جرائم الإبادة... صرخات محنة كتمتها الحروب

 

شبكة النبأ: من أبشع ما سجله التاريخ في ذمة الأمم هي المجازر الجماعية التي ارتكبتها الجيوش أو الجماعات المسلحة إثناء الحروب والنزاعات بين الدول والمجتمعات، حيث يزخر مع الأسف تاريخنا الحديث بالكثير من تلك الوقائع المفجعة والتي تندى لها جبين البشرية.

إلا إن تاريخ ذاته غالبا ما يكشف حقائق الأمور رغم محاولات مرتكبيها في التكتيم والتوهم بمرور أفعالهم مرور الكرام.

وعلى الرغم من ذلك نشهد بين الفينة والأخرى إبادات جماعية تحدث هنا وهناك، لا تمنع الجهات التي تقوم بها عرق أو فكر أو معتقد.

صربيا و قطع صلتها بالماضي

فبإدانتها المجزرة التي حصدت حوالى ثمانية الاف مسلم في سريبرينيتسا (البوسنة) في 1995، تنوي صربيا قطع صلتها بماض شابته نزاعات دموية، وتأكيد تطلعاتها للانضمام الى الاتحاد الاوروبي.

وقد تم التصويت على قرار يدين المجزرة التي ذهب ضحيتها حوالى ثمانية الاف مسلم في سريبرينيتسا في تموز/يوليو 1995، بأكثرية 127 صوتا من اصل 173، بعد نقاش طويل اظهر الانقسامات العميقة في البرلمان حول تلك المأساة.

وهذه اول ادانة رسمية للبرلمان الصربي، لتلك المجزرة التي كانت اشد الفصول دموية في حرب البوسنة (1992-1995)، بعد ما يناهز ال15 عاما على وقوعها.

وتنطوي هذه الادانة للمجرزة على اهمية كبيرة، لان عددا كبيرا من الصرب تمسكوا طوال سنوات بموقف ينفي حصول تجاوزات ارتكبها انصارهم او صرب البوسنة خلال حروب التسعينات.

وفي مقابلة مع اذاعة بي92، قال زاركو كوراتش النائب عن الحزب الليبرالي الديموقراطي (معارض)، ان "الادانة خطوة مهمة بالتأكيد، وسأقول ايضا انها غير كافية، لكنها تثبت ان صربيا لا يمكنها تجنب اتخاذ موقف من ماضيها القريب".

ويرى المحللون في بلغراد ان هذا الاعلان قد يساعد صربيا على تحمل مسؤوليتها في الحروب التي ادت الى تفكك يوغوسلافيا السابقة.

وقال ايفان فيفودا (بلكانز تراست فور ديموكراسي) "انها حقا اول خطوة نحو مراجعة الماضي تأتي من اعلى سلطة في البلاد، البرلمان الصربي"، مضيفا "ان هذا القرار يمثل مرحلة هامة لكي تتمكن صربيا من تحمل مسؤولية ماضيها الحديث وهو يكتسي اهمية حاسمة".

وهذا الفصل الدامي الذي شهدته سريبرينيتسا ابان حرب البوسنة، هو الحدث الوحيد الذي وصفته محكمة العدل الدولية بأنه ابادة، لكن النواب الصرب تجنبوا استخدام هذا التعبير في بيانهم.

وجاء في البيان "ان برلمان صربيا يدين باقصى قوة الجريمة التي ارتكبت بحق الشعب البوسني في سريبرينيتسا في تموز/يوليو 1995، كما اكد قرار محكمة العدل الدولية".

وقالت ناتاشا كانديتش المسؤولة عن مركز القانون الانساني، "من الواضح للجميع انها ادانة للابادة.

انه تلاعب على الكلام لئلا يستخدم تعبير الابادة، ومحاولة للهرب من جريمة رهيبة، لكنها محاولة غير مجدية على الاطلاق لان الادانة لم تقلل من حجم الجريمة".

وفي ساراييفو، اعتبرت هيئة الناجين من سريبرينيتسا ان لا اهمية للقرار، لأنه لم يصف المأساة بأنها ابادة. بحسب فرانس برس.

