المدونون العرب... السكوت أو مواجهة المحاكم العسكرية

الحكومات العربية تشدد قبضتها على المدونات

 

شبكة النبأ: وجد العديد من أبناء المجتمعات العربية في الشبكة العنكبوتية وتحديدا المدونات فسحة كبيرة للتعبير عن همومهم والخروج من حالات الكبت التي الذي تفرضه معظم السلطات الاستبدادية المهيمنة على دولهم.

الا ان تلك الفسحة لم ترق للكثير من الحكومات العربية معلنة بشكل سافر معاقبة كل من يوجه النقد او يعترض على الشؤون السياسية او الاجتماعية بالزج في غياهب السجون والمعتقلات، او المثول امام محاكم عسكرية في اتهام مباشر للمدونين العرب بالعمالة والخيانة او التحريض على الدولة.

في وقت تحاول فيه منظمات حث المجتمع الدولي على اعتبار استخدام الانترنت واحدا من الحقوق الأساسية للإنسان، يقول مدونون عرب إنهم يتعرضون للاعتقال والمحاكمة دون أدنى حماية قانونية أو نقابية.

موجة اعتقالات

فعلى المدار العامين الماضيين، تنامت ظاهرة ملاحقة المدونين في عدد من الدول العربية، وشهدت دول مثل مصر والسعودية والمغرب والأردن، محاكمات لمدونين عبروا عن آرائهم على مدوناتهم الإلكترونية، وانتقدوا في الغالب الأنظمة الحكومية.

وفي وقت تحمي فيه المواثيق الدولية، التي وقعت معظم الدول العربية عليها، حرية التعبير عن الرأي، إلا أن مدونين وناشطين حقوقيين، يقولون "إن الواقع غير ذلك، إذ تشدد السلطات الأمنية قبضتها على حركة التدوين، كما ما زالت تضيق على الصحافة التقليدية بشكل عام."

وفي اليمن، يبدو أن التدوين أدخل المدون نشوان غانم في مأزق أوسع من مجرد الاعتقال، إذ يقول، إن حياته في خطر، وإنه "تعرض لمحاولات اغتيال أكثر من مرة،" وحاول الحصول على حق اللجوء السياسي من سفارات غربية في صنعاء. بحسب (CNN).

ويقول غانم إن "الحريات الصحفية والإعلامية وحرية الرأي والتعبير كلها أهداف رسمية للقمع والتنكيل في بلداننا العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص."

وأضاف: "وإن كانت اليمن قد تفننت في جوانب أخرى، كالاختطاف والتعذيب والضرب واستخدام يافطة الإرهاب كمبرر وذريعة لجلد الصحفيين والمدونين بها."

ويوضح غانم: "تبدأ الفاجعة بكتاباتي عن تداعيات الاعتداء على السفارة الأمريكية بصنعاء، حيث اتهمت فيها السلطة اليمنية وشخصيات عسكرية وأمنية بالضلوع في العملية.. وقد تعرضت لمحاولة الاغتيال ثلاث مرات بعد المقال."

ويتابع: "بادر إتحاد المدونين العرب إلى الاتصال بي، ونسقوا لي طلب اللجوء السياسي إلى السفارة الفرنسية بصنعاء.. وعندما اتجهت صوب طريق السفارة الفرنسية كانت الدوريات العسكرية أمامي وخلفي للإمساك بي أذا واصلت السير إلى السفارة الفرنسية، فاضطررت للعودة والتراجع عن الوصول إلى السفارة حفاظا على سلامتي."

وأشار غانم إلى أن الأجهزة الأمنية في اليمن تطارده، أينما ذهب، ويقول: "حتى مقاهي الإنترنت صنعوا منها مصيدة للإمساك بي، وذلك من خلال صوري المنشورة في مدوناتي وبعض المواقع الإلكترونية التي تنشر كتاباتي."

وبالنسبة لباشق عبد الرحيم، المدون المغربي، فإن معظم الأنظمة العربية تحارب التدوين، غير أن المشكلة الأكبر التي يواجهها في بلاده هي "غياب الحماية القانونية والنقابية للمدونين وأولئك الذين ينشرون آراءهم عبر المواقع الاجتماعية الإلكترونية."

وقال عبد الرحيم: "هناك قوانين تحمي جزئيا الصحفيين عبر النقابات والجمعيات، لكن لا يوجد منظمات توفر الحماية للمدونين، وهم عرضة للاعتقال والمحاكمة طوال الوقت، بسبب التعبير عن آرائهم.. إنهم يواجهون حملات حكومية شرسة."

