النشاط العائلي السليم أساس نجاح المجتمع

 

شبكة النبأ: يرى علماء الاجتماع أن العائلة هي اللبنة الأهم في بناء المجتمع، وتنعكس طبيعتها مباشرة على سمات ومواصفات المجتمع ككل، من هنا تأتي أهمية البناء الصحيح للعائلة ويتم من خلالها مراقبة البناء الصحيح للمجتمع ككل، فإذا صحّ تكوين اللبنة الأصغر سوف يصحّ البناء العام لعموم الشرائح الاجتماعية كنتيجة منطقية متوقعة.

لذا من الاهمية بمكان أن يتابع المعنيون طبيعة أنشطة العائلة وملاحظة النظام الذي تستند إليه هذه النشاطات لأن العائلة وفق ما يراه المختصون في علم الاجتماع وغيرهم تعتبر كيانا ذا صفة مستقلة ويعتقد مهتمون آخرون أن صفة الاستقلال تدفع هذا الكيان الى صنع حياته الخاصة بين الكيانات الاسرية الأخرى.

وهنا لابد أن يبدأ التركيز على أهم عنصرين في التشكيل العائلي وهما الرجل والمراة اللذان يشكلان بزواجهما هذه المؤسسة الاجتماعية الصغيرة، ثم تأتي مرحلة الانجاب فيتوسع هذا الكيان رويدا، غير ان المسألة الهامة في هذا الامر هو طبائع وسلوك المولودين الجدد في الكيان العائلي من بنات وبنين، حيث يكون مصدرهم التربوي والسلوكي الاول هو طبائع وسلوك المحيط الاصغر (العائلة)، من هنا تترتب المسؤولية الأكبر لتنظيم الحياة العائلية على الاب والام لكي تنتقل الى الصغار الجدد فتشكل لهم ركائز حياة قادمة تقوم على أسس مدروسة وصحيحة، ومن بين خطوات التنظيم التي يستحسن انتهاجها من لدن الزوجين هي مسالة الحضور المتزامن للزوجين في بيتهما الاسري، حيث يرى بعض المختصين والمتابعين، أن تنظيم الحضور المتبادل للزوجين يعد من ابرز المسائل وأكثرها حساسية، حيث ينبغي الاتفاق عليها بعد أن اختار الطرفان ان يعيشا سوية في بيت واحد وتحت سقف مشترك، ولذا فإن على الرجل ان ينظم وقته بحيث يكون له حضور في المنزل إلى جانب زوجته واولاده بمعدل يقترب من نصف ساعات اليوم، ذلك ان المرأة ترغب في تواجد زوجها مثلما يرغب الرجل في حضور زوجته وتواجدها داخل البيت.

إن هذا الحضور المنظم للزوجين في محيط العائلة يصب في تنمية نشاطها على نحو جيد، ومن الخطأ أن يبعثر الزوجان وقتهما خارج المنزل هنا وهناك دون ان يفكرا بمسؤولياتهما تجاه الاسرة، وخلاصة المسألة، ينبغي على الزوجين تنظيم وقتيهما دون حساسية أو انزعاج من سؤال أو استفسار، ولعل مثل هذه السلوكيات تمون محط مراقبة الصغار فتنطبع في سلوكياتهم عند الكبر، لهذا ينبغي أن يكون النشاط العائلي سليما لكي ينتقل الى النشء الجديدة بطريقة سلسة ومفيدة في آن واحد.