وقال هجرا كاتيتش المسؤول عن الهيئة "في نظرنا، لا يريد ان يقول شيئا لأن لفظة ابادة لم ترد فيه". وقدم الاعلان "التعازي والاعتذار الى عائلات الضحايا لأنه لم يبذل اي مجهود لمنع وقوع المأساة".

وجاء في الاعلان ان "البرلمان يدعم دعما تاما جميع انشطة التعاون مع محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة من خلال ايلاء اهمية خاصة لعمليات التقصي والتعقب التي يفترض ان تؤدي الى اعتقال راتكو ملاديتش".

وقد وجهت محكمة الجزاء الدولية الى الجنرال ملاديتش القائد العسكري السابق لصرب البوسنة، والهارب منذ سنوات، تهمة ارتكاب ابادة في سريبرينيتسا. ويسود الاعتقاد ان ملاديتش مختبىء في صربيا.

ويعتبر اعتقاله واحدا من الشروط الاساسية التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على صربيا للافراج عن قرار التثبيت والشراكة الذي يتيح لصربيا الاستمرار في تقاربها مع الاتحاد الاوروبي.

وقدمت صربيا ترشيحها الى الاتحاد الاوروبي في 22 كانون الاول/ديسمبر الماضي، وتأمل في الحصول على وضع المرشح بحلول منتصف العام 2011.

وقد رحبت بروكسل بادانة البرلمان الصربي، ووصفت تصويت البرلمان الصربي بانه "خطوة هامة الى الامام" مؤكدة ان هذه المبادرة "هامة جدا بالنسبة لصربيا ولمنطقة" البلقان.

واعتبرت كانديتش ان "بروكسل ستقبل هذا الاعلان باعتباره وثيقة مهمة ومؤشرا الى عزم صربيا على الاستمرار في الطريق الاوروبية واحترام قرارات محكمة العدل الدولية. ولن يتسبب احد بمشاكل جراء عدم استخدام عبارة ابادة".

لكنها اضافت ان النقاش الذي سبق التصويت، "اثبت ان لدينا دائما في البرلمان ذهنيات من الماضي لم تتحرك منذ 1991 و1995 او حتى 1999".

في المقابل، اعلن الزعماء السياسيون لصرب البوسنة ان القرار الذي تبناه البرلمان الصربي ودان فيه مذبحة المسلمين في سريبرينتسا عام 1995، "غير نافع" و"غير مقبول".

وقال رئيس جمهورية صرب البوسنة رايكو كوزمانوفيتش في بيان ان "القرار كما صدر غير مقبول على الاطلاق وهو غير مجد بالنسبة لمصالح جمهورية صرب البوسنة وبالنسبة للشعب البوسني بمجمله".

واضاف "من الخطأ الفصل بين سريبرينتسا والجريمة التي ارتكبت فيها عن باقي الجرائم التي ارتكبها جميع الأطراف خلال النزاع المأسوي الذي شهدته أراضي يوغسلافيا السابقة" في التسعينيات.

اما رئيس وزراء جمهورية صرب البوسنة ميلوراد دوديك، فاعتبر من ناحيته ان تبني القرار من قبل بلغراد "غير نافع" وانه لن يساهم في تسوية الانشقاقات بين الطوائف المحلية حول حرب البوسنة.

واضاف لوكالة صرب البوسنة ان مثل هذه الوثيقة "قد تكون محور تفسيرات خاطئة وان تعتبر كدليل على المسؤولية الجماعية للشعب".

كراديتش وأول شاهد

في سياق متصل واجه الزعيم السياسي السابق لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش خلال استئناف محاكمته في لاهاي اول شاهد اثبات ، وهو مسلم من البوسنة روى الفظاعات التي تعرض لها خلال حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995.

وقام كرادجيتش الذي فضل الدفاع عن نفسه من دون محام، بطرح اسئلة على الشاهد احمد زوليتش (62 عاما) الاسير السابق في معسكرات اعتقال صربية امام محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي.

واستمع كرادجيتش قبل ذلك الى المدعية العامة آن سوزيرلاند وهي تستجوب زوليتش وانكب على تدوين ملاحظات في مفكرة خاصة به. بحسب فرانس برس.

وكانت محاكمته بتهم ارتكاب جرائم ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية علقت في الثاني من اذار/مارس قبل ان تستأنف بعد ظهر الثلاثاء اثر بدء تقديم عناصر الاتهام وهي عملية قد تستغرق عدة اشهر.

