التعليم.. بين الأزمة الاقتصادية وعوامل الفقر والإهمال

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: أدت الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تراجع مستوى التعليم في العالم والحؤول دون دخول ملايين الأطفال إلى المدارس لاسيما أن ثمة فئات تبقى مهمشة بشكل دائم.

وكانت 160 دولة حددت في العام 2000 هدفا يتمثل بتوافر التعليم الابتدائي لكل اطفال العالم بحلول العام 2015 بيد ان "حظوظ تحقيق ذلك تتراجع" بنتيجة "الواقع المتدهور لاسيما في السنوات الاخيرة"، على ما قال كيفن واتكينز الذي اشرف على وضع التقرير.

وثمة 72 مليون طفل في العالم في سن الدخول الى المدرسة الابتدائية بيد ان ظروفهم لا تسمح لهم بذلك، وان استمر هذا الواقع سيرتفع عددهم الى 56 مليونا بحلول العام 2015.

لكن تقرير الأمم المتحدة يشير الى "التقدم الكبير" المسجل في بعض الدول الفقيرة منذ عشر سنوات تقريبا، لا سيما في بنين واثيوبيا فضلا عن تنزانيا وموزامبيق وبنغلادش ونيبال، ويعرب عن قلقه من الواقع الذي تفرزه الازمة الاقتصادية العالمية.

ويضيف التقرير ان الازمة تتسبب "بتباطوء في النمو وارتفاع مستوى الفقر فضلا عن ضغط متزايد على الموازنات"، الامر الذي قد "يؤثر سلبا على التقدم المسجل" حديثا في مجال تعليم الاطفال في سنواتهم الدراسية الاولى. بحسب فرانس برس.

اما الاهداف المفترض تحقيقها فستكون صعبة المنال لاسيما مع تسجيل عجز قدره 16 مليار دولار على صعيد هبات المانحين اضافة الى انه من الصعب على الحكومات معالجة التباين في هذا المجال المسجل داخل بعض الدول الفقيرة انفسها.

واظهر تقرير اليونيسكو المعنون "الوصول الى المهمشين" ان "العالم لن يتمكن من تأمين التعليم لكل اطفاله الا في حال وضع التهميش في قلب السياسات التربوية".

واستحدثت اليونيسكو للمرة الاولى هذا العام قاعدة معلومات حول "البؤس التربوي الاقصى" الذي يقاس على شريحة عمرية تراوح بين 17 و22 عاما درست ما يقل عن سنتين.

اما الدرس الذي استخلص من ذلك فيظهر انه حتى في الدول حيث سجل تقدم كبير في هذا الشأن، ثمة فئات مهمشة وهي بشكل عام من الفتيات الفقيرات اللواتي يعشن في مناطق ريفية وينتمين الى الاقليات.

ففي نيجيريا تابعت الفئة العمرية 17-22 عاما ما معدله سبع سنوات دراسية الا ان النساء في هذا البلد اللواتي يعشن في مناطق ريفية فقيرة وينتمين الى اثنية هوسا فقد بلغ متوسط دراستهن اقل من ستة اشهر.

اما في تركيا الدولة التي حققت تقدما سريعا في ما يختص بالتعليم، لا يزال متوسط دراسة النساء الكرديات المتحدرات من عائلات فقيرة ثلاث سنوات، الامر الذي يجعلهن في المستوى عينه مقارنة مع معدل التعليم الوطني في تشاد.

وللقضاء على هذا التفاوت داخل دولة واحدة توصي اليونيسكو بالغاء الاقساط المدرسية وتحفيز الاساتذة ماليا كي يقصدوا المناطق الريفية ومكافحة الفقر من خلال تطبيق سياسات الضمان الاجتماعي.

تدريس ثلث منهج المدارس في البيوت

وفي مصر أعلن وزير التربية والتعليم أنه سيتم تدريس مضمون الحصة الدراسية كاملا للطلاب من خلال المدرسة والتكليفات المنزلية، وإغلاق جميع مراكز الدروس الخصوصية «غير المرخصة» بالمحافظات.

وقال إنه سيتم تدريس ثلثي مقرر الحصة الدراسية في المدرسة، بينما الثلث الآخر سيكون على هيئة تكليفات للطلاب يعتمدون في إنجازها على القنوات التعليمية، بحسب ما نشرت جريدة "المصري اليوم".

