أفوز انا فقط وإلا فالانتخابات مزورة!

جمال الخرسان

اذا كانت الانتخابات العراقية سوف تتعرض لتزوير وسوف توصل من لا يستحق الوصول للبرلمان ومن لا يمتلك قاعدة جماهيرية، واذا كانت المفوضية منحازة بشكل كامل لجهة سياسية معينة.. اذن فلماذا كل هذا الصرف المبالغ فيه على الدعاية الانتخابية من قبل الجميع؟! ولماذا الدخول بقوة في مغامرة انتخابية خاسرة؟! ولماذا الاصرار بقوة على المشاركة مع سبق الاصرار والترصد؟!

افوز انا فقط بما اريد من مقاعد والا فالانتخابات مزورة! هذا هو حال بعض الجهات السياسية التي كررت هذه الايام معزوفة تزوير الانتخابات كما كانت تعزف عليها سابقا حينما اثارت اسطورة الشاحنات التي عبرت من ايران عبر محافظة ديالى في انتخابات عام 2005 لكن الذي اختلف في هذه المرة انهم بدأوها معزوفة..تنبيء مبكرا بظهور لقيطة خرى كما في حركة مرام سيئة الصيت التي اذابتها القرارات النهائية الصادرة عن الامم المتحدة بعد التدقيق في الانتخابات.

هكذا اذن بتلويح او تلميح هدد البعض اخوته الاعداء بحرب اهلية سمعنا عنها كثيرا في خطاب بعض الجهات السياسية الان وفيما مضى ويحاول من هب ودب التلويح بها وكانه يحرك الشارع العراقي بتحكم عن بعد!

تلك الاطراف المثيرة للجدل في مواقف من هذا النوع تحاول تأزيم الموقف وتشنيج الشارع العراقي رغم ان الاجواء الانتخابية بحاجة الى مزيد من التهدئة من اجل توفير اجواء مناسبة بعيدة عن الضغط وتصعيد المواقف فهذا ربما يعطي نتائج عكسية عند الناخب ويثبت له مخاوف الخصوم حول اصحاب تلك التصريحات ومشاريعهم التي دائما ما تدبر بليل.

المثير للقلق ان بعض هذه التوجهات جاءت منذ الآن لمحاولة التغطية على ايّ فشل ربما يتوقعه اصحاب تلك الدعوات في الانتخابات الحالية وبالتالي ربما ذلك يسمح لهم حينها بخلط الاوراق..

 كما ان تلك الصيحات تؤدي بشكل او باخر الى تشويه مجمل المشروع الديمقراطي والعملية الانتخابية القائمة في العراق ويشكك في آليات التغيير والتبادل السلمي للسلطة مما يوفر فرص كبيرة لمن يريدون ان يصطادوا بالمياه العكرة سواءا اكانوا وسائل اعلام تتربص للعملية السياسية او حتى جهات اخرى تحمل السلاح وتطرح نفسها بديلا عن المشروع الديمقراطي في العراق، ناهيك بان ذلك يزرع روح الاحباط عند المواطن مما يؤثر على نسبة المشاركة في الانتخابات وهذا ما لايخدم الجميع.

ما يعول عليه في الانتخابات العراقية في توفير مزيد من الشفافية هو الاليات المهنية والناضجة التي توفرها المفضوية المستقلة للانتخابات في العراق والتي قامت باعدادها بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية بهذا الشان وبحضور فاعل للامم المتحدة ان تلك الاليات تمنع في كثير من الاحيان من محالاولات التزوير.

اضف لذلك بان المنافسة الشرسة جدا بين الخصوم توفر رقابة متبادلة من قبل الجميع مما يضمن نسبة عالية من النزاهة في الانتخابية، كما ان عدد المنظمات المحلية التي سجلت لمراقبة الانتخابات بلغ 272 منظمة لحد الان فيما بلغ عدد المراقبين المحليين 250 الفا اضافة للمراقبين الدوليين الذين جائوا من مختلف بلدان العالم ومن جهات سياسية دولية متعددة.

وفي كل الاحوال قد تحصل خروقات هنا وهناك فلسنا في مدينة فاضلة والديمقراطية العراقية لازالت فتية لكن تلك الخروقات لا تؤثر على من يمتلك حضورا انتخابيا وله فرصة الفوز فهذا ما لم يحصل في الانتخابات السابق رغم صعوبة الظروف والملابسات التي حصلت انذاك ورغم ذلك فقد شهد العراق انتخابات نزيهة بشهادة الامم المتحدة فما بالك اليوم بعدما اصبحت الامور اكثر هدوءا والجو السياسي يتجه نحو الاستقرار.

* كاتب عراقي

gamalksn@hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/آذار/2010 - 19/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م