الأردن... دولة الممكن في زمن التقلبات

حكومة بلا أموال ودستور يخلو من قانون لمكافحة الفساد

 

شبكة النبأ: استطاع الأردن طوال سني تأسيسها من ديمومة اقتصادها المتواضع بشكل يكفل لمواطنيها العيش بقدر كبير من الاستقرار المعيشي المقبول، على الرغم من غياب أي مداخيل نقدية ثابتة لخزينة المال في تلك البلاد.

الا ان خلال السنوات القليلة الماضية بدت الاوضاع الاقتصادية تنكمش بشكل خطير، مما افرز العديد من الاشكالات المجتمعية التي طفت على السطح، الامر الذي دفع بالملك الاردني عبد الله الى اقالة حكومة نادر الذهبي قبل حل البرلمان، في اجراءات بدت اصلاحية للنأي بالبلاد عن تدهور اقتصادي بات وشيكا.

الحكومة الجديدة

حيث أدت حكومة جديدة يرأسها سمير الرفاعي اليمين القانونية امام العاهل الاردني الملك عبد الله حيث كلفها الملك بالاسراع بالاصلاحات قبل الانتخابات البرلمانية التي تجري العام القادم.

وطلب الملك عبد الله عاهل الاردن من سمير الرفاعي (43 عاما) وهو مستشار سابق للملك ونجل السياسي المخضرم زياد الرفاعي تولي المنصب خلفا لنادر الذهبي الذي استقال بعد أن قاد حكومة تعرضت لانتقادات كثيرة على مدار عامين. بحسب رويترز.

وقال مسؤولون ان العاهل الاردني طلب من الرفاعي تحسين الاداء الحكومي والسعي من اجل اجراء اصلاحات سياسية حقيقية قبل الانتخابات متعددة الاحزاب المقرر ان تجري في نهاية عام 2010.

وهيمن على تشكيل الحكومة الجديدة سياسيون محافظون وشخصيات عشائرية وخبراء فنيون كان لهم نفوذ في الحكومات السابقة.

وقالت وكالة الانباء الاردنية ان محمد أبو حمور أصبح وزيرا للمالية في الحكومة الاردنية الجديدة المؤلفة من 28 وزيرا والتي بقي فيها وزيرا الداخلية والخارجية في منصبيهما دون تغيير.

وحل أبو حمور الذي كان وزيرا للمالية في حكومات سابقة محل باسم السالم وهو رجل اعمال ليبرالي اعد ميزانية تقشف للحد من الانفاق الحكومي الذي تسبب في ارتفاع الدين العام الى مستويات قياسية.

ورجائي المعشر رجل اعمال بارز ومنتقد صريح للاصلاحات الليبرالية ومؤيد لاعطاء دور أكبر للدولة في الاقتصاد.

وأضاف المسؤولون انه أصبح نائبا لرئيس الوزراء ويتوقع ان يكون له رأي كبير في صياغة الاصلاحات.

ويواجه الاردن انكماشا في الاقتصاد بعد سنوات عديدة من النمو القوي. وكان الازدهار مدعوما بالاستثمارات المباشرة الاجنبية القوية بما فيها تحويلات العاملين في الخارج من العمال المهرة في منطقة الخليج العربية.

غير ان الرفاعي تعهد باجراء تحول في الاقتصاد يستعيد الروح المعنوية للمستثمرين ويدفع الاصلاحات التي تجعل المملكة أكثر جاذبية للمستثمرين الاجانب.

ويقول مسؤولون ان العاهل سيعول على الرفاعي في تخطي العقبات التي ظهرت مع الحكومات المحافظة السابقة التي اغضبت القصر بدفاعها عن بيروقراطية الدولة القوية التي سعت الى تقويض اصلاحات السوق.

ومني الاصلاحيون الليبراليون بخسارة كبيرة منذ استقالة باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي السابق ذي الاصول الفلسطينية من منصبه العام الماضي بعد أن تعرض لانتقادات غير مسبوقة من المحافظين الذين اتهموه باتباع برامج اصلاحات موالية للغرب تتجاهل الحساسيات العشائرية.

