادة الانتخابات في اجواء بعيدة عن الضغوط التي تمارسها بعض القوى السياسية النافذة".

وكانت الهيئة القضائية قررت شطب نتائج 52 مرشحا في الانتخابات التي جرت في السابع من مارس/اذار الماضي لارتباطهم بحزب البعث، بينهم 22 من القائمة العراقية ومنهم مرشحا فازا واحد، فيما ينتظر عرض ملفات تسعة مرشحين فاز ستة منهم من القائمة العراقية على الهيئة القضائية.

وقالت الكتلة انها قررت "توجيه رسالة الى رئيس مجلس القضاء الاعلى تنبه فيها الى ضرورة التدخل لحماية القضاء العراقي من الضغوط السياسية لما يؤدي ذلك من انعكاسات خطيرة على الاستقرار السياسي للبلاد".

كما دعا البيان "الجهات المسؤولة الى ايقاف كل الاجراءات التي تستهدف تحريف نتائج الانتخابات وسرقة اصوات الناخبين من خلال التصفيات السياسية والاعتقالات والدعاوى الكيدية التي تطال مرشحي وجمهور القائمة العراقية". وطالبت الكتلة "بالافراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفيات سياسية".

مجلس الرئاسة يتصدى للأزمة

وأعلن طارق الهاشمي، النائب السني للرئيس العراقي، جلال الطالباني، أن مجلس الرئاسة الذي يضمهما، إلى جانب نائب الرئيس الشيعي، عادل عبدالمهدي، سيعقد قريبا اجتماعا عاجلا لبحث تداعيات العملية الانتخابية في البلاد، خاصة وأن طالباني رحب بالدعوة.

وتأتي الخطوة وسط تصاعد لهجة الخطاب السياسي في البلاد، بعد دعوة أياد علاوي، رئيس الوزراء السابق وزعيم كتلة "العراقية" المهددة بفقدان تفوقها العددي، المجتمع الدولي للتدخل ضد القرارات التي تطال كتلته، ووضع زعيم الكتلة المنافسة، رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، خطوة خصومه في إطار المؤامرة الخارجية.

وذكر الهاشمي أن طالباني رحب بالاجتماع الرامي إلى "تدارك التدهور السياسي الذي شهدته الساحة العراقية بعد إعلان نتائج الانتخابات العامة في البلاد،" واتخاذ الإجراءات اللازمة في إطار الصلاحيات الدستورية للمجلس من أجل تجاوز الأزمة الحالية التي تنعكس على الأمن والاستقرار في العراق.

وجاء في رسالة الهاشمي التي نشرها على موقعه: "الأمر يتطلب موقفا حازما وواضحا في ضوء المادة 67 من الدستور يتصدى للقرارات غير الدستورية وغير القانونية التي أصدرتها أو تنوي إصدارها هيئة المساءلة والعدالة في بيان رسمي يصدره المجلس، بعد أن تأكد للجميع أن هذه القرارات مصدر إرباك وقلق للجميع وأن الهيئة تجاوزت كل الحدود."وتوقع الهاشمي في بيانه أن يحصل الاجتماع الاثنين، لإتاحة الفرصة من أجل وصول طالباني لبغداد

بدء إعادة فرز الأصوات في بغداد

وفي هذه الأثناء قال مسئولون أن إعادة فرز الأصوات في بغداد ستبدأ الاثنين وربما تستغرق ثلاثة أسابيع وهو ما يمثل تأجيلا جديدا لتشكيل حكومة عراقية جديدة في الوقت الذي تتأهب فيه القوات الامريكية للانسحاب من العراق.

وتتزايد حالة التوتر الطائفي بعد ما يقرب من شهرين من الانتخابات التي أجريت في السابع من مارس اذار حيث تسعى الفصائل الشيعية بما فيها الكتلة التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى قلب الفوز بفارق مقعدين الذي حققته القائمة العراقية متعددة الطوائف والتي يدعمها السنة.

وأجلت اعادة الفرز في العاصمة اقرار نتيجة الانتخابات وأدت الى فترة مطولة من غياب اليقين السياسي مما يرفع المخاوف لدى المسؤولين الامريكيين بينما يستعد الجيش الامريكي لانهاء العمليات القتالية في أغسطس اب.

وقد يؤدي أي تغيير كبير في النتيجة الى اثارة غضب السنة وربما أدى أيضا الى اثارة العنف في العراق الذي يحاول انهاء سنوات من اراقة الدماء التي بدأت بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للإطاحة بالدكتاتور السابق صدام حسين.

وقالت حمدية الحسيني عضو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان اعادة الفرز يدويا لاكثر من 2.5 مليون بطاقة انتخابية في بغداد والتي تمثل ما يزيد عن خمس مقاعد البرلمان الذي يبلغ عدد مقاعده 325 مقعدا ستتضمن أيضا أصوات العراقيين بالخارج والجيش والشرطة والمسجونين والمرضى.

وقالت الحسيني إن يوم الاثنين تحدد لبداية اعادة الفرز وان التقديرات تشير الى أن الامر سيستغرق بين أسبوعين وثلاثة أسابيع ولكن هذه التقديرات ليست ثابتة.

وقال فرج الحيدري رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان مراقبين من الامم المتحدة ومن الاتحاد الاوروبي لديهم استعداد لتقديم المشورة للمفوضية خلال عملية اعادة الفرز.

وكان الكثير من العراقيين يأملون بأن تساعد الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي على تحسين الامن وتحقيق الاستقرار في بلدهم الذي دمرته الحرب بعد سنوات من هجمات المتمردين والعنف الطائفي.

لكن الانتخابات التي لم تسفر عن فائز واضح تركت البلاد في فراغ سياسي في الوقت الذي تحاول فيها التحالفات الشيعية والتحالفات التي يدعمها السنة والتحالفات السياسية للاكراد التفاوض من أجل تشكيل تحالفات تسمح لهم بتشكيل حكومة.

مقرّب من الصدر: المالكي سيخسر مقعدين

ومن جهة أخرى صرح نائب عراقي عن التيار الصدري بأن رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته نوري المالكي سيخسر مقعدين بعد إعادة عملية عد وفرز الأصوات يدويا في بغداد المقرر إجرائها الأسبوع المقبل بناء على طلب محكمة التمييز.

وقال بهاء الأعرجي عضو التيار الصدري في تصريح لصحيفة "البينة الجديدة" إن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي سيخسر مقعدين بإعادة فرز الأصوات وعدها يدويا عكس التوقعات بالحصول على مقاعد إضافية.

ورأى أن "مطالبة الحكومة العراقية بإجراء عملية الفرز والاجتثاث ما هي إلا أوراق ضغط يستخدمها المالكي وائتلاف دولة القانون لتامين استمراره بالحكم أكثر وأكثر وجعل القوائم الأخرى تشعر بالملل وتتخلى عن مطالبتها بحكومة شراكة وطنية".

وقال إن "العراق يتجه نحو الهاوية نتيجة تخبطات دولة القانون التي تدخل من باب الفوضى وجعل جميع السياسيين يشعرون بالحرج والممل من طروحاتهم ويبقى الباب متاحا له فقط دون غيره".

وكان المدير التنفيذي لـ "هيئة المسألة والعدالة في العراق" علي اللامي قد أعلن أن المحكمة التمييزية تنظر في ملفات تسعة مرشحين فائزين في الانتخابات لشمولهم بإجراءات هيئة المسالة والعدالة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/أيار/2010 - 18/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م