وأوضح أنه سيتم تقليل كثافة عدد الطلاب ليتراوح ما بين 30 و40 طالباً، وتقليص الحصة الدراسية في المرحلة الإعدادية إلى 30 دقيقة بدلا من 45، وفى باقي المراحل من 90 دقيقة إلى 60 دقيقة.

وأشار إلى أنه تم الوقوف على ثلاثة اختيارات هي: اعتماد نظام الفترتين، أو اعتماد نظام الثلاثة أيام أسبوعيا، أو مد الفترة الدراسية اليومية خاصة في مراحل التعليم الأساسي، التي تشهد كثافات عالية مقارنة بالإعدادي والثانوي خلال هذا العام.

ومن جانب آخر يتعلق بالصحة المدرسية، ألقت حالة الهلع التي تجتاح البيوت المصرية، خوفاً من تفشي فيروس H1N1 المسبب لمرض أنفلونزا الخنازير، أعباءً إضافية على كل أم، حيث أصبح عليها في كل صباح التأكد من أن الحقيبة المدرسية التي يحملها ابنها أو ابنتها، تحتوي "قناعاً واقياً"، إلى جانب الحمل الثقيل الذي يحمله الطلاب على ظهورهم يومياً.

فالحفاظ على هذا القناع من التلف أو الضياع، أصبح الشاغل الأول لكثير من الأمهات، نظراً لنقص المتوافر منه بالمدارس، وعدم وجود بديل إلا في الصيدليات، مما يشكل زيادة جديدة في الأعباء الملقاة على عاتق رب الأسرة، خاصة أن بداية العام الدراسي جاءت بعد أيام قليلة من عيد الفطر وشهر رمضان.

ورغم أن تقديرات وزارة التربية والتعليم تشير إلى أن حوالي 16 مليون و100 ألف طالب وطالبة مسجلين في المدارس هذا العام، فقد أكد الوزير يسري الجمل أنه تم توفير 16 مليون قناع واقي، وهو ما يقل عن عدد الطلاب، مشيراً إلى أن هذه "الكمامات قابلة لإعادة الاستخدام بعد تطهيرها."

ولكن الوزير قال، في تصريحات سابقة للتلفزيون المصري، إن بعض المدارس أنتجت من خلال أقسام التربية الفنية، عدداً من الأقنعة الواقية منذ الأسبوع الماضي، كما أن هناك بعض الشركات ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني وفرت بدورها أقنعة للمدارس.

كما لفت الجمل إلى أن مواجهة هذه الجائحة لا يقتصر فقط على وزارة التربية والتعليم، مشيراً إلى أن وزارة الاستثمار قامت بتوفير هذه الكمامات، بينما قامت وزارة الصحة بتوزيع "حقائب إرشادية" على مختلف المدارس لتعريف الطلاب بطبيعة المرض وطرق الوقاية منه.

وخلال جولة تفقدية قام بها وزير التعليم على عدد من المدارس بمحافظة القليوبية الأحد، رافقه خلالها المحافظ عدلي حسين، قال الجمل إن "الوزارة متكفلة بتوفير جميع المستلزمات المتعلقة بالنظافة، وشراء المطهرات والأقنعة، ووقاية التلاميذ من أي مشاكل صحية داخل المدارس."

تعليم دون مقاعد

وفي اليمن ارتادت سلمى، 9 أعوام، وأختها خديجة، 11 عاماً، المدرسة لأول مرة في حياتهما في مخيم المزرق للنازحين في مديرية حرض الواقعة في محافظة حجة، شمال اليمن.

ولم تُتًح الفرصة للفتاتين قبل ذلك للذهاب الى المدرسة حتى في منطقتهما الأصلية وهي مديرية الملاحيظ في محافظة صعدة المتاخمة التي تشهد مواجهات بين القوات الحكومية من ناحية والمتمردين الحوثيين من ناحية أخرى.

وبدلاً من أن تلتحق سلمى بالصف الثالث الابتدائي وخديجة بالصف الخامس الابتدائي كما هو مفترض وفقاً لعمريهما التحقت الأختان بالصف الأول.

وقالت فاطمة وهي أم الطفلتين وسبعة أطفال غيرهما: "لم يتلق أولادي أي نوع من التعليم قبل أن نفر من منزلنا... لأنهم لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدارس البعيدة في القرى المجاورة".

