الانتخابات البرلمانية والتوافقات السياسية في العراق

رؤى شعبية حول الحراك السياسي

عدسة وتقرير:عصام حاكم

 

شبكة النبأ: لاشك بان الواقع السياسي اليوم ينذر بالكثير من التحديات والمتغيرات السياسية في ظل ما افرزت السنوات السبعة الماضية من تشكيلات وتيارات وكتل هي اقرب ما تكون الى حضرة الوعي الديني والقومي والاقليمي ناهيك عن الاصطفاف المذهبي وربما تتعدى دائرة التخندقات تلك الى ابعد من ذلك حيث تجد في الصف الواحد والطائفة الواحدة العديد من الرؤى غير المتجانسة وهي ترنو الى حالة التشرذم والفرقة بعيدا عن ستراتيجية الوعي الوطني وهذا ما جسدته الانتخابات الاخيرة حينما نطقت الاصابع البنفسجية واعلنه ميزان النفير العام امام كل القوى الفاعلة على الساحة العراقية، وهذا بطبيعية الحال قد ينعكس بصورة مباشرة نحو الشروع الى خلق فرصه للمراجعة الواعية ازاء بلورة فكر جديد له القدرة على استيعاب المستجدات الطارئة ومن ثمة مواصلة مسيرة البناء التصاعدي انطلاقا من المرجعية السياسية ومرورا بمسار التحالفات والتوافقات الحزبية وخصوصا ونحن على أعتاب مرحلة جديدة؟

وهذا مما اضطرنا ان نتجه صوب بعض الشخصيات السياسية والثقافية من اجل الوقوف على أهم المؤشرات التوافقية بين الأحزاب والكتل السياسية العاملة على الساحة العراقي واليكم ما أورده أولئك.

(جمال الحاج ياسين) كان اول المتحدثين لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، حيث يقول: ليس هناك ثمة اشكالية ونحن نرى حالة النضج السياسة والفكري للقوى السياسية العاملة في العراق وهي بمثابة تجربة رائدة تعزز الوعي الديمقراطي فكل التوافقات اليوم تشير الى دق طبول التصحيح وربما جاءت تلك الخطوة متاخرة بعض الشىء واني اثني على الإرادة العراقية والممثلة بالإرادة الشعبية وهي وحدها من أعطى درسا بليغا الى القيادة السياسية.

واضاف، وهذا ان دل على شىء فهو يدل على وعي الامة العراقية كما يفند كل المزاعم القائلة بان العراقيين ليس لهم شان بالديمقراطية والتعددية.

أما الاستاذ حكيم محسن، وهو حاصل على شهادة الماجستير في الإدارة والاقتصاد فقد قال لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): الكل يتفق بان اغلب الأمم المتطورة قد مرت بمخاض صعب، وعاشت الكثير من المحن والتحديات، وهذا بطبيعية الحال يدعونا الى التأمل بالتجربة العراقية، خلال السنوات الماضية، فأرى تلك الحقبة الزمنية هي ضرورية من حيث حالة التدرج السياسي واستلهام الدروس والعبر، والتجربة هي خير برهان فنحن لزاما كان علينا أن نتعايش مع ذلك الاختلاف وذلك التباين وذلك الصراع من اجل الوصول إلى القاعدة، وتهيئة المناخ الفكري والثقافي المنسل من استنطاق الواقع، بالإضافة إلى استلهام الرؤى والخيالات الفكرية، وهذا جزء بسيط بالمقارنة مع ما عانته الكثير من الدول إبان تحررها من نير العبودية والاستعمار، وربما كان العراقيين وطيلة الأربعين عام الماضية، فهم لم يكونوا أحرارا منذ عام 1968 وذلك يتضح عبر السياسات والممارسات التي انتهجها قادة الامة السابقين، حيث كانوا يملون على الشعب ما يريدون وبدون الرجوع إليه حتى حلت ساعة دخول القوات الأجنبية إلى العراق حيث كان العراقيين يعيشون التهميش والغياب عن محيطهم العربي والإنساني وجل ما تم تحقيقه سابقا ان كانت هناك انجازات فهي من وحي فكر وأحلام القيادات السياسية وليس على أساس مصلحة الشعب العراقي.

 واضاف: من هنا أقول بان بناء الأمم لا يحسب بعدد السنيين بل بعديد الانجازات وربما هناك أمم امتد مسار التغبير فيها الى عشرات السنيين ونحن اليوم أمام تحدي كبير للإرادة العراقي فرغم مضي سنوات قلائل الا ان القدرة السياسي استطعت ان تستوعب الدرس وتعمل على انتهاج إستراتيجية معاصره لها القدرة على استشراف الماضي القريب والمستقبل القادم من خلال طرد حالة التقوقع والتخندق الى أفاق الثقافة الوطنية الرحبة.

أما الأستاذ الناقد علي فرحان انه ينظر إلى الاتجاه المعاكس وهو يرى بأن القيمة لا تكمن في التوافقات السياسية وحالة الاندماج بين الكتل والتيارات والأحزاب إلا ان الأمر متعلق في الغايات والأهداف المرجوة من تلك التوافقات وان لا تكون هناك ثمة صفقات او محاباة او اشتراطات مسبقة تعزز هذا الدور.

