شبكة النبأ: نشر الداعية المصري يوسف
القرضاوي المثير للجدل، على موقعه الإلكتروني بياناً نعى فيه شيخ
الأزهر الراحل، محمد سيد طنطاوي، قال فيه إن الأخير ارتبط بعلاقة صداقة
معه، ولكن شابها الكثير من الخلافات بسبب مواقفه الفقهية من قضايا
فائدة البنوك والحجاب في فرنسا وسواها.
ورأى القرضاوي أن طنطاوي "ابن الصعيد" وكان قابلاً للاستفزاز "بالحق
أو الباطل فيثور ويخرج عن طوره،" واعتبر أنه لم يكن مستعداً للإدلاء
بآراء فقهية لأنه لم يُعد نفسه لذلك "بالدراسة والممارسة،" وشدد على أن
قبوله استقبال كبير حاخامات إسرائيل في مكتبه كان من أسباب الخلاف معه.
وبدأ القرضاوي المقال بوصف طنطاوي بـ"الأخ الصديق،" وقال إنه عرفه
منذ أن كان طالبا في كلية أصول الدين، مضيفاً أنه كان "يزوره بين الحين
والحين، ويشاوره في بعض المسائل العلمية،" وقد استدعاه بعد ذلك للعمل
في متنصب "أستاذ زائر بكلية الشريعة في جامعة قطر،" عندما كان يتولى
عمادتها.
وأضاف القرضاوي: "وظلَّت العلاقة بيننا على ما يرام، حتى بدأ الشيخ
ينهج نهجا جديدا في الإفتاء، لم أرضَ عنه، ولا أكثر علماء المسلمين في
مصر وفي غيرها، ولا سيما ما يتعلَّق بالبنوك وفوائدها، وهو ما اضطرَّني
أن أردَّ عليه بقوَّة، فالحقُّ أقوى من الصداقات، والعلم فوق المودَّات."
ولكن القرضاوي قال إن طنطاوي كان "يأبي أن يتقدم عليه" في الدخول
والخروج عندما يلتقيان حتى وفاته، وذلك بسبب أدبه وتواضعه. بحسب سي ان
ان.
وأضاف: "وقلتُ له مرَّة: أنت شيخ الأزهر، أكبر وأشهر منصب علمي ديني
في العالم الإسلامي، ومن واجبنا ان نحترم هذا المنصب، ونقدِّمه على كلِّ
مقام آخر. فقال رحمه الله: أنا أستحي أن أتقدَّم عليك، وأنت طول عمرك
أستاذنا! ولا ريب أن هذه المواقف تعدُّ غاية في الأدب والتواضع وحسن
الخلق."
وتابع القرضاوي قائلاً: "كان الشيخ طنطاوي دمث الخلق، لطيف المعشر،
ولكنه ابن الصعيد حقًّا، لا يحسن التجمُّل ولا التكلُّف، بل يتعامل على
السجيَّة، فهو طيب القلب، يألف ويؤلف، ما لم يستفزَّه أحد بالحقِّ أو
بالباطل، فيثور ويخرج عن طوره."
ورأى القرضاوي أن شيخ الأزهر الراحل كان يتميز بالقدرة على تفسير
القرآن بصورة جيدة، ولكنه كان "أدخل نفسه - أو أُدخل - في بحر الفقه،
وهو لم يهيئ نفسه له، لا دراسة ولا ممارسة ولا تأليفا، فكثيرا ما خانه
التوفيق في آرائه الجريئة، وهذا سرُّ اختلافنا معه."
وتابع القرضاوي أنه خالف طنطاوي بالشؤون السياسية، وبينها "استقباله
لأكبر حاخامات إسرائيل في مكتبه، وتبريره لفرنسا في منع حجاب الطالبات
المسلمات في المدارس، وغير ذلك من المواقف التي أثارت جدلاً واسعًا في
مصر، وفي غيرها من بلاد العرب والإسلام."
نيوزويك: القرضاوي الأوفر حظا لخلافة طنطاوي
ورشحت مجلة نيوزويك الأمريكية الشيخ يوسف القرضاوى لرئاسة الأزهر
بعد رحيل الشيخ محمد سيد طنطاوى إثر التعرض لأزمة قلبية عن عمر يناهز
82 عاما فى المملكة العربية السعودية، وقالت إن جزء من مشكلة طنطاوى
كانت تكمن فى تبنيه نهجا مواليا لحكومة الرئيس مبارك الذى عينه رئيسا
للأزهر عام 1996، مما أضر كثيرا بشعبيته بين أطياف الشعب المصرى، لذا
ذهبت المجلة إلى أن القرضاوى قد يكون الأوفر حظا لتقلد هذا المنصب نظرا
لموقفه الواضح من الحكومة وشعبيته فى العالم الإسلامى.
