مصلحتي أولاً..

عن جوائز المتنافسين

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كل شيء يستدعي القلق – بدءا من ترقب إعلان النتائج الأولية وحتى النهائية – وليس انتهاءا بتبادل التهم والتهم المضادة بالتزوير..

المعركة الانتخابية والتي كان عماد أسلحتها اللافتات والصور والشعارات والوعود انتهت وبدأت على الأرض معركة من نوع آخر أسلحتها الزيارات واللقاءات بين أعضاء من الكتل الكبيرة والتسريبات الصحفية من هذا القيادي أو ذاك – وهي جزء من ممارسة الضغط النفسي والسياسي – وهي معركة تستدعي قلقا من نوع آخر.. قلق التسابق على عقد التحالفات وقلق تحقيق الشروط وتقديم التنازلات..

وهو قلق مشروع في حدوده الدنيا بحثا عن بوابة واسعة لتحقيق الوعود الانتخابية، ولكنه يتحول كما الآن إلى قلق ميكافيلي غير مشروع في حدوده القصوى (الغاية تبرر الوسيلة) يستدعيه هذا التنافس المحموم على المناصب السيادية الرئيسية كما تعارف على الثالوث الرئاسي (رئاسة الجمهورية – رئاسة الوزراء – رئاسة البرلمان)..

هذا القلق بدأت تظهر عليه لغة التخاطب القومي والطائفي وخاصة فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي الأول..

فالعرب السنة الفائزين بفوز القائمة العراقية يرون أنهم الأجدر باحتلال هذا المنصب والأحق به من غيرهم تبعا لتوصيف الهوية العراقية بالعروبية والتي يكثر الحديث عنها بوجه الاكراد من جهة موقعهم الاقلوي في محيط عربي، وبوجه الشيعة من جهة أخرى تبعا لارتباط مقلديهم بمرجعيات دينية ذات جذور إيرانية من جهة أخرى..

وهم الأحق بهذا المنصب كما يرون بعد اندثار منصب نائب الرئيس في هذه الحكومة العتيدة والذي تم اختراعه قسرا في الحكومة السابقة كجزء من الترضية ومن متطلبات المصالحة الوطنية .

المنصب الثالث – رئاسة البرلمان – لا يلبي طموحات القيادات السنية أو حتى قواعدها.. لأنهم يرون بابتعاد المنصب الرئاسي الأول عنهم، حتى لو كان بروتوكوليا، اقصاءا وتهميشا لمكونهم السني الذي توزع – تابعا – لائتلافات يترأسها الشيعة علمانية كانت يمثلها علاوي والبولاني أو إسلامية يمثلها المالكي أو الجعفري..

وهي مفارقة صارخة أن هذه الانتخابات لم تفرز مرجعية سياسية سنية مستقلة يمكن الرجوع إليها أو أن تكون في صدارة المشهد السياسي، بعد انحسار جبهة التوافق عن هذا المشهد والتي كانت تضم الحزب الاسلامي العراقي وبعض الكيانات الأخرى والتي لم تحصد سوى عدد قليل من المقاعد لايؤهلها ان تكون لاعبا اساسيا في الحكومة او المعارضة ان كان ثمة معارضة حقيقية في الواقع السياسي العراقي الحالي..

هذه المفارقة سوف تبرز إشكالية على جانب كبير من الأهمية يمكن طرحها عبر السؤال التالي:

هل ستعمل القائمة العراقية على الحفاظ على ائتلافاتها وتماسكها أمام شروط الائتلافات الأخرى للتحالف معها أم إنها ستضحي بهذه التحالفات اذا اقتضت ذلك ضرورة تمرير مرشحها إلى منصب رئاسة الوزراء؟

باعتقاد الكاتب أن إياد علاوي في سعيه الحثيث لهذا المنصب وهو الذي جرب حلاوة الجلوس على كرسي السلطة وامتيازاتها، إضافة إلى نزوعه الشخصي للتفرد بالقرارات، سيضحي بحلفائه سعيا لتحالفه مع الأكراد إذا أراد للتوافقات السياسية معهم ان تجري مثلما يريد..

ولكن الثمن ليس بالقليل.. فكركوك وهويتها أو ضمها إلى إقليم كردستان ستكون مضمار المعركة الرئيسية فإذا تنازل عن كركوك وهو الذي حقق تقدما ملحوظا في أصوات ناخبيها مقابل الرئاسة الأولى للعرب السنة والرئاسة الثانية له فان ذلك يعد بمثابة انتحارا سياسيا أمام العراقيين.. ومنصب رئيس الجمهورية سوف لا يعد كافيا للترضية بالنسبة للعرب السنة مقابل التنازل عن كركوك..

أما إذا أراد التحالف مع الائتلاف الوطني فسوف تبرز معضلة اخرى.. وهي موقف الصدريين الرافض لمثل هكذا تحالف مع من يرونهم ورثة البعثيين المسئولين عن مقتل آلاف الشيعة وتهجيرهم أيام صدام حسين.. أو الثأر المبيّت منذ معارك النجف في رئاسة علاوي الاولى..

قد يبدو التحالف مع ائتلاف دولة القانون هو الأقرب الى الواقع، لكنه تحالف قد يكون اقرب إلى المستحيل في ظل الطموح الشخصي لكلا رئيسي القائمتين في منصب رئيس الوزراء.. لكنه سيعطي منصب رئاسة الجمهورية إلى العرب السنة وهو اقرب إلى الواقعية السياسية إذا أراد علاوي الحفاظ على تماسك قائمته واستمراريتها مع تخليه عن رئاسة الوزراء للمالكي..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 22/آذار/2010 - 5/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م