"وَحْدَكَ تَخلُقُ الحُبّ مَوسِمَا مَلائِكِيّا يَنْثَالُ مِنْ
سِدْرَةِ المُنْتَهي حَتى أشْهَى قَطْرَةٍ مِن نَميْرِ نَقَاءِكَ الذّي
لا يَعْرُفُ الفَنَاءْ,وَحْدَكَ ترْسُمُ مَجَرَةَ العِشْقِ الضَفَافَ
عَزْفَا يَمْنَحُهَا رَشْفَةً مِنْ ضِيَاءْ...يَا خَاتَمَ الأنْبِيَاءِ
كَمْ يَحْلُو فِي اسْمِكَ هَمْسُ النِدَاءْ"
اسْكُبْ الحَبّ مَوسِمَا أَزَلَيّا =وَانْقِشِ الذّاتَ مَرْفَأ
أَبَدِيّا
وَاْعْتِقِ الكّوْنَ بالسَناءَاتِ عِشْقا= يَمنحُ الدّهرَ مَوعِداً
مَقدِسِيّا
يَا سَمَاءاتِ تَبعَثُ النّورَ رُوحَا= في نِطَافِ الوّجُودِ خَفْقاً
خَفِيّا
أنْتَ وَزّعْتَ للهَوَى نَبْعَ مَاءٍ =مِنْهُ سَالَ الزّمَانُ
ثَغْرَا ثَرِيّا
وَتَعَالَيْتَ تَخْلُقُ الهَمْسَ حِسَاً= عَانَقَ العَرْشَ
مَبْسَمَاً مَعْنَوِيّا
لَمْ يَكُنْ شَيْءُ فِيْ الوّجُودِ يُغَنّي= فَاصْطَفَاكَ الإلَهُ
لَحْنَا شَجِيّا
وَاجْتَبَاكَ إلىْ الحَيَاةِ حَيَاةً =فَاسْتَوَىْ المَاءُ فِي
يَدَيْكَ نَدِيّا
فَتَجَلَّى في قَطرِهِ الحُبّ سِحْراً =كُلّ غُصْنٍ قَدْ عَادَ
مِنْهُ فَتِيّا
أَنْتَ عَلّمْتَهَا الشُعَاعَاتِ تَطْفُوْ =حِيْنَ أَهْرَقْتَ
كَأسَهَا عَبْقَرِيّا
فَاسْتَفَاقَتْ تُلَمْلِمُ النّوْرَ فَجْرَا =مِنْ سِجُودِ
النّجُومِ حُلْمَاً شَهِيّا
وَتَمَشّتْ عَلَى الضّيَاءَاتِ تَهْوَى =رَشْفَةَ السُكْرِ
مَعْبَرَا سَرْمَدِيّا
لتُصَلّي عَلَى المَوَاوِيْلِ شَمْسٌ =صَاغَهَا العُشْقُ للسَنَاءِ
سَرَيّا
مُذْ عَرَجْنَا لعِطْرِهِ ذَاتَ شَوْقٍ =أَبْدَعَ الحُبّ مَنْسَكَاً
مَلَكِيّا
فَنَقْشْنَاكَ فِي الأَسَارِيْرِ طِيْنَا= للتَسَابِيْحِ مَعْبَدَا
عُلْوِيّا
وَأَقَمْنَا عَرْشَ القُلُوبِ ابْتِهَالَاً =مَلَأَ الرّوحَ مِنْ
صَدَاهُ دَوِيّا
تِلكَ أُنْشُوْدَةِ السَمَاءِ مَنَارٌ =قَدْ وَعَتْهَا النّفُوْسُ
لَحْنَاً أَبِيّا
فَتَرَاءَتْ عَلَى فَمِ الوّقْتِ مَجْدَا= نَافِحِ النَشْرِ
بَالسَمَاءِ ذَكَيَا
وَتَعَالَتْ نَحْوَ الفَضَا صَلَوَاتٌ =تَحْتَمِي فِيْكَ مَنْسَكَا
عِشْقِيّا
يَا مَحَارِيْبَ فِضّةٍ فِيْ مَدَاهَا= تُلْهِمُ العَزْفَ عَالَمَا
فَنِيّا
أَنْتَ أَوْدَعْتَ زَمْزَمَ الذّكِرِ فِيْهَا= كَأْسَ وَحْيٍ
مُطَهَرَا وَنَقِيَا
فَانْتَشَى العِشْقُ مِنْ نَمَائِكَ حَفْلَاً= ثَانَوِيَا
وَمَوْعِدَا نَبَوِيّا
يَا سَمَاءً قُدْسِيّةً فِيْنَا تَذْكُوْ =قَدْ تَلَوْنَاكَ