وانتقدت نيوزويك فى تقرير لديفيد جراهام تعامل الزعماء الغربيين مع
موت طنطاوى كما لو أن الغرب فقد حليفا هاما فى معركته لجذب المسلمين
إلى الاعتدال والتسامح، فمثلا نعى الرئيس باراك أوباما طنطاوى واصفا
إياه "بصوت الإيمان والتسامح الذى حظى باحترام كبير فى المجتمعات
الإسلامية فى مصر وحول العالم"، بينما وصفته وزيرة الخارجية الأمريكية،
هيلارى كلينتون "بصوت حوار الأديان والمجتمعات الهام".
وقال الرئيس الفرنسى، نيكولاى ساركوزى "إن العالم فقد رمزا هاما من
الرموز الساعية لتعزيز حوار الأديان والثقافات"، ومع ذلك رأت نيوزويك
أن هذه "الرؤية الخيالية" خاطئة تماما، وذلك لأن طنطاوى حظى بشعبية
كبيرة بين صفوف الزعماء الأمريكيين والأوروبيين، أما بالنسبة للمجتمع
الإسلامى، فكان يعرف بإرثه المثير للجدل ونهجه المفرط الولاء لحكومة
الرئيس مبارك التى وصفتها بالـ"استبدادية".
ونقلت المجلة عن إبراهيم موسى، أستاذ مساعد للدراسات الإسلامية فى
جامعة ديوك، قوله "طنطاوى لم يكن فقط موالى للغرب، وإنما كان غالبا
مواليا للسلطة، وفعل كل ما فى وسعه لإرضاء هذه السلطة، حتى وإن كان هذا
معناه الإخلال بالأحكام الأخلاقية والمعنوية للشريعة الإسلامية، كما أن
الفتاوى التى كان يقرها لم تكن تكتب أو تناقش بالعناية الكافية".
وفسر الكثير من النقاد الباحثين قراره بمنع ارتداء طالبات الجامعات
للنقاب كمثال على الخنوع للسلطة، وبرغم كونه على حق فى أن النقاب ليس
إجباريا، إلا أن منعها لم يكن له أيضا أساس دينى، واعتبر إرضاء للحكومة
العلمانية إلى حد ما.
ورأت نيوزويك أن ولاء طنطاوى وليس تقنياته هو ما مثل مشكلة بالنسبة
لأغلب المسلمين، فمثلا قراره بدعم بناء جدار فاصل على الحدود مع غزة،
أعطى تلميحا بأن الشيخ أكثر حرصا على دعم حكومة مبارك من حياة المسلمين
أنفسهم، وكما فقد نظام مبارك بريقه وشرعيته فى الآونة الأخيرة، فقد شيخ
الأزهر مصداقيته.
وأشارت نيوزويك إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، أبرز جماعة إسلامية
فى مصر، تطالب بأن يتم اختيار خليفة طنطاوى من قبل جامعة الأزهر، وليس
الحكومة، للحيلولة دون تنصيب شخص تسيطر عليه البيروقراطية، وأضاف موسى
"لا أرغب فى استباق تقييم إرث طنطاوى، ولكن أى مؤرخ اجتماعى سيتطرق إلى
نهجه الذى اتبعه لقمع أخلاقيات الإسلام المتوازنة لصالح سياسات الدولة
التى رسخت الاستبداد وأضرت بالقيم الديمقراطية".
وأضافت المجلة: كما فقد الكثير من رجال الدين البارزين أمثال زعماء
الأزهر بعضا من شعبيتهم بسبب صلتهم بالحكومة، أطفئ رجال الدين
المستقلين عن النظام نجم طنطاوى وأمثاله العالى، وتمكنوا من الحصول على
شعبية واسعة بين صفوف الشعب، فمثلا، يحظى الشيخ يوسف القرضاوى بشعبية
لا حدود لها ومصداقية كبيرة، على الرغم من أنه يعرف بموقفه المضاد
للحكومة، فهو يعيش بمنفاه فى قطر بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين
المحظورة سياسيا، واصطدم كلا من طنطاوى والقرضاوى فيما بينهما بشأن
قضايا شرعية.