وقال مسؤولون ان من المتوقع أن تتألف الحكومة في الأغلب من سياسيين محافظين وشخصيات عشائرية وخبراء فنيين كان لهم نفوذ في الحكومات السابقة.

وتضغط الشخصيات العشائرية - وهي العمود الفقري التقليدي المؤيد للملك - كي تلعب الدولة دورا اقتصاديا أكبر وهو ما يتعارض مع سياسات السوق الحرة التي يخشى أن تمنح دورا سياسيا أكبر لمواطنيهم من ذوي الاصول الفلسطينية.

ويشكل الاردنيون المنحدرون من أصول فلسطينية أغلبية في الاردن التي يبلغ تعدادها ستة ملايين نسمة ويستبعد معظمهم من الجيش والشرطة والمخابرات لكنهم يمثلون الدعامة الرئيسية لمجتمع الاعمال.

ويقول سياسيون ليبراليون ان الملك يريد المضي قدما في الاصلاحات رغم معارضة شديدة من مؤسسة تقليدية تسعى للحفاظ على نظام محاباة واسع النطاق ويساورها القلق بشأن مسيرة الملك لتحديث مجتمع تشكل العشائر قوامه الرئيسي.

ويحتفظ الملك بمعظم الصلاحيات فهو يعين الحكومات ويوافق على التشريعات ويمكنه حل البرلمان.

ويقول سياسيون ان تحركات الملك تشير الى تغيير أوسع نطاقا لتجنب خيبة أمل شعبية بسبب الانكماش الاقتصادي بعد سنوات من النمو ومزاعم باختلاس مسؤولين.

وقال مسؤولون من القصر ان الملك طلب من الرفاعي أن يحسن الحوكمة وأن يدفع من أجل اصلاحات سياسية حقيقية قبل الانتخابات متعددة الاحزاب المقرر اجراؤها بنهاية 2010.

وأضافوا أن الملك طلب منه أيضا تعجيل وتيرة الاصلاحات التي تتم تحت اشراف صندوق النقد الدولي لتحديث القوانين بما يجعل المملكة أكثر جذبا للمستثمرين الأجانب.

ويعاني الاقتصاد الأردني من الانكماش بعد عدة سنوات من النمو القوي. وكانت تلك الطفرة مدعومة باستثمارات أجنبية مباشرة قوية بما فيها تحويلات العاملين في دول الخليج العربية.

مشكلتنا بـــ "المال "

الى ذلك حذر نائب رئيس الوزراء الأردني الدكتور رجائي المعشر من استمرار العجز في الموازنة العامة والبالغ مليار و105 ملايين دينار أردني.

وأكد في حديث خاص لـ (الفضائية الأردنية)، " هذا العجز فيما لو استمر فسيكون مساويا للدخل القومي للمملكة ".

ووصف الرقم المذكور بأنه " كبير لا يمكن السكوت عليه "، لافتا إلى أن " أكبر مشكلة تواجه الأردن هي العجز المالي ".

وتساءل عن النتيجة فيما لو استمرت هذه السياسة أو استمرت الحكومة الأردنية المتعاقبة بإتباع العجز وتمويل العجز عن طريق الإقتراض ".

وأكد الدكتور رجائي المعشر أن " الحكومة الأردنية الحالية لا تسعى لكسب الشعبية على حساب مصلحة الوطن". ورأى أن الكل في الأردن مسؤول بمعالجة الأوضاع الإقتصادية بشكل إيجابي".

وأشار نائب رئيس مجلس الوزراء الأردني إلى مجموعة من المؤشرات السلبية التي يعاني منها الإقتصاد الأردني.

وأوضح أن "النمو الإقتصادي تباطئ ليصل إلى 2.7 % وارتفع عجز الموازنة إلى 1.4 % في حين ارتفع صافي الدين العام إلى 60.8 % ".

ولفت الدكتور المعشر إلى أن "الحكومة الأردنية تسعى من خلال برنامجها الاقتصادي والمالي والاجتماعي، إلى تحقيق معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8 %، والمحافظة على معدل تضخم ضمن حدود 4.7 % وعدم تجاوز عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي 7.6 % ".