واعتقل الشاهد زوليتش في الثامن عشر من حزيران/يونيو 1992 في سانسكي موست في شمال غرب البوسنة وامضى نحو خمسة اشهر في سجون القوات الصربية. وقد مثل كشاهد حتى الان في ثلاث محاكمات امام محكمة الجزاء الدولية.

وهو احتجز لمدة 19 يوما في مرآب في بيتورنيكا حيث تعرض للضرب بشكل منتظم على ايدي عناصر من القوات الصربية.

واضاف هذا الشاهد الذي بدا متعب الملامح ومطأطأ الراس من دون ان يتطلع ولو لبرهة الى كرادجيتش الجالس على بعد امتار منه، "لقد تكسرت اضلاعي مرارا واصبت بكسور في سبع فقرات من ظهري".

وتابع "لقد داسوا على يدي وكسروا اصابعي واصيبت جروحي في الظهر بتقيح فتدخل الاطباء مستخدمين شفرة حلاقة لمعالجتها".

ثم نقل بعدها الى اسطبل في مانياتسا "مع نحو 600 الى 800 اسير" حيث كانت توزع عليهم "كسرات بسيطة من الخبز مع كوب ماء لكل شخصين او ثلاثة لكل يوم".

ولدى خروجه من معسكر الاعتقال هذا في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 1992 لم يكن زوليتش يزن سوى 55 كلغ بينما كان يزن لدى اعتقاله نحو تسعين.

وقال "عندما خرجت لم اكن قادرا على المشي لمسافة الف متر للتنزه" وهو يعتبر انه بات اليوم "عاجزا بالفعل".

وبعد ان دون ملاحظات في مفكرته بدأ زعيم صرب البوسنة بطرح الاسئلة على الشاهد.

وقال "لدي الكثير من الاسئلة بعضها يحتاج الى اجوبة من نوع نعم او لا".

وتابع موجها كلامه للشاهد زوليتش "لن اقول انك الشاهد المفضل الا انني اعتقد ان هناك حرصا عليك كشاهد" فسارعت المدعية العامة الى القول متوجهة الى القاضي "اعترض يا حضرة القاضي" على كلام كرادجيتش.

عندها باشر كرادجيتش بطرح سلسلة طويلة من الاسئلة على الشاهد: دراساته، عائلته، عمله، علاقاته... الخ.

وكان كرادجيتش قاطع افتتاح محاكمته في السادس والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر 2009 بحجة انه لم يكن جاهزا بعد.

وبعد ان علقت المحاكمة لمدة اربعة اشهر استؤنفت في الاول والثاني من اذار/مارس قبل ان تعلق مجددا.

رفض هولندي

من جهتها هاجمت الحكومة الهولندية الجنرال الأمريكي المتقاعد جون شيهان، بسبب شهادته الأخيرة أمام الكونغرس الأمريكي، التي حمل فيها وجود جنود مثليين بالجيش الهولندي مسؤولية الإبادة الجماعية التي تعرض لها المسلمون في مدينة سريبرينتشا البوسنية عام 1995.

وقال وزير الخارجية الهولندي المؤقت، ماكسيم فرهاخن، على صفحته بموقع "تويتر" إن هذه أكثر التصريحات "هي الأكثر غرابة حول سريبرينتشا،" مشيراً إلى أن الباعث الأساسي خلف صدورها يتمثل في النقاشات الداخلية الجارية في الولايات المتحدة حول المثلية داخل الجيش."

أما وزير الدفاع أيمرت فان ميديلكوب، فكتب على تويتر قائلاً إن التصريح :"مشين وغير لائق بالجنود،" بينما نقل الراديو الهولندي بياناً نفى فيه الجنرال هينك فان دن بريمان، قائد الأركان الهولندي السابق، أن يكون قد أدلى بمواقف مماثلة على مسامع شيهان، واصفاً تصريحات الأخيرة بأنها "محض هراء." بحسب (CNN).

وكان شيهان، القائد الأعلى السابق لحلف الأطلسي، قد قال إنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في العام 1991 "اعتقدت دول مثل بلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وغيرها، بصورة راسخة أنه لم تعد هناك حاجة لوجود قدرات قتالية لجيوشها."

