محاضرة حول السيف والمنجل

مازن الأشقر

في جدول لمحاضرات اليوم لتلميذ نجيب، إنهمك على كتبه وكراساته، يلتهمهم واحدة تلو الآخرى، توقف ليستعين بجهاز تسجيل محاضرات اليوم، عله يستذكر ما قد نساه قلمه من التدوين.

 كانت المحاضرة الاولى، حول الثورة الديمقراطية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، فإستمع التلميذ للمعلم عبر جهاز التسجيل، وهو يرتل آية الثورة تحت الاحتلال، أيها التلاميذ، من واجبات الشعوب الواقعة تحت الاحتلال وليس من حقوق هذه الشعوب فقط،.

 أن تناضل مرتين وفقا لمقاييس التوازي وليس للأولوية، أن تناضل ضد الاحتلال ومن أجل تحقيق الاستقلال، وأن تناضل من اجل الديمقراطية واحترام مبادئ وقيم الديمقراطين في ميادين الثورة ضد الاحتلال،...(ديمقراطية البنادق- أبو عمار).

 وعليه ان مبدأ التأجيل للديمقراطية على أمل تحقيق الاستقلال أولاً، لهوامر يعمل على تعزيز الاستغلال الثوري، من خلال خلق طبقة فاسدة تُحسن استغلال الشعوب الواقعة تحت الاحتلال بواسطة ترنيم مفردات ثورية ومصطلحات نضالية تُقتبس من قاموس الثورة والثوار، وكذلك تستعير هذه الطبقة النضال شكليا عن هذه الشعوب، وتحاول امتصاص اي حراك شعبي للتعبير عن مرارة الاحتلال، وتُجسد واقع الدراكولا في امتصاص دماء هذه الشعوب.

واستمع التلميذ للمحاضرة الثانية حول حقوق المرأة الواقعة تحت الاحتلال،

 وفي مداخلة لاحدى التلميذات، قالت: مبدأ التأجيل مرفوض البته في منح الرجال المرأة كافة حقوقها غير مجتزئة، فلا استغلال للمرأة قبل الاستقلال، كالحديث عن ان النضال من اجل حقوق المرأة لهو أمر هامشي في سلم اولويات النضال الثوري للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وأكدت التلميذة بأن المعادلة طردية وليست عكسية في اتجاه التحرر الوطني، فلا تضطرونا أيها الرجال ان نناضل ضد تعسفكم اولا، ثم نناضل ضد الاحتلال،

 فالمرأة تؤام الرجل في الحقوق والواجبات....(روزا لوكسمبورج)

في محاضرة ثالثة حول بناء الدولة المؤساستية،

 أستمع التلميذ للمعلم وهو يجادل كبيزنطي آبان تدمير القسطنطنية، أيهما يستحق منا الاهتمام، وطن مُحرر او مؤسسات وطنية تتمتع بقيم النزاهة والشفافية،

تلميذ يجيب المعلم، أيها المعلم: قدرات وقوة الاحتلال تُمكنه من تعطيب بناء المؤسسات قبل التحرر، وفقا لمقاييس رغباته ونزواته، فالأجدر بنا التحرر وبناء وطن حُر، بدلا من مؤسسات تتمتع بقيم النزاهة والشفافية،

تلميذة آخرى:

 المؤسسات الوطنية في ظل الاحتلال هي مؤسسات غير وطنية، لأنها تخضع لمعايير التبعية للاحتلال، ليخرج الاحتلال من ديارنا اولا، ثم تكون الدولة، ثم تتشكل لاحقا مؤسساتها، استوقفها المعلم، تبعية للاحتلال، وهل ثوار الامس ممكن أن يتآمروا مع الاحتلال ضد شعوبهم، ملامح وجهك تشير الى.... ( المنبوذون في الارض-فرانز فانون)

وتتداخل في جدل الحوار تلميذ آخر، ليقول: ما هذه الطوباوية أيها المعلم، هل نتفرغ جميعا للكفاح ضد الاحتلال،لُيهلك الحرث والنسل، فلا طاقة لنا بجالوت وجنوده،  لو كانت روح توماس مور بيننا لقال: انكم حالمون، وادوات الاشتراكية الطوباوية في اليوتوبيا لا تصلح جميعها لتحرر عقولكم  قبل اوطانكم ايها الشعوب المقهورة،

محاضرة رابعة ثقافة السجن وادوات التغلُب على الاحتلال

استمع التلميذ للمعلم عبر جهاز التسجيل، وهويقول: من تجربتي بالاعتقال،

 كان هناك ما يسمى بشاويش الغرفة، وهويعمل على تنظيم احتياجات المعتقلين، وتوزيع المهام والواجبات عليهم، مثل النظافة والطهى والتثقيف السياسي.،...(مشيل فوكو)