وأشار إلى أن "حجم الإستثمارات المستفيدة من قانون تشجيع الإستثمار انخفضت، وارتفع معدل البطالة إلى 12.9 % ".

ورأى أن "صافي الإستثمارات الأجنبية انخفض بنسبة 51%، في حين انخفضت الصادرات الوطنية بنسبة 19.4 % ".

وأكد أن "تحويلات الأردنيين المغترين انخفضت هي الأخرى بنسبة 5.2 %، كما انخفض الدخل السياحي بنسبة ضيئلة، كما انخفض حجم التداول ببورصة عمان بنسبة كبيرة ".

وقال "هذا وضعنا كما هو اليوم، فهذه الحقائق رقمية مبنية على دراسات أعدتها مراكز معتمدة لدى الحكومة ".

وبين أن "البرنامج يهدف كذلك خلال العام الحالي والسنوات الخمس التالية الى تحقيق نمو في الصادرات الوطنية بنسبة 10 بالمائة سنويا على الأقل، وضبط عجز الموازنة وتخفيضه وتخفيض معدلات المديونية العامة والعمل على تخفيضها سنويا وبنسب معقولة ".

وأشار إلى إننا "وضعنا برنامج عمل الحكومة معتمدين على الإستراتيجيات التي كانت موضوعة سابقا على موازنة عام 2010 التي كانت مقرة سابقا ".

وأوضح أنه "مع انتهاء العمل في برامج التصحيح الاقتصادية، بدأت تظهر مؤشرات تراجع في الإنجازات التي تحققت وظهرت العديد من التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، مثل ارتفاع عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري والمديونية الداخلية والخارجية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مع استمرار معدلات مرتفعة من البطالة والفقر إضافة الى انخفاض الصادرات الوطنية ومعدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي وتراجع الاستثمار المباشر والمساعدات الخارجية ".

وقال نائب رئيس الحكومة الأردنية من أنه "فيما لو استمر العجز بالموازنة بألف مليون دينار وألف ومائة مليون دينار خلال خمس سنوات فيصبح العجز مساويا للدخل القومي الأردني ما يعني أن المديونية سوف تصبح 15 أو 16 بليون دينار ".

وحذر من أنه "إذا وصلنا الى هذه الأرقام فهذا يعني فسوف إننا سنعود الى أيام صندوق النقد الدولي ونطلب مساعدته لترتيب شؤوننا المالية ومساعدتنا على إعادة جدولة الديون "، قائلا أن "المواطن الأردني دفع ثمنا غاليا حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه ".

وأوضح أن "مسؤوليتنا كحكومة ومواطنين وقطاع خاص من دون استثناء تحملنا لإيجاد حل ومعالجة هذه المواضيع بطريقة إيجابية "، مبينا أن "الحكومة اقترحت برنامجا إصلاحيا اقتصاديا وماليا يستهدف معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بنسبة 3.8 بالمائة وهو معدل معقول وليس بالمعدل الكبير "

وقال نائب رئيس الوزراء الأردني إنه "لمواجهة هذه التحديات ينبغي المحافظة على معدل التضخم ضمن حدود 4 % وأن لا يتجاوز العجز الحالي الجاري كنسبة من الناتج المحلي 7.6 %، إضافة الى تحقيق نمو في الصادرات بنسبة 10 % سنويا، والمحافظة على نمو المستوردات بنسبة 6.3 %، وضبط عجز الموازنة وضبط ميزان المديونية %.  

وأشار الدكتور رجائي المعشر إلى برنامح الحكومة الأردنية الإقتصادي، قائلا " لدينا مشكلة في المال، فلو عندنا كل المال المطلوب لما كانت هناك مشكلة ".  

وتابع " تبين لنا بعد مراجعة دقيقة لأرقام الموازنة أن هناك تخفيضا في الموازنة في قانون موازنة 2010 وتم تخفيض حجم الموازنة بحدود 1000 مليون دينار من خلال تخفيض النفقات الجارية 327 مليونا، والنفقات الرأسمالية 673 مليونا ".

وزاد " ولكن عند المراجعة تبين أن هناك نفقات أساسية لم يتم إدراجها ولذلك فإن التخفيض كله ليس تخفيضا حقيقيا ".