جاء ذلك خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي حول سياسة "لا تسأل لا تقل"، الذي يحتم على عناصر الجيش الأمريكي من المثليين بعدم البوح عن ميولهم بصورة علنية.

وقال شيهان: "نتيجة لذلك، أعلنوا عن خطة سلمية وبذلوا جهودا لجعل جيوشهم اجتماعية.. وتضمن ذلك تحرير الجيوش بما في ذلك الانفتاح على المثلية الجنسية علنا وإظهارها في سلسلة من الأنشطة، مع التركيز على عمليات حفظ السلام لأنهم لا يعتقدون أن الألمان سيهاجمونهم مرة أخرى أو أن السوفيت سيعودون."

وأضاف أن هذا الأمر أدى إلى بروز جيوش غير معدة بصورة جيدة لخوض حروب.

وقال: "إن المثال الذي أشير إليه هو ما حدث عندما طولبت القوات الهولندية بالدفاع عن سربرينيتشا ضد القوات الصربية، وكانت الكتيبة الهولندية تخضع لقيادة ضعيفة، فجاء الصرب إلى البلدة وقاموا بتقييد الجنود بأعمدة الهاتف واقتادوا المسلمين إلى خارج البلدة وقتلوهم." وأضاف: "كانت تلك أكبر مجزرة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية."

وعندما سئل عما إذا أبلغه قادة الجيش الهولندي بأن أداء أفراد الكتيبة الهولندية مرتبط بجنود من المثليين، قال شيهان: "نعم.. لقد أشاروا إلى ذلك كجزء من المشكلة."

وكان شيهان يشير إلى المجزرة التي وقعت في 11 يوليو/تموز عام 1995، عندما اجتاحت القوات الصربية المناطق الآمنة التابعة للقوات الدولية في بلدة سربرينيتشا، وقاموا بعمليات قتل منهجية للرجال والفتيان وطرد بقية المسلمين من البلدة. وقتل خلال هذه العمليات حوالي 8000 مسلم بوسني.

وأوضح الجنرال الأمريكي المتقاعد أن الضابط الهولندي الذي أبلغه بذلك هو هانكمان بيرمان، الذي كان يتولى منصب رئيس هيئة أركان الجيش، والذي عزله البرلمان لعدم عثورهم على شخص آخر يحملونه المسؤولية.

ولم تتمكن السفارة الهولندية من التعرف على شخص يحمل هذا الاسم في هذا المنصب، غير أنه عرف أن جنرالاً سابقاً في الجيش الهولندي كان يحمل اسم "هينك فان دن بريمن"، هو من تولى رئاسة أركان الجيش الهولندي في الفترة بين عامي 1994 و1998، ولم تتمكن CNN من التوصل إليه.

وفي بيان لاحق لجلسة الاستماع، قال السيناتور كارل ليفين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ: "لقد كان ما حدث في سربرينيتشا مجزرة بلا ضمير"، ولكن لا يمكن عزوها إلى وجود المثليين في الجيش الهولندي.

وقال:"لا أعرف عن أي مؤرخ أو معلق نسب مثل هذا الإخفاق العظيم في حماية المدنيين في سربرينيتشا إلى سياسة الهولنديين بخدمة المثليين بصورة علنية في الجيش.. والجيش الأمريكي يخدم جنباً إلى جنب مع الهولنديين في أفغانستان دون أي صعوبة تذكر."

وأيدت السفيرة الهولندية في واشنطن، ريني جونز-بوس، تصريح السيناتور ليفين، وقال إنها تفتخر بوجود السحاقيات والمثليين بصورة علنية في جيشه حيث يخدمون بتميز منذ عقود، كما يخدمون في مواقع العمليات العسكرية، مثل أفغانستان في الوقت الحالي.

فظائع الكونغو الديموقراطية

من جهة اخرى اكد خبراء في الامم المتحدة في تقرير ان المدنيين في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وخصوصا النساء، لا يزالون ضحايا "فظائع" ترتكب بحقهم و"يمكن ان تشكل في بعض الحالات جرائم ضد الانسانية".

واورد التقرير ان "عناصر في القوات المسلحة في جمهورية الكونغو الديموقراطية والشرطة الوطنية الكونغولية ووكالة الاستخبارات الوطنية واجهزة استخبارات اخرى مسؤولون عن عمليات اعدام تعسفية واعمال عنف جنسي وتعذيب وسوء معاملة".