ان النشاط العائلي بحاجة الى تنظيم مسبق كما ينصح المعنيون بذلك، وأن يبتعد الزوجان عن العشوائية فيما يتعلق بأمور الدراسة وتنظيم البيت ونظافته والتعامل مع الجار وما شابه، وثمة ما يتعلق بتقنين المشاعر، مع ان هذا الامر قد يبدو مستحيلا، فالمرأة والرجل احرار في التعبير عن آرائهما في الحياة المشتركة وأسسها وما يتعلق بها غير اننا قد نجد ممارسات قمعية لدى احدهما تقذف الرعب في قلب الاخر وتمنعه من إبداء رأيه في شؤون الاسرة وهذا هو الجانب الذي يخضع للتنظيم، وقد نجد لدى آحد الطرفين رغبة في الحديث عن شأن ما تمنع من ظهورها الخشية من حدوث النزاع، أو يود أحدهما لو أبدى رأيه في مسألة من المسائل ولكنه يخاف ان يكون عرضه للسخرية فيجنح الى الصمت المطبق، محتفظاً بآرائه لنفسه يعالج همه في أعماقه من دون ان يفصح عن اسرار ألمه إلى احد.

ولدينا مسألة التعامل مع الاطفال، فقد نرى التقيد في بعض الاحيان في إجراء يتخذه الاب لتأديب ابنه عندما يرتكب خطأ يستحق العقوبة، وفي اللحظة بالذات تظهر الام كحاجز يوقف تنفيذ الإجراءات التي يريد ان ينفذها الأب بحق ابنه او ابنته، مما يؤدي إلى النزاع والمواجهة بين الزوجين، وقد يتخذ بعض الآباء إجراءات غاية في القسوة ربما تعرض الابناء إلى مخاطر كبرى، وفي هذه الحالة على الام ان تتدخل لمنع اجراء كهذا، إن التدخل من قبل احد الطرفين في شؤون وإعمال الطرف الآخر خطأ كبير يقود إلى النزاع، وعوضاً عن هذا الاسلوب الصدامي ينبغي على الزوجين ان يفكرا بوسيلة مناسبة في تقديم النصح اللازم تحفظ للطرفين جميع الحقوق والاعتبارات، وهناك اجراء تنظيمي عائلي يتعلق بالجانب الاقتصادي، حيث قد يقتضي هذا الجانب في حياة الاسرة ان يبسط الرجل يده في الإنفاق وأن  تقبض المرأة يدها في الاستهلاك، ان الكرم والسخاء في حياة الرجل صفة طيبة ومحمودة، ولذا فعليه أن يوسع في الإنفاق على عياله واسرته، وأن لا يقصر في ذلك ما أمكنه، وعلى المرأة ان تدير شؤون منزلها حسب الإمكانات المتوفرة وان لا تتخطى الحد المعقول في ذلك كما ان البخل في حياة الرجل خصلة مذمومة كما الاتلاف في حياة المرأة ، لكننا قد نجد بعض الرجال الذين وهبهم الله من نعمه ولكنهم يبخلون على أهليهم وانفسهم ويكدسون الاموال فوق بعضها تحسباً لفقر محتمل، في حين يعيش أهلهم وابناؤهم في فقر مدقع صنعوه بأنفسهم، مع أنهم قادرون على تجاوزه.

وهكذا فإن المسؤولية الكبرى تقع على الاب والام اولا وأخيرا، فهما العضوان المؤسسان للكيان العائلي وبهما تبدأ النواة أوالخلية الاجتماعية الاصغر ثم تبدأ بالتنامي لتسهم في تشكيل المجتمع الاكبر (الشعب او الامة) ولذلك كلما كان الكيان الاسري ناجحا كلما كان المجتمع قابلا للتطور والازدهار، وهنا يكمن حجر الزاوية في اهمية تنظيم الحياة العائلية، وهذا ما يقودنا أيضا الى الركيزة الدينية والاخلاقية التي يرتكز عليها الكيان العائلي في بداية مشواره.

فإن التزم الزوجان بالمبادئ الاسلامية التي تنظم الحياة الزوجية ودعما هذا الالتزام بالنشاط البيتي او العائلي فإن الاعضاء او المولدين الجدد (الابناء والبنات) سوف يأخذون بهذه المبادئ كخطوط عمل تنظم حياتهم الحاضرة والمستقبلية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/نيسان/2010 - 22/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م