وأشار الى أن " هناك أيضا حوالي 160 مليون دينار منها 85 مليونا لدعم البلديات، و20 مليونا مستحقات توسعة مطار الملكة علياء، و10 ملايين لدعم صندوق الحركة الشبابية وهذه المبالغ لم تكن مرصودة ".

وقال إنه " استنادا لمراجعتنا فإن هناك زيادة في التقديرات بحوالي 90 مليون دينار وهي نقص في الضرائب 50 مليونا لتراجع أرباح الشركات ونقص بمقدار 40 مليون دينار من رسوم نقل ملكية الأراضي".

وبين الدكتور رجائي المعشر أن هناك بندا في المنح الخارجية بحوالي 170 مليون دينار إضافية ليست متوفرة الأن ولا توجد دلائل على توفرها ".

وأكد أنه "نتيجة كل هذا أصبح العجز المتوقع في الموازنة 1105 ملايين دينار وهذا مبلغ كبير جدا ولا يجوز السكوت عليه ".

وقال إن " الإسترضاء يجب إخراجه من قاموسنا ومن كل مناحي حياتنا فنحن لدينا هدف نريد أن نحققه، وتحقيق الهدف هو الأساس ".

وتناول المعشر بعض بنود الموازنة، مشيرا إلى أن " هناك 2145 مليون دينار رواتب موظفي الدولة العسكريين والمدنيين، والتقاعد والتعويضات 755 مليونا، ومجموع الرواتب والتقاعد 2900 مليون".

لافتا إلى أنه "من عام 2000 الى عام 2005 ارتفع التقاعد 150 مليونا ومن 2005 الى 2010 ارتفع التقاعد بنسبة 80 %، مبينا أن " النفقات الجارية الأخرى هي بحدود 450 مليونا".

وطمأن رئيس الحكومة الأردنية إن "هذه المبالغ لن تمس ولا يمكن للحكومة أن تلجأ لتخفيض حجم الجهاز الحكومي أو إخراج الموظفين أو وقف التقاعد أو منع التقاعد عن أحد فهذا قرار نهائي".

وأضاف "حسب القانون الجديد الأفراد معفون لغاية دخل 12000 دينار والعائلة لغاية 24000 دينار لذلك فإن معظم العائلات الأردنية بنسبة 92 % من المواطنين الأردنيين لن يدفعوا ضريبة دخل، لكن هناك ملاحظة غريبة إننا نتحدث عن 150 شركة تدفع 75 % من ضريبة الدخل إذن أين باقي الشركات التي تربح، أين المهنيون والمهندسون والأطباء كلهم لا يدفعون ضريبة بحجم دخلهم ".

مسئول يتهم بعض النواب بالفساد

من جهته قال رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأردن الدكتور عبد الشخانبة انه يتمنى وجود قانون في بلاده يطبق "من أين لك هذا "؟.

وجزم " لا نستطيع أن نسأل أي شخص مع عدم وجود أدلة وإثباتات ضده " دخلك من أين لك هذا "؟

وأكد في محاضرة ألقاها في نادي الفيحاء الإجتماعي السوري أن "هناك فسادا ومفسدين في الأردن "، ولكنه جزم أن "هذا الفساد ليس بالحجم الذي يقال ويحكى عنه ".

ورأى أن "الفساد في الأردن مقدور عليه ". ولكنه استطرد قائلا "نريد الواقعية بعيدا عن التشهير"، مؤكدا على "عدم السكوت عن قضية فساد واحدة ".

وقال "لدينا قضايا كبيرة جدا تتمثل بوجود اختلاسات في الأعلاف وقد أحيلت إلى المحاكم إضافة إلى قضية اختلاسات وزارة الزراعة الأخيرة بمبلغ مليون و423 ألف دينار أردني ".

وتابع "لدينا قضايا فساد ولكن لا نستطيع التشهير وقد أحلنا تلك القضايا وأصحابها إلى المحاكم".

ولكنه تساءل قائلا "هل نحن أحلنا هواء أم أحلنا أشخاصا موجودين "؟، وهاهم يحاكمون، وهناك أحكام صدرت من هذه المحاكم واكتسبت الدرجة القطعية ".