واضاف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، الا اننا اليوم بصدد البحث عن المشاريع الوطنية القادمة ونحن على يقين مطلق بان لكل مرحلة من المراحل هناك ثمة رؤى تستعطف اسباب النجاح والتوفيق وربما اشد على يد من يدعو الى التغيير بكل أشكاله وألوانه، لان النمطية تصيب الامة بالترهل والانكسار وهذا شىء حضاري وعصري لا يمكن استغفاله وكذلك الحال مع الواقع السياسي العراقي فعندما تشكلة القوى والاحزاب والكتل والتيارات كانت بمثابة تعبير عن حالة معينة وليست هي قاعدة الا اننا في مرحلة تحتاج الى اقصاء ذلك المعنى على اسس علمية رصينة هي اقرب ما تكون الى حالة الوطنية العراقية الجديدة وهي بشارة خير على مضي العراق نحو استلهام التجربة الديمقراطية وحالة التعددية الحزبية التي كانت اشبه ما تكون بالداء العضال ايام النظام الدكتاتوري المقيت حيث لا يسعى من وراء ذلك الى تحقيق غاية وطنية بل كان يعيش نوبة الصراع من اجل البقاء اكبر قدر ممكن من الوقت على رقاب الناس.

ومن ثم انتقلنا الى الباحث والمحامي(أحمد جويد) من مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث ليحدثنا قائلا: لا يمكن بأي حال من الاحوال الاستهانة بتلك التجربة الا وهي تجربة الرفض للحالة السابقة والبحث عن اسس جديد للعمل السياسي شريطة ان يتفق ذلك التحول مع الانصياع الى الحالة الوطنية وليس الامر كما يدعو اليه البعض من خلال خلق اشتراطات جديدة للتوافق وكسب الامتيازات والدعوة الى تغليب لغة المصالح الحزبية والفئوية على المصلحة العليا للوطن لذلك ارى ومن منطق التدرج الطبيعي والتركيز على ميثاق الاستفادة من الفترة السابقة وما خلفته من اثار ربما تكون غير موفقة في كسب تأييد الفرد العراقي الداعي الى رفض نزعة التكتل والاصطفاف على حساب الاطر العام لمصلحة الامة العراقية وقد يؤكد النهج المؤدي الى تغيير خارطة القوى السياسية من خلال النتائج غير المتوقعة في الانتخابات السابقة لمجالس المحافظات ومن بعد ذلك انتخابات اقليم كردستان فكلا التجربتين كانتا ترفع لواء التغيير والاتجاه صوب الافعال الوطنية وليست الاقوال، وهذا على ما أظن مكسب كبير يسجل لصالح الشعب العراقي ودرس بليغ وخطاب انساني نطقت وبالحرف الواحد بان الشعوب قادرة على ان تقول كلمتها الفصل ازاء التصرفات غير المقبولة.

الا ان الاستاذ يحي النجار كاتب ومحلل سياسي، يرى بالتجربة الديمقراطية الحاضرة في العراق اليوم هي انعكاس طبيعي او نتاج أكيد للتخلص من سياسات الدكتاتورية السابقة، كما أنها تحمل على عاتقها مسؤولية التماشي مع النظم الديمقراطية الحديثة الداعية الى سيادة القانون وحكم الشعب لنفسه، حيث قال لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، التجربة العراقية بالتأكيد لم ترقى الى مستوى الكمال من الوهلة الاولى فثمة الكثير من الافرازات التي تعترض طريقها الى النجاح، سيما وهي تاتي على اعقاب ذلك الكم الهائل من التراكمات الفاشستيه التي كانت توطر ميثاق تجاربنا المعاصرة، الا اننا اليوم مطالبين بان نرفد الحقيقة بعناوين النهوض والارتقاء وذلك من خلال وضع الامور في نصابها الصحيح وانى حسب وجهة نظري القاصرة بانها دورة طبيعية لا غبار عليها في تعزيز رغبة الفرد العراقي وتدعيم ما يصبو اليه.

ومن ثم اتجهنا صوب البيت الثقافي في كربلاء لنلتقي هناك ميثم العتابي وهو إعلامي وشاعر، حيث قال: لابد من وجود كبوات وتداعيات مرحلية راهنة في هكذا تجربة جديدة خاصة والأمر ان العراق لم يسبق له وان مر بتجربه مشابه.

اما بخصوص تسؤالك هل كانت التجربة تحمل بين طياتها مبادرات سلبية او ايجابية؟

الحقيقة كانت المرحلة سلبيه وذلك للهيمنة الحزبية السياسية واقصاء الكفاءة العراقية، وربما هناك ثمة مسؤولية وطنية واخلاقية ودينية تحتم علينا ان نضع برامج او خطط او مقترحات من شانها ان تخرج الوضع القائم من دائرة المحسوبية والمجاملة، وان تكون نتائج الانتخابات في صالح المشروع العلمي وليس السياسي فقد سأم الشارع العراقي من البكائين والمستجدين السياسيين الذين يشترون عواطف الناس ليبيعوهم الذل.

 وعلى غرار ما سطرته ملامح الكلمات الناطقة من ضمير تلك النخبة التي سجلة حضورها على ذاكرة الرفض التام لكل الوان التزويق والتجميل لتلك الممارسات الياسة من حالة الارتقاء بهذه الامة الى مصاف الشعوب والامم الداعية الى رفد الديمقراطية او ابداء الرأي بعناوين الشموخ وعدم الانصياع الى اعادة التاريخ الى ما قبل 2003 والتصفيق للاله الواحد والحزب الواحد وللشخص الواحد من دون ان نترك لهذا الشعب خيار التميز بين الغث والسمين والعاقبة للمخلصين لهذه الامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 18/آذار/2010 - 1/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م