من جانبه، قال المحامي والناشط الحقوقي الإماراتي عبد الحميد الكميتي، إن "معظم قوانين الدول العربية لا تعترف أصلا بحركة التدوين، ولم تأت على ذكرها، بل إنها لا تقدم أي نوع من الحماية للمدونين، ولا تتعامل معهم على أنهم يعملون في الإعلام، مثل الصحفيين."

وأضاف الكميتي: "المدون في العالم العربي هو شخص يبحث عن إيصال صوته في دول تحفل بالقمع، وإن كانت درجته تختلف من بلد إلى أخرى،" لافتا إلى أن "تغيير القوانين وتعديلها لتوائم العصر الرقمي أصبح ضرورة."

وعن المواثيق الدولية التي تكفل حرية التعبير والتي وقعت عليها الدول العربية، قال الكميتي: إن "هذه الدول تحرص على أن تظهر بالمظهر اللائق أمام المجتمع الدولي، لكن ليس هناك مسائلة أو متابعة لما يقر من معاهدات."

وتابع المحامي الإماراتي يقول: "مجرد التوقيع على المواثيق الدولية، في غياب جهاز رقابي عالمي يتابع مدى تنفيذها، يظل حبرا على ورق."

لكنه لفت إلى أن هناك "خطوات مهمة اتخذتها بعض الدول في مجال حقوق الإنسان وحرية التعبير، مثل الإمارات العربية المتحدة."

من جهتها، طالبت هبة مرايف، الباحثة بشؤون مصر وليبيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش،" المعنية بحقوق الإنسان بعدم تجريم قضايا التشهير، قائلة: "إن هذه مشكلة عامة في العالم العربي.. والمطلوب هو فرض غرامات وليس عقوبات جنائية."

وأضافت مرايف، إنه "لا يوجد حماية للمدونين تحديدا في مصر وليبيا، وما زال المدونون يعتقلون ويحاكمون في محاكم عسكرية أحيانا."

ولفتت ممثلة حقوق الإنسان إلى وجود مدونين معتقلين في مصر بموجب قانون الطوارئ.

وقالت: "الانتقادات التي يوجهها المدونون أو يتطرقون اليها في كتاباتهم لا تلقى ترحيبا من قبل الحكومات، وهي غير مقبولة تماما.. وجميع قوانين المطبوعات والنشر التي تحكم عمل وسائل الإعلام عموما، تقيد حرية التعبير."

وكانت مصر اعتقلت واحتجزت عددا من المدونين جراء أعمال تحميها حرية التعبير، مثل المدون كريم عامر، واسمه الحقيقي هو عبد الكريم نبيل سليمان، الذي حكم عليه في 22 فبراير/ شباط 2007، بالسجن أربع سنوات بتهمة "إهانة الرئيس"، و"نشر أخبار كاذبة تضر بالنظام العام" و"التحريض على كراهية المسلمين."

وفي ظل غياب النقابات أو جمعيات للتدوين، عمد مجموعة من المدونين العرب إلى تأسيس اتحاد لهم، انطلق في عام 2006، ووضع من أبرز أهدافه "الرقي بالمستوى الثقافي والمعرفي في الأمة العربية، من خلال دعم جهود التعليم ومحو الأمية الكتابية أو الثقافية، والدعوة للانفتاح المتبصر في ظل الحفاظ على القيم الأخلاقية والعقائدية."

ويقول اتحاد المدونين العرب على موقعه الإلكتروني، إن على المدونين "احترام الإنسان والعقائد والأديان السماوية المختلفة والسعي لترقية مفاهيم حوار الحضارات والعمل المشترك للدفاع على الهوية الثقافية وحقوق الإنسان والبيئة."

 وفيما يخص علاقة الاتحاد بالسياسة، قال مؤسسوه: "وجب توضيح أن الاتحاد حركة مجتمع مدني هدفها الرئيس التنمية الشاملة، والتي من ضمنها التنمية السياسية، وبالتالي هي لا تطمح في منافسة الأحزاب أو الهيئات السياسية، وإنما هي كيان يعنى بالمبادئ الفاضلة."

المدوّن الجصاص

في السياق ذاته لا تزال المباحث السعودية في مدينة القطيف تحتجز منذ نوفمبر الماضي المدوّن الشاب منير باقر الجصاص دون توجيه تهم رسمية تبرر اعتقاله.

