انتخابات العراق: تغيرات وآمال ما بعد حقبة المحاصصة

ميول اجتماعية جديدة وطالباني يتوقع الاحتفاظ بمنصبه

 

شبكة النبأ: تستمر مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة بعملية فرز الأصوات بعد انتخابات تشريعية حاول تنظيم القاعدة والفصائل المنضوية تحته من البعثيين وغيرهم تعطيلها بهجمات قتل فيها 38 شخصا وجرح عشرات آخرين.

وليس من المتوقع صدور النتائج الأولية قبل يوم أو يومين بعد الانتخابات التي يأمل العراقيون أن تساعد في تحقيق الاستقرار والحكم الرشيد مع انسحاب القوات الأمريكية.

وتقول قائمة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي انها في طريقها لتحقيق الفوز في بغداد وفي جنوب العراق وهو أمر لا يمكن التحقق منه وإن كان يبدو مدعوما بنتائج مبكرة غير رسمية للفرز في العاصمة بغداد والجنوب على الأقل.

ويواجه المالكي تحديا كبيرا من جانب حلفائه السابقين من الشيعة الذين اتحدوا في الائتلاف الوطني العراقي.

وقال المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهو جزء من التحالف أن الأصوات تبدو منقسمة بالتساوي بين المالكي والائتلاف الوطني العراقي في النتائج المبكرة للفرز.

وقال المجلس أن قائمة اياد علاوي رئيس الوزراء السابق جاءت في المرتبة الثالثة. وتضم قائمته أعضاء أغلبهم من السنة مع نسبة من الشيعة وقد فازت بمساندة العديد من أفراد الأقلية السنية المتشككة في حكومة المالكي. بحسب رويترز.

وفي كردستان العراق يمثل حزب جديد تحديا لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة الرئيس جلال الطالباني وهو أحد حزبين يهيمنان على الساحة السياسية الكردية على مدى عقود.

واذا حققت قائمة جوران الاصلاحية نتائج جيدة فان ذلك قد يضعف قبضة الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البرزاني في أي محادثات في بغداد بشأن تشكيل ائتلاف. وكان التلاحم النسبي بين الاكراد هو ما سمح لهم بالقيام بدور صانع الملوك في الماضي.

وليست هناك بيانات اجمالية عن نسبة المشاركة في الانتخابات لكن مسؤولي الانتخابات قالوا ان 61 بالمئة شاركوا في الانتخابات في محافظة الانبار السنية و70 بالمئة في كركوك الشمالية المتنازع عليها بين العرب والاكراد.

وسيحدد نطاق مشاركة السنّة ما إذا كانوا يشعرون بأن لهم دورا حقيقيا في الديمقراطية الوليدة في العراق بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 عندما خسروا وضعهم المميز في عهد الدكتاتور صدام حسين.

وقال ديفيد مارك الباحث في معهد الشرق الاوسط "في دولة مثل العراق فان الفوز في الانتخابات لا يضمن الشرعية. هذا يتحقق فقط بالإدارة الرشيدة."

وأضاف "وبافتراض فوز المالكي بأغلبية ضئيلة سيكون من الصعب عليه تشكيل الحكومة. وقراره اللعب بورقة اجتثاث البعث قبل الانتخابات يكاد يجعل من المستحيل عليه تشكيل ائتلاف وحدة وطنية يضم طوائف متعددة."

وقال مارك وهو سفير أمريكي سابق "ومن الناحية الاخرى اذا شكل حكومة ائتلافية مع الاحزاب الدينية الشيعية... فان احتمالات تزعزع الاستقرار ستزيد."

نتائج الانتخابات «حسب تقديرات أولية»

وفي ما يلي التقديرات الاولية المتوفرة حتى الآن لنتائج الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد في العراق وكانت الثانية منذ سقوط نظام صدام حسين في ابريل 2003.

وقد حصلت وكالة فرانس برس على هذه الارقام من عاملين في مفوضية الانتخابات ومصادر في الائتلافات السياسية:

-- ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي (400 مرشح في 15 محافظة)، جاء في الطليعة في المحافظات الجنوبية الشيعية التسع (النجف وواسط وذي قار والديوانية والبصرة وكربلاء والمثنى وميسان وبابل). كما حل ثالثا في كركوك.