مَصْحَفَاً بَشَرَيّا
سَالَ صُبْحَاً بخَفْقَةِ الرّوْحِ حَتّى =سَبّحَ الحَمْدَ وَمْضَةً
سِحْرِيّا
حَمَلْتْهُا الآلَاءُ تَاجَاً فَكَانَتْ =وَتَرَا شَابَهَ السَمَاءَ
نَجِيَا
فَتَهَادَتْ مَلَائِكُ العَرْشِ طِيْبَا =وَنَثَارَاً مِنْ نُوْرِهِ
ذَهَبِيّا
وَعَلَى السُدْرَةِ البَهَاءِ جَلَالٌ =يُطْلِقُ الضَوْءَ
مَشْعَرَاً أحْمَدِيّا
قَبَسٌ للهُدَى تَضَوّعَ فَجْرَاً =أَوْدَعَ الكّوْنَ مَقْدِسَا
مَشْرِقِيّا
يَا شُعَاعَاً مِنْهُ الرّشَادُ تَجَلَى =يَصْنَعُ الحَرْفَ
مَسْجِدَا عَالَمِيّا
وَ"حَبِيْبٌ" تَفَتّقَ الحُبّ مِنْهُ =وَنَمَا فَوْقَ قَلْبِهِ
عَرَبِيّا
أَبْدَعَ الحُبَّ للحَضَارَاتِ حَتّى =قَدْ تسَاوَتْ تَنَفّسَا
أَرْيَحِيّا
إذْ وَعَتْهُ سَنَابُلُ الرّوحِ وَحْيَا= حَيَوِيّا وَمَنْهَجَا
تَرْبَوِيّا
يَا رِوَاءً تَدَفّقَ الجُيْلُ مِنْهُ =فَتَدَلّى عَلَى الصّرَاطِ
حَفِيَا
قَدْ تَغَذّى مِنْ خِفْقِكَ الدّيْنُ خُلْقَا =باتْسَاعِ السَمَاءِ
يَسْمُو عَلِيَا
فَنَسَجْنَاهُ فِي البَصَائِرِ دَرْبَا =قَدْ هَدَاهَا طَرَيْقَكَ
العُلْويّا
وَنَقَشْنَاهُ للعُقُولِ مِدِادَا =وَلَمَسْنَاهُ مَنْهَلَا
كَوْثَرِيّا
مُذْ سَمِعْنَاكُ مِنْ فَمِ الوَحْيِ عِشْقَا= يَسْتَفِزّ القُلُوبَ
وَعْيَا أَبِيَا
فَاحْتَمَلْنَاكَ فِي شِغَافِ النَوَايَا =سَوْرَةَ العِشْقِ
تَبْعَثُ الرّوْحَ فَيّا
وَبِحَجْمِ اللّغَاتِ طَوّقَنَا الحُبّ =مِنْ جَمِيْعِ الجِهَاتِ
يَرْوِيْكَ رَيّا
هَكَذَا أنْتَ لَا سَوَاكَ رَسَوْلٌ =يَمْنَحُ الذَاتَ عَالَمَا
حَضَرِيّا
فَارْتَشَفْنَاكَ فِي المَسَافَاتِ دَوْرَاً =يُنْجِبُ العَدْلَ
مَوْطِنَا مَنْهَجِيّا
وَأَتَيْنَاكَ كَالهَدِيْرِ إذَا مَا =شَفّهُ الغَيْبُ رَوْعَة
حَيَويّا
مُفْرَدَا جِئْتَ كَالنَقَاءِ عَطُوفَا =وَلَكَمْ كُنْتَ للسَمَاءِ
سَمَيَا
نَغَمٌ لَامَسَ العَوَاطِفَ بَوْحَاً =يُشْعِلُ الوَقْتَ مَوْسِمَا
مَلْحَمِيّا
مذ تَمَوّجْتَ بالسَنَاءِ فَصَلّتْ =هَمْهَمَاتُ أهْدَتْ بَريْقَا
ثُرِيَا
ذَاكَ قُرْآنكَ الغَضّ فُكْرٌ =للحَيَارَى يَزْهُو مَسَارَا جَلِيَا
فإذَا مَا سَرّحْتُ رُؤْيَاكَ مَرّتْ= تُرْهِقُ اللّيلَ وِجْهَةً
جَاهِلِيّا
يَا سَمَاءً قُدْسِيَةً تَتَلَالى =كَيْفَ هَذَا الزّماَنُ فَرّ
شَقِيَا
كَيْفَ أدْمَوْهُ بالخِلَافَاتِ حَتّى= عَادَ فِيْنَا مُمُنْهَجَا
هَمَجِيّا
يَا رَسُولَ السَلامِ مَا عَادَ نَبْضٌ= لِلتَآخِي صَلَى عَلَيْكَ