وذكرت مصادر حقوقية لشبكة راصد الاخبارية ان عائلة المعتقل الجصاص لم تحصل على إجابة واضحة حول سبب استمرار اعتقال ابنها.

غير أن "إشارات كلامية" من ضباط التحقيق في مباحث القطيف المحوا إلى أن سبب الاحتجاز المستمر للشهر الرابع على التوالي يعود لكتابات المعتقل على شبكة الانترنت وفقا للمصادر نفسها.

واعتقل الجصاص في الثامن نوفمبر الماضي من مقر عمله بإحدى شركات القطاع الخاص في مدينة الدمام. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

وذكرت مصادر عائلية في مسقط رأسه ببلدة العوامية أن ابنها قضى أغلب فترات احتجازه منذ ذلك الحين في زنزانة انفرادية بسجن المباحث في القطيف ولم يسمح لهم بزيارته سوى مرة واحدة اعقبت الاحتجاز بنحو عشرة أيام.

واعتبر حقوقيون اعتقال الجصاص شكلا من أشكال الاحتجاز التعسفي لكونه تقييدا للحرية يندرج تحت الفئة الثانية ضمن تصنيف الفريق الأممي المعني بالاحتجاز التعسفي.

ودأبت السلطات السعودية على اعتقال الناشطين السياسيين والحقوقيين دون توفير أي ضمانات قانونية أو محاكمات عادلة لهؤلاء المحتجزين أو توكيل محامين للنظر في شرعية احتجازهم.

وأشارات تقارير دولية إلى تنامي ظاهرة الاحتجاز التعسفي في السعودية ومنها ما صدر عن منظمة العفو الدولية التي أشارت إلى وجود أكثر من 3000 معتقل في السجون محتجز من دون محاكمات.

احمد مصطفى

الى ذلك قضت محكمة محكمة عسكرية مصرية بحفظ قضية المدون المصري احمد مصطفى الى اجل غير مسمى والافراج عنه.

وابلغ محامي المدون مراسلنا في القاهرة عمرو عبد الحميد ان من الصعب على المدن التحدث الى وسائل الاعلام.

وجاء في بيان الاتهام ان احمد نشر اخبارا كاذبة من شأنها زعزعة الإستقرار بين الشعب المصرى والقوات المسلحة. وقالت المنظمة ان الكتابة لكشف الفساد محمية بموجب الالتزامات الدولية لمصر.

واوضحت في بيانها ان المادة التاسعة من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر صادقت عليهما، تدعوان الى حماية حرية التعبير.

يشار إلى أن مصطفى، الطالب في جامعة كفر الشيخ شمالي مصر، هو أحد أعضاء مجموعة 6 أبريل، وهي مجموعة ناشطين سياسيين شباب تعارض النظام الحاكم في مصر. ولمصطفى مدونة على الانترنت بعنوان ماذا أصابك يا وطن .

وفي 15 فبراير/شباط 2009، ورد في مدونته مقال بعنوان فضيحة في الكلية الحربية ، ذكر فيه ان ابن مدرس اجبر على الاستقالة من الكلية ثم اكتشف بعد خروجه منها ان اخراجه كان بغية افساح مكان لابن شخصية ستدفع أموالا كثيرة للكلية.

وقد قبضت المخابرات العسكرية على مصطفى في 25 فبراير/شباط الماضي، وهو في طريقه إلى كلية الهندسة بكفر الشيخ.

ومن اشهر قضايا المدونين المصريين فى السنوات الأخيرة قضية المدون كريم عامر الذى حكم عليه بالسجن بعد ان نشر على مدونته مواد اعتبرتها السلطات مساسا بالإسلام.

هيومن رايتس

من جهتها كررت منظمة هيومن رايتس ووتش دعواتها السلطات المصرية إلى بإسقاط جميع الاتهامات المنسوبة إلى أحمد مصطفى، طالب الهندسة البالغ من العمر 20 عاماً، والمتهم بنشر أخبار كاذبة بشأن الكلية الحربية في مصر على مدونته.

جاء ذلك بينما عقدت أمس أولى جلسات محاكمة أحمد مصطفى بتهم نشر اخبار كاذبة على المدونة الخاصة به من شأنها زعزعة الإستقرار ما بين الشعب المصرى والقوات المسلحة ، وسوف تستأنف المحاكمة اليوم الثلاثاء.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: يجب على الحكومة ألا تُقاضي أحمد مصطفى بالمرة - دعك من محاكمته أمام محكمة عسكرية التى لا تتيح له فرصة لاستئناف الحُكم . وأضاف: وبدلاً من النظر في المزاعم التي أعلنها، تحاول الحكومة إسكاته .