وأقر بـ "وجود فساد مالي في الأردن "، ولكنه قال أن "الفساد الإداري آثاره أكثر ". وأوضح "في الفساد الإداري هناك مشكلة، ويجب أن نفتح عيوننا كثيرا في هدر المال العام ".

ولفت إلى أن "بعضا من النواب السابقين في ( مجلس النواب المنحل ) مارسوا فسادا "، قائلا "بدلا من أن يراقبوا أنفسهم أخذوا يمارسون الفساد ".

وأوضح أنه "لم نصل الى درجة الكمال ولكن على ضوء هيئة بدأت في 1 / 1 / 2008 وفتحت عيونها على هذه الأمور وعلى الجانبين الوقائي والعلاجي، أعتقد بإذن الله سبحانه بأن أمورها ممتازة ".

وطالب بـ "مسؤول يتحلى بالشجاعة وصاحب قرار ويتخذ قراره مع عدم الإخلال بواجبات الوظيفة أو أن يكون فيها واسطة أو محسوبية "، ملاحظا أن هناك "مسؤولين يحاولوا بأن لا يتخذوا قرارات "واصفا هذا الأمر بـ "الفساد بعينه ".

وأشار إلى قضية الفساد في جامعة البلقاء التطبيقية التي أثارت جدلا كبيرا في الساحة الأردنية، قائلا أن "هيئة مكافحة الفساد وجدت من خلال الإدعاء العام أن هناك قضية.. وهناك أمور في "كذا" وهناك تقارير وأدينا واجبنا واجتهدنا من خلال الإدعاء العام وهو تابع للسلطة القضائية وهذه القضية "تسوى" إحالتها إلى القضاء و "راحت "القضية إلى القضاء، وهنا دورنا انتهى وسلمنا الأمانة إلى القضاء وهي أمانة بيد القضاء الأردني الذي نحترمه ".

وأكد رئيس هيئة مكافحة الفساد في الأردن أن "القانون لا يحمي المغفلين "، مستشهدا بقضية نصب محددة، قائلا "أن بعض المثقفين وقعوا ضحية عملية نصب بملايين الدنانير ".

ارجاء موعد الانتخابات النيابية

في السياق ذاته قرّر الأردن إرجاء موعد الانتخابات النيابية إلى أجل غير مسمى، بعد أن كانت مفترضة – بموجب الدستور- خلال أربعة أشهر من قرار حل مجلس النواب، الذي أصدره الملك عبد الله الثاني في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وذكرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن نائب الملك الأمير فيصل بن الحسين أصدر مرسوما ملكيا بالموافقة على تنسيب مجلس الوزراء بتأجيل إجراء الانتخابات النيابية.

ووجد مجلس الوزراء، بحسب تقرير بترا، أنه يتعذر إجراء الانتخابات في الأربعة شهور المحددة في الدستور وذلك نظرا لضرورة استكمال مشروع اللامركزية ومن ضمنه وضع مشروع قانون لاجراء انتخابات المجالس المحلية.

ورأى المجلس أن تجهيز التشريعات اللازمة والأرضية الوجستية لإجراء انتخابات نزيهة بشفافية عالية، يتطلب وقتا كافيا وبالتالي تشكل هذه التجهيزات بمجموعها ظرفا قاهرا رأى معه مجلس الوزراء أن إجراء الاقتراع ضمن الوقت المحدد (خلال أربعة أشهر) أمر متعذر بالمعنى المقصود في الفقرة 4 من المادة 73 من الدستور.

تنص تلك المادة على أن للملك الحق بإرجاء الانتخابات في حال وجود ظرف قاهر.  بخلاف ذلك، كان يفترض إجراؤها خلال أربعة أشهر من حل مجلس النواب.

مصادر مطلعة على هذا الملف، توقعت أن يعقب قرار الإرجاء استقالة حكومة نادر الذهبي، التي تشكّلت خريف 2007 وطرأ عليها تعديل محدود في ربيع العام الحالي.

وتشير بورصة التوقعات الى احتمال تكليف ناصر اللوزي، رئيس الديوان الملكي، بتشكيل حكومة جديدة للإشراف على انتخابات اللامركزية في إبريل/ نيسان والتشريعية في تشرين الأول/نوفمبر المقبلين.

