المنطقة الخضراء

من قاموس السياسة العراقي المعاصر

حيدر الجراح

وصفها البعض من كتاب الاعراب بالنجاسة، وقارنوها بمدينة (سديروت الاسرائيلية) والتي تتعرض للقصف بين فترة واخرى من قبل المجاميع المسلحة الفلسطينية، ووصفوا قاطنيها بالمستوطنين، ويعتقد الكثير من الكتاب الاعراب ايضا ان هناك صفقات جنسية خاصة تعقد للمتنفذين والمسؤولين الكبار وتحت كتمان شديد وسرية بالغة لغرض جلب الفتيات القاصرات العذراوات مقابل إرساء المناقصات والعطاءات الكبرى على شركات عالمية معينة دون غيرها..

 وقد اخذت الكلمة طريقها الى التداول بعد العام 2003 بسبب وجود الكثير من المواقع الحساسة الرسمية فيها..

المنطقة الخضراء هو الاسم الشائع للحي الدولي في بغداد، أنشأتها قوات التحالف الدولية التي غزت العراق عام 2003. مساحتها تقارب الـ 10 كم² وسط بغداد. بدأ اسمها يظهر للتداول مع قيام الحكومة العراقية الانتقالية. والمنطقة الخضراء، هي من أكثر المواقع العسكرية تحصينا في العراق، وهي مقر الدولة من حكومة وجيش، إلى جانب إحتوائها على مقر السفارة الأمريكية ومقرات منظمات ووكالات حكومية وأجنبية لدول أخرى.

مظاهر الحياة فيها تتدرج بين المعقول والغريب كما لاحظت احدى الصحف العربية. فالنساء يرتدين سراويل قصيرة وملابس تكشف عن بعض اجسادهن، وهو أمر غير مألوف خارج هذه «المنطقة». وتنتشر المطاعم والاسواق قرب نقاط التفتيش، كما تنتشر قرب مواقف السيارات القريبة من المواقع العسكرية.

وقد حوّل شارع واحد في المنطقة الى سوق تجاري، حيث يبيع العراقيون أقراص الدي في دي والبسط والحلي الرخيصة. وفي زيارة لاحد المراسلين الامريكيين للمنطقة توقف قربه صبي على دراجة بخارية وقال بصوت خافت : '' هل تريد شريط بورنو ؟"

وكما قال احد مسؤولي سلطة الائتلاف المؤقتة مازحا:'' لا أعرف إذا كانوا هم الذين يفسدوننا أو نحن الذين نفسدهم، ''

والمنطقة الخضراء الحالية هي اطلال مباني الحكومة العراقية في حقبة الرئيس السابق صدام حسين وعدد من قصوره التي شرع في تشييدها منذ منتصف الثمانينات، لكنها اليوم مقارّ محصنة للامريكان والحكومة الجديدة.

 والقصر الجمهوري، المعروف (بقصر كرادة مريم) بدات حكايته منذ تشييده عام 1954 عندما تزوج فيه الملك فيصل الثاني، غير ان بناءه لم يكتمل إلا بعد مقتل الملك فتحول إلى مقر للجمهوريين الذين طوّروه خاصة في حقبة البعث وحكم صدام حسين.

وأول من جعل القصر الجمهوري الذي كان معدا لزواج الملك فيصل الثاني مقرّا رسميا للحكومة هو عبد السلام عارف، وذلك بعد انقلابه في الـ18 من نوفمبر/تشرين الثاني 1963، ثم أصبح مقرّا لشقيقه الرئيس عبد الرحمن عارف بعد مقتل الأول عام 1966 في حادث طائرة معروف في محافظة البصرة ليتحول إلى مقر للرئيس الرابع أحمد حسن البكر بعد الـ17 من يوليو/تموز 1968، غير أن الرئيس الخامس للعراق صدام حسين لم يستخدم هذا القصر بل كان يدير مهامه من مبنى المجلس الوطني، الذي يقع ضمن المنطقة الخضراء أيضا والمجاور للقصر الجمهوري.

وقد اعتاد أهل بغداد، هضم الممنوعات عندما يتعلق الحديث عن منطقة كرادة مريم؛ ممنوع المرور، ممنوع الاقتراب، ممنوع التحديق، خلال ثلاثة عقود من حكم صدام حسين.

وعلى مدى عدة عقود بقي أهل بغداد يحلمون بالتجوال يوما ما في شارع من شوارع المنطقة الخضراء، أو اكتشاف أسرارها أو فك الغموض الذي يكتنفها منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن.

وعبر كل العهود كان ترحيل السكان عن هذه المنطقة وعن دورهم التي يملكونها ؛ حيث لم يتبقَّ في كرادة مريم إلا عدد قليل من العوائل يسكنون بيوتا تنتظر أن تلحق هي الأخرى بالمنطقة الخضراء.

تضم المنطقة أحياء كرادة مريم، والتشريع، وأم العظام، والقادسية، كما كانت تضم بيوتا لسكن كبار قادة العهد الملكي العراقي، نوري السعيد أشهر رؤساء وزراء العراق آنذاك وعبد الإله خال الملك فيصل، وابن عم أبيه والعديد من الوزراء والمسؤولين في هذه المنطقة التي تشهد بشكل مستمر انفجار السيارات المفخخة، وسقوط قذائف الهاون التي تطلق من شتى أنحاء بغداد".

 وقد كشف رئيس مجلس محافظة بغداد عن إمكانية إعلان المنطقة الخضراء عاصمة العراق الفيدرالية، بعد أن تضمّ إليها أجزاء من الأحياء المجاورة، متوقعًا أن تكون لها إدارتها الخاصة بعيدًا عن إدارة العاصمة.

وأضاف أن «المشروع متوقف على إقرار قانون العاصمة، الذي ورد في الدستور العراقي، وأن يتمّ تنظيم وضع العاصمة بقانون، ومن خلال هذا القانون تكون حدود هذه العاصمة الفيدرالية داخل المنطقة الخضراء، وما حولها من مناطق من الكرادة (جانب الرصافة من بغداد) والكرخ (الجانب الغربي من العاصمة).

وقد دخلت هوليوود على خط التوثيق السينمائي لهذه المنطقة وللاحتلال الامريكي من خلال الفيلم الروائي الطويل "المنطقة الخضراء"، للمخرج الأمريكي بول غرين غراس الذي يحكي عن حرب احتلال العراق عام 2003، وقد صور الفيلم في مدينة "سلا"، قرب العاصمة المغربية "الرباط"، والفيلم مقتبس عن كتاب ألفه الصحفي "راجيف شاندارا سكارا"، الذي يعمل في صحيفة واشنطن بوست، والفيلم من بطولة الممثل الأمريكي "مات ديمون"، "جيسون إيزاكس"، غريغ كينير، أيميرايان، بريندانغليسون، وقد بدأ التصوير بداية عام 2008 وفرغ من تصويره بداية عام 2009، وقد صورت معظم لقطاته الحربية بمدينة "سلا" في المغرب والقرية القريبة منها المسماة "أولاد موسى".

واخذت المنطقة ايضا نصيبها من الدراما العراقية، فمن المسلسلات التي ستأخذ طريقها الى الشاشة المسلسل التلفزيوني الجديد (كرين زوون) أي (المنطقة الخضراء) وهو يعد اول مسلسل تلفزيوني عراقي يتصدى بشكل او بآخر لهذه المنطقة التي تصدر منها مختلف القرارات التي تتعلق بمصير العراق والعراقيين بصور وبأشكال مختلفة لا تقف عند حدود معينة سواء بإطارها المحلي ام الاجنبي..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/نيسان/2010 - 11/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م