كيف كانت تغطية الصحف العراقية لنتائج الانتخابات الأخيرة؟

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: طوفان من الصحف العراقية فاض على السطح بعد سقوط النظام السابق،  فبعد ان كانت هناك بضعة صحف لا تتجاوز أصابع اليدين وكلها مملوكة للدولة وتخضع للرقابة الأمنية المشددة أو رقابة الخوف المستديم للعاملين في حقولها، انفجر الطوفان الصحافي العراقي أسماء وعناوين عديدة حاولت أن تواكب الأحداث والتطورات في عراق جديد يسمح بحرية الكتابة والنشر بدون ضوابط او سياقات صحفية معينة، وقد تراوح ظهور هذه الجرائد بين مد وجزر، فقسم منها يظهر ثم سرعان ما يختفي لعدم وجود التمويل اللازم، او انه يظهر لدواعي حزبية (لكل حزب جريدة)، او لدواعي الوجاهة الاجتماعية، وقسم آخر يظهر ليكون ناطقا بلسان تجمعات معينة (عشائرية – ثقافية – مهنية – أكاديمية – الخ)، ومعظم هذه الجرائد تشكو من غياب الحرفة الصحفية، على صعيد الكتابية والتحرير والإخراج الفني، ويسود صفحاتها وصورها الارتباك والتخبط وكثيرا منها عبارة عن منشورات جدارية،  تذكر بالنشاطات اللا صفية لطلبة المدارس أيام كانت هناك مدارس حقيقية وتعليم حقيقي.

ولم تستطع معظم الجرائد التي صدرت وتوقفت عن الصدور، أو التي لازالت تواصل الصدور،  وما يضاف إليها من إصدارات جديدة،  أقول لم تستطع أن تتخلص من إيديولوجية الممول والداعم،  الحقيقي او الافتراضي الذي تطمح لنيل دعمه وقليلة جدا، وهي المحظوظة التي تتلقى دعما مستمرا يتيح لها الاستمرار في الصدور عبر مؤسسات يمولها بعض الساسة،  مع اشتراطات إيديولوجية قليلة، او مضمرة، فليس لدينا حتى الآن مؤسسات مجتمع مدني فاعلة لها القدرة على الحركة والتأسيس لثقافة تعبير حرة، وليس لدينا تلك الصحافة التي يمكن أن تكون كما تعارف عليه السلطة الرابعة، التي يمكن أن تطيح وزيرا او نائبا او حتى شرطيا ينتهك القانون العام.

والصحف العراقية لها مواسم كثيرة للعمل في العراق تبعا لكثرة الأزمات الموجودة والمستحدثة، وهي تعمل على ملئ صفحاتها بأخبار وتقارير تلك الأزمات أو الأخبار العراقية الحادثة، عبر طرق النسخ من مواقع الانترنت واللصق على صفحات الإصدار الورقي لجرائدنا، وكثيرا ما وقعت تلك الصحف بمطبات عديدة لنشرها ما لا يتلاءم مع سياسة الداعمين لها، أو أن تلك المقالات المستنسخة تروج لأفكار تحاربها الديمقراطية العراقية الجديدة أو إن هناك طعنا ببعض الرموز الوطنية والدينية والتي مرت على المصفف والمخرج مرور الكرام.

في الآونة الأخيرة انشغلت صحفنا بالانتخابات النيابية وما دار قبلها وأخذت حصتها من الصمت الانتخابي بسبب التوقف عن العمل فيها لمقتضيات تواجد العاملين بالقرب من الأماكن التي يصوتون فيها.

بعد إعلان النتائج بقيت الكثير من الجرائد محتجبة عن الصدور لكون يوم السبت عطلة للعاملين لديها، وكأن النتائج غير مهمة لقرائها أو لمقتضيات السبق الصحفي الذي تسعى له كل مطبوعة يومية.

صحف قليلة صدرت بعد إعلان النتائج يوم السبت 27-3-2010

جريدة العالم

أخيرا مفوضية الانتخابات تعلن فوز علاوي ب91 مقعدا ودولة القانون 89 والائتلاف الوطني 70.

المالكي: قطعا لن نقبل بهذه النتائج حتى تنتهي الشكوك ونرحب بتحالف حاكم يضم قسما من العراقية.

الصدر والحكيم يهاجمان المالكي:  تصريحاته إرهاب دولة وتحتاج إلى ترويض.

الصور: صورتان للمالكي وأسفلها صورة علاوي.

وصورة تجمع بين الرئيس الإيراني احمدي نجاد والرئيس العراقي جلال طالباني. 

جريدة الشرق الأوسط / طبعة بغداد

حملت مانشيتا عريضا تحت عنوان: صحوة الاعتدال في العراق، مع صورة لأياد علاوي تتوسط الصفحة الأولى، مبتسما أمام الكاميرا وهو يتحدث بجهاز الموبايل، وكذلك عناوين لثلاثة أحاديث لعلاوي وعادل عبد المهدي وبرهم صالح. 

في اليوم التالي تصدر صحيفة الشرق الأوسط / طبعة بغداد حاملة العناوين التالية في صفحتها الأول:

علاوي: هذه نهاية الطائفية.  

المالكي يرفض الاستسلام.

واشنطن تعتبر النتيجة محطة مهمة على طريق الديمقراطية.

ويكتب طارق الحميد عموده في الصفحة الثامنة في هذا اليوم تحت عنوان: هنيئا لنا صحوة الاعتدال العراقي.