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الكتابة بغية كشف الفساد محمية بموجب الالتزامات الدولية لمصر، وأوضح بيان المنظمة أن المادة 9 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية - وقد صدقت مصر على الوثيقتين - تدعوان مصر إلى حماية حرية التعبير.

يشار إلى أن مصطفى، الطالب في جامعة كفر الشيخ شمالي مصر، هو أحد أعضاء مجموعة 6 أبريل وهي مجموعة ناشطين سياسيين شباب تعارض النظام الحاكم في مصر.

وله مدونة على الانترنت بعنوان ماذا أصابك يا وطن . وفي 15 فبراير/شباط 2009، ورد في تدوينة له بعنوان فضيحة في الكلية الحربية ، أن أبن مُدرس أُجبر على الاستقالة من الكلية ثم اكتشف بعد خروجه منها أن إخراجه كان بغية إفساح مكان لابن شخصية ستدفع أموالاً كثيرة للكلية.

وقام ضباط المخابرات العسكرية بالقبض على أحمد مصطفى في 25 فبراير/شباط 2010، فيما كان في طريقه إلى كلية الهندسة بكفر الشيخ، وأمرت النيابة العسكرية باحتجازه على ذمة التحقيق، بناء على شكوى من الكلية الحربية.

وقال جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش إن ضباط المخابرات العسكرية استجوبوا مصطفى في 17 يناير/كانون الثاني الماضي بشأن مدونته، وطلبوا منه كلمة سر حسابه ثم غيروها لمنعه من الدخول إلى مدونته قبل الإفراج عنه في اليوم نفسه. ويبدو أن تدوينته تنامت إلى علمهم بعد أن ناقش مصطفى مع مجموعة من أعضاء مجموعة 6 أبريل فكرة عقد مظاهرة أثناء زيارة الرئيس حسني مبارك لكفر الشيخ في يناير/كانون الثاني .

ونسبت النيابة الاتهام لمصطفى بموجب القانون رقم 113 لعام 1956 وقانون العقوبات، التي تحظر نشر معلومات تعتبر سرية وتخص القوات المسلحة، أو نشر معلومات كاذبة بهدف الإضرار بالمسؤولين عن قبول الطلاب بالكلية الحربية وإهانتهم. الدليل الوحيد المعروض في القضية هو ما نشر على مدونة مصطفى.

وقال عماد مبارك رئيس مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية، احدى منظمات المجتمع المدني التي تتولى الدفاع عن المدون، ان الأزمة الحقيقية فى قضية المدون هي أنه شخص مدني يتم عرضه على محكمة عسكرية بعيدا عن القاضي الطبيعي الذي من المفروض ان يمثل امامه.

والمعروف أنه لا مجال للطعن في الأحكام التي تصدرها المحاكم العسكرية في مصر.وقال مبارك لمراسلة بي بي سي في القاهرة عزة محيي الدين ان المدونين المصريين اصبحوا يتعرضون لضغوط فى الآونة الأخيرة بعد تمكنهم من رصد العديد من الانتهاكات لحقوق الانسان ونشرها على المدونات الخاصة بهم .

ومن اشهر قضايا المدونين المصريين فى السنوات الأخيرة قضية المدون كريم عامر الذى حكم عليه بالسجن بعد ان نشر على مدونته مواد اعتبرتها السلطات مساسا بالإسلام.

السلطات المغربية تستهدف المدونات

على صعيد متصل وإثر التضييق على الصحف وإغلاق البعض منها، إضافة إلى محاكمة العديد من أصحابها ومحرريها، اتجه أصحاب الرأي المغربيون إلى الشبكة الدولية، مما أقلق السلطات بشأن تعاظم " هذه الوسيلة التي لا تخضع لقوانين النشر".

بعد شهرَين وتسعة أيام من السجن، أطلق سراح المدون بوبكر اليديب الذي أوقف وحُكم عليه بستة أشهر من السجن من قبل محكمة غويلميم في جنوب البلاد، بسبب نشره صوراً لمظاهرة قمعت بشدة في كانون الأول / ديسمبر الماضي في قرية جنوبية. كما أطلق سراح مدون آخر هو بشير عزام كان قد أوقف الشهر الماضي لنفس الأسباب.