واضاف من جهة اخرى ان "مجموعات مسلحة مثل جيش الرب للمقاومة والقوات الديموقراطية لتحرير رواندا ترتكب فظائع تشكل انتهاكات صارخة للقانون الدولي الانساني، وقد تشكل في بعض الحالات جرائم ضد الانسانية". بحسب فرانس برس.

وتابع الخبراء ان "العنف الجنسي الاكثر وحشية يستخدم كسلاح حرب من جانب كل اطراف النزاع المحليين".

ولاحظ هؤلاء ايضا انه خلال الاشهر التسعة الاولى من العام 2009، احصى صندوق الامم المتحدة للسكان 7500 حالة عنف جنسي بحق نساء وفتيات في كل انحاء شمال وجنوب كيفو، ما يوازي ضعف عدد الحالات التي سجلت خلال الفترة نفسها من العام 2008.

ولاحظ التقرير ان "نساء وفتيات تم اعدامهن تعسفا بعدما تعرضن لعمليات اغتصاب جماعية (...) كذلك، تعرض ازواج واقرباء وابناء لاعمال اعتداء او قتل او اجبروا على اغتصاب افراد في عائلاتهم فيما كانوا يحاولون حماية اقربائهم من الاغتصاب".

واورد ايضا نقلا عن "شهادات" ان "افرادا كثيرين في القوات المسلحة الكونغولية ومجموعات مسلحة اخرى قاموا بخطف نساء وفتيات واحتجزوهن (...) ثم تعرضت (تلك النساء والفتيات) لعمليات اغتصاب جماعي طوال اسابيع واشهر".

اعتقال ارملة الرئيس الرواندي

الى ذلك اعتقلت اغات هابياريمانا ارملة الرئيس الرواندي الذي اغتيل في نيسان/ابريل 1994 جوفينال هابياريمانا، الثلاثاء في باريس بطلب من كيغالي التي تريد استردادها وتتهمها بالتورط في تدبير حملة الابادة التي شهدتها رواندا في السنة نفسها.

وافادت مصادر قريبة من الملف ان اغات كازيغا ارملة هابياريمانا اعتقلت قبل الساعة 08,00 (07,00 تغ) بناء على مذكرة توقيف دولية صادرة عن السلطات الرواندية.

ويشار في اغلب الاحيان الى اغات هابياريمانا التي اجلتها القوات العسكرية الفرنسية منذ بداية عملية الابادة الى فرنسا حيث استقرت منذ 1998، على انها عضو الى اوساط السلطة التي دبرت الابادة والتي يطلق عليها اسم "الاكازو" في رواندا، وهو امر تنفيه.

وكان الاعتداء على الطائرة التي كانت تقل زوجها في السادس من نيسان/ابريل 1994 الشرارة التي فجرت الابادة التي راح ضحيتها نحو 800 الف قتيل معظمهم من التوتسي حسب الامم المتحدة.

وتم اعتقالها بعد خمسة ايام من زيارة نيكولا ساركوزي الى كيغالي التي كانت الاولى التي يقوم بها رئيس فرنسي الى رواندا منذ الابادة. وكرس ساركوزي ونظيره بول كاغامي خلال الزيارة المصالحة بين البلدين بعد ثلاث سنوات من التوتر.

وسمحت فرنسا بتسليم عدة روانديين يشتبه بتورطهم في الابادة الى محكمة الجزاء الدولية في اروشا لكنها رفضت في المقابل ثلاث مرات تسليم كيغالي متهمين آخرين معتبرة ان القضاء الرواندي عاجز عن تأمين "محاكمة منصفة" وقضاء مستقل. بحسب فرانس برس.

وتخضع اغات هابياريمانا التي رفض مجلس الدولة (اعلى هيئة قضائية ادارية فرنسية) في تشرين الاول/اكتوبر الماضي نهائيا طلب اللجوء الذي قدمته، لتحقيق في باريس اثر دعوى تستهدفها بتهمة التواطؤ في الابادة. لكن قضاة التحقيق المكلفين الملف لم يستجوبوها بعد.