في الأثناء تعكف السلطات الأردنية على سن قانون اللامركزية وآخر للانتخابات التشريعية. من بين خيارات تعديل قانون الانتخابات، نظام الاقتراع المختلط، المرتكز إلى تخصيص نسبة مئوية من مقاعد المجلس النيابي - أقل أو أكثر من 20 %.

يعني ذلك أن خمس عدد المقاعد سيخصص لمن حصد أعلى الأصوات ضمن القوائم، لكنها لم تؤهله او تؤهلها لاحتلال مقعد بالتنافس الحر، حسبما تفيد المصادر نفسها.

إلى ذلك توقعت إعادة رسم نسبة المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية، بحيث يرتفع العدد المخصص للدوائر ذات الكثافة السكانية العالية – مثل تلك التي تضم خليطا سكانيا كالعاصمة والزرقاء ومخيمات اللاجئين.

من شأن ترميم هكذا معادلة، إعطاء الأردنيين من أصول فلسطينية حصة أكبر في مجسل النواب.

على أن المصادر ذاتها استبعدت إحداث أي تعديل صوب إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، التي تجرى حاليا بإشراف وزارة الداخلية، أو إلغاء نظام الصوت الواحد لكل مقترع.

يذكر أن الأردن سن قانون الصوت الواحد عام 1993، وسط اعتراضات أحزاب المعارضة – لاسيما الإخوان المسلمين الذين رأوا فيه محاولة لتحجيم ثقلهم في المجالس النيابية.

وكان الملك عبد الله الثاني، الموجود حاليا في باريس، حل مجلس النواب في 23 تشرين الثاني، قبل أسبوع من التئامه وعامين من موعد الانتخابات التشريعية.

قرار حل المجلس كان متوقعا في إطار تغييرات شاملة في قيادات أجهزة الدولة، بعد عشر سنوات على تولي الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية.

إلا أن توقيته جاء مفاجئا بعد سنتين من آخر انتخابات شابها تزوير وتجاوزات على نطاق واسع، طبقا لرصد مؤسسات مجتمع مدني في مقدمتها المركز الوطني لحقوق الانسان.

قبل ذلك بشهرين، أرجأ عبد الله الثاني جلسة مجلس النواب بعد أن كانت مقررة في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

منذ إحياء مسيرة الديمقراطية عام 1989، أجريت الانتخابات (1989، 1993، 1997، 2003، 2007) بموجب قوانين مؤقتة.

في آخر استطلاع أجراه قبل شهرين، وجد المعهد الجمهوري الدولي أن اثنين من كل ثلاثة أردنيين يعتقدون ان مجلس النواب لا يمثلهم، في بلد يقدر عدد سكانه بستة ملايين نسمة، فيما وصف المركز الوطني لحقوق الانسان الاقتراع الأخير الذي اجري في 2007 بأنه كان الأسوأ في تاريخ الحياة التشريعية الأردنية.

الطبقة الفقيرة زادت

من جهته قال وزير العمل الأردني إبراهيم العموش أن الأزمة الإقتصادية التي عصفت بالعالم عملت على تآكل الطبقة الوسطى في الأردن مما زادت نسبة الطبقة الفقيرة.

وأضاف في مؤتمر صحفي عقده اليوم أن " الحكومة الأردنية ستعمل على دعم هذه الطبقة لتصل إلى مستوى نظيرتها الوسطى".

ووصف حالات الإتجار بالبشر في الأردن بأنها " حالات فردية "، قائلا أن " المملكة بلد قانون ومؤسسات ونرفض انتهاك حق عامل واحد ".

وكشف أن " الجهات الأمنية أبعدت منذ بداية العام الحالي وحتى الآن 1180 عاملا وافدا من بينهم 17 طفلا معظمهم من الجنسيات المصرية والآسيوية لمخالفتهم قانون العمل ".

وأشار وزير العمل الأردني إلى أن " سوق العمل الأردني يضم 60 % عمالة أردنية و 40 % عمالة وافدة حيث شكلت العمالة المصرية 71.5 %، والسيرلانكية 6.2 % والهندية 1.9 %، مؤكدا " على التوجه القائم لإحلال العمالة الأردنية محل الوافدة ".