في حديث إلى مونت كارلو الدولية، يتطرق عمّار الخلفي صاحب مدونة " نبراس الشباب" التي صنّفت كأفضل ثاني مدونة متخصصة في مسابقة "أرابيسك"، إلى مسألة التدوين في المغرب في الوقت الراهن.

بعد حملة الاعتقالات التي طالت عدداً من المدونين والإفراج عن آخرين مثل بوبكر اليديب وبشير عزام، ما هو واقع الحال اليوم بالنسبة للمدونين في المغرب؟

بعد الاعتقالات، شهدت المدونات المغربية ازدياداً مطرداً في عدد منشوراتها التي راحت تغطي الصفحات الإلكترونية بحرية واسعة، وزاد عدد الأقلام التي راحت تدافع عن حرية الفكر والتعبير. ولكنها بقيت حرية غير مطلقة تلتزم القواعد والمبادئ التي رسمتها لنفسها. وأثبتت مرة أخرى أنها قوة صاعدة تتنامى وتكبر مع ازدياد الضغوط عليها، وأضحى صوتها عالياً يطالب أكثر من أي وقتٍ مضى بفك القيود المفروضة عليها، لتصبح عصفوراً أفلت من قبضة الصيّاد.

عمّار الخلفي، أنتَ مدوّن مغربي. كيف تتعامل مع التدوين ؟ هل لديك خطوط حمر لمدونتك لا تتجاوزها، أو أنك تحرص على قول الحقيقة وما تراه صواباً مهما كان الثمن؟

ليس لدي خطوط حمراء. مدونتي ليس لها حدود حاجزة، حدودها الوحيدة التي تقف عندها هي كل ما يمكن أن يمسّ بالمواطن وبكرامته وحريته. و" نبراس الشباب" التي أسّستها قبل عامَين هي مشروع شبابي جماعي طموح يعتمد على الكلمة الحرة المميزة ويسعى إلى التنوع والانفتاح الفكري.

هل ترون من آفاق حلولٍ لقضية التدوين ؟ طبعاً، هناك مفاوضات تجري مع السلطات بخصوص هذه القضية. هل تعتقدون أنكم ستصلون مع السلطة إلى قواسم مشتركة تحد من تفاقم التوتر بينكم وبينها؟

أسسنا قبل سنة " جمعية المدونين المغربيين" وهي إطار قائم بحد ذاته، حاولنا من خلالها التحاور مع السلطة. ولكننا لم نلق تجاوباً من الدولة التي راحت تضيق الخناق علينا، مما يؤثر سلباً على أداء المدونين المغاربة الذين باتوا يخشون القمع ويمتنعون عن التعبير الحر وعن الجهر بمواقفهم وآرائهم.

أول جريدة شعبية

من جانب آخر أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، وهي مؤسسة حقوقية معنية بالدفاع عن حرية التعبير في العالم العربي، أول جريدة شعبية مطبوعة يحررها المدونون العرب تحت اسم "وصلة".

وقال المدير التنفيذي للشبكة، جمال عيد، في مؤتمر صحفي خصص للاعلان عن اصدار العدد الاول ان الهدف من اصدار الجريدة، التي ستوزع مجانا، هو تحقيق التواصل بين جيل المدونين وجيل النخبة من السياسيين والكتاب والمفكرين لخلق حالة تفاعل بين جيلين مختلفين.

وأضاف عيد "لدى المدونين وجهة نظر مختلفة حول العديد من القضايا كالديموقراطية والاصلاح السياسي وحرية التعبير، وهي وجهة نظر يعبرون عنها في تدويناتهم، ونحن نقوم فقط بنقل هذه الافكار لتحقيق التواصل مع جيل النخبة". بحسب الاستوشيد برس.

وفي معرض رده على سؤال لوكالة الانباء الألمانية حول معايير اختيار التدوينات التي يتم نشرها في الجريدة، والى أي مدى يتم التدخل في صياغة التدوينات، خاصة التي قد تحتوي على ألفاظ وتعبيرات ربما تعد صادمة اجتماعيا أو أخلاقيا ولا تصلح للنشر في مطبوعة ورقية، قال عضو مجلس تحرير الجريدة المدون أحمد ناجي :"حددنا معايير عامة، أبرزها اختيار التدوينات التي تعبر عن قضايا عامة، وننقل التدوينة كما هي، لكننا نتدخل فقط في حالة وجود ألفاظ لا تصلح للنشر، فنحصل على اذن صاحب التدوينة لحذف هذه الالفاظ".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/نيسان/2010 - 2/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م