أيها التلاميذ: يا لهو من نظام للاسرى داخل منظومة الاحتلال، ماذا لو لم يوجد نظام داخل السجن للاسرى، هل سُيمنح السجان الهدوء والطمأنية، لأن الجميع في غياهب السجن لهم لوائحهم الداخلية لتحفظ سكينتهم وهدوئهم او ربما تشكل لهم ثغرة داخل جدران السجن، يتنفسون منها عبيق جزء من الحرية، لو كسرت الالواح كما كسر موسى ألواحه عند قوم اسرائيل، ماذا يعم السجن، انها الفوضى، والفوضى في السجن تكن محمودة، لانها تتجه دوما ضد السجان، فلتحطم الانظمة والقوانين ولتكن فوضى عارمة تدفع الثورة قدما للامام في اتجاه كسر القيد وفقدان الخيمة، ( حكيم الثورة الفلسطينية-جورج حبش)

محاضرة خامسة، حول آلية الصراع الطبقي في ظل الاحتلال

فاحت رائحة الماركسية من فم احد التلاميذ، عندما قال: ان التناحر الطبقي ما بين الطبقة المُهيمنة والطبقة الكادحة، يتداخل فيه طبقة منتفعة ثالثة، تحاول دوما تحقيق بعض الانجازات لصالح الطبقة الكادحة كهدية ومنحة من الطبقة المُهيمنة، فهي طبقة تتوسط لتتوسم بلون الوسطية فهي مثل الطير الذي يضع بيضه في عش الاخرين ليرفع عن نفسه آلام مخاض الولادة، مثل نقابات العمال في اوروبا التاسعة عشر، بدلا من سيطرة العمال على الحكم في البلاد المتقدمة صناعيا، وقفت النقابات حائلا بينها وبين وصولها للحكم، مفترضة زورا بأنها قادرة على تحقيق مطالب العمال من رفع الاجور وتقليص ساعات العمل، مما هبط من عزيمة العمال المضطهدين، فعوضا عن ثورتهم الحقيقية لجئوا الى استجداء أرباب العمل عبر الملهاة النقابية، فكانت النقابات كالجامعة العربية للعرب، آخر اختراعات البرجوازية والاستعمار.(الهستدروت-الدفاع عن حقوق العمال العرب)

استمع التلميذ للمعلم في المحاضرة الاخيرة، يُفند نظرية الفوضى البناءة

أيها التلاميذ: الحق الحق أقول لكم، نظرية الفوضى البناءة هي الازعاج الحقيقي لإسرائيل، فأضعف الايمان هو ازعاج اسرائيل، وليس الثورة اوالحرب عليها، فهي تمارس وجوه مستحدثة من أوجه الاحتلال، فتترك غزة وشاويش غرفة السجن يضع أنظمتها وقوانينها ويمارس سلطته الوهمية داخل اطار الاحتلال الحقيقي، فتهيج كالدب من سباتها لتلطم شمال غزة بجنوبها بوسطها، غير مكترثة بالسجناء وشاويشهم، وتنقض كالطير الكاسر من حين لغرة على غزة دونما تحريك ساكن لعربي فهي اقليم معادي، يخضع لقوانين الحرب بدون اتفاقية جنيف الثالثة، فلا مدنيين بغزة ما دامت اقليم معادي لإسرائيل.

في الضفة الفلسطينية، تتلو اسرائيل مزمورا من التوراة بدلا آية الثورة، تعالوا نكسر سيوفنا لنصنع منها مناجل نحصد أرضكم، لماذا يا عيزرا يا من كتبت التوراة تريدنا ان نكسر سيوفنا، نزرع من أجلكم ونحصد من أجلكم، نبنى مؤسساتنا او نبني مؤسساتكم، احتلال مع مرتبة الشرف، نعم تفوقت ايها الاحتلال الاسرائيلي على كافة نماذج الاحتلال العشريني والحادي والعشريني، فما دامت نظرية التبعية المجحفة  للاقتصاد الوطني والتنسيق الوطني، فلن تطل لنا هامات ولن ننظر الى السماوات لان حشراتكم تُغطى سمائنا الوطنية،

فورب موسى كاسر الالواح، ورب عيزرا مدون التوراة، ورب هيوشع بن نون قاذف المقلاع، لن نتخلى عن محراب سيوفنا، وسنحمل سيوفنا بيد، لنحمل باليد الاخرى مناجلنا، هذه نظرية الختيار.(غصن الزيتون والبندقية)

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/نيسان/2010 - 11/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م