ولفتت نيوزويك إلى أن هناك اتجاه عام بالابتعاد عن الباحثين
الشرعيين التقليديين، مع ظهور دعاة يتمتعون بشعبية كبيرة ويفتقرون إلى
التدريب الشرعى المعترف به، أمثال الداعية الإسلامى الشهير، عمرو خالد.
وذكرت المجلة أن آراء القرضاوى أقل دبلوماسية من آراء طنطاوى "وأقل
إثارة للراحة"، فعلى سبيل المثال، أدان أحداث 11 سبتمبر، ولكنه يؤيد
التفجيرات الانتحارية التى يشنها الفلسطينيون ويرى أن الهولوكوست عقاب
إلهى ضد اليهود، ومع ذلك، حصد القرضاوى سلسلة من الجوائز المتنوعة من
جميع أنحاء العالم الإسلامى، ويشاهد برنامجه أكثر من 40 مليون متفرج،
واعتلى مركز أكثر مفكرى العالم شعبية وفقا لاستطلاع أجرته دورية فورين
بولسى عام 2008.
القرضاوى يطالب باختيار شيخ الأزهر بالانتخاب
ولاحقاً، طالب الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين في بيان رسمي له بضرورة اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب.
وقال القرضاوي في بيانه: لقد خالفتُ شيخ الأزهر الراحل في عدد من
القضايا، وبخاصَّة تلك التي تتصل بشئون الأمة، وعَلاقتها بالعالم من
حولها، مثل استقباله لأكبر حاخامات إسرائيل في مكتبه، ومثل تبريره
لفرنسا في منع حجاب الطالبات المسلمات في المدارس، بناء على أن كلَّ
دولة حرَّة في اتخاذ ما ترى من قوانين، ناسيا أنه ليس من حقِّ أى دولة
أن تسنَّ قوانين تُلغى الحرية الشخصية، وتناقض الحرية الدينية، وهما من
أقدس حقوق الإنسان. وغير ذلك من المواقف التى أثارت جدلا واسعا فى مصر،
وفى غيرها من بلاد العرب والإسلام.
وقال القرضاوى فى بيانه، "اليوم فصل بيننا الموت، الذى يفصل بين
الأخ وأخيه، وبين الابن وأبيه، وبين الصديق وصديقه، كما يفصل بين
المتجادلين بعضهم وبعض، وسيجمع الله بيننا فى يوم لا ريب فيه، يوم
تُبلى السرائر، ويحكم بيننا بالحقِّ، وهو خير الحاكمين.
وقد شاء الله أن يأتيه أجله فى الرياض، وأن يُدفن فى (البقيع)،
بجوار قبور الصحابة والصالحين، وفى هذا بشارة خير.
إننا لنعزِّى أنفسنا، ونعزِّى الأزهر الشريف بمعاهده وجامعته ومجمع
بحوثه، ونعزِّى الشعب المصرى، ونعزِّى الأمة الإسلامية فى شيخ أزهرها،
وإمامه الأكبر، وندعو الله أن يأجرنا فى مصيبتنا ويخلفنا فيها خيرا.
كما نتمنَّى على مصر أن تنتهز هذه الفرصة لتستجيب لدعوات العلماء
والمفكرين والمصلحين فى مصر والعالم الإسلامى، أن يكون تعيين الإمام
الأكبر بالانتخاب، أو على الأقل بترشيح ثلاثة يختار رئيس الجمهورية
واحدا منهم.
نبذة عن محمد سيد طنطاوي
توفي محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر عن عمر يناهز 81 عاما، اثر
أزمة قلبية خلال زيارته للعاصمة السعودية الرياض الاسبوع الماضي.
ومنذ عام 1996 شغل طنطاوي منصب شيخ مؤسسة الازهر المؤسسة السنية
البارزة، والتي تعد من اهم المؤسسات الدينية في مصر والعالم الإسلامي،
واحدى المرجعيات البارزة للسنة الذين يشكلون غالبية المسلمين في العالم.
ويعتبر طنطاوي، شخصية دينية مبجلة في اوساط عدد كبير من مسلمي
العالم البالغ عددهم 1.4 مليار. وكان لفتاواه تأثير كبير، خاصة في مصر،
رغم انها لا تتمتع بقوة القانون. بحسب الـ ويكبيديا.