وقدر عدد الخادمات العاملات في منازل الأردنيين بنحو 51689 خادمة حتى نهاية العام الماضي ( 2009 ).  

حيث شكلن الخادمات الأندونيسيات ما نسبته 52.15 % والفلبينية 26.4 % و السيرلانكية 7. 20 %.

وأشار إلى أن عدد العمال الوافدين الحاصلين على تصاريح عمل حتى نهاية العام الماضي بلغ 335707 عمال، بينما عدد العمال الوافدين الذين حصلوا على تصاريح عمل حتى نهاية الشهر الماضي 22202 عامل.  

229 مشاجرة عائلية و3649 جريمة إلكترونية و5637 قضية مخدرات

مدير الامن العام اللواء الركن مازن تركي القاضيقال مدير الأمن العام الأردني اللواء الركن مازن القاضي إن عام 2009 شهد تطوراً وتزايداً ملحوظاً في عدد ونوعية قضايا المشاجرات ذات الطابع الاجتماعي وبحالة غير مسبوقة لاختلاف نمط حدوث هذه المشاجرات واتساع مساحتها وأطرافها لتشمل الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة والإضرار بها.

وأضاف أن العام الماضي سجل 229 مشاجرة عائلية وقعت أكثرها في العاصمة عمّان وبلغت 70 مشاجرة، غضافة إلى 38 مشاجرة في إقليم الشمال، و59 مشاجرة في إقليم الجنوب و47 مشاجرة في إقليم الوسط و عشر مشاجرات في إقليم العقبة وخمس مشاجرات في قيادة قوات البادية الملكية.

وأوضح القاضي في محاضرة له "بعنوان العنف الاجتماعي في ظل سيادة القانون " أن هذه المظاهر قد تعزز الانطباع بأن هذه الخلافات والنزاعات هي نزاعات عشائرية وهي في معظمها ليست كذلك لأن العشيرة تقوم بدور إيجابي يساهم في إنفاذ القانون وتحقيق الأمن المجتمعي للأفراد والجماعات.

وأشار إلى أن ما هو خطير في العنف المجتمعي هو ما يتخلله من تطاول على القانون والمجتمع في آن واحد من خلال التعدي على ممتلكات الدولة العامة والخاصة للمواطنين إضافة إلى الخرق المتعمد لقوانين وأنظمة الدولة والنظم الإنسانية المختلفة، وأن إحداث الخلافات والمشاجرات التي شهدها الأردن هو دليل على تنامي النزعة لدى الأفراد والجماعات للجوء إلى استخدام العنف في حل المشاكل الشخصية أو العامة بدلاً من اللجوء إلى الأساليب السلمية والأطر القانونية التي تضمن الشفافية والنزاهة في حلها وإحقاق الحق لأصحابه.

وعلى صعيد العنف الأسري قال اللواء القاضي إن إدارة حماية الأسرة تعاملت العام الماضي مع 1019 قضية حيث سجلت عمّان وحدها 420 قضية عنف أسري أما قضايا الأسرة المسجلة في الإدارة للعام الماضي فبلغت 1543 قضية منها 1532 مكتشفة و11 قضية مجهولة وبنسبة اكتشاف 99 بالمائة.

وعن أبرز جرائم تكنولوجيا المعلومات والجرائم المستحدثة قال اللواء القاضي إنه تم ضبط 3649 والمقبوض عليهم 186شخصا بينهم 168أردنيا و18 من الجنسية الأجنبية منها قضايا انتحال شخصية (تشهير الكتروني) بلغت 43 قضية ألقي القبض على 38 أردنيا تورطوا بتنفيذها و 25 قضية تهديد الكتروني قبض على 15 أردنيا على خلفيتها، أما جرائم التشهير والابتزاز الالكتروني فبلغت 74 قضية ألقي القبض على 52 أردنيا على خلفيتها.

وبلغت جرائم الاحتيال المالي الإلكتروني 38 قضية ألقي القبض على 32 شخصا بينهم 2 من جنسية أجنبية والباقي أردنيون.كما بلغت جريمة سرقة البريد الإلكتروني 25 ألقي القبض على 14 وجميعهم أردنيون.