نَقِيّا
بِجِفَافٍ قَدْ أَبْدَلُوكَ مَعَيْنَا =وَتَبَنّوْكَ مَوْعِدَا
مَوْسِمِيّا
يَتَبَارَوْنَ بالشّقَاقَاتِ حَتّى =عُبّأَ الفِكْرُ وَانْتَهَى
عَصَبِيّا
حَيْثُ أرْخَتْ ذُؤَابَةُ الظّلِ ضَوْءً= وَتَشَهَتْهُ مَدْرَجَاً
قَبَلِيّا
وَتَوَلّوْكَ رَعْشَةً مِنْ مَذَاقٍ =يُؤْثِرُ العُنْفَ مَوْقِفَا
بَرْبَرِيّا
حَيْثُ أمْضَتْ وَقِيْعَةُ الكُرْهِ تَسْلو= لَغَةً الحُقْدِ
مَنْبَرَا طَائِفِيّا
كُلَمَا اَفْرَدُوْهُ لِلغَيّ وَقْتَا =شَيّدُوا القَلْبَ مَعْلَمَا
فَوْضَوِيّا
وَتَبَاهَوا بِنَعْرِةِ العِرْقِ لَوْنَا =شَدّ للبُغْضِ مَسْرَحَا
دَمَويّا
سَرَقَتْنَا يَدُ الصِّرِاعِ فَبُتْنَا =فِيْ دِوَارٍ يَجُرّ
بالبُؤْسِ غَيّا
وَنَسَيْنَا بَأَنْكَ الحُبَّ يَنْمُو= بالمَسَافَاتِ مَحْفَلا
أَخَوِيّا
كَيْفَ قَادَتْ نَوَازِلُ التّيْهِ صُبْحَا= للرّسَالَاتِ مَخْدَعَا
لَيْليّا
إذْ غَسَلَنّ الرّمَادَ مِن أنْهِرِ =الخَوْفِ لِيَغْدُو
تَسْبِيْحُهُ وَثَنِيّا
فَامْلَئُوا مِن سُلَافَةِ الشّكِ وَخْزَا =إنّ وَهْجَ السِنِينِ
عَادَ شَظِيّا
يَتَوَارَىْ وَفِي يَدِيْهِ دَمَارٌ =يُنْهِكُ الوَصْلَ مَطْمَحَاً
وَطَنِيّا
كُلّمَا أْفْتَرّ مَوْسِمُ الشّوْقِ نَبْضَا= أَخْرَسَتْهُ إنّ
الصَدَى مَذْهَبِيّا
وَسَقتْ جَمْرَةَ الشَقَا شَفَتَيْهَا =حِيْنَ أدْمَتْ مُؤَذّنَا
كَوْنِيّا
وَهِبَاتُ السَمَاءِ تَفْتَرِشُ الأرْضَ= سَلَامَا مُنَمْنَمَاً
وَنَدِيّا
كَيْفَ نَنْسَى فِي زَحْمَةِ العَصْفِ كَوْنَا= أَحْمَدِيّا
وَفَاطِمِيّا عَلِيّا
وَفِجَاجَاً مِنَ المَحَبّةِ يَسْمُو =بالمَسَرّاتِ مَسْلَكَا
نَهْضَوِيّا
أوَ تَغْفُو المَدَيْنَةُ البُكْرُ حَتّى= تَتَخَطّى رَقَيِمَهَا
الأَزَلِيّا
أنْتَ ثَقَفْتَهَا المَعَانِ ابْتِكَارَا= فِي النَوَايَا فَكَيْفَ
شَتّتْ قَصِيّا
مَنْ يُخِيْطُ "مَحَمَدَ الحُبّ" خَفقّاً= نَشْتَهِيْهِ لِقَلْبِنَا
أمَمِيّا
ظَلّلَتْنَا مَعْشُوْقَةُ الطِهْرِ نَهْجَاً= حِينَ غَذّتْ
سِنِيّةً, شِيْعِيّا
جَمَعَتْنَا بِضِفّةِ الشّكْرِ حَمْدَا= وَوَلَاءً لِآلِهِ
مَرْكَزِيّا
فَلْ تُقِيْمُوا "مُحَمّدَا" فِيْ الأَسَارِيْرِ= ضَمِيْرَا
وَمَسْمَعَا وَنَبِيّا
فَهْوَ مِرْآةُ صِدْقِنَا فَاسْتَقِيْمُوا =يُخْصِبُ الحُبّ فِي
القُلُوبِ تَقِيّا
فانْشِرُوهَا مَحَبّةً مِنْ إخَاءٍ= صَلَوَاتٌ تُتْلَى عَلِيْهِ
سَوِيّا |