وفي اليوم الثاني لإعلان النتائج عاودت معظم الصحف العراقية صدورها بعد العطلة، وقد اختار الكاتب عددا من الصحف اختيارا عشوائيا، وكانت كالتالي:

صحيفة العراق اليوم وحملت صفحتها الأولى:

حميد موسى: الانتخابات كانت عنوانا لعدم النزاهة والتلاعب.

عشر شخصيات مرشحة لرئاسة الوزراء ستطرح في لقاءات الكتل السياسية وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: ستة أخبار من أصل احد عشر خبرا.

صحيفة المنار العراقية، وحملت صفحتها الأولى:

العراقية تشكل لجنة برئاسة الدكتور رافع العيساوي للحوار مع جميع الكيانات السياسية بدون استثناء للمشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة  وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: خمسة أخبار من أصل سبعة.

جريدة طريق الشعب

الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي.

برغم المطالبة بالتأجيل وإعادة الفرز: المفوضية تعلن نتائج الانتخابات.

وحدة العراق، اتحاد الشعب، الأمة العراقية وأحرار: نرفض مصادرة إرادة الناخبين.

وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: ثلاثة من أصل ثمانية. 

جريدة البينة

انتخاباتنا برلمانية وليست رئاسية:  الكتلة النيابية الأكبر هي من ترشح رئيس الوزراء.

النتائج النهائية قبل ساعتين من إعلان المفوضية للنتائج: 91 مقعدا لدولة القانون و89 للعراقية و 80 للائتلاف الوطني علامتا تعجب.

لماذا أفرغت قاعة (السيرفر) من مفوضي وموظفي المفوضية ومن هي (ساندرا)؟ وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: ثلاثة من أصل ثلاثة. 

جريدة البينة الجديدة

عادل عبد المهدي: الاندماج مع ائتلاف دولة القانوني ليس بالأمر المطلوب

نتائج الانتخابات: علاوي فاز والمالكي زعلان والائتلاف الوطني سيحصد رئاسة الوزراء والأمريكان فرحون.

الطالباني والبارزاني: علاوي صديق عزيز لكردستان ولكن لن نتحالف معه بوجود النجيفي وهيل يتساءل: من هي مرجعية السنة؟

صورتان بنفس الحجم لعلاوي وللمالكي متجاورتان وأخرى صغيرة لعلاوي وتحتها عنوان هل يصلح الحداد ما أفسده الدهر؟

وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: ثمانية من أصل ثمانية.

جريدة المستقبل

تصدر عن تجمع المستقبل الوطني.

فوز العراقية فوز للإرادة الوطنية.

الافتتاحية: وانتصر التغيير، وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي: أربعة من أصل خمسة.

صور علاوي – المطلق – الهاشمي – ظافر العاني – رافع العيساوي – أسامة النجيفي.

جريدة الإصلاح الوطني

دولة القانون يصر على إعادة الفرز.. الائتلاف الوطني يسعى لجمع الكتل الفائزة والكردستاني يستبعد التحالف مع العراقية.

منال فنجان:  عضو الهيئة السياسية للإصلاح: لا نشك في النتائج وندعو المفوضية للإجابة عن استفسارات الائتلاف الوطني.

ميلكرت: هناك قاعدة صلبة لمصادقة المحكمة الاتحادية العليا على الانتخابات  وكانت حصة الأخبار المتعلقة بالنتائج هي:  خمسة من أصل ثمانية. صورة من المؤتمر الصحفي للمفوضية عند إعلان النتائج.

ما هي النقاط التي يمكن تأشيرها على ما حملته تلك الصحف والتي صدرت خلال اليوم الأول والثاني لإعلان نتائج الانتخابات؟

الملاحظة الأولى التي يمكن تسجيلها أن معظم الصحف لم تتعلم بعد أهمية التغطية الصحفية للأحداث الكبيرة التي تشكل اهتمامات القراء واتجاهاتهم، والتي يمكن أن ترفع من معدلات توزيع تلك الصحف. 

الملاحظة الثانية أن معظم تلك الصحف لم تقطع عطلتها وتستأنف الصدور. وقد يعود ذلك إلى معرفة القائمين على تلك الصحف المحتجبة يوم السبت إنها ربما لا تملك حضورا بين القراء وبالتالي فان ذلك لا يزيد في مساحة انتشارها.

الملاحظة الثالثة إنها لا تبالي بمثل هكذا أحداث كبرى لقناعتها بأنها لا تستطيع ان تؤثر فيها   أو أن الحدث لا يشكل سبقا صحفيا يستدعي اهتماما اكبر به.

الملاحظة الرابعة غياب الحيادية الصحفية في تغطية الصحف الصادرة أعلاه، وعدم بقاءها على مسافة واحدة من إعلان النتائج، ويعود ذلك إلى عدم استقلالية تمويلها فهي أما تكون ممولة من جهات لها إيديولوجياتها المعينة او إنها ممولة من قبل أحزاب وجهات سياسية او جرائد ناطقة بلسان حال أحزابها او هي تعتمد في مصادر تمويلها على لاعبين إقليميين من دول الجوار كما في حالة جريدة الشرق الأوسط ذات التمويل السعودي والتي لم تبتعد عن الموقف الرسمي السعودي وان كان مبطنا بدعم القوائم ذات الصبغة الطائفية المموهة بشعارات العلمانية والوطنية والتي تمثلها خير تمثيل جريدة المستقبل النابعة لتجمع المستقبل الوطني الذي يتزعمه ظافر العاني والذي يمثل في نظر الداعمين له علمانية بعثية معتدلة  والذي كان قد استبعد من الانتخابات بقرار من هيئة المساءلة والعدالة قبل الانتخابات بفترة قليلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/نيسان/2010 - 17/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م