التقاعد الخيالي للنواب وتقطير منحة المثقفين

نجاح العطيه

أكرر... سبعة ملايين دينار عراقي في الشهر فقط هو الراتب  التقاعدي غير الشرعي والقانوني للنائب الواحد من السادة النواب الذين امضوا مدة اربع سنوات في دورتهم البرلمانية المنصرمة وهو (الراتب التقاعدي المبتدع) والذي يعتبر اغرب بدعة غير استحقاقية في التاريخ الحديث لمجالس النواب على مستوى العالم كما سبق ان اوضحنا ذلك في مقال سابق لنا حول الحقائق المرة لمجلس النواب العراقي حيث سلطنا الضوء على بعض الثغرات الكثيرة في مسيرة مجلس النواب المنصرم.

 ومنها ظاهرة تقنين (الرواتب الخيالية) او الاصطلاح التوصيفي القانوني الادق (الاستحقاقات المالية) للنواب والتي عدها المراقبون القانونيون أنها الأكبر على مستوى برلمانات العالم لاسيما الدول الكبرى والغنية ناهيك عن النفطية بالاضافة الى البدعة التقاعدية للنواب والتي ما انزل الله بها من سلطان والتي تشكل مع بقية مستحقات السلطة التنفيذية العبء الاكبر على ميزانية الدولة والاقتصاد العراقي المنهك وهي تؤدي الى (تشكيل واقع طبقي ارستقراطي جديد في المشهد العراقي) وإضافة اشكالية كبيرة تندرج ضمن سيناريوهات ايقاع الفتنة الطبقية بين ابناء المجتمع العراقي الذي يعاني من موضوعة أعادة تأهيله نفسيا وخلقيا وتربويا واقتصاديا في هذا المقطع الزمني الخطير من تاريخ العراق.

فلماذا لاتستنكر وزارة المالية على مجلس النواب هذه الاستحقاقات العجائبية والتي اذهلت (صاموئيل بيكيت) ومؤلفاته  في مسرح اللامعقول ولماذا لاتتم دراسة هذه الرواتب الباطلة من وجهة النظر القانونية والشرعية والعرفية البرلمانية بما ينسجم مع توجهات فقرات الدستور العراقي والتي يفترض أن تنطلق في بناء الدولة العراقية الحديثة  وفق اساس العدل والمساواة وضمان احترام القانون وحفظ كرامة الانسان وهذا ما روجه الاعم الاغلب من السياسيين ورعاة العملية السياسية بعد سقوط النظام السابق.لا سيما ونحن نعلم أن هنالك ملايين الارامل والايتام والشرائح الاجتماعية المنهكة اقتصاديا والذين خلفتهم حروب النظام السابق وزمر الارهاب التكفيري على عموم شعبنا العراقي

في نفس هذا الوقت الذي توافق فيه وزارة المالية مذعنة على القبول بصرف الرواتب الخيالية والتقاعدية غير القانونية للنواب  فأن هذه الوزارة تمتنع عن دفع منحة المثقفين من الادباء والصحفيين والفنانين بل اقتصرت على عدد محدد من المثقفين الذين ادرجت اسماؤهم في قائمة الجدول الاول والتي قامت بتقديمها نقابة الصحفيين والاتحاد العام للادباء والكتاب بل وامتنعت وزارة الثقافة عن قبول اسماء المثقفين الآخرين الذين لم يتسنى لهم بسبب ظروفهم الخاصة او تباطؤ بعض النقابات والاتحادات من القيام بتسجيل اسمائهم ضمن جدول الاسماء الاولى والتي رفعت وفق استمارات وزعها الاتحاد العام للادباء ونقابة الصحفيين العراقيين (وامتنعت كذلك عن قبول الجداول الملحقة باسماء المثقفين والمتضمنة الاسماء الجديدة واعلنت انها اكتفت بالوجبة الاولى من الاسماء طبقا لتعليمات وزارة المالية)  وحجة وزارة المالية في ذلك  كما اخبرنا مكتب السيد وكيل وزارة الثقافة الاستاذ طاهر حمود هو العجز في الميزانية!!!؟؟؟

أي ان وزارة المالية تريد ان توزع المنحة المالية الرمزية (فيما اذا اوعزت بتوزيعها وهي حتى الساعة لم توعز بصرفها) والتي تبلغ ثلاثمئة الف دينار كل ثلاثة اشهر على بعض المثقفين  وتحرم بقية المثقفين الذين ادرجت نقابة الصحفيين واتحاد الادباء اسماؤهم في جداول ملحقة.

فهل في هذا الموقف ثمة عدل وانصاف او تضامن اعتباري مع شريحة الادباء والمثقفين والذين عانى الكثير منهم شتى صنوف الاضطهاد وكتم الانفاس والمطاردات والاعتقالات في زمن النظام السابق ودفعوا باهض الاثمان من اجل ازاحة الظلم والطغيان عن صدر العراق الرحيب وما زالوا يتعرضون لشتى الاخطار من اجل بناء العراق الجديد ولماذا يحرم بقية المثقفين من هذه المنحة الرمزية والتي هي اقل من راتب الشبكة الاجتماعية البائس علما ان الوجبة الاولى من الاسماء لم يتم الايعاز من قبل وزارة المالية بصرف المنحة لهم ناهيك عن عدم قبول اضافة اسماء المثقفين الجديدة والتي تعتبر اضافتهم الى الاسماء الاولى وتقديم المنحة لهم حقا قانونيا وتكريميا معنويا لهم اكثر من كونه مبلغا رمزيا لايكاد يذكر وهو اقل من فتات الخبز ونكتة سمجة من المضحكات المبكيات قياسا الى الرواتب التقاعدية الباطلة وغير القانونية للسادة النواب الذين لم يرفض اي واحد منهم هذا المال غير الشرعي.

اننا نطلب من الاخ وزير المالية الذي اعرف انه يشعر بمقدار المعاناة التي عاشها المثقف في زمن النظام السابق والذي لازال يعاني بسبب الظروف غير الطبيعية التي مازالت تصاحب حياة هذا المثقف ان يقف وقفته التي عهدناها وناملها فيه وهو الذي عانى ماعانى من ظلم النظام السابق ويكون سندا لاخوته من حملة القلم الشريف واصحاب الكلمة الحرة الذين لم يخشو في الله لومة لائم في سبيل عزة العراق وكرامة شعبه. ونطلب منه كذلك أن يوعز  الى وزارة الثقافة بقبول الجداول الملحقة  والتي تتضمن اسماء المثقفين من ادباء وصحفيين وكتاب والذين لم ترد اسماؤهم في الجدول الاول وانا من بينهم.

اللهم اني قد بلغت اللهم اشهد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/نيسان/2010 - 4/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م