ورحبت السلطات الرواندية الثلاثاء باعتقال اغات كانزيغا، ارملة الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، الثلاثاء في باريس والتي تتهمها كيغالي بانها العقل المدبر لعملية الابادة سنة 1994.

وفي اتصال هاتفي مع فرانس برس، قال وزير العدل الرواندي ثارسيس كاروغاراما "اهنئ القضاء الفرنسي. انه لامر جيد عندما تبدا عملية قضائية". واعتبر الوزير انه "مؤشر جيد ان يبدا القضاء الفرنسي في الاهتمام جديا بملفات" اشخاص متهمين بالمشاركة في ابادة 1994 في رواندا.

وتابع كاروغاراما ان اغات هابياريمانا "من اكبر مدبري الابادة (...) انه امر مهم ان تحال على القضاء وتجيب على الاسئلة التي تطرحها عليها الهيئات القضائية".

ودعا الوزير فرنسا الى تسليم ارملة الرئيس الرواندي المغتال الى القضاء الرواندي رغم غياب معاهدة تبادل موقوفين بين باريس وكيغالي. وقال "اننا اصدرنا مذكرة توقيف دولية بحقها وطلبنا تسلمها. ثمة قوانين دولية بحق جريمة الابادة والجرائم بحق الانسانية وتنص هذه القوانين على امكانية استرداد شخص حتى في غياب معاهدة تسليم".

عفو شامل لمرتكبي جرائم الحرب

من جانب آخر أكدت أفغانستان علنا للمرة الاولى أنها سنت قانونا يمنح عفوا شاملا لمرتكبي جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الانسان التي وقعت قبل عام 2001.

وعبرت جماعات حقوق الانسان عن استيائها لان القانون الذي سن في هدوء على ما يبدو يمنح حصانة شاملة لاعضاء جميع الفصائل المسلحة من الملاحقة القانونية على أي أعمال ارتكبت خلال عقود الحرب قبل سقوط طالبان.

وكان الرئيس الافغاني حامد كرزاي وعد بعدم توقيع القانون الذي يطلق عليه قانون الاستقرار والمصالحة الوطنية عندما أقره البرلمان عام 2007.

وتقول جماعات حقوق الانسان انها لم تعرف الا هذا العام أن مشروع القانون نشر في الصحيفة الرسمية وصار قانونا نافذا. بحسب رويترز.

وقال وحيد عمر المتحدث باسم كرزاي ان المشروع صار قانونا نافذا لانه أقر بأغلبية الثلثين في البرلمان ومن ثم لم يستلزم توقيع الرئيس.

وأغلب أعضاء البرلمان نواب من جماعات مسلحة سابقة وتتهم جماعات حقوق الانسان بل والافغان العاديون بعضهم بارتكاب جرائم حرب.

وقال عمر في مؤتمر صحفي "هذا القانون أقر بأغلبية الثلثين في البرلمان وحسب الدستور عندما يقر قانون بأغلبية الثلثين لا يحتاج الى توقيع الرئيس."

وقال براد ادمز مدير شؤون اسيا في منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان ان الغموض ما زال يكتنف هذه العملية وأسباب عدم اعلان أنباء صدور القانون الا بعد أكثر من عامين على ما يبدو.

وقال لرويترز "هذا القانون عار مطلق. انه صفعة على وجه جميع الافغان الذين عانوا لسنوات وسنوات من جرائم الحرب وقادة الميليشيات."

وطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة بالضغط على أفغانستان لالغاء القانون.

مسلحو جيش الرب

الى ذلك كشف تحقيق اجرته بي بي سي عن مذبحة راح ضحيتها أكثر من 321 شخصا في جمهورية الكونجو الديمقراطية.

وأشار التحقيق إلى ان عملية القتل الجماعية وقعت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي وأنه لم يكشف عنها من قبل.

ووقعت عمليات القتل عندما هاجم مقاتلو جماعة جيش الرب للمقاومة الأوغندية عددا من القرى تقع في شمال شرق الكونجو، وأن الهجوم اشتمل على قتل واختطاف للأطفال.

وتقول هيومان رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان إن هذه الحادثة تمثل أحدى أسوأ المذابح التي نفذتها جماعة جيش الرب التي يجوب مقاتلوها عدة دول أفريقية بعد أن أنطلاقها من أوغندا.