وتشغل هذه المحافظات 119 مقعدا في المجلس.

-- القائمة العراقية (او الكتلة الوطنية العراقية) بقيادة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الشيعي العلماني (530 مرشحا في 15 محافظة)، حلت في الطليعة في محافظات العرب السنة الاربع (الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى).

وتتمثل محافظات العرب السنة بسبعين مقعدا.

كما جاءت في المرتبة الثانية في ثلاث محافظات شيعية (بابل والمثنى والبصرة) وكركوك.

-- الائتلاف الوطني العراقي (547 مرشحا في 15 محافظة): جاء في المرتبة الثانية في ست محافظات جنوبية (النجف وواسط وذي قار والديوانية وكربلاء وميسان) وفي المرتبة الثالثة في ثلاث اخرى (البصرة والمثنى وبابل).

-- التحالف الكردستاني (365 مرشحا في 11 محافظة): تصدر النتائج في محافظة كركوك التي يتنازعها الاكراد والعرب.

وتشغل المحافظات الكردية الثلاث (اربيل والسليمانية ودهوك) 41 مقعدا في البرلمان.

-- نسبة المشاركة والاحزاب حسب المحافظات: بلغت نسبة المشاركة على المستوى الوطني بين 55 و60 بالمئة، حسبما ذكرت مديرة الدائرة الانتخابية حمدية الحسيني لفرانس برس.

-- المحافظات السنية

الائتلاف الذي يتصدر النتائج: القائمة العراقية (علاوي)

نسب المشاركة:

- الانبار 61 %

- صلاح الدين 70 %

- ديالى 70 %

- نينوى 67 %

-- المحافظات الجنوبية:

الائتلاف الذي يتصدر النتائج: دولة القانون (المالكي)

نسب المشاركة:

- النجف 55 %

- واسط 48 %

- ذي قار 61 %

- الديوانية 55 %

- البصرة 55 %

- كربلاء 59 %

- المثنى 64 %

- ميسان 50 %

- بابل 63 %

-- المحافظات الكردية

الائتلاف الذي يتصدر النتائج: التحالف الكردستاني

نسبة المشاركة:

- اربيل 76 %

- السليمانية 72 %

- دهوك 81 %

-- اما في محافظة كركوك المتنازع عليها:

+ الائتلاف الذي يتصدر النتائج: التحالف الكردستاني

+ نسبة المشاركة: 70 %

وستصدر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج الجزئية الخميس المقبل. اما النتائج النهائية فستعلن في 18 اذار/مارس الحالي والرسمية أواخر الشهر.

وقد بلغ عدد المرشحين في الاقتراع 6218 بينهم 1801 امرأة لشغل 325 مقعدا في مجلس النواب بينها ثمانية مقاعد للاقليات و82 للنساء، لولاية مدتها اربع سنوات.

ودعي 19،8 مليون ناخب للتصويت في 18 محافظة النظام النسبي الذي يجعل كل من هذه المحافظات دائرة واحدة، في الاقتراع الذي شارك فيه 86 كيانا سياسيا بينها 12 ائتلافا. 

وقال محمد عبودي (37 عاما) الذي ادلى بصوته في مركز اقتراع في الرمادي في محافظة الانبار السنية انه جاء للتصويت مع زوجته رغم عدم حماسه مضيفا انه يعرف انه لن يحدث تغيير.

ويتنافس نحو 6200 مرشح من 86 كيانا سياسيا على 325 مقعدا في البرلمان. وليس من المتوقع أن تفوز أي كتلة بالاغلبية وقد يستغرق تشكيل حكومة جديدة شهورا مما يعني احتمال وجود فراغ في السلطة قد تستغله جماعات مسلحة مثل جناح القاعدة في العراق.

ولا توجد سوى القليل من الانتخابات في الشرق الاوسط التي تشهد تنافسا مثل هذه الانتخابات. ويمكن ان يحدد مسارها كيف يمكن ان تؤثر الديمقراطية في العراق على منطقة اعتادت على ملوك ورؤساء مدى الحياة.

ويواجه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي وينسب لنفسه الفضل في تحسين الوضع الامني منذ بلوغ العنف الطائفي ذروته في 2006 و2007 تحديا من المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وحلفاء شيعة سابقين اخرين يعتبرهم المتشددون السنة موالين لايران.