وأضافت فاطمة: "أفضل العيش في مثل هذا المخيم على العودة إلى منطقتنا ... فأنا سعيدة برؤية بنتيّ وهما تقرآن لنا ولباقي أفراد الأسرة التي تضم ثلاثة صبيان لم يتلقوا أي نوع من أنواع التعليم بالمدارس من قبل".

وقال محمود قابيل، سفير النوايا الحسنة لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يوم 19 أكتوبر خلال زيارة قام بها إلى المخيم الذي يقع على بعد 300 كلم شمال غرب العاصمة صنعاء: "يسرني أن أرى أكثر من 80 طفلة مع كتبهن في هذا الفصل الدراسي... من واجبنا أيضاً تعليم الأطفال للحصول على حقهم في التعليم والغذاء والحماية". بحسب شبكة الانباء الانسانية.

وأضاف قائلاً: "رأيت أطفالاً [في مخيم المزرق] على حافة الموت بسبب سوء التغذية الحاد والجفاف. لم أشاهد في حياتي أوضاعاً بهذا السوء منذ أن أصبحت سفيراً لليونيسف عام 2003، حتى في دارفور التي زرتها منذ خمس سنوات خلت أو في أي مكان في هذه المنطقة".

وذكرت اليونيسف أن آخر التقديرات الصادرة عن محافظة حجة تشير إلى أن هناك ما يقرب من 14,000 نازح داخل مخيم المزرق وفي محيطه. ويشهد المخيم تدفقاً يومياً للنازحين الجدد مما يضعف بنيته التحتية المتواضعة أصلاً.

وأخبر نسيم الرحمن، مسؤول الاتصال والإعلام في اليونيسف شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "قبل شهر من الآن، لم يكن هناك سوى 1,000 نازح في المخيم، ولكن عددهم الآن يتجاوز الـ 7,000 شخص، معظمهم من الأطفال".

من جهته، قال عبد الله ذهبان، عضو المجلس المحلي أن عشرات المدارس قد تضررت أو دمرت بالكامل خلال خمس سنوات من النزاع المتقطع في محافظة صعدة التي تشهد الآن أشرس المعارك وأن "الحرب حرمت عشرات الآلاف من الأطفال من حقهم في التعليم".

وأضاف أن الأطفال في المناطق الريفية في محافظة صعدة لم يذهبوا إلى المدرسة حتى قبل الحرب، وأن نحو 50 بالمائة من الأطفال في سن الدراسة تسربوا من المدارس قبل الصف السابع. ووفقاً لليونيسف، يشكل الأطفال نصف النازحين في شمال اليمن البالغ مجموعهم نحو 150،000 شخص.

الوجبات المدرسية تعزز قدرات التحصيل العلمي

ومن جانب آخر أظهر تقرير جديد صادر عن البنك الدولي وبرنامج الأغذية العالمي الأهمية البالغة لمشروعات التغذية المدرسية، وشبكات الأمان الأخرى المتعلقة بالغذاء، في إبقاء الأطفال في مدارسهم، وتحسين صحتهم، ومستوي التحصيل الدراسي لديهم، وكذا تعزيز الأمن الغذائي.

ورغم أن معظم البلدان تقدم وجبات مدرسية لطلابها، حسبما ذكر التقرير، فإن البلدان الفقيرة تواجه عبئاً مزدوجاً، حيث تحاول توسيع نطاق برامج التغذية التي تعاني من نقص التمويل، في الوقت الذي تحاول فيه درء أسوأ الآثار التي قد تنجم عن الأزمات المالية والغذائية والوقود، كل هذا مع وجود دعم ضئيل تتلقاه تلك البلدان من مساعدات المجتمع الدولي. بحسب سي ان ان.

ووفقاً للتقرير الجديد، وعنوانه "إعادة النظر في برامج التغذية المدرسية: شبكات الأمان الاجتماعي، ونمو الأطفال، وقطاع التعليم"، تساهم برامج التغذية المدرسية في البلدان الفقيرة في زيادة نسبة الحضور بالمدارس، ومساعدة الأطفال على التعلم بكفاءة أكبر، وتحسين أداء التلاميذ داخل الفصل.

وفي العديد من البلدان، تمثل برامج التغذية المدرسية أحد الحوافز الرئيسية التي تجعل التلاميذ، وخصوصاً الفتيات والأطفال شديدي الفقر والأكثر ضعفاً، يذهبون إلى المدرسة، إلى جانب إلغاء المصروفات المدرسية وبرامج التحويلات النقدية المشروطة.