وولد طنطاوي في 28 من اكتوبر/ تشرين الاول 1928 في قرية سليم
الشرقية محافظة سوهاج.وهو حاصل على درجة الدكتوارة في تفسير القرآن
والسنة من جامعة الازهر عام 1966.
ويذكر أن طنطاوي كان يصنف كعالم ديني معتدل ومناصراً لقضايا المرأة
حيث جعلته آراؤه بشأن حقوق المرأة هدفا متكررا للهجوم من الاسلاميين
المتشددين. ويوقل منتقدوه إن آراءه الدينية وفتاواه كانت قريبة الى
مواقف السلطة، وكان معروفا بمواقفه المعتدلة حيال قضايا حساسة في
المجتمع المصري، وقد عين في 1996 شيخا
للازهر بموجب مرسوم رئاسي بعدما كان مفتيا للجمهورية المصرية منذ 1986
.
ويضم الازهر، الذي يعود تاريخه الى اكثر من الف سنة، عددا كبيرا من
الجامعات والمعاهد والمدارس التي تنتشر في انحاء مصر ويتلقى غالبية
تمويله من الدولة.
ومن ابرز فتاوى طنطاوي، جواز التحاق الفتيات بالكليات العسكرية
والجيش. كما رأى ان المرأة "تصلح ان تكون رئيسة للجمهورية وتتمتع
بالولاية العامة التي تؤهلها لشغل المنصب".
وشهدت رئاسة طنطاوي لمؤسسة الازهر العريقة عددا من المواقف التي
اثارت جدلا واسعا في اوساط الاعلام المصري، واثارت آراؤه المعتدلة
حفيظة المتشددين، مثل قراره بحظر ارتداء النقاب داخل قاعات الدراسة
اواخر العام الماضي.
واعتبرت تلك الخطوة بمثابة فصل من فصول الصراع بين الاسلام المعتدل
الذي تناصره الدولة المصرية وبين جماهير اصبحت تميل اكثر الى الرؤية
المتشددة للاسلام.
وكانت القضية قد تفجرت عندما زار طنطاوي معهدا أزهريا للبنات في
القاهرة وطلب من إحدى الطالبات تبلغ من العمر 13 عاما بأن تخلع
نقابها.ونقلت وسائل الاعلام المصرية قوله عندها ان "النقاب مجرد عادة
ولا علاقة له بالدين الاسلامي من قريب او بعيد".
وبرغم ارتداء غالبية المسلمات في مصر للحجاب، وهو غطاء الرأس
الاسلامي، فان عددا متزايدا من النساء في مصر بدأن في ارتداء النقاب.
ومن بين فتاواه التي جرت عليه هجوم المتشددين تأييده لنقل الاعضاء
البشرية واستنكاره لعادة ختان الاناث، وفتواه بتأييد فوائد البنوك
التجارية، بخلاف راي العديد من العلماء الذين يحرمون تعاطي هذه الفوائد
ويحرمونه دينيا.
وفي عام 2000، وفي خضم جدل عام بشأن تشريع يسهل على السيدات الحصول
على الطلاق في مصر، افتى طنطاوي بانه لا يوجد في الشريعة الاسلامية ما
يمنع المرأة من الحصول على الطلاق بسهولة وتم إثر ذلك إقرار القانون
المعروف باسم"الخلع". ومن فتاواه التي أثارت جدلا أيضا خلال توليه منصب
المفتي إقراره لفوائد البنوك.
وفي عام 2003 قال طنطاوي أن من يقومون بالعمليات الانتحارية" أعداء
الإسلام"، بينما أفتى علماء بارزون آخرون مثل الشيخ يوسف القرضاوي
بشرعية تلك العمليات خاصة ضد إسرائيل.
وفي أعقاب هجمات سبتمبر على الولايات المتحدة عام 2001 قال طنطاوي
انه " ليس من الشجاعة بأي شكل قتل شخص بريء، أو قتل آلاف الأشخاص من
بينهم أطفال ونساء ورجال". كما رفض أيضا دعوة أسامة بن لادن زعيم تنظيم
القاعدة للجهاد ضد الغرب.
وقد حصل طنطاوي على الدكتوراه في الحديث والتفسير عام 1966 بتقدير
ممتاز.
وعمل كمدرس في كلية أصول الدين، ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة 4
سنوات.
وعمل في المدينة المنورة كعميد لكلية الدراسات العليا بالجامعة
الإسلامية.
وعين مفتيا للديار المصرية في 28 أكتوبر 1986.
وعين شيخا للأزهر في العام 1996. |