وقال رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر في مؤتمر صحفي نادر في طهران "رغم أن الانتخابات في العراق ليست لها الشرعية في ظل الاحتلال الا أنني أطالب الشعب العراقي بأن يحول هذه الانتخابات الى عملية المقاومة السياسية من خلال المشارکة فيها لکي يخرج المحتلون من العراق."

حزب جوران الكردي يتوقع نتائج جيدة

وفيما يخص إقليم كردستان قال نوشيروان مصطفى زعيم حزب جوران أو "التغيير" بالكردية ان من المتوقع ان يحصل حزبه الذي ينتظره مستقبل واعد على مقاعد في البرلمان العراقي القادم على حساب منافسين راسخين بعد الانتخابات العامة التي جرت يوم الاحد وهو ما يهدد بحدوث اضطرابات داخل اكثر الكتل تماسكا بالبلاد وهم الاكراد.

ومن شأن احراز قائمة جوران الاصلاحية نتائج طيبة في الانتخابات ان يلحق الضرر بالتحالف بين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بينما يستعدان للتفاوض من اجل دور في الحكومة العراقية القادمة. بحسب رويترز.

وقد تقوض مثل هذه النتيجة قبضتهما ضد الحكومة التي يقودها العرب في نزاع مرير على النفط والارض والسلطة. وحذر الحزبان من انهما قد لا يقبلان بنتائج الانتخابات.

وقال نوشيروان مصطفى في مقابلة اجرتها معه رويترز "نتوقع الفوز بعدد كبير من المقاعد التي سيحصل عليها الاكراد في البرلمان العراقي."

واذا صدقت التوقعات فان ذلك قد يمثل زلزالا سياسيا في منطقة كردستان التي يحكمها الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني سويا دون منافسة تقريبا منذ ان حصل الاكراد على حكم ذاتي فعلي عن بقية العراق في عام 1991.

وفاجأ حزب جوران النخبة السياسية في يوليو تموز عندما حصل على ربع مقاعد البرلمان الاقليمي المؤلف من 111 مقعدا.

وفي حين تروج كردستان لنفسها عند المستثمرين الغربيين بانها "العراق المختلف" الا ان شكاوى من الفساد وانتهاكات حقوق الانسان جلبت التأييد لحزب جوران الذي ينادي بالتغيير لا سيما بين الشبان الاقل ولاء للانتماءات القبلية.

وعززت مثل هذه الشكاوى موقف جوران وبصفة اساسية مع المعارضين لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

وعكر صفو الحملة الانتخابية في كردستان التي كانت في الاغلب في مأمن من العنف الذي اجتاح العراق منذ الاطاحة بصدام حسين عام 2003 انباء عن وقوع اشتباكات بين انصار الطالباني وجوران في السليمانية وهي المدينة الكردية التي هي معقل الاتحاد الوطني الكردستاني.

وقال نوشيروان مصطفى "لا اعتقد ان هذه الانتخابات نزيهة وشفافة لان قوات الامن تستجيب للحزبين الكرديين الكبيرين."

طالباني يتوقع الاحتفاظ بمنصبه

ومن جانب آخر ألمح الرئيس العراقي جلال طالباني الى انه يتوقع ان يحتفظ بمنصبه بعد الانتخابات النيابية التي ستجرى في البلاد يوم الاحد المقبل.

وقال الرئيس العراقي لبي بي سي إنه يعتقد كذلك بأن الحكومة التي ستنبثق عن الانتخابات المقبلة لن تكون حكومة وحدة وطنية كسابقتها، بل ستكون حكومة اغلبية.

واستصغر طالباني، الذي يتزعم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، احد الفصيلين الذين يكونان التحالف الكردستاني، التهديد الانتخابي الذي تشكله حركة التغيير الكردية التي شكلت حديثا لحزبه او لحزب الجبهة الآخر، الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وكانت حركة التغيير، التي يتزعمها نشيرفان مصطفى، احد القادة السابقين في حزب طالباني، قد حققت نتائج طيبة على حزب الاتحاد الوطني في الانتخابات المحلية التي اجريت في الاقليم الكردي في العام الماضي، الا ان طالباني توقع الا تحقق الحركة نتائج مماثلة في الانتخابات النيابية.