وفي مسح أجراه برنامج الأغذية العالمي في 32 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء، شمل أربعة آلاف مدرسة ابتدائية، تبين أن التحاق الفتيات بالمدارس قد ارتفع بنسبة 28 في المائة، وهي ضعف نسبتهن في المدارس التي لا تتلقى الإعانة.

وقالت جوزيت شيران، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي: "في هذه المرحلة الحرجة من تزايد الاحتياجات، على الدول أن تتكاتف لمساعدة الفئات الأكثر عرضة للوقوع في الأزمة."

وأضافت أن بعض الدول، مثل البرازيل والصين، قد أظهرت أن "برامج شبكة الأمان الاجتماعي، مثل الوجبات المدرسية، تساعد على حماية الأطفال الأكثر احتياجاً للتغذية، وعلى ضمان عدم وقوع الأطفال الأشد فقراً والأكثر ضعفاً فريسة للفقر المدقع."

مدرسة من ورق الصحف في تايوان

وقال كندي يعيش في تايوان مع زوجته أنهما بنيا مدرسة صغيرة بورق صحف معالج منزليا. واستخدم الكندي جون لاموري وزوجته التايوانية شيلي وو وهما من المدافعين عن البيئة أكثر من ألف كيلوجرام من ورق الصحف ساهم عدد كبير من الطلبة في جمعها مقابل اعطائهم درجات في النشاط المدرسي لبناء مدرسة مساحتها 75 مترا مربعا. وكان لاموري (59 عاما) يعمل من قبل مفتشا للمباني.

واستغرق بناء المدرسة الورقية نحو عام ومن المقرر أن تفتح أبوابها قبل الميعاد مع انتشار أنباء طريقة البناء غير المعتادة في أنحاء منطقة بينجتونج الريفية في جنوب تايوان حيث يعيش لاموري مع زوجته.

وبعدما أوحى له بالفكرة أصدقاء له قال لاموري انه صنع آلة خلط مستخدما الجزء الخلفي من شاحنة وأداة حادة للقطع. ووضع في الآلة الصحف وبعض المياه والاسمنت لصنع ما يصفه بأنه "ورقي اسمنتي" وهو المادة الرئيسية التي بنى بها جدران مدرسته التي يصل سمك الجدار فيها ست بوصات. وأضاف "هي في الاساس آلة كبيرة للخلط."وذكر أن الطلبة ساهموا بنحو نصف الصحف المستعملة في بناء المشروع مقابل حصولهم على "بطاقات جوائز."

وجدران المدرسة مغلفة بطبقة من مادة السيليكون لحمايتها من الامطار. ومن الممكن أن تستوعب 16 طالبا.

ويبني لاموري وزوجته الآن مطعما من الورق يعتزمان تقديم البيتزا فيه.

حصص نوم للتلاميذ!

وفي بريطانيا تنظِّم مدارس في جلاسجو "حصص نوم" تجريبية للتشجيع على عادات النوم الصحي وتغيير عادات سيئة مثل مشاهدة التلفزيون لوقت متأخر من الليل.

وتهدف هذه الحصص إلى مساعدة الأطفال على التعلم بشكل أكثر فاعلية وأن يكونوا أكثر هدوءا وأن يتمتعوا بصحة ذهنية أفضل. بحسب رويترز.

وهم يعلمون التلاميذ أهمية النوم تسع ساعات على الأقل ليلا وتجنب أن يصطحبوا معهم إلى الفراش أجهزة مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ومنصات الألعاب.

وعلى الرغم من أن خبراء يقولون ان التلاميذ لابد أن يناموا أكثر من تسع ساعات ليلا فان بعضهم لا ينام أكثر من أربع ساعات.

وتقول جمعية (سليب سكوتلاند) الخيرية التي تنظم هذه الحصص ان الحرمان من النوم يجعل الاطفال منهكين للغاية لدرجة تمنعهم من التركيز لعجز المخ عن العمل بكامل طاقته.

وقالت جين انسيل مديرة الجمعية "لا نرسل تلميذا للمدرسة دون أن يكون معه ما يكفي من الطعام فلماذا نرسلهم دون أن ينالوا القسط الكافي من النوم.."وتحث هذه الجمعية الحكومة الاسكتلندية على توسيع التجربة بحيث تشمل المزيد من المدارس غير المدارس الأربع الحالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/آذار/2010 - 5/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م