الامام الكاظم (ع) يجيب على اشكالية صرف اموال الاعلام الاسلامي

سامي جواد كاظم

ان الاموال هي الوحيدة التي يسال الله عز وجل عباده يوم المحشر عليها سؤالين مصدر المال ومكان الصرف ؟ والمال من الاهمية بحيث ان نصف الاحكام الشرعية هي متعلقة بالاموال مباشرة وبعضها غير مباشرة.

التبذير يرفضه الاسلام وبشدة بل ويعتبره من اعمال الشيطان ومن يقدم على التبذير هو من اخوان الشياطين وهذا التبذير يشمل حتى الاموال التي هي ملك خاص وحلال للمسلم فلا يجوز العبث بها، فكيف بها اذا كانت اموال شرعية بحيث ان القائم عليها مؤتمن عليها ويجب ان يحسن التصرف بها وبدقة تبرئة لذمته اما الصاحب الشرعي لهذه الاموال الا وهو الله عز وجل.

الاعلام الاسلامي اذا ما اريد له النهوض فان العمود الفقري الذي ينهض به هو المال واذا ما ضمن مصدر الاموال انها شرعية وحلال اذن عليه ان يكون اكثر دقة وحرص على كيفية صرفها ولان الاعلام الاسلامي وتحديدا الفضائيات منها يحتاج الى صرف اموال طائلة في مجالات معينة بحيث انها لو قورنت بمكان صرفها في مجال اخر كأن يكون الفقراء والايتام هم من يراهم اولى في هذا الصرف باعتبار ضمان الاجر والثواب على عكس الاعلام الاسلامي فانه يتارجح بين القبول والاثم، والمسلم الورع يتحسس كثيرا من الاثم فنجده يميل الى الاحتياط حتى لا يهلك نفسه.

الهداية والعلم والثقافة من ضرورات الحياة فجياع البطون اهون بكثير من جياع العلم والمشبعين بالجهل ولا ننكر تأثير الفقر على الانسان لدرجة ان امير المؤمنين عليه السلام قال لو كان الفقر رجلا لقتلته دلالة على ان الفقر ارتكب جرائم قتل عدة بحق الفقراء.

في بعض الفضائيات التي تريد انتاج فلم قد تحتاج الى ادوات باهضة الثمن على ان تستخدمها لمرة واحدة وبعد الاستخدام يصبح لا قيمة لها مثلا اذا ارادت انتاج فلم او وضع ديكور خاص لبرنامج معين حيث كثيرا ما يتم شراء او تصميم اثاث خاص لبرنامج معين تنتفي الحاجة اليه حال انتهاء البرنامج فهنالك من يعد هذا تبذير والاولى صرف الاموال للفقراء.

ومن هنا فاننا كثيرا ما نلاحظ في اغلب قنواتنا الفضائية الاسلامية بساطة وكلاسيكية الاثاث والديكور الذي يعتمده الاخوة العاملين في هذه الفضائيات ولا يتجاوز على منضدة وكراسي وباقة ورد وسط المنضدة ولا استبعد انها عائدة لاحد الاخوة العاملين في الفضائية على ان يستردها حالما ينتهي البرنامج او انها تستخدم لعدة برامج واكثر من مرة مما يوحي للمشاهد ضعف امكانية هذه الفضائية في منافسة بقية الفضائيات التي في كل فترة عرض الاخبار نجد اثاث جديد ورائع يتم استبداله بشكل دوري وبافضل منه على عكس الفضائيات الاسلامية.

وانا اجد عندما تكون النية والغاية سليمة هي للدين الاسلامي فان كثيرا من التصرفات نجد لها مخارج شرعية حتى وان اتت النتائج عكس المطلوب، فهنالك قاعدة فقهية تقول ليس على المحسنين من سبيل وهي ان المحسن والقاصد عمل الخير اذا ما ترتب سلبيات على عمله واضر بالاخرين فهو ليس بضامن لهذه الخسارة طالما نيته حسنة.

ولنستشهد برواية للامام موسى الكاظم عليه السلام عندما كان احد المسلمين دائما يعترض الامام عليه السلام بالسب والشتائم لدرجة ان اصحابه عليه السلام طلبوا الاذن منه لغرض ردعه وحتى قتله الا انه رفض، تخيلوا كيف تصرف الامام عليه السلام اتجاه هذا الشاتم؟ لقد دخل الامام عليه السلام في بستان هذا الرجل وهو راكب بغلته فامتعض الرجل ونادى بغضب على الامام لقد اتلفت زرعي فاقبل نحوه الامام عليه السلام وهو باسم بوجهه ويلاطفه قائلا له كم غرمت من زرعك هذا ؟ قال مئة دينار، قال عليه السلام فكم ترجو ان تصبو منه ؟ قال لست اعلم الغيب قال عليه السلام انما قلت كم ترجو ان يجيئك فيه ؟ قال : مئتا دينار  فاخرج له ابو الحسن عليه السلام صرة فيها ثلاثمائة دينار وقال له الزرع لك، فاقبل الرجل يقبل يدي الامام وانقلب من شاتم الى محب.

الدرس الاعلامي من هذه الرواية ان الامام عليه السلام قام بصرف ثلاثمائة دينار مع اعطاء المحصول للرجل ولست هنا في البحث عن مصدر الاموال لدى الامام هل هي ملكه ام من حقوق المسلمين فالامر لايهم طالما هو المعصوم وحجة الله على الارض ولكن عملية اقناع وتغيير موقف الرجل احتاجت الى هذا المبلغ الكبير والذي في وقته يمكن لنا ان نفتتح اكثر من فضائية فان هداية الرجل تطلبت هذا المبلغ الكبير مع العلم ان مستوى الفقر في ذلك الزمن اكثر بكثير مما هو عليه الان كما وان الامام عليه السلام يستطيع ان يهدي هذا الرجل بعدة اساليب الا انه استخدم المال في هدايته وبشكل شرعي.

واليوم الشاتمون للاسلام كثر والفضائيات عاجزة عن الرد بسبب الحرج من صرف الاموال بفرض عدم استحقاقية الاعلام لذلك وهذا هو الخلل الذي جعلنا في صفوف بلدان العالم الثالث.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/آذار/2010 - 10/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م