كنت امتع ناظري بنافورة تلقي بهتافاتها الى السماء وارقب الفندق
العتيد.. كنت اتحدث عبر الهاتف واتمنى ان تاتيني الى الساحة التي فوجئت
انها اكثر جمالا من السابق. هنالك اشجار وازهار وورود ونجيل اخضر يبحث
عن حياة جديدة مع اقتراب الربيع..
حدثتها بامنيتي فقالت.. انا لا أجئ الى ساحة سقوط الانظمة.. قلت..
هي ساحة الفردوس يامعودة وليست مقصلة! وقالت. لا إنها ساحة سقوط
الانظمة وخلاص. قد يوأد عشقنا مثل احلام الحاكمين..
فوجئت انها تسمي ساحة الفردوس الشهيرة بهذا الاسم الشديد في قسوته
والبالغ الاذى لمشاعر الناس. وهي الساحة التي كانت محلا لنصب الجندي
المجهول السابق قبل الاطاحة به ونقله الى صوب دجلة المقابل..
وربما اضفى وجود تمثال صدام حسين والموضع المميز للساحة وماجرى من
احداث بعد عام 2003 وحين قامت قوة امريكية بازاحة التمثال واعلان عهد
جديد صارت فيه الساحة المكان المميز للقوى المعترضة ولموظفين وعمال
يعانون من قطع رواتبهم او تعرضوا لظلم من مسوؤل كبير وحتى لاحزاب
سياسية تعلن وجودها وسطوتها ولمنظمات نسوية.. وكنت شاهدت منذ مدة
مجموعة اشخاص (ذكور) يهتفون مطالبين بضمان حقوق المرأة العراقية.. كل
ذلك اضفى هالة مميزة عليها..
استسلمت للامر الواقع ونسيت ماوصفت به الحبيبة تلك الساحة وصعدت الى
احدى طوابق الفندق العتيد. لكني عدت فيما بعد لافكر في وصفها الحاد
وفكرت بالكتابة عن الساحة التي عصفت بذهني طوال سنوات قلقة عاشها
العراق في ظل تجاذبات سياسية. وهاأنا اكتب ولست مترددا في ذلك على
الاطلاق.
يقولون ان قرارا صدر من جهة ذات صلة بالساحات باعادة نصب الجندي
المجهول الى ساحة الفردوس التي هي المكان الاصلي للنصب وربما كنت اعترض
باعتبار ان النصب الحالي يحتفظ بحرفية عالية ولايرمز الى النظام السابق
ويمكن اجراء تعديلات تجعل منه ملائما للعهد الجديد ويمكن توظيفه للكشف
عن خبايا العهد السابق وماحصل فيه من تداعيات ومشاكل دون التخلص منه
بطريقة او باخرى..
واذن فقد تواعدنا في مكان آخر والسلام..
hadeejalu@yahoo. com |