وتوقع الرئيس العراقي، الذي كان يتحدث لبي بي سي في معقله في مدينة السليمانية الشمالية حيث ينهمك في الدعاية الانتخابية لحزبه، ان لا تتمكن حركة التغيير من حصد اكثر من خمسة من المقاعد الستين التي يقول إن الاكراد سيفوزون بها في البرلمان الجديد.

الا ان حركة التغيير لا تشاطر طالباني توقعاته، وتقول إنها قد تنجح في الفوز بالمركز الثاني بين الاحزاب الكردية ودفع الاتحاد الوطني الى المركز الثالث - وبذا تقوض آمال طالباني بالحصول على موقع كبير في الحكومة المركزية ببغداد.

الا ان طالباني يبدو واثقا في الاحتفاظ بمنصبه الرئاسي، وقال إن اربع من القوائم الرئيسية المشاركة في الانتخابات قد طلبت منه ترشيح نفسه للرئاسة مجددا.

اما فيما يخص الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن الانتخابات الجديدة، فيقول طالباني إنها ستختلف اختلافا جذريا عن حكومة المالكي المنصرفة.

وقال: لا اظن ان الحكومة المقبلة ستكون حكومة وحدة وطنية، فصيغة الوحدة الوطنية اثبتت فشلها لانها كانت تعرقل عمل الحكومة. هذه المرة ستكون الحكومة حكومة اغلبية، وطبعا سيشترك فيها التحالف الكردستاني.

الحكومة التي يتوقع طالباني انبثاقها ستضم الائتلافين الشيعيين الرئيسيين والاكراد اضافة الى حضور رمزي لاحد الاحزاب السنية الدينية. اما الاحزاب المتبقية فستشكل المعارضة.

إقالة قائد عسكري عراقي لترويعه الناخبين

ومن جهة أخرى أعلنت الشرطة العراقية أنّ ضابطا بالجيش أُقيل من منصبه الأحد بعد أن أبلغ الناخبين بأنه لا يمكنهم الإدلاء بأصواتهم إلا إذا تعهدوا بالتصويت لصالح حزب رئيس الوزراء نوري المالكي.

وقال متحدث باسم قوات الأمن في منطقة الشرقاط لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن اللواء صلاح الدين محمد (كردي) قام بطرد رياض الأسدي (شيعي) وهو آمر الفوج الرابع بقضاء الشرقاط (80 كلم شمال تكريت) الذي يشرف على أمن الانتخابات بالقضاء بعد قيام الأخير بمنع الناخبين من التصويت في الانتخابات إلا إذا صوتوا إلى قائمة نوري المالكي".

تفاصيل عن الانتخابات العراقية

وأجرى العراق يوم الاحد الماضي ثاني انتخابات لاختيار برلمان يقضي فترة أربع سنوات منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بالدكتاتور صدام حسين. وفيما يلي بعض التفاصيل عن الانتخابات، بحسب رويترز:

- يتنافس نحو 6200 مرشح من 86 كيانا سياسيا على 325 مقعدا في مجلس النواب بعد أن كان العدد 275 مقعدا في انتخابات 2005 . ومن هذا العدد هناك 1718 امرأة يتنافسن على 81 مقعدا.

- هناك 18.9 مليون ناخب مسجل في البلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 30 مليون نسمة.

- تم طبع أكثر من 26 مليون بطاقة انتخابية.

- يوجد 300 ألف من العاملين في أكثر من 50 ألفا من مراكز الاقتراع كل منها يخدم ما يصل الى 420 ناخبا كما يوجد 100 ألف صندوق اقتراع للانتخابات.

- تستضيف 16 دولة الانتخابات للعراقيين المقيمين في الخارج ويقدر عددهم بما يصل الى مليونين وهذه الدول هي استراليا والنمسا وكندا والدنمرك ومصر والمانيا وايران والاردن ولبنان وهولندا والسويد وسوريا وتركيا والامارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة.

- تفتح مراكز الاقتراع أبوابها لمدة 10 ساعات من الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش) وحتى الساعة الخامسة مساء (1400 بتوقيت جرينتش).

- تؤمن الانتخابات قوات الامن العراقية التي يبلغ حجمها 670 ألف فرد من الجيش والشرطة ووحدات أخرى مدعومة من 96 ألف جندي أمريكي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/آذار/2010 - 23/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م