ارتقت نورة درجات السلم متجهة إلى مملكتها الصغيرة كما تسميها هي
وكما علقت لوحة على بابها باسم مملكتي الصغيرة. وهي عبارة عن غرفة
متوسطة السعة في الطابق الثاني من المنزل الذي تقيم فيه مع والديها
وأخوتها.
نورة ذات الثلاثين عاما مدرسة لمادة الفيزياء في مدرسة ثانوية ورغم
أن تخصصها الدراسي علمي بحت إلا أن لها ميول غير طبيعية للأدب فهي تعشق
القراءة والكتابة أيضا لها محاولات شعرية وكتابات قصصية.
فتحت باب مملكتها وأخذت نفسا عميقا حيث روائح العطور تفوح منها وصوت
الموسيقى الهادئة يضفي جوا ساحرا على المكان. في الواجهة مكتب جميل
يجمع بين النعومة والفخامة في نفس الوقت وفي الجهة المقابلة له أرفف
صممت خصيصا لتسع أكبر عدد ممكن من الكتب وفي الزاوية أريكة ناعمة ذات
لون بني ممزوج بالذهبي حيث تستلقي عليها لإطلاق العنان لسرد مايجول
بخاطرها.
اتجهت ناحية الكتب تتفقدها فبالنسبة لها هذا كنزها الثمين هناك
زاوية خاصة من الكتب تضم كتبه هو ذلك الكاتب الذي تهوى القراءة له
أفكاره وأسلوبه يروقان لها تعلمت منه الكثير واستفادت من تجاربه.
وهي تتفقد تلك الكتب سرحت بفكرها بعيدا لتذكر لقائهم الأول في معرض
الكتاب لم تصدق نفسها أنه أمامها.
كانت مترددة هل تذهب للسلام عليه والحديث معه أم تكتفي بالنظر إليه
من بعد ولكنها عزمت على الذهاب فهذه فرصة قد لا تتكرر.
اتجهت نحوه وبادرته بالسلام مرحبا أستاذ أحمد التفت إليها بابتسامته
المعهودة في صوره المنتشرة في الصحف والمواقع الإلكترونية.
أهلا بك من معي ؟
أنا نورة تلميذتك وكاتبة مبتدئة أبحر في عالم تجاربك.
تعارفا على بعض وتبادلا معا حوارات مختلفة عن الأدب وأحواله في
المنطقة. وودعا بعض بعد أن تبادلا أرقام الهواتف المحمولة والبريد
الإلكتروني.
ومن بعدها بدأ التواصل بينهما بخصوص تبادل الآراء والأفكار وكذلك
تأخذ رأيه في كل ما تكتب نظرا لخبرته الواسعة في هذا المجال فهو يكبرها
بعشرين عاما.
توالت المحادثات الالكترونية والاتصالات الهاتفية وأيضا توالت
اللقاءات سواء في الندوات الثقافية أو الأمسيات الشعرية.
ويوم عن آخر يزداد تعلق روح كل واحد منهما بالآخر.تمكن الحب من
كليهما وبدا واضحا جليا على جميع تصرفاتهم وفي بريق عينيهما عند اللقاء
ولكن لم يفصح أحدهما للآخر وبقي ذلك الحب ساكنا في القلوب يظهر في
التصرفات والإهتمام دون أن يعبر عنه بالكلمات.
تنبهت نورة على صوت رنين هاتفها المحمول إنه هو هذه النغمة خصصتها
له إنها مقطوعة رائعة لبيجان رضوي تعبر عن الفرح والسعادة.
أجابت بفرح كان يسألها عن الأحوال وأطمانت هي عليه أقفلت الخط وكانت
في قمة الراحة. همست بينها وبين نفسها أحبك....
لكنها تساءلت لم لا أفصح له عما بداخلي من مشاعر فأنا أحبه حد
الجنون أحببت فكره وقلمه قبل أن أتعرف عليه وتعلقت روحي به أكثر عندما
تعرفت إليه عن قرب. أيضا أشعر بحبه لي ومدى اهتمامه إضافة إلى التوافق
الفكري والعقلي الذي يجمعنا والذي ساعد على تخطي فارق السن بيننا.
أليست كل هذه الأمور كفيلة لكي نسعد أنا وهو بالحياة في رغد العيش
والدخول لجنة الدنيا. تلك الجنة التي يتمنى أن يسكنها البشر جنة العشق
والهيام.
ما الذي يمنعنا المجتمع ونظرته الضيقة. هل سيرميه المجتمع بالجنون
لأنه تزوج بفتاة تصغره سنا رغم أنه متزوج ولديه أبناء قد يكونوا في
مثل سنها.
إلى متى نظل أنا وهو وغيرنا كثير نقف على أبواب الجنة منتظرين من
المجتمع السماح لنا بالدخول أو البقاء خارجا.
كيف يسمح المجتمع لنفسه أن يحرمنا حقوقنا في دخول الجنة فقط لأننا
تجاوزنا حد العقل من وجهة نظره..
تساؤلات كثيرة عصفت بعقلها ولم يقطعها سوى اتصاله من جديد افتحي
الانترنت أحتاجك.
أجابته حاضر سأفتح وهمست لنفسها لا بد أن الشوق اجتاحه كما فعل بي.
ولكن هل أجرأ على الإفصاح عما في قلبي له هذه المرة؟ أو يفصح هو ؟
أم سيطول بنا الانتظار على باب الجنة ؟؟ |