ويقول زعيم جيش الرب أن جماعته تحارب لإقامة حكومة دينية في أوغندا تعتمد على الوصايا العشر الواردة في الانجيل، إلا أن الجماعة زرعت الرعب في السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى إلى جانب جمهورية الكونجو الديمقراطية.

ويقول مارتين بلاوت، محرر الشؤون الافريقية في بي بي سي أن التحقيق أشار إلى ان المسلحين قاموا بقتل القرويين كما قامو بارغامهم على حمل ممتلكات منهوبة لصالح المهاجمين.

ويقول جين كلاود سينجاباتايل، وهو شاب يبلغ من العمر 17 عاما وكان بين الاشخاص الذين تم اختطافهم، بأنه أرغم على مدى أيام على حمل أكياس من الملح.

وأضاف سينجاباتايل في حديث لبي بي سي بينما كنا نتقدم، قاموا مقاتلو جيش الرب بقتل أشخاص، قام بقتل شخصين في أحدى القرى، ثم قلتوا ثلاثة اشخاص في القرية التالية، ثم قتلوا أربعة في القرى التي تلتها .

وأشار إلى أن المسلحين أرادوا قتلي، إلا أن قائدهم قال أنه يجب أبقائي حيا، لأنهم يحتاجون مقاتلين أقوياء .

إلا انه قال ان احد المسلحين حذره من أنه سيقتل في وقت لاحق وأنه عليه محاولة الهرب.

وقال أن المسلح حذره نتيجة لكونه ينتمي لذات الأثنية العرقية التي ينتمي إليها.

وكانت الأمم المتحدة قد ذكرت أن انباء الهجوم انتشرت قبيل فترة أعياد الميلاد للعام الماضي ما دفعها في حينها إلى تعزيز وجود القوات الدولية في تلك المنطقة.

إلا أنها قامت بتعزيز تواجدها في مدن مثل نيانجارا وليس في القرى النائية التي شهدت أعمال القتل.

وتشير التحقيقات أن مسلحي جيش الرب عبروا نهرا محليا في الثالث عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي ليصلوا إلى سوق قرية مابانجا يا تالو.

وكان المسلحون يرتدون زيا عسكريا حكوميا مدعين أنهم مجندون في الجيش الكونجولي امضوا أشهرا في الغابات وطلبوا من السكان المحليين أن يعطوهم الطعام وبعض المؤن الأخرى.

وتشير تحقيقات بي بي سي إلى أن المسلحين طلبوا من السكان المحليين حمل البضائع إلى الجانب الآخر من النهر، وهو ما رفضه سكان القرية، ليقوم المسلحون بعد ذلك بإطلاق الرصاص على القرويين.

الحكم على الديكتاتور رينالدو بينيوني

اما في الارجنتين فقد حكم على الديكتاتور الاخير رينالدو بينيوني (82 عاما) بالسجن 25 عاما لارتكابه جرائم ضد الانسانية منها اعمال خطف وتعذيب سجناء سياسيين.

وعين هذا العسكري السابق رئيسا للارجنتين بعد حرب جزر الملوين التي خسرها النظام العسكري العام 1982 ضد بريطانيا. ثم قام بتسليم السلطة الى الرئيس الاشتراكي الديموقراطي راوول الفونسين بعد عودة الديموقراطية العام 1983.

ويعتبر احد قادة المعتقل السري في ثكنات كامبو دي مايو بغرب بوينس ايريس، حيث سجن نحو اربعة الاف معارض لا يزال عدد كبير منهم يعتبر في عداد المفقودين.

ومن بين الرؤساء الاربعة الذين تعاقبوا في زمن الديكتاتورية، لا يزال بينيوني على قيد الحياة اضافة الى يورغي رافاييل فيديلا الذي قاد انقلاب العام 1976.

وكان حكم على فيديلا (83 عاما) بالسجن مدى الحياة خلال محاكمة تاريخية للمجلس العسكري العام 1985، قبل ان يعفو عنه الرئيس الارجنتيني السابق كارلوس منعم بعد خمسة اعوام.

لكن فيديلا تعرض لملاحقات جديدة منذ الغت الارجنتين العام 2003 قوانين العفو عن الجرائم التي ارتكبتها الديكتاتورية بين 1976 و1983.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/نيسان/2010 - 9/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م