كما سجلت جريمة انشاء موقع وهمي قضيتين ألقي القبض على اثنين من الجنسية الأردنية، وسرقة بيانات الكترونية (خوادم رئيسية، صور) 15 قضية ألقي القبض على 13 أردنيا على خلفيتها، وسرقة مواقع الكترونية قضيتان ألقي القبض على أردنيين اثنين على خلفيتها وسرقة بنك الكترونيا e-banking سجلت 4 قضايا ألقي القبض على أردنيين اثنين واثنين آخرين من جنسية أجنبية و قضيتان سرقة مواقع إلكترونية والمقبوض عليهما اثنان من الجنسية الأردنية قرصنة على أجهزة الصراف الآلي قضيتان وعلى إثرها ألقي القبض على 14 من الجنسية الأجنبية.

وحول قضايا المخدرات أوضح اللواء القاضي أن عام 2009 سجل 661 قضية اتجار بالمخدرات و2899 قضية تعاط والمجهول 81 قضية.أما عدد الأردنيين المتورطين في قضايا المخدرات بلغ 5637 ومن جنسيات أخرى بلغ 744 شخصا متورطا.

وبلغ عدد الأشخاص الذين تمت معالجتهم لدى مركز معالجة الادمان 587 حالة منها 194 هيروين، 119 حشيش، وحالتان كوكائين، 212 حبوبا مخدرة و60 حالة مواد أخرى.

وفي صعيد حوادث السير أكد اللواء القاضي انخفاض معدل الوفيات في حوادث السير الواقعة العام الماضي مسجلة 667 وفاة وبانخفاض بلغ 9.9 بالمائة مقارنة مع عام 2008 الذي سجل 740 وفاة، وبلغ مجموع الحوادث في 2009 122367 وبزيادة 1.21 بالمائة عن العام الذي قبله، وبلغت الإصابات البسيطة 14035 وبزيادة 3.23 بالمائة والإصابات البليغة بلغت 1441 اصابة وبنقص 43 بالمائ.

وعن الواقع الجرمي في الأردن أوضح اللواء القاضي أن عدد الجرائم الواقعة العام الماضي والمسجلة بلغت 45873 جريمة منها 41451 مكتشفة و4422 جريمة مجهولة وبنسبة اكتشاف بلغت 90 بالمائة.

وتم ارتكاب 115 جريمة قتل عمد وقصد مكتشفة مقابل جريمة واحدة مجهولة وبنسبة اكتشاف 99 بالمائة، أما جرائم السلب فبلغت 783 جريمة مكتشفة و97 مجهولة بنسبة بلغت 89 بالمائة، وسجلت قضايا الاحتيال 1144 جريمة مكتشفة و66 مجهولة وبنسبة اكتشاف 95 بالمائة، في حين بلغت جرائم السرقات 8774 جريمة مكتشفة و2151 جريمة مجهولة وبنسبة اكتشاف بلغت 80 بالمائة، أما خطف الحقائب فسجل العام الماضي 177 جريمة مكتشفة و45 ما زالت مجهولة وبنسبة اكتشاف وصلت 80بالمائة.

وقال اللواء القاضي إن الأمن العام سجل 11 قضية اتجار بالبشر وبيع الأعضاء البشرية وسرقة 1492 جهازا خلويا و1923 قضية إزعاج العام الماضي.

وأوضح اللواء القاضي أن الإدارة تعاملت مع 159 حادث سقوط و28 قضية تحرش جنسي و41 سرقة، و 16 وفاة و91 فقدان ممتلكات.

واعتبر اللواء القاضي ان ضعف الثقافة القانونية وعدم احترام القانون سبب في ارتكاب العنف المجتمعي كعدم معرفة الحقوق والواجبات الوظيفية والمدنية بحيث يتم اللجوء لاخذ الحقوق بشكل شخصي من دون اللجوء الى السلطة القضائية ولهذا فانه يتطلب تغييرا في الثقافة المجتمعية من خلال بث الوعي القانوني عبر وسائل الاعلام المختلفة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/شباط/2010 - 12/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م