شبكة النبأ: الكلمة الاولى من العنوان
ومضات الشاعر العراقي احمد مطر الشهيرة والتي يحمل فيها على سلبيات
الحكم والحكام في بلداننا الموبوءة بالقهر والقمع والعذاب..
اللافتات هنا بعيدا عن الشعر ولوعته.. انها لافتات الحملات
الانتخابية وصور المرشحين والمرشحات وشعاراتهم..
نتفق منذ البداية ان لاخبرة سياسية لمعظم المرشحين لحداثة التجربة
الديمقراطية في العراق بعد عقود من الاقصاء والتهميش وسيطرة حزب واحد
على مقاليد الحكم والادارة.
ونتفق منذ البداية ان لاخبرة اعلامية للغالبية العظمى من هؤلاء
المرشحين والمرشحات في التعاطي مع وسائل الاعلام المرئية منها على وجه
التحديد وهم بالتالي لايستطيعون التعاطي مع عدسات الكاميرا بالشكل
المناسب ليكون (البروفايل او الستايل او اللوك) للواحد منهم جذابا لمن
يشاهده.
تنوعت شعارات المرشحين والمرشحات على اللافتات واختفت تقريبا
العبارات الدالة على الطائفية والتحريض على الاخر المختلف مذهبيا وظهرت
كلمات ذات دلالات اخرى تختصر ما تراكم خلال السنوات الاربع الماضية من
عمر الحكومة مثل (الفساد – التغيير – البناء – المستقبل – العراق –
العراقيون – العدالة – التعليم – الخدمات – البطالة) الى اخر الكلمات
والمفردات، وقد تعددت الشعارات حتى داخل القائمة الواحدة، وشذت عن ذلك
قائمتان هما ائتلاف دولة القانون وحزب الامة العراقية.. فهاتان
القائمتان يظهر عليهما التقشف في الشعارات.
هذه الكلمات والمحمولات التي تتضنها ليست موضوعنا الان، ساركز على
الصورة الشخصية للمرشح والتي يسميها اللبنانيون (الستايل او اللوك)
والمعروفة على نطاق الشبكة العنكبوتية بـ (البروفايل ).
ومن هذه الصور ساركز على موضوعة الاصابع وخصوصا السبابة اليمنى التي
كثر تصويرها في هذه اللافتات.
يرى علماء النفس والمهتمون بدراسة الشخصية الانسانية، ان الجسد
ارضية في حركة دائمة وحجم لايثبت في مكانه ومجموعة من الجزيئات التي
تعبر عن ذاتها بانفجار من الحركات المتنوعة والمختلفة، والقسم الاكبر
منها مجرد من المعاني تماما.. ان كل حركة من حركات الجسد هي ترجمة
لارتكاس انفعالي دون ان يكون لهذا الارتكاس معنى وتصبح الحركة لغة
عندما تتكرر دائما بنفس الطريقة وفي نفس الاطار فالجسد هو ارضية لعبة
الحركة، رمزية الاصابع..
ويرى هؤلاء المهتمون ان للاصابع معنى رمزي اساسي فكل واحد منها
مرتبط باستعداد جوهري وهذه الاستعدادات هي مصدر الابداع الذي لولاه لما
كان الانسان.. ويتعلق كل اصبع من الاصابع بمجال مفضل ضروري جدا لتحقيق
الذات.
في السياسة اشتهر تعبير (عض الاصابع) حين تكون هناك ارادتان
سياسيتان متصارعتان، وفي الدارجة العراقية اشتهر تعبير (تاكل اصابعك
وراهة) حين يتعلق الامر بطعام لذيذ، وفي الدارجة المصرية اشتهرت عبارة
(صوابع تتلف بحرير) للدلالة على صنعة متقنة وخاصة فيما يتعلق بتزوير
العملة، كما اخبرتنا بذلك الكثير من افلام المقاولات المصرية.. كما
اشتهرت اغنية لاحد المطربين الخليجيين باسم (عد الاصابع).. وعلى ذكر
العد والاعداد، تعتبر الاصابع هي الابجدية الاولى للحساب التي طورها
الانسان من انظمة بسيطة تعتمد على اصابع اليدين والقدمين، الى الارقام
التي عرفها الانسان نتيجة تطوره العلمي..
