لم يجد دعاة الاستبداد والتكفير وبقايا نظام البعث البائد من حجة
يرفضون بها الانتخابات الديمقراطية التعددية في العراق منذ انطلاقتها
عام 2005 سوى انها تحت الاحتلال وبالتالي ضرورة محاربتها قبل الاحتلال
نفسه ثم بعد ذلك يقررون، هل هنالك انتخابات سوف تجري ام لا؟!!...
هذا المنطق الهزلي ،يصلح ان يكون عنوانا لمسرحيات هزيلة تنتقد
الواقع الفكري المتخلف في اجزاء عديدة من العالم العربي!...
التحالف العملي المثير بين الفئات الثلاثة لم يتحد في مرحلة سابقة
إلا الآن، لان الصراع الدموي المستمر والذي هو رديف للصراع الفكري فيما
بينها قضى على اي تحالف ممكن ان يساعد على تحرير العالم العربي من
التخلف والجهل الذي يسيطر عليه منذ قرون طويلة!...كما ان البناء الفكري
للفئات الثلاث، يتعارض مطلقا مع الديمقراطية واسلوبها الفريد في طريقة
اختيار الحكم والمسمى الانتخابات الحرة!...
ناهيك عن التاريخ الاسود الطويل للفئات الثلاث في محاربة كل اشكال
التحرر من العبودية والاستبداد والتحكم بمصائر شعوب عديدة والذي تسبب
بهلاك عدد كبير من الابرياء فضلا عن البقية الاحياء والذين ساء حظهم
العاثر ان يعيشوا في عالم من الطغيان المغلف بالوان مختلفة لا حصر لها!...
ليس هنالك مجال للتحجج الفارغ امام هؤلاء البغاة،سوى تلك الحجج
الواهية والتي تجد صداها يتردد عند المخدوعين المسالمين او الببغاوات
الخبثاء!...
الانتخابات الحرة اذا جرت في اي جزء من العالم العربي وبشرط منح
الفائزين كل صلاحيات الحكومة السابقة بالطبع،هو معناه ان الاختيار
الشعبي لن يكون في صالح تلك الفئات الثلاث،واذا استثنينا فئة البعثيين
لكونهم الاحدث في التسلسل التاريخي وهم اكثر الفئات تخلفا وهمجية ضمن
تيارات القومية العربية،لكون تجاربهم الفاشلة في العراق وسوريا مازالت
آثارها باقية والتي كانت بطريقة الانقلابات العسكرية ثم الحكم بطريقة
استبدادية في غاية البشاعة ادت الى دمار شامل فضلا عن فشل المشروع
الوحدوي بينهما فكيف يريدون ان يقنعوا شعوب العالم العربي بنجاح
تجاربهم في الحكم وبالتالي يوحدوا ذلك العالم البائس الذي مازال يقبع
ضمن حدود العالم الثالث!...
اذا تلك الفئة تهمل اهمالا تاما لكون تاريخهم الاسود وتفكيرهم
الهزيل يتعارضان جملة وتفصيلا مع الديمقراطية والحرية!...
وللدلالة على وجود انحدار فكري او ضعف اخلاقي لشخص ما هو البقاء في
تأييد تلك العصابات التي فقدت مراكز تحكمها في العراق،ولكن الملاحظ هو
التلون المفضوح الا لدى اصحاب النيات الحسنة في بقايا تلك الشراذم التي
انتشرت في بعض البلدان العربية والتي وجدت الرعاية والعناية من قبل
اخوانهم في المنهج والسلوك!!...
اما دعاة الاستبداد والتكفير فهم بالرغم من الصراعات الدموية والتي
حدثت بينهما،فأنهما يتحدان في النظرة والسلوك تجاه مسألة الانتخابات
الحرة! فنرى التبريرات المختلفة لرفض المنهج الانتخابي الحر جملة
وتفصيلا،من قبيل تحشيد عدد كبير من الادلة الشرعية والتاريخية المزيفة
لتحريم او الدعوة لرفض ذلك المنهج باعتباره منهجا غريبا عن العالم
العربي،وكونه يثير التنازع والفرقة بين ابناء الوطن الواحد،ثم يؤدي الى
انتشار الحرية الشخصية المنفلتة من اي وازع ديني او اخلاقي الخ من
الحجج السخيفة التي نجد صدها يتردد عند ألسنة الجهال وضعاف المناعة
الثقافية الكافية في تمزيق تلك التفاهات المسيطرة على عقول عدد كبير
من ابناء شعوب العالم العربي والتي يغذيها بأستمرار وجود تلك الالوان
المختلفة والعجيبة من الانظمة العربية فبالرغم من اختلافها في الشكل
الا انها تتفق في المضمون حول تلك المسائل الجوهرية والتي تقضي على
شرعية الحكم لديها بلا شك من كافة الجوانب!...
ان الخسائر المادية والبشرية والتي يتكبدها العالم العربي منذ قرون
طويلة كان من الممكن توفيرها في ظل الانتخابات الحرة والتي تكون ارادة
الشعوب هي الاقوى فيها من كل الادعياء!...هذا يعني ان مهما كانت
الخسائر في الحرب المعلنة من قبل الفئات الثلاث لافشال التجربة
الديمقراطية في العراق حتى لا تنطلق تجربة أخرى،فأن النهاية سوف تكون
في صالح الاحرار الذين يختارون بإرادتهم الحرة، شكل وجوهر حكمهم الشرعي
والقانوني...
هنالك بلدان عديدة في العالم العربي لم تجرب نهائيا الانتخابات حتى
بصيغة الانتخابات الشكلية التي اعتادت بعض الانظمة الاخرى عليها!...هذا
يدعوننا للتساؤل: كيف لامثال هؤلاء ان يقيموا التجربة الوليدة بدون ان
تكون لهم تجربة سابقة!...الذي يقرر مثالية التجربة وشرعيتها هي الشعوب
التي تعيش الديمقراطية والحرية منهجا وسلوكا في الحياة وهي غير متوفرة
مع الاسف الشديد في العالم العربي!...فما عدا التجربة اللبنانية
المقيدة بالطائفية السياسية المقيتة لاتوجد تجارب انتخابات سابقة بمعنى
الكلمة!...
نعم هنالك بعض التجارب المحدودة سواء في الصلاحيات او الزمن في بعض
البلاد العربية قبل فترة طويلة ولكنها لا تعتبر امثلة يحتذى بها خاصة
بعد انهيارها بطرق متعددة!...
الانتخابات الحرة والنزيهة في ظل الاحتلال اذا كان هنالك حقا
احتلال، هو معناه ان الاختيار الشعبي سوف يولد حكومة وطنية حرة ونزيهة
وقادرة على الدفاع عن المصالح الوطنية بقوة كما جرى سابقا في بلاد
عديدة مثل المانيا واليابان وايطاليا وكوريا الجنوبية وتايوان
وسنغافورة غيرها... والنتائج شاخصة امام ابصارنا في تقدم تلك البلاد في
كافة المجالات وتخلف البلاد التي تمنع الانتخابات او تجريها بطريقة 99%
الشهيرة! مثل كوريا الشمالية وكوبا وبقية البلاد الشيوعية او الافريقية
الاخرى...
الحكومات الوليدة من الانتخابات الحرة حتى ولو كانت تحت حماية
خارجية فأن درجة استقلاليتها اعلى بكثير من الانظمة التي تمنع
الانتخابات الحرة لانها تستند على قاعدة شعبية ودستورية متينة، وكذلك
فأن البلاد التي تتحكم بها تحتاج الى بناء علاقة مستقبلية متينة تبعد
البلدين عن الصراع مجددا وتحوله الى تحالف قوي في كافة المجالات،لان
الاسلوب الاستعماري القديم والمتمثل بأقامة نظم موالية بغض النظر عن
نوعيتها اصبح قديما وباليا في هذا العصر لانه اثبت فشله في مختلف
المجالات واصبح مولدا للفقر والتخلف والتطرف!
ولذلك نرى ان بعض الانظمة العربية مسلوبة الارادة بشكل غريب رغم
تبجحها سواء برفض الانتخابات او بأقامتها بصورتها الشكلية وفي الحالتين
اتحادهما في رفض التجربة الوليدة في العراق الجديد...
الامل لن يموت ابدا مادام الاحرار يتواجدون في كل مكان وبمساندة من
قبل نظرائهم الاخرون...
فليتحد الاحرار بدلا من التخاصم والتنازع الذي يفقدهم القوة
والنصر!...فهل دعاة الاستبداد افضل في اتحادهم من دعاة الحرية؟!!... |