وقد اشتهر المطرب العراقي حضيري أبو عزيز بحبه (لدق الأصابع) بين
وصلات أغانيه,في وقت اشتهر فيه المغنون الريفيون في العراق بترديد
الأبوذية على نغمات الإيقاعات لدنابك الطين, وصحون التنك والجينكوات
والخزف.
ولدرجة حرارة جلد الاصابع علاقة بموعد نوم الانسان، فقد كشف بحث
علمى جديد عن أن درجة حرارة الجلد فى الأيدى والأصابع تزداد بسرعة قبل
دقائق من موعد النوم أثناء تحضير الجسم نفسه للسبات..
وكتب احدهم في مدونته، الأصبع : أداة تستخدم، كما السكين، بأكثر من
وجه و طريقة (يجب أن تكون حاملها حـتـّى لا تضرّك).
اما فيما يتعلق بالسبابة، تسميتها ورمزيتها، فنقرأ : السبابة في
لسان العرب: من سبب.. والسَّـبَّابةُ: الإِصْبَعُ التي بين الإبهام
والوُسْطى، صفةٌ غالبة، وهي الـمُسَبِّحَةُ عند الـمُصَلِّين..
ويرىاخرون ان سبب التسميه بهذا الأسم هو أنه دائماً ما يشير الشخص به
في حالة “السب“والشتم والغضب..
وبالعودة الى علماء النفس ودارسي الشخصية الانسانية، فهم يرون ان
السبابة اليمنى : هي اصبع الكينونة واثبات الذات والسلطة الابوية وضبط
النفس او طاقاتها الكامنة والسلطة..
اما السبابة اليسرى فهي : اصبع التملك والاندماج والارضية وسلطة
الام والحيازة او الغيرة وخصوصا الميل.
السبابة اليمنى في محاكاتها للشارب فوق الشفة العليا هي حركة مالوفة
ولكن ماذا تعني؟ ترمز السبابة اليمنى الى اثبات الذات وترمز الشفة
العليا الى الغضب او الكذب فاثبات الذات + الغضب = شعور لايبعث على
الراحة، انها حركة الرئيس الذي يرفض مشروع مرؤوسه وحركة الاستاذ الذي
يقوّم معارف تلميذه الضحلة.
لايتحمل اصحاب السبابة اليمنى خياراتهم لذا لن يكونوا بتاتا مسؤولين
عن الاخطاء المحتملة التي قد تنتج عن هذه الخيارات، ان رابط السببية
هنا واضح جدا وهو ان القدرة على الاختيار هي مسؤولية يخشونها اما فيما
يخص السيطرة على الذات فلا يعرفونها الا من بعيد.
وقد ترافقت صور عدد من المرشحين مع سبابة تشير الى اتجاه ما او الى
مجموعة من الاشخاص، مع وجه عابس متجهم لصاحب الصورة، فالتجهم والعبوس
دليل الحزم والهيبة..
المعاني الرمزية للسبابة والذي يسمى باصبع الطواريء التحت كلامية
(هو يستل سبابته كمن يطلق ست طلقات باتجاه خصمه ليصرعه).
تنتمي هذه الحركة كما يرى علماء النفس الى اللغة الاستعارية
للعدوانية الاجتماعية.. والتي مثلها خير تمثيل رئيس البرلمان السابق
محمود المشهداني.. باسلوب وطريقة كلامه اتجاه اعضاء البرلمان حتى ادت
الى استقالته (الاصح اقالته) من تلك الرئاسة.. وهو في صوره تشير سبابته
اليمنى الى كل الاتجاهات ونحو جميع مظاهر البؤس التي كان هو واحدا من
مجموع من ساهموا في صنعها وادامتها.. ربما هو متأثر بعبارة الاصابع
البنفسجية التي رسمت اللوحة السياسية العراقية قبل اربع سنوات، او
الاصابع الوردية في دول اخرى..او ربما بالاصابع الذهبية للعديد من
صالونات الحلاقة الرجالية..
اخيرا كلمة اوجهها للناخبين : احذروا اصحاب الاصابع الممدودة في
الصور الانتخابية، او الذين تتقدم اسماءهم كلمة (الاستاذ) والذين
يذكرون بـ (الاستاذ عدي) ابن الطاغية الاكبر